عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمجد مصطفى يكتب : محمد فوزى.. قائد سيمفونية تجديد الغناء العربى

بوابة الوفد الإلكترونية

أدخل مصر ثورة صناعة الموسيقى

 

مصر هى دولة الطرب، من هنا تعلم العالم معنى كلمة السلطنة فى الغناء، ومن هنا بدأت الأجساد تتمايل طربًا، بجمل موسيقية تقشعر لها الأبدان، مصر هى قبلة الغناء العربى، هى دولة الملحنين والمطربين هى رائد التجديد ومنبع المجددين فى الموسيقى والغناء، لم تمر فترة زمنية إلا ويخرج منها أستاذ أو أستاذة يرفع الجميع له أو لها القبعة، هنا ولد رائد وفارس التجديد سيد درويش، وهنا ولد محمد القصبجى وعبدالوهاب والسنباطى، الذين توارثوا الموسيقى والغناء عن الشيخ المسلوب، وسلامة حجازى ومحمد عثمان وكامل الخلعى، هنا أرض الكنانة والمكانة. 

مصر هى الشريان الذى قام بتغذية العالم العربى بكل حرف وجملة موسيقية، هنا القاهرة التى منحت الجميع شهادة الاعتماد، والارتباط بالجمهور، هنا الإذاعة المصرية التى حملت عبر أثيرها مهمة تقديم الأصوات والنغم الشرقى الأصيل، ومهما ظهرت من زوابع داخل الوسط الغنائى وظهر الهاموش والناموس، والذباب، لن يضيع تاريخنا الغنائى، بل إن هذه الزوابع كلما ظهرت تذكرنا ماضينا الجميل. فى حلقتين سابقتين ذكرنا أن مصر فنانة منذ 7 آلاف سنة فى الجزء الأول قدمنا بانوراما عن الفن المصرى بصفة عامة، وريادته، وفى الجزء الثانى خصصناه لتاريخ مصر الغنائى من قدماء المصريين حتى مشايخنا فى العصر الحالى.

وفى الجزء الثالث، رغم فيروس الكورونا المنتشر عالميًا، واصلنا تقديم تاريخنا فى عالم التلحين، وما أكثر ما قدمت مصر للعالم العربى من ملحنين، لذلك فالجزء الخاص بالملحنين سوف نواصل الكتابة عنه لعدة أجزاء، حتى نعطى هؤلاء الرواد حقهم الطبيعى. 

تحدثنا فى الحلقة الأولى «المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة عن ريادتنا بصفة عامة فى الموسيقى والغناء والسينما والدراما والإعلام والمسرح، والأوبرا وأكاديمية الفنون، ثم بدأنا فى الحلقة الثانية نتحدث بتوسع أكبر، عن كل مجال، من المجالات، وتحدثنا فى الجزء الثانى عن الموسيقى من عهد قدماء المصريين، مرورًا بدور الترانيم القبطية، فى الكنائس والموالد الشعبية حتى وصلنا إلى عصر المشايخ فى وقتنا الراهن، وفى الجزء الثالث تناولنا الملحنين من الشيخ المسلوب مرورًا بسلامة حجازى وسيد درويش وعبدالوهاب والسنباطى وزكريا أحمد والقصبجى، وفى الحلقة الرابعة استكملنا مسيرة الملحنين فى النهوض بالأغنية المصرية والعربية، بما يؤكد أننا فى مصر دولة الإبداع والمبدعين، وأن عمر بعض فنانينا أطول من أعمار دولة بأكملها. وأن إبداعهم ربما يكون أكثر تأثيرًا من دول كثيرة، حيث استعرضنا تاريخ الموجى والطويل ومحمود الشريف ومنير مراد، وفى الحلقة الخامسة واصلنا عرض تاريخ دولة الإبداع والمبدعين، تحدثنا عن بليغ حمدى ومنير مراد وكمال الطويل ومحمد الموجى وسيد مكاوى وأحمد صدقى وعلى اسماعيل ومحمد سلطان. 

 مصر الفن والفنانين، أقدم دولة عرفها التاريخ وعرفت الفنون بكافة أشكالها، مصر التى سطرت أهم سيناريوهات العرب، فى السينما والدراما، وأهم من كتبت النوتة الموسيقية وأهم من قدمت عازفين وملحنين وشعراء، مصر الطرب الأصيل والنغم المشبع بالموهبة، مصر تواصل الأجيال، وشموخ الجبال، وكبرياء الإنسان، مصر أقدم لوحة فنية وأقدم فنان. 

