رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

القراء الجدد: لسنا أصحاب ثقافة فارغة

بوابة الوفد الإلكترونية

جمهورية شباب القراء، ألتراس القراء الجدد، كوكب القراء المحدثين، كل هذا وأكثر، ألقاب أطلقت فى الفترة الأخيرة على الصف الجديد من جمهور القراء

وهم صف الشباب الذين تبدأ أعمارهم من السادسة عشرة، ومن يكبرونهم بعشر سنوات، هؤلاء الشباب تعرضوا فى الفترات الأخيرة لموجة من الاتهامات كان من بينها، أنهم محدثو قراءة وأصحاب ثقافات زائفة وفارغة، وأن القراءة غدت على أياديهم رافداً من روافد الوجاهة الاجتماعية التى باتوا يتباهون بها فى صفوفهم الدراسية.
ظهرت هذه الاتهامات بعدما استطاع هؤلاء الشباب الإفلات من تهمة الجهل، وبعدما كانت كل الآراء فى العقدين الماضيين تتقاطع عند مسلمة ان الشباب لا يميل الى القراءة، لكن الأجيال الجديدة كشفت وبشكل واسع عن مسلمة جديدة وهى أنه لا يجب التعميم، لأن هناك من هؤلاء الشباب من يقرأ بالفعل، بل ومهووس بفعل القراءة، وقد ظهر هذا جلياً بعدما خرج الآلاف من المنتسبين الى هذه الفئة العمرية من سبات مجتمعهم الثّقافي، وكشفوا عن ميولهم في القراءة، وأدرك البعض أن من بينهم من يقرأون كتباً فكريّة أو فلسفيّة أو دينيّة أو ماركسيّة، لكن يظل أهم ما يلفت الانتباه فى تلك القراءات هو تقاسم العديد من الشباب العناوين نفسها، بل والاهتمامات في القضايا الفكرية والأدبية والسياسية، كما يلتقى الكثيرون منهم فى ذات الروايات والكتاب، وهو ما تحكم فى سوق الكتب، وفجأة أصبح هؤلاء الشباب فى نظر البعض مسئولاً عن جملة الأكثر مبيعاً، والتى ارتبطت فى الفترة الأخيرة بالأقل فكراً.
لذلك توجهنا إلى هؤلاء الشباب نسألهم ؛ شباب القراء أنتم متهمون بتغيير الذائقة الأدبية لدى المصريين، بمعنى أنكم تقرأون لكتاب ليسوا مبدعين حقيقيين، ما جعلهم الأكثر مبيعاً عن غير استحقاق، فما ردكم على هذا الاتهام؟
نرمين السيد محمد عطية، 24 عاما، بكالوريوس هندسة قسم اتصالات، الشرقية، فتقول عندما نتساءل عن تدهور الذوق الادبى بتشجيع الشباب لأعمال دون المستوى لابد أن نتبع ذلك بسؤال آخر، هل الشباب ضحايا لقراءة تلك الاعمال نظراً لخلو الساحة من الاعمال الجيدة؟ مما لا شك فيه ان للقراء الدور الرئيسى فى هذه المعادلة فلو رفض الشباب الاعمال غير الجيدة ، لحاول أصحابها تطوير وتحسين أساليبهم لإرضاء القارئ الجيد، ولكن ما يحدث هو العكس حيث اصبح الرائج الناجح المنتشر هى الاعمال التى تعتمد على الاثارة والتشويق والتى تُقرأ لمرة واحدة لا أكثر، لكن لماذا تدهور الذوق الادبى الى هذا الحد؟ أنا أرى أن شباب القراء هم صورة مصغرة لهذا المجتمع ونحن نرى الان كيف اصبح الذوق العام للمجتمع فى تدهور كبير فنيا وغنائيا وأخلاقيا فلماذا لا يكون أدبيا ايضا، ثم سهولة الكتابة والنشر بدون أى تقييم فعلى للأعمال، فأنت تستطيع نشر أى شىء طالما كنت تمتلك ثمن نشره، ويرجع ذلك لكثرة عدد دور النشر بشكل مفرط، وسعى معظمها للربح السريع بعدما أصبحت مهنة النشر تجارة لا رسالة لنشر المعرفة، كذلك نرى أن معظم المسابقات الأدبية التى ترعاها دور النشر تعتمد على الروايات، وكأن الابداع قد اقتصر عليها، وهو ما جعل معظم الكتاب الجدد يتجهون الى كتابة الرواية تاركين الكتب الأخرى، مما أدى إلى تقليص عدد الكتب الحديثة بشكل كبير بحيث اقتصرت تقريبا على أدب الرواية، ثم أن مبتدئى القراءة هم اكثر القراء عددا وبالتالى هم المتحكمون فى عدد المبيعات وغالبا كانت بدايتهم مع الاعمال الحديثة التى شكلت ذوقهم الأدبى، فبداية القراءة تتحكم بشكل كبير فى حاسة تذوق القارئ، فمن يبدأ للكبار امثال نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرهما تكون معاييره فى الحكم على الأعمال عالية، ويكون أكثر قسوة فى انتقاده للأعمال الحديثة نظرا لروعة النموذج الذى يقيس عليه، أما من يبدأ قراءاته بالأعمال الشبابية يكون أكثر تسامحا مع الأخطاء وفي حكمه العام على العمل ككل وربما هذا يفسر الفجوة الشاسعة التى تفصل آراء الناس عن الأعمال الأدبية المختلفة، وفى النهاية قد يزداد عدد الأعمال الأدبية الى حد التخمة وقد يتفاوت مستواها الأدبى ولكن التاريخ كفيل بانتقاء ما يستحق من الأعمال والباقى سيطويه النسيان للأبد.
فايدة عطية ابراهيم المنصورى، 23 سنة، بكالوريوس علوم. جامعة طنطا شعبة كيمياء حيوية تقول: بداية الذائقة الأدبية لدى شباب القراء تختلف من فرد لفرد آخر، فهناك من يتذوق لونا ابداعيا يحمل طابعا رومانسيا، وهناك من يتذوق الرعب ولاشىء سواه، وهناك من يتذوق قراءة التاريخ أو كتب التنمية البشرية ولا يستسيغ للرواية مذاقا وخلافه، فشباب القراء يجمعهم نفس المرحلة العمرية لكن لايجمعهم بالضرورة نفس الذائقة الأدبية، والدليل ليس الجميع يقرأ لمراد رغم اتفاق المعظم على ابداعه الأدبى وقدرته الروائية الواضحة، لكن هنالك اختلاف دائم بين شباب القراء حول تقبل بعض الالفاظ التى كتبها فى رواياته الأربع، هذا على سبيل إيضاح الفكرة، اما عن تغير الذائقة الأدبية لدى المصريين وأن السبب فى تغيرها هو شباب القراء، فأنا لا أعتقد ان هذا صحيح، فما زال هناك عدد كبير من الشباب يقرأون لنوال السعداوى ورضوى عاشور ونجيب محفوظ ويوسف زيدان واحمد خالد توفيق والكثيرين، ممن هم ليسوا من جيل الشباب ولا يستطيع احد ان يشكك فى قدرتهم الإبداعية، بل والأكثر من ذلك ان هنالك من يتطلع نحو الادب الروسى مثل: انطون تشيخوف وتولستوى وكذلك الادب البريطانى امثال أجاثا كريستى ومن يبحرون بعالم الفلسفة نحو أرسطو وافلاطون وبول سارتر وويل ديورانت وغيرهم, هذا ردا على توحد الذائقة الأدبية المزعوم، أما عن رواج بعض الكتب وأنها أصبحت اكثر مبيعا عن غيرها دون استحقاق فهذا يعود إلى طريقة التسويق وحب الشعب المصرى لأى شىء يتحدث عنه الغير، ولربما للتزكية هنا شأن, ولكن هنالك من الكتب الأكثر مبيعا ما يستحق أن تبتاع أكثر وأكثر لأنها تحمل واقعاً يعيشه الشباب، واشهدك القول ان وجود النسخ الالكترونية قد تمنع البعض من شراء النسخة الورقية.. ولكن ان كانت هذه النسخ الالكترونية لم تمنع بعض الأعمال الحديثة من ان تبتاع الكثير والكثير فهذا دليل نجاح ولا نستطيع حصر ذلك على شباب القراء فقط، ومن هنا تسقط التهمة الموجهة إلينا كشباب قراء فى إفساد الذائقة الأدبية.
يمنى أحمد صابر، 16 سنة، الصف الثانى الثانوى القسم البريطانى بمدرسة بورسعيد للغات، تقول: الواضح من السؤال أن تِعداد سكان كوكب القراء الشباب أصبح لديه القدرة على أن يكون الحَكم في مصير الذوق العام حاليا، وهو أمر يجب أن يسعدنا جميعاً، وهذا شىء لطالما أردناه، فهو فى رأيي الخطوة الأولى في طريق الحيلولة دون بقاء مصر في قائمة دول العالم الثالث، فلطالما كانت الثقافة وقود باخرة تقدم الأمم، وبناء على ذلك ظل المثقفون ينددون بالجهل الغارق فيه وطننا، فلما إذن عندما

بدأنا الاقبال على القراءة تريدون تنفيرنا منها لأن ذوقنا لا يتلاءم معكم؟!، أنا لا أنكر بشاعة السوق هذه الأيام، ولكن لنواجه الأمر بشكل موضوعي و نبحث عن جذور المشكلة بدلاً من تعليق الخطأ على الشباب، وعلينا أن نوقن بأن التعليم هو مربط الفرس؛ فهو ما ينتج عنه شباب ذو لغة ركيكة يمقت القراءة، فنجد السوق يعج بالكتب التافهة، التى لا تزيد من محصول القارئ اللغوى أو الثقافى بتاتا، وهنا يأتي دور الرقابة التي من واجبها التعديل والإشراف حتى نمنع هذه الكتب من الوصول الى السوق، فبسبب أن القراءة أصبحت صيحة لا يجد الشاب أمامه إلا أن يختار هذه الكتب غير عابئ بشىء الا أن يظهر بمظهر المثقف أمام من حوله، ولأن القراءة ساحرة بطبعها ومن يقع في هواها لا يستطيع الفكاك منها، فيتصور أحياناً أن هذه الكتب هى الأفضل، فيقتنى أحدها، على أن تكون مما يحمل لافتة الأكثر مبيعا، فيقبل على شاكلتها بنهم شديد، ولكن من خبرتي المحدودة، أود أن أطمئنكم فهذه بداية الطريق ليس إلا، فمع كل كتاب تقرؤه يزيد لديك الوعى و تصبح قادرا على التفريق بين الكتب، وانتقاء الكتب ذات أساليب راقية تستحق الالتفات اليها، لذا فعلينا أن نشجع الشباب على القراءة لا أن ننفرهم، لمجرد أننا نظن أن ذوقهم دون المستوى، فكيف لنا أن نحكم عليهم بأنهم أفسدوا الذوق العام؟ وكيف نعمم هذا الاتهام على كل الشباب؟! أو ليس هؤلاء الشباب هم من انقطعت انفاس بعضكم تنديدا بتجاهلهم والمطالبة بضرورة إشراكهم في كل شىء؟! فلم إذن تريدون أن تسلبوهم أبسط حقوقهم؟! ألا و هو الاختيار، وجعل قراراتهم مُسيرة فقط لأنها لم تأت على أهوائكم! ألم يخطر على بالكم يوما أن يكون جمود فكر كبار السن من القراء هو في حد ذاته خطأ مساوياً لخطأ بعض الشباب؟! لأنهم لم يمكنهم التقبل بأن آلية كتابة واحدة لا يمكنها الصمود للأبد؟ فكما نقرأ نحن الكلاسكيات لماذا لا يجربون هم بعض الكتب الجديدة ويبدأون فى مواكبة العصر لوهلة؟! وإن كان خطؤنا اننا نقرأ الكتب السيئة فلم لا تحولون الدفة، وتجعلون ما ترونه لائقا يتصدر المشهد إذن.
لمياء سامي محمد، ١٦ سنة، الصف الأول الثانوي بكلية رمسيس للبنات تقول: لكل جيل وزمن أبعاد وخلفيات فنية وأدبية خاصة ومعايير خاصة أيضا، فمثلا في القرن العشرين شهدت مصر تغييرات كثيرة وأصبح الأدب فى مصر يعبر عن تطور الحياة ومستوحى من مشاكل المجتمع وأفكاره وكان هذا في البداية علي يد كتاب مثل أحمد لطفي السيد ومحمد حسين هيكل وكانوا هم أول من عرض الأنواع الأدبية الحديثة مثل الرواية والقصة والمقالة والمسرحية فيما بعد، وكان أهم أثر أدبي لهذه المرحلة هو رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل الي ان زاد النشاط الأدبي وكثرت المؤلفات لنصل إلي طه حسين الذي أدخل الرواية التحليلة النفسية مصر برواية «الأيام»، ثم جاء نجيب محفوظ الذى استخدم اللغة المصرية الحديثة في الحوار بين شخصيات الرواية. أما عن سماء السبعينات فقد لمع فيها كل من جمال الغيطاني وإبراهيم أصلان لما امتازا به من رقي أدبي. مرورا بالثمانينات حيث لمع محمد المنسي قنديل وأحمد زغلول الشيطي خاصة بعد إصدار روايته «القاهرة - فبراير 1990» وصولا إلي التسعينات حتي وقتنا الحالي لنجد ان كثيرا من معايير النشر الأدبي ومعايير تقييم الرواية قد اختلفت كثيرا بسبب العولمة وشبكات التواصل الاجتماعي التي جعلت التواصل المباشر بين الكاتب والقارئ أسهل بكثير مما كان عليه حيث كان في البداية المصدر الأساسي للترويج لأي كتاب أو رواية كان الصحافة فقط مما أدي إلي انحدار المعايير الأدبية لدي القارئ الآن، فنجد أن رواية مثل «الفيل الأزرق» أو «1919» لأحمد مراد قد حققتا أعلي مبيعات في السوق وأعلي ترتيبات علي مواقع التواصل الاجتماعي بغض النظر عن كم هي فقيرة أدبيا وركيكة لغويا تلك وغيرها مثل رواية «هيبتا» لمحمد صادق وغيرهما من الكتاب الشباب الذين لجأوا للمحتوي الدعائي أكثر من المحتوي الأدبي وثنائية الدين والسياسة ومنطق «الحشو والمط» لجذب انتباه القارئ ولا أستثني التكلف اللغوي الزائد على حده الذي إن دل علي شيء فهو يدل علي ان هذا الكاتب مبتدئ درجة أولي.. وكل هذا ليس من باب التقليل من تلك الأعمال أو هؤلاء الكتاب ولكنها فقط هالة استفهام حول الجدل والتعظيم المفرط الذي يُثار حول مثل هذه الروايات.