عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مؤرخون عرب يلقون الضوء حول تأثير ثورة 1919 على الثورات العربية

بوابة الوفد الإلكترونية

تحت رعاية الدكتور إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، وبأمانة الدكتور سعيد المصري أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، أجرت منذ قليل الجلسة الثانية من مؤتمر "ثورة 1919 بعد مائة عام"، في يومه الثالث والأخير بقاعة المؤتمرات بقمر المجلس الأعلى للثقافة، بساحة الأوبرا، وقد ترأس الجلسة الدكتور محمد العلالي أستاذ علم الاجتماع بالمعهد العالي للإعلام والإتصال بالمغرب العربي.


بدأت الجلسة بكلمة للدكتور عبدالله العتابي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة بغداد، قائلا أن ثورة 1919 حظيت باهتمام كبير من قبل الباحثين المصريين والعرب والأجانب، وهناك جوانب متعددة أهملها الدارسين في هذا المجال، ومن هنا كان تأثير الثورة على محيطها العربي وصولا إلى الهند وأندونسيا، فلم تتوقف تأثيرات 1919 على الدول العربية فقط.


ويتناول مبحثة ثلاثة مباحث هم: 
1- التأثيرات المصرية على العراق قبيل اندلاع ثورة 1919.
2- موقف الرأي العام العراقي من ثورة 1919 في مصر بوصفها الثورة التحريرية الأولى في الشرق الأوسط ، وموقف النخب المثقفة والصحافة العراقية من تلك الثورة.
3- التركيز على أثر ثورة 1919 في ثورة العشرين في العراق.


ثم سرد بيت شعري قيل في الشعب المصري بعد قيام الثورة: "أنتم خير أمة وما الخير إلا منكم يتفرق".


ثم أوضح ان بريطانيا قد استغلت إنحياز الدول العثمانية وقامت باحتلال العراق وإنزال قواتها يون 6 نوفمبر 1916 واحتلت العراق من مدينة الفاو إلى الموصل من الجنوب إلى العراق، وكانت تهدف بريطانيا إلى تطبيق سياساتها فى الهند أيضا فى العراق الأمر الذي وجه بالرفض الذي عرضه الشعب العراقي على حكامه لكن ما حدث أن العراقيين لم يجدوا في حكامهم ملاذا يواجه معهم الدفاع عن قضيهم وطرد الاحتلال، حتى أن بريطانيا منعت الصحف المصرية والسورية من الوصول إلى العراق، ورغم ذلك إلا أن أنباء ثورة 1919 قد وصلت إلى العراق وادت إلى ثورة العشرين حيث أنتفض العراقيون في مظاهرات لمواجهة بريطانيا.

 

ومن أهم الوثائق التى وصلت العراق تلك الوثيقة التيكتبها محمد الملا إلى صديقه بالعراق يقص عليه تفاصيل ما حدث في مصر من |أحداث 1919 مفاداها كيف خرج الشعب المصري متكافتا في كافة ربوع الدولة مضحيين بأرواحهم خلف زعيم يثقون به ويمجدونه مما أدي إلى تساقط ألالاف الضحايا، ونحن العراقيون لا نختلف عن المصريون فى عرض قيضهم لذا عليها المواجهة بالمثل.


وأضاف أن الطائفة الدينية في مصر مثلها مثل العراق فكما كان هناك خلاف بين المسلمين والمسيحين فيما قبل الثورة ببضعة أعوام ثم عند إندلاعاها تغاطى الطرفين عن هذا النزاع وأوجدوا روح المساحة فيما بينهم وأخد القساوة يخطبون فى المساجد والشيوخ فى الكنائس، صارت العراق على نفس النهج وتغاطي السنة والشيعة عن الخلافات فيما بينهم وبدأ شيوخ السنة يلقون خطبهم فى مساجد الشيعة والعكس صحيح.


أما عن رمزية سعد زغلول لدي العراقيين نجد أن كثير من الأوربيين والأمريكان قد هامجوا الدول العربية انهم يألهون ويعبدون قادتهم ويسيرون خلفهم دون أى وعي منهم، وهو ما يخالف الحقائق التاريخية لهذه الأحداث حينذاك، فلقد وجد كلا الشعبين المصري والعراقي في شخص سعد زغلول القدوة والرمز الذي استطاع بحنكة سياسية لا مثيل لها من ضم الأحزاب وكافة طوائف فى الشعب في يد واحدة لمواجهة المستعمر ودولة الاحتلال، فسعد زغلول كان لهم بمثابة القائد الصادق المخلص وهو بطل قضية عربية كبرى، كما قالت بعض الصحف العربية عنه، وكذلك أنه أعاد خلق مصر وبعثها للحياة من جديد، وأخيرا قيل عنه أن مصر لم تنجب قائدا مثله فى هذا القرن.


ثم انتقلت الكلمة إلى الدكتور عصام الغريب متخصص في تاريخ العالم العربي، تحت عنوان " ثورة 1919 وفلسطين، حيث أوضح من جانبة كيف أمتدد تأثير الثورة المصرية إلى فلسطين في مواجهة العدو الصهيوني، وكيف شكلت الصحافة الفلسطينية منذ عهد مبكر جزءا هاما من نضال الشعب الفلسطيني خلال تاريخه الحديث ضد الحركة الصهيونية وضد الإحتلال البريطاني بسبب وعد بلفور في 1917.


وكشف عن كيف كانت الثورات والاحتجاجات فى فلسطين تسير متزامة مع شقيقتها المصرية مما يدل على تأثير ثورة 1919 وكيف كانت ملهمة لكافة مظاهرات العرب حينذاك، وبدأ بمقولة الجنرال أللنبي المندوب السامي في مصر إلى الذي رد على الخاجية البريطانية في يوم 4 أبريل 1919 عندما تم استدعائه من فلسطسن ليأتي إلى مصر فالجيش البريطاني هناك لا يستطيع مواجهة هذه الأعداد  ويحتاج إلى حنكته السياسة والعسكرية التي تميز بها كقائد عسكري، قائلا في عبارته "إن الحركة بدأت تؤثر في سوريا وفلسطين، بالإضافة إلى تأثيرها في مصر ، وأن الخطر الحقيقي جسيم للغاية".


وأضاف أن صدي أخبار الثورة المصرية في الصحافة الفلسطينية كان له تأثيره الواضح على المواطن الفلسطيني في تحركاته وإضراباته خلال تلك الفترة - التي تزامنت مع اشتعال الثورة المصرية – ضد الحركة الصهيونية والسلطة البريطانية المحتلة وخاصة الأحدات التي أندلعت أعوام 1919، 1920، 1921، فالحدود بين مصر وفلسطين لا يفصلها سوى الحدود الوهمية التي صنعها الاستعمال، وأضاف أن في مصر كان هناك بعض الصحفيين وغير الصحفيين الفلسطينين الذين يعيشون فى مصر نقلوا أخبار الثورة إلى فلسطين منهم خليل السكاكينى الذي كان يعمل بوزارة المعارف المصرية كأستاذ للغة العربية فيما بين 1920 و 1922، وكذا محمد على طاهر الكاتب والصحفي، هاذين استطاعوا نقل صورة الثورة بشكل جعل من فلسطين القيام بثوراتهم متأثيرين بأحداث 1919.


وأنهى كلمته ببعض النتائج التي تأثر به الشعب الفلسطينى نتيجة ثورة 1919، ذكر منها على سبيل المثال:


- تشكيل وفد فلسطينى موحد للتفاوض مع بريطانيا مثلما حدث في مصر، حيث شكلوا لجنة موحدة تجمع بين كافة فصائل الشعب في القدس. 
- استغل الفلسطنيون هذا الحراك الجماهيري فخصصوا بعض المبالغ المالية من أجل إعادة ترميم المسجد الأقصي، وعرض فكرة إنشاء بنك عربي موازي لبك مصر فى

دمشف وينشأ له فرع فى فلسطين لإمداد الثورات إلا أن هذا الاقتراح قد تم مواجهته بالرفض من قبل السلطة الفلسطينية.
- تأسيس حزب الاتحاد السوري 1919، واللجنة العربية الفلسطينية 1921.
وأيضا بكلمة السكاكينى بجريدة السياسة في 2 مارس 1923:
"جئنا مصر فنزلنا منها منزلة الأهل وعشنا على فضلها، يكفي أن غذائنا العقلي والروحي يصنع فيها ، فكتبها كتبنا، وصحافتها صحاقتنا وشعرها شعرنا .. يسرنا ما يسرها ويؤلمنا ما يؤلمها..".
ثم انتقلت الكلمة إلى الدكتور إسعد الهلالي استاذ محاضر بجامعة محمد لمين دباغين سطيف – الجزائر، تحت عنوان "ثورة 1919 في مصر مسار مطلب الاستقلال عند سعد زغلول والأمير خالد في الجزائر"، حيث تحدث عن موضوع بحثه الذي يتناول فيه موضوع هام يتعلق بثورة 1919 ، تلك الثورة التي تعد من أبرز الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، فهي عبارة عن حركة وطنية للمقاومة الشعبية في مصر قامت ضد تعنف واحتلال السلطة البريطانية، حيث أظهر المصريون من خلالها مدى تعلقهم وتمسكهم الشديد بالاستقلال خاصة مع بروز شخصية قائد عظيم مثل سعد زغلول الذي قاد مصر للمشاركة في معاهدات الصلح بباريس 1919، ورغم نفي سعد زغلول والعراقيل البريطانية التي حدثت حينذاك في مصر إلا أن هذا الزعيم واصل الطريق من أجل تحقيق الاستقلال حيث استطاعت مصر بالفعل تحقيق الاستقلال الجزئي 28 فبراير 1922، بسبب أن الحكومة البريطانية احتفظت بأربع مسائل، وأصبح السلطان فؤاد أول حاكم لمصر، وظل سعد زغلول في منفاه إلى أن عاد 17 سبتمبر 1922.


أما الأمير خالد حفيد الامير عبد القادر في الجزائر، فقد طالب أيضا بالاستقلال عندما سافر مع الوفد إلى باريس والتقي هناك مع سعد زغلول، وأرسل عريضة إلى الرئيس الأمريكي ولسون يطالبه فيها بحق الجزائريين في تحديد مصيرهم ضد الاحتلال الفرنس، وعندما عاد إلى الجزائر استمر نضاله عبر صحيفته "الإقدام"، وتأسيس حركته التي ركزت على النشاط الميداني مع الجماهير في الجزائر وفرنسا تأثيرا بما فعله الزعيم المصري سعد زغلول فى أحداث 1919 في مصر، ونتيجة لذلك تم نفيه  عام 1923 إلى سوريا.


واختتمت الجلسة بكلمة الدكتور محمد العلالي استاذ علم الاجتماع – المغرب، تحت عنوان "ثورة سعد زغلول لعام 1919 وثورة عبد الكريم الخطاب لسنة  1921: خصائص ومميزات في سياقات مختلفة"، حيث قدم أطروقة عبارة عن دراسة مقارنة بين ما قام به كل من الزعيم سعد زغلول في مصر وعبد الكريم الخطابي في المغرب العربي، وأعترف أن عند هذه الدراسة واجهته إشكالية حول ما هي العناصر المشتركة التي استخدمتها قوى المقاومة التحريرية للمواجهة.


وأوضح أن ما بعد ثورة أحمد عرابي وحالة الانكسار وهزيمة الجيش المصري في عام 1882، وما تبعه من ممارسة السلطات البريطانية لمختلف مظاهر الظلم والقهر ضد الشعب المصري، وأيضا مباركة الخديوي وتعاونه لنهب البلاد وخيراتها، تلك العوامل التي أظفرت عن بضعة نتائج منها:
1- المعاناة من طرف الاحتلال الإنجليزي ومن طرف الأقلية الحاكمة وفرض السيادة البريطانية رغم التبعية الإسمية للسيادة العثمانية، وتشوية التعليم، وغلغاء الدستور والمظهر البرلماني.


2- الشعور الشعبي الكامل بالمعاناة ووفاة الخديوي وتعيين الأمير عباس حلمى دون الرجوع للسلطان التركي، والإمعان البريطاني في التنكيل بالأهلالي أى حادثة دنشواي 1906.


3- تشكيل الوعى الوطني.


ثم استعرض بعض المعاهدات والاتفاقيات الغير العادلة لإخضاع دول المنطقة بحكم موازين القوى السائدة منذ عام 1904 وحتى عام 1911.
وفي النهاية أوضح أوجه التشابيه بين الزعيمين موضع الدراسة فكلاهما ينحدر من عائلة ريفية، ووالد كل منهم يعمل بالنظام الحاكم، وكل منهم قام بتحرير مذكرات هامة تناولت الأحداث سواء في مصر أو المغرب العربي، كلاهما رفضوا حماية المستعمر لأوطانهم، وكان لديهم القدرة على المزج بين العمل الميداني والعمل السياسي، والموقف المشترك في التعامل مع المستعمر، وأخيرا وجود وحدة وتسامح بسن أبناء الوطن في أيد واحدة.