ضع العنوان المناسب للمقال الآتي
عرفت مصر قبل العالم بآلاف السنين العدل والقانون والقضاء. طبقت المساواة وألغت الفوارق الاجتماعية للجاني والمذنب امام القانون. وكان ذلك من أرقي مظاهر الحضارة المصرية. وعندما كانت «ماعت» تنزع العصابة من فوق عينيها وتميل صنجة الميزان في يديها تنهار الدولة وتضطرب. ولأن القضاة بشر خلقوا من ذات الطينة التي خلق منها «آدم» وولداه «قابيل» «الشرير» و«هابيل» «الطيب»
فلم يسلم بعضهم من وساوس الشيطان وسقطات الإنسان وزلاته وسقطوا في الخطأ والخطيئة.. عرفنا علي مدى التاريخ والعصور عصمة الانبياء وحاول ذلك أولياء الله الصالحون، ولم نعرف عصمة القضاة. تحكي لنا كتب التاريخ أن مصر شهدت محاولة لقلب نظام الحكم واغتيال الملك رمسيس الثالث فيما عرف بمؤامرة الحريم اللائي قبض عليهن وقمن برشوة القضاة الذين وجدوا أنفسهم في قفص الاتهام.. وكان أحد ملوك الفراعنة قد بلغ من الكبر عتيا وعلي علم ودراية بطبائع الناس فأخذ يحذر ابنه من القضاة قائلاً: «انك تعلم انهم غير رحماء عندما يحاكمون الفقير». وفي الفترة بين اعتلاء ذرية «أخناتون» ورمسيس الاول للحكم سادت الاضطرابات وانهارت الاخلاق واعتلي عرش مصر بالنيابة حورنمحب الذى حارب الظلم والفساد بعد أن وجد الجاني يفلت من العقاب بسبب الرشوة ويحكم علي البريء الفقير الذى لا يستطيع شراء الذمم. وأصدر مرسوما ضد المفسدين وقرر ان كل قاض يثبت عليه انه أساء استعمال سلطته يحكم عليه بجدع أنفه وينفي في شبه معتقل في برزخ السويس. وتمر السنون والأيام علي مصر حتي عهد الخليفة هشام بن عبدالملك حيث تولي قضاء مصر يحيي بن ميمون الحضرمي وكان كتبته لا يكتبون قضية إلا برشوة ورفض أن يعزل أحداً منهم رغم التنبيه عليه أكثر من مرة فأمر الخليفة بعزله قائلاً في كتابه للوليد بن رفاعة والي مصر: «اصرف يحيي عما يتولاه من القضاء مذموماً مدحوراً وتخير لقضاء جندك رجلاً عفيفاً ورعاً تقياً سليماً من العيوب لا تأخذه في الله لومة لائم». ولم يكن قضاة مصر زمن العباسيين أحسن حالاً في زمن الأمويين مثل المفضل بن فضالة في عهد الخليفة هارون الرشيد عام 174هـ/790م الذى اشتهر بالبرطلة والقاضي عبدالرحمن العمرى الذي ولي قضاء مصر عام 185هـ/801م. ويروى «الكندى» صاحب كتاب الولاة والقضاة ان إبراهيم بن الجراح الذى تقلد القضاء قد تعرض لسخط المصريين عليه بسبب حصول ابنه علي الرشاوى من الناس ما جعلهم يلقون بمصلاه خارج المسجد الجامع فاضطر للحكم في منزله ولم يستطع العودة الي الجامع حتي صرف.ويضيف «الكندى» الي هؤلاء القضاة كلا من محمد ابن الحسن بن ابي الشوارب ووصفه بأنه لم يكن محموداً في ولايته ومنسوباً الي الارتشاء في الاحكام. والقاضي محمد الصيرفي الذى يقول عنه