رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم" الديمقراطية والوهم"

بوابة الوفد الإلكترونية

بقلم _ عزالدين البغدادي

الديمقراطية كلمة جميلة، تعني عند كثير من الناس حرية الراي والتقدم واحترام الانسان، فالديمقراطية هي مشاركة الشعب في تحديد الوضع السياسي عن طريق الانتخابات، إلا أنّه منذ ظهور الديمقراطية كفكرة ومنهج فإن مشاركة المواطنين ككل في الانتخابات لم تتحقق إلى وقت قريب، فالنظام السياسي في أثينا القديمة وهو اقدم ديمقراطية حدد المشاركة فقط بالمواطنين الذكور الأحرار الذين ولدوا لآباء من أثينا وقاموا بتأدية الخدمة العسكرية، واستُبعد العبيد والنساء من المشاركة السياسية.

واستمر الأمر على ذلك في اوربا الحديثة، فلم يسمح للمرأة بأن تشارك في الانتخابات الا في وقت قريب. ولم يُعطَ السود الحق بالمشاركة في الانتخاب إلا مع إلغاء العبودية بعد تعديل للدستور الأمريكي في عام 1886م.

كما كان يشترط فيمن يشارك في الانتخابات ان يكون عنده حد ادنى من التعليم، بل لم يكن يسمح للفقراء بالمشاركة فيها!!!!! ويعتبر البعض أن الديمقراطية لم تتحقق واقعا إلا في عام 1906، عندما أصبحت فنلندا أول دولة تلغي العِرق والجنس كمتطلبات للتصويت وللخدمة في الحكومة. وحقيقة فقد كنت كثيرا ما استغرب من هذه الديمقراطيات المفصلة على فئات معينة فقط، وأجدها مضحكة تهدف الى حصر السلطة في يد جهة معينة.

الا ان التجربة "الديموقراطية في العراق كشفت ان ما كان يحدث عند تلك الامم هو الصحيح، لأن النساء والجهلة والفقراء والرقيق كلهم لا يملكون رؤية وقرارا تسمح لهم بالمشاركة في العمل السياسي، فكلهم يخضعون لتاثير الغير (المال، رجل الدين، الاعلام المضلل) ولا يملكون قرارهم.

وكشفت لنا تجربتنا بالعراق ان الديمقراطية ليست صناديق انتخابات بل فيها نوع من الدعوة لتربية المجتمع ورفعه ثقافيا حتى يتمكن من المشاركة في عملية الشورى، إنها تفترض وجود قاعدة تتسم بالنضج والرشاد حتى يمكن

البناء فوقها.

أي إنّه لا بد أن يكون هناك شعب واعٍ، ولا بدّ أن تكون هناك قيم كبرى تتجاوز الأغلبية، وإلا فكثيرا ما كان رأي الأغلبية سببا لشقاء الأقليات وانشاء حكم مستبد وفاسد. بل وسببا لتمكين السياسيين من خداعهم والضحك عليهم والسخريّة منهم، وسرقة أموالهم ومصادرة إمكانياتهم. ومع عدم وجود شعب واع وقضاء نزيه واعلام مسؤول وقانون يقف الجميع امامه بالتساوي فلن تكون النتيجة الا شيئا مفجعا مرعبا، حيث يتمزق الوطن وتصول فيه العصابات وتجول. إنّ الخطر يكمن في وجود جهات خارجية تصدّر لنا الديمقراطية بل وتفرضها علينا إلا أنها ليست نفس ديمقراطيتهم التي بنوا بها دولهم، بل هي شيء آخر لا تشابه ديمقراطيتهم الا بالاسم فقط. الديمقراطية ليست قانونا ولا انتخابات ولا مفوضية فاسدة، بل هي وعي مجتمعي اولا ومع عدم وجود ذلك فلا معنى للحديث عنها الا اذا اريد بذلك خداع الشعوب وتدمير الامم وهو ما ارادته امريكا في مشروعها في العراق. وهذا للاسف ما لا يدركه كثير من المثَّقفين المندفعين أو الشباب المتحمسين كثيرا ممن يتحدّث عن العلمانية والديمقراطية دون أن يدرك معناها ومداها وشرطها وقاعدتها الفكرية.