رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر تحتفل بمئوية معلم الثقافة لويس عوض

لويس عوض
لويس عوض

احتفلت مصر مؤخراً بمئوية المفكر والناقد والكاتب المصري الكبير الدكتور لويس عوض. وهو لمن لم يعرفه مناضل مصري أيضاً، عرف السجون والمعتقلات في الحقبة الناصرية، ولطالما كان خصوم الناصرية يغمزون من قناة هذا الأستاذ الجامعي الذي وضع في أحد أشد المعتقلات وأكثرها قسوة، حيث فرضت عليه الأشغال الشاقة،

(اعتقل عام ١٩٥٩ مع من اعتقلوا من الشيوعيين وأفرج عنه في ٢ يوليو ١٩٦٠) وبدلاً من أن يمارس دوره في بناء العقول، أجبر علي ممارسة دور آخر هو هدم وتفتيت الجرانيت والصخور في معتقل الواحات! والغريب أنه رغم اعتقاله، إلا أنه كان من أكثر نقاد الناصرية رصانة، وأكثرهم موضوعية، وذلك علي الرغم من قسوة الاعتقال ومرارته.

شهاداته العلمية وإبداعه وكتبه

- طبقا لما كتبه الدكتور لويس عوض عن نفسه في أوراقه الخاصة المنشورة بعنوان «أوراق العمر - سنوات التكوين» الصادرة عن مكتبة مدبولي، ووفقا لما دونته عنه موسوعة «ويكيبيديا» فإن لويس عوض من مواليد قرية شارونة مركز مغاغة بالمنيا عام 1915. نال ليسانس الآداب، قسم الإنجليزية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف عام 1937. وحصل على ماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة كامبريدج سنة 1943 ودكتوراه في الأدب من جامعة بريستن عام 1953 وعندما حصل على هذه الشهادات عمل مدرساً مساعداً للأدب الإنجليزي، ثم مدرساً، ثم أستاذاً مساعداً في قسم اللغة الإنجليزية، كلية الآداب، جامعة القاهرة (1940 - 1954م) ثم رئيس قسم اللغة الإنجليزية، عام 1954م وقام بالإشراف على القسم الأدبي بجريدة الجمهورية عام 1953.
أهم كتبه هي الكتب الأكاديمية الثلاثة التي درست في الجامعة وضع الأساس النظرى للمنهج التاريخي في النقد: الأول: فن الشعر لهوراس عام 1945.
الثاني: بروميثيوس طليقا لشلى عام 1946 الثالث: في الأدب الإنجليزى الحديث، عام 1950.
ومن أهم أعماله؛ مذكرات نشرت في كتاب سلف ذكره بعنوان «أوراق العمر»، روايته الشهيرة «العنقاء» ومقدمتها التي سجل فيها ما عاشه في سنوات شبابه هذا إلي جانب «ديوان بلوتو لاند وقصائد أخرى»، كتاب تاريخ الفكر المصري الحديث، مقدمه في فكر اللغة العربية، المسرح العالمي، الاشتراكية والأدب، دراسات أوروبية، رحلة الشرق والغرب، أقنعة الناصرية السبعة، مصر والحرية. كتاب «أباطيل وأسمار» لمحمود شاكر، ناقش كثيراً من أدب لويس عوض لمؤثرات 1965 دراسات في النظم والمذاهب، عام 1967 دراسات في الحضارة، البحث عن شكسبير، عام 1968، تاريخ الفكر المصري الحديث ج1، عام 1969 دراسات أوروبية، عام1971.
أقنعة الناصرية السبعة - مناقشة توفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل، عام 1976
مقدمة في فقه اللغة العربية، عام 1980
تاريخ الفكر المصري الحديث، الثورة الفرنسية، صورة دوريان جراى، شبح كونترفيل
مذكرات طالب بعثة كتبت في عام 1942, ونشرت لأول مرة في الستينات،الإيراني الغامض في مصر

مواقع تقلدها
عمل مديراً عاماً للثقافة بوزارة الثقافة، عام 1959
عمل مستشاراً ثقافياً لدار التحرير للطبع والنشر، عام 1961
عمل مستشارًا لمؤسسة الأهرام (1962 - 1982)
عمل أستاذا للأدب المقارن، جامعة كاليفورنيا.
كان عضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية حتى عام 1973
كان أول رئيس مصرى لقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة.
من كتبه التي أثارت جدلا واسعا مقدمة في فقه اللغة العربية وقد اتهمه بعض النقاد والقراء بأنه هدف من خلال كتبه إلى تزوير العربية والتهجم على الإسلام وقد تم سحب الكتاب من السوق المصري بعد نشره. توفى في شهر أغسطس 1990.

جوائز حصل عليها
وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في عيد العلم عام 1996.
وسام فارس في العلوم والثقافة الذي أهدته إليه وزارة الثقافة الفرنسية عام 1986.
جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1988.

أدبه وفكره
خاض الدكتور لويس عوض علي مدار حياته التي أثمرت نحو 50 مؤلفاً تقريباً، فضلاً عن العديد من الدراسات والمقالات، معارك عديدة، من أهمها معركته مع اللغة العربية، والتي استتبعها هجوم حاد وعنيف عليه، فهو من دعاة إحياء النزعة الفرعونية، وهو ضد قصيدة الفصحي، وضد الشعر العمودي، وله دراسة مهمة بعنوان «حطموا عمود الشعر» وحينما التقيته في النادي الثقافي والذي كان قريباً تلك الأيام من مبني السفارة الأمريكية في جاردن سيتي، ولا أظنه مفتوحاً الآن، وكنت آنذاك أراسل عدداً من الصحف الكويتية، من بينها صحيفة الرأي العام الكويتية الأعرق علي الإطلاق، لمؤسسها عبدالعزيز المساعيد، والتي انتقلت ملكيتها إلي أسرة بودي حالياً وأصبحت تصدر تحت اسم «الراي» فإن الدكتور لويس استذكر بالإشادة هذه الصحيفة، وقال لي: أنا مدين لها لأنها وقفت معي في معركتي مع قضية اللغة العربية والشعر العمودي ولهذا وافقت علي محاورة الرأي العام لي».

المشروع الثقافي للدكتور لويس

علي الرغم من المجلس الأعلي للثقافة في مصر أصدر كتاباً بهذا العنوان، يطل فيه علي مشروع الدكتور لويس عوض الثقافي، إلا أن الدكتور عوض تعرض إلي هجوم نقدي عنيف، حتي من جانب شقيقه الدكتور رمسيس عوض، فلم يكن حديثه عنه مرحباً به علي وجه القطع، كما أن الدكتور لويس كتب في «أوراق العمر» عن أدق مراحل حياته وهي مرحلة الطفولة، حيث روي تفاصيل عن والده الذي كان سكيراً، وكانت زوجته -والدة لويس- تعيره بأنه «متلاف وتذكره بتصرفاته أيام أن كنا في السودان. كانت تذكره أمامنا بحادث غريب في الخرطوم، فقد كان يخرج في الليل كثيراً إلي النادي المصري، أو ربما إلي بيت من بيوت أصدقائه، ويقضي السهرة مع إخوانه بين كئوس الويسكي والمزة المعتبرة من كبد الدجاج والترمس... إلخ.. ويلعبون البوكر حتي الثانية صباحاً وكان أبي في العادة يخسر في القمار، ومع أن والده علي حد قوله كان يخسر خسارة محتملة، إلا أنه ذات ضربة بوكر خسر كل صندوق والدته من المجوهرات!
ولعل أكثر ما أزعج أسرته أو شقيقه الدكتور رمسيس عوض هو وصفه لأسرته بقوله (انطباعي العام أننا أسرة مفككة، ولكني لا أستطيع أن أحكم إن كان تفككنا يضاهي أو يزيد أو يقل عن تفكك أكثر الأسر المصرية»، كما أن روايته بعض أسرار والده العائلية، وأيضا عن تعرفه المبكر علي مجتمع «البغاء» وكيفية ولوجه إلي هذا العالم ونشر بعض تفاصيلها، فضلاً عما أفرده من حديث عن عائلته في فصول بعنوان «فلكلور العائلة» و«ثمانية بروفايلات».. لعل هذا وذاك ما دفع شقيقه الدكتور رمسيس عوض للانزعاج منه والرد عليه.
يتحدث الدكتور عوض عن مسقط رأسه شارونة فيورد ما نفهم منه أنها «كانت بها بعض الآثار في صحرائها الشرقية حيث مدافنها. أذكر أنني ذات صباح كنت وأنا غلام أقطع هذه المنطقة الصحراوية مع ابن خالتي وكان مثلي غلاماً، وإذا به ينحني ويلتقط حجراً صوانياً مستطيلا منحوتاً كأنه زلطة في صورة تمثال صغير طوله عشرون سنتيمتراً سألته: «ما هذا؟» فأجابني ببساطة «زب كفري» ولم أفهم، ولكني خجلت من السؤال لبذاءة التعبير وسكتنا، ولكن بعد أن عدنا إلي بيته اشتد فضولي فسألته: «ماذا يعني كفري؟ أجاب: يعني من أيام فرعون».
يتحدث عن جدته (أو أمي ألست كما أسماها) فيروي لنا أنها كانت امرأة بدينة مسنة تجلس دائما في حوش دارها بجوار طاحون ضخم لا يستعمل.
ويتحدث عن أسرته عموماً فيقول: «لا نكذب ولا نعرف كيف نكذب حتي للمجاملة أو لتجنب الحرج أو الخروج من المآزق فالكلمة عندنا لها معني واحد فقط وهو ما تقوله الكلمة ومنها أننا عاطلون من الذكاء الاجتماعي... ونخجل أيضا من التعبير عن عواطفنا ومشاعرنا. نحب في صمت ونعجب في صمت...».
كتب عن والده يقول: لم يكن أبي «مغفلا» أو حتي «ساذجاً»، بل كان رجلا «دغري».. ولم يكن أبي متديناً بالمعني المألوف. لم يكن يصلي أو يصوم حتي في يوم الجمعة الحزينة علي العكس من أمي.. لم يكن أبي ملحداً ولكنه كان فيما أظن لا أدري.
عند منتصف النهار تبدأ طقوسه: «يشرب أبي نبيذه علي مهل، ويمز بالترمس حتي تأتيه أمي بطبق من كبد الفراخ والقوانص أو صدر فرخة أو شيئا من هذا القبيل، وقلما كان يأكل

اللحم.
وفي الليل، نحو التاسعة كان هذا الطقس يتكرر من جديد. زجاجة النبيذ والمزة أو العشاء الخفيف واللغو ثم النوم. وكانت مهمة أختي العبيطة مرجريت هي تغيير الفوطة المبلولة مرتين صباحاً ومساء لتحتفظ الزجاجة ببرودتها.
وفي فصل بعنوان ثمانية بروفايلات يعود للحديث عن هذه الشقيقة العبيطة وكيف أنه في كل أسرة يوجد ولد أو بنت عبيطة، وأن الأسرة تخجل منها ويروي جانباً من مأساة شقيقته التي انتهي بها المطاف نزيلة في دار للعجزة، يدفع لها منها هو والدكتور رمسيس 50 جنيهاً.
وقبل أن نروي كيف مضت علاقته بالشقيق المعروف الدكتور رمسيس، فإن الدكتور لويس يكشف لنا عن بداياته ثائراً، فبعد أن رأي والده يبكي -بكي مرتين الأولي بوفاة سعد زغلول والثانية عند تنفيذ حكم الإعدام في اثنين من الفوضويين الإيطاليين وهما ساكو وفانزيتي- وقد أعدما جزاء لهما علي قتلهما رجلين في أمريكا، وتبين أن القضية ملفقة ضدهما من شرطة شيكاغو وبسبب هذا الظلم بكي والده، وهنا يعود الدكتور عوض بذاكرته إلي هذا المشهد فيري أنه بعد أن قرأ عن مأساتهما، وجيشان عواطف والده، «كانت هذه بدايات الثورية عندي. يقظتي الباكرة إلي الظلم وإلي دور الحكام في إنزال الظلم بالناس، وبعد أن ازداد وعيي بدأت أدرك أن الحكام ليسوا وحدهم الظالمين، وأن القوانين نفسها يمكن أن تكون ظالمة.
يروي الدكتور لويس عن شقيقه أنه تزوج عرفياً من فتاه «لافت» عليه، واستكتبته من دون علم الأسرة ورقه تقول إنه في حالة انفصاله عنها فهو ملزم بأن يدفع لها نفقة شهرية ثمانية جنيهات» وطبعا هاجت الأسرة حينما عرفت ولم تنته الأزمة إلا بتمزيق الورقة العرفية!
طبعا تسببت أزمة الزواج العرفي هذه في زيادة انفعالات والدته التي كانت تدخن أكثر من 20 سيجارة كوتاريللي يوميا، «فلم يكن لأمي متعة إلا التدخين وشرب القهوة السادة».
ولكنه لا يعتقد أن التدخين والقهوة قتلت أمه وإنما قتلها عبدالناصر عندما طرده مع أكثر من 50 أستاذاً ومدرساً آخرين في 19 سبتمبر 1954!
أيضا اعتنقت شقيقة أخري هي مادلين الإسلام وتزوجت مسلماً، وكان الدكتور لويس هو الوحيد الذي لم يقاطعها، لكنه فوجئ بها ذات يوم تزوره بمكتبه بالأهرام وتنبئه برغبتها في الارتداد إلي المسيحية لأنها لم تستطع أن تصلي صلاة المسلمين، فنهرها من فعل ذلك لما فيه من إهانة للإسلام.
يبقي من البروفايل اعتراف الدكتور لويس بأنه تألم لأنه لم يمنح شقيقه درجة جيد جداً في امتحان بموجب حصوله علي معدل جيد جداً فيه يدخل قسم الامتياز، وأن هذا الحرمان أثر علي مسيرته تأثيراً مخرباً ويشير إلي أنه حاكم نفسه كثيراً علي هذا الموقف.
لكن الدكتور لويس ارتكب «حرمانا» من نوع آخر مع رمسيس، تمثل في منع نشر مقالات جيدة لشقيقه بحجة أنه كان مشرفاً علي الصفحة الأدبية ولا يريد أن يقال إنه يتيح لشقيقه الصعود علي أكتافه.
يشير الدكتور لويس إلي أن شقيقه كان يشعر بغيرة تجاهه وأنه يحسن إخفاءها، لكنه يعود فيغمز شقيقه من قناة أخري فيقول إنه كان أخي رمسيس يضمر شيئاً من الحنق علي ويعتقد أني كنت علي غير إرادتي عاملاً معرقلاً في حياته».. فقد ورث عداواته من رشاد رشدي إلي عميد كلية الآداب آنذاك.

نقد الدكتور لويس
علي الرغم من أن الدكتور لويس عوض يجد حفاوة بالغة من الأدباء والمثقفين باعتباره أحد أعلام مصر في الفكر والثقافة والأدب إلا أن له نقاده العتاة ومنهم الدكتور حلمي محمد القاعود الذي كتب دراسة عنه بعنوان الحقيقة والأسطورة، قال فيها إنه بدأ حياته النقدية متأثرا بالفكر الاشتراكي، بل الماركسي، وأنه لا يري في الشعر العمودي قيمة، وكان يدعو الشعراء لعدم الالتزام بالقافية، كما سعي إلي هدم الحدود الفاصلة بين الشعر والنثر والأدب، وهو ينتقد أحمد شوقي أمير الشعراء وعزيز أباظة لأنهما لم يدركا الفارق بين الشعر المسرحي والمسرح الشعري، كما انتقد نازك الملائكة وكتابها قضايا الشعر المعاصر الذي حاولت فيه أن تطرح تصورها لشعر التفعيلة وإبعاده وشرح حركة التحديد بصورة عامة.
كما يغمزه القاعود من قناة احتفائه بالشعر الذي يهتم ويبرز «الصليب» كما حدث منه في احتفائه بقصيدة صلاح عبدالصبور بعنوان «الظل والصليب من ديوانه» أقول لكم إلي حد أنه اعتبرها أجمل قصائده قاطبة.
كما أنه يندد بتأكيد لويس أنه لا يكتب في السياسة، كما ذكر في كتابه علي هامش الغفران، والذي قال فيه «إنه لا سبيل إلي معرفة آرائه السياسية إلا لمن أوتي العلم اللدني والقدرة علي التفتيش في ضمائر الناس. ويعتبر أن هذا ليس صحيحاً وإنما قد يكون المقصود أنه ليس معنياً بالأخبار السياسية وتحليلاتها وما شابه.
وينتقده القاعود أيضا علي خلفية معارضته لتطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا صحيح فنقد الدكتور عوض للدولة الثيوقراطية وأضح تماماً فهو الكاتب: «نحن الآن نداور وندور حول المشكلة الأساسية وهي صلاحية الحق الإلهي لأن يكون أساساً للدولة، ونحن لا نسمي الأشياء بمسمياتها، رغم أن بعض المشتركين معنا في مناقشة الثيوقراطية وأصول الحكم من المستنيرين مثل توفيق الحكيم وزكي نجيب محمود وأحمد بهاء الدين وعبدالرحمن الشرقاوي وصلاح حافظ وفرج فودة».. ويقول الدكتور عوض إن كل هؤلاء معادون للثيوقراطية ولكنهم بدأوا يداورون ويناورون فيما يكتبون خوفا من الغوغاء والكهنة.