كما قدمنا فى الحلقة السابعة إمام المظلومين فى عالم التلحين، واليوم كامل الخلعى، نقدم مجموعة أخرى ممن ظلمهم وتجاهلهم الإعلام فى مصر. وفى الحلقة 8 قدمنا بعض الذين ظلموا فى عالم التلحين والغناء مثل محمد عثمان وسلامة حجازى وداوود حسنى وأحمد صبرى النجريدى. 

وفى حلقة أخرى نواصل بعض من ظلموا فى الغناء، ربما يكون الأمر لدى أغلب الجماهير متوقف عند أن الغناء فى مصر هو عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم والأجيال التى جاءت بعدهم، لكن قبل هؤلاء أو عاصرهم مطربين كبار فى عالم الغناء مثل منيرة المهدية وفتحية أحمد وعبدالحمولى والمظ وغيرهم. اليوم نرصد مسيرة بعض هؤلاء من خلال الابحاث والمعلومات التى قدمها البعض للمهتمين بالموسيقى والغناء.

والحلقة الماضية تحدثنا عن عبدالحى حلمى ويوسف المنيلاوى وسيد الصفطى أسماء لمعت كثيرًا فى عصرها لكنها بحكم الزمن توارت واختفت من الوجود ومن خلال هذه الحلقات نحاول أن نعيدهم حتى يعى الشباب قيمة ما تركة الأجداد. 

اليوم نتحدث عن محمد فوزى المجدد الذى قاد ثورة التغيير فى الغناء، والسينما وقدم نموذجًا جديدًا للأغنية المصرية مختلف تمامًا عن الذين سبقوه أغنيته كانت ومازالت شابة رغم أن آخر أعماله الغنائية مر عليها ما يقرب من 55 عامًا، كما أنه أول فنان يقدم الفن من مفهوم اقتصادى بحت فأسس شركة لكى تخدم أفكاره الفنية سابقة عصرها. 

مائة واثنين عام مرت على ميلاد وأحد من أهم الموسيقيين المصريين الذى ظهروا عبر العصور المختلفة، تظل نغمته الأخف والأعمق فى ذات الوقت والأكثر رشاقة بين نجوم زمنه وعلى مر العصور. يقف دائمًا الراحل الكبير محمد فوزى فى منطقة يغرد فيها منفردًا حتى الآن ورغم رحيله المبكر، فوزى الذى مات فى سن الـ48 عامًا وبالتحديد فى 20 أكتوبر عام 1966، استطاع أن يقدم ما لم يقدمه فنانون عاشوا قرابة ضعف عمره. محمد فوزى كل أعماله التى قدمها سواء لنفسه كمطرب أو لغيره من الأصوات كانت تحمل بين نغماتها فكرة ونبوغًا جديدًا. عاش مبتكرًا ومجددًا فى عصر كان من الصعب أن يظهر ملحن يحمل جينات مختلفة عن الجينات الموسيقية الموجودة. 

فوزى لحن وغنى للأطفال «ذهب الليل» و«ماما زمنها جاية» كما غنى ولحن عشرات الأغانى العاطفية مثل و«كلمنى طمنى» و«تملى فقلبى يا حبيبى» «طير بينا يا قلبى» «شحات الغرام» «جانى اللى بحبه» «فين قلبى» «حبيبى وعينيه» «دارى العيون» «قاعد لوحدك ليه يا جميل» «تعب الهوى قلبى» «مال القمر ماله» «راح توحشينى»، كما لحن العديد من الأغانى الوطنية مثل بلدى أحببتك يا بلدى والنصر لمصر كما لحن النشيد الوطنى للجزائر الشقيق والتى كرمته أخيرًا بإطلاق اسمه على معهد الموسيقى العربية هناك. كما لحن أغانى الفرانكو آراب مثل أغنية مصطفى يا مصطفى، وكان أول من قدم للطفل أغنية سياسية، هى «كان وإن»، حيث قدم أغنية تحمل مضمونًا سياسيًا وتتحدث عن ثورة يوليو 1952، وتأميم القناة، وقضايا الاستقلال، والقومية العربية، والقضية الفلسطينية. 

فى كل عمل من تلك الأعمال هناك جملة موسيقية مختلفة تذهلك وتدهشك من روعة البناء الموسيقى، حتى إن الموسيقيين الكبار يرون أنه رائد الموسيقى الشابة والمتجددة، فوزى قدم أعماله فى الأربعينيات والخمسينيات وحتى رحيله فى الستينيات بنظرة إلى المستقبل لذلك عاشت أعماله وستظل هكذا لأنها تعبر عن دائمًا عن المستقبل، ابن الأربعينيات من القرن الماضى ينظر إلى القرن الـ21 والأجيال القادمة سوف تكتشف أنه قدم موسيقاه بنظرة ابن القرن الـ22 أيضًا لأنها موسيقى متجددة. 

فى السينما أيضًا لم يشبه غيره، أداؤه كان رشيقًا كما موسيقاه يمثل وكأنه يعزف على عوده فقدم لنا مجموعة من الأفلام التى مازالت تحظى باهتمام الناس من كل الأعمال والفئات. هذا هو محمد فوزى المتجدد والمكتشف والمثقف والمستنير والوطنى.. وأيضًا المستثمر. 

من هو؟

ولد فى قرية كفر أبوجندى التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية، وهو الابن الحادى والعشرون من أصل خمسة وعشرين ولدًا وبنتًا، منهم المطربتان هدى سلطان، وهند علام. 

حصل محمد فوزى على شهادة الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931، عشق محمد فوزى الموسيقى والغناء منذ كان تلميذًا فى مدرسة طنطا الابتدائية، وكان قد تعلم أصول الموسيقى فى ذلك الوقت على يدى أحد رجال المطافئ محمد الخربتلى وهو من أصدقاء والده وكان يصحبه للغناء فى الموالد والليالى والأفراح. 

تأثر بأغانى محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، وصار يغنى أغانيهما على الناس فى حديقة المنتزه، وفى احتفالات المدينة بمولد السيد البدوى. حضر إلى القاهرة عام 1938، واضطربت حياته فيها لفترة قبل العمل فى فرقة بديعة مصابنى ثم فرقة فاطمة رشدى ثم الفرقة القومية للمسرح. 

والتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى فى القاهرة، وبعد عامين تخلى عن الدراسة ليعمل فى ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدى قبل أن تغريه بديعة مصابنى بالعمل فى صالتها، حيث تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبدالمطلب، ومحمود الشريف، وارتبط بصداقة متينة معهم، واشترك معهم فى تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد فى أعماله السينمائية. تقدم وهو فى العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذى سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطربًا ونجح ملحنًا مثل محمود الشريف الذى سبقه إلى النجاح ملحنًا. 

كان الغناء هاجس محمد فوزى، لذا قرر إحياء أعمال سيد درويش لينطلق منها إلى ألحانه التى هى مِلْء رأسه، وقد سنحت له الفرصة عندما تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلًا ومغنيًا بديلًا عن المطرب إبراهيم حمودة فى مسرحية «شهرزاد» لسيد درويش، ولكنه أخفق عند عرضه الأول على الرغم من إرشادات المخرج زكى طليمات، وقيادة محمد حسن الشجاعى الموسيقية، الأمر الذى أصابه بالإحباط، ولاسيما أمام الجمهور الذى لم يرحمه، فتوارى زمنًا إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدى، التى كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته، العمـل فى فرقتها ممثلًا وملحنًا ومغنيًا فلبى عرضها شاكرًا. وفى العام 1944 طلبه يوسف وهبى ليمثل دورًا صغيرًا فى فيلم «سيف الجلاد» يغنى فيه من ألحانه أغنيتين، واشترط عليه أن يكتفى من اسمه (محمد فوزى حبس عبدالعال الحو) بمحمد فوزى فقط، فوافق من دون تردد. شاهد المخرج محمد كريم فيلم «سيف الجلاد»، وكان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة فى فيلم «أصحاب السعادة» أمام سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، فوجد ضالته فى محمد فوزى، واشترط عليه أن يجرى جراحة تجميل لشفته العليا المفلطحة قليلًا، فخضع لطلبه، واكتشف بعدئذٍ أن محمد كريم كان على حق فى هذا الأمر. وكان نجاحه فى فيلم «أصحاب السعادة» كبيرًا غير متوقع، وساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائية التى حملت اسم أفلام محمد فوزى فى عام 1947. 

وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزى التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات. 

دأبت الإذاعة المصرية التى رفضته مطربًا، على إذاعة أغانيه السينمائية من دون أن تفكر بالتعاقد معه. وبعد ثