الرواية تكشف صراع العوالم الخفية مع العالم الافتراضي لاستعباد الإنسان

من حق الإنسان أن يعرف كل علوم الكون لتكون في خدمته، ويحارب كل ما يهدد وجوده على الأرض، ولكن ليس من حقه تحدي إرادة الله ومنافسة قدراته بمحاولة اختراق الغيبيات ومشاركته التحكم في العوالم الخفية من الجن والملائكة، أو الغرق في العوالم الافتراضية الحديثة لتذوب فيها إنسانيته وينعزل في عالم منفرد تحكمه نوازع الأنانية وحب السيطرة على الأخر، حول هذه الفكرة التي تطرح لأول مرة جاءت  رواية " تعاويذ عاشق الدم" للأديبة فكرية احمد مديرة تحرير جريدة الوفد لتدق ناقوس الخطر لهذا الصراع، أملًا في أحياء الضمير الإنساني لحماية البشرية من التحويل إلي عبيد لتلك العوالم الأخرى.

"تعاويذ عاشق الدم" هو العمل الأدبي الحادي عشر للكاتبة، صدر عن دار النخبة العربية للنشر التي يرأس مجلس إدارتها الروائي أسامه إبراهيم، وقام بتنفيذ الغلاف الزميل سعيد الضمراني،  فما بين عوالم سفلية خفية وبين عالم افتراضي رقمي جديد للميتافيرس، يتأجج صراع وحشي مع الإنسان، يحاول كل طرف استعباد الأخر والتحكم في إرادته وحاضر وتغيير مستقبله، صراع الإنسان هو فيه الخاسر إذا لم يستمسك بالعروة الوثقى، وهى الإيمان والوقوف عند حدود الله، فإن لم يفعل، تتشوه إنسانيته وتطمس هويته، ليفقد فطرته الأدمية ويتحول لمسخ دميم، تتحكم به نوازع الشر لضر غيره من العباد، سواء تحت شغف المعرفة وكشف الغيبيات لعوالم جعل الله بيننا وبينها حجاب باستخدام التعاويذ والطلاسم المذمومة، وبشغف اختراقه لكل بعيد وغريب من أسرار العالم والتحكم في الأخرين عبر شفرات ورموز العالم الافتراضي الذي تتوحش هيمنته يوماً بعد يوم على البشرية.

تحكي الرواية قصة حول قرية يتحكم بها مشعوذ بسحره الأسود لتغيير مصائر العباد  بالضر والشر، يطول السحر نوال بطلة الرواية  فيدمر حياتها بالفضائح والمصائب سعياً إلى امتلاكها بعهد الشيطان، وعندما تنجح في الهروب من القرية إلى بلدة أخرى، بل إلى  قارة أخرى في محاولة يائسة للنجاة بنفسها وأسرتها تصدمها قصص القتل والدم لمن هربوا معها إلي تلك البقعة من العالم، وتصل إليها يد الساحر في مهجرها ليقتل أولادها ويشردها، لتبدأ نوال في مواجهة شرسة وغريبة لمحاربته حرباً من نوع جديد بما تملكه من رموز عالم افتراضي آخر لهزيمة عوالمه الخفية، ويشتد الصراع بين تعاويذ الجهل وشفرات العلم، ليأتي تدخل طرف ثالث غير متوقع لحسم الصراع.

وتقول الكاتبة أن الإنسان منذ خلقه الله في الجنة وقد نزغ لديه الشيطان ووسوس له ليعصى الخالق، تحت إغراء الخلود والتفوق في معرفة الأسرار والكوامن الخفية،  متحدياً كل النعم التي وهبها له الله، للحصول على ما ليس من حقه، وسيراً وراء الشيطان لجأ كثيرون إلى السحر الأسود واستخدموا التعاويذ والطلاسم للحصول على القوة رغبة في السيطرة على مصائر العباد وتغيير أقدارهم،  الأمر الذي انقلب بالضر على حياتهم والمجتمع المحيط بهم، وفيما انشغلوا في اقتحام العالم

السفلي والعوالم الخفية، غرق أخرون في التقنيات الحديثة الرقمية لعالم الاتصالات والتي جعلت العالم قرية صغيرة بين أصابعنا في لحظة، نعيش من خلاله في عالم افتراضي شبه ملموس و محسوس، استقطب هذا العالم الافتراضي الإنسان إليه بصورة لا تقل عن انجذابهم إلى العوالم الخفية ، ليصبح بني آدم بين صراعين، كل منهما اخطر من الأخر على حياته وإرادته بل ومستقبل البشرية ككل.

ومن سطور الرواية هذا الحوار الصادم بين بطلة القصة وعدوها المشعوذ عاشق الدم"، صرخت نوال مقاطعة: إنها ليست أمك بل شيطان رجيم استغل مصيبتك فتمكن منك، وجعلك من أعوانه.

صرخ ليسكتها: لا تقولي شيطان، بل هم الشياطين، رفضوا أقدارهم، وكل المسطور غيباً في كتبهم، اعترضوا على حظهم من الدنيا، وتحدوا إرادة الإله الذي يعبدونه، وجاءوا إلي متوسلين لأغير أقدارهم، لم يكن بينهم شخص واحد، واحد فقط راض بعطايا الرب الذي يعبدونه ويصدحون له بالتكبير في المساجد، أنا مجرد وسيلة لتحقيق عصيانهم وتمردهم على السماء، كانوا يطلبون دفن أسحارهم في فم الموتى بالقبور، وفي أعمق البحار، حتى لا تصلها يد الفكاك والخلاص للمسحور، أنا اليد التي نفذت شرورهم، اليد التي سطرت الحقد المستور بصدورهم على الأوراق والجلود، ففيما تدافعين وتأخذك بهم الرأفة وبي الملام، لقد جاء إلي كبيرهم وبصدره حفنة من الشر والمال، أتعرفينه؟، إنه الحاج عطية، طلب مني أشياءً بشعه وكثيرة، ودفع لي الكثير.

جاءت الرواية في 270 صفحة من القطع المتوسط ، وتشارك بها الكاتبة في  معرض القاهرة للكتاب في يناير المقبل، وسبق أن صدر للروائية فكرية احمد 10 روايات وقصص قصيرة والغاز بوليسية هي مملكة العبيد   بائعة الزهور، قلوب في طواحين الهواء  بلا رجال أفضل ، كورونا في سوق البغاء، سر الرجل الكلب ، لغز الحقيبة الزرقاء ، سر الجاسوس الأخرس،  لغز الطائرة المخطوفة،   الملكة والأفاعي ، وتحت الطبع " جريمة في الفضاء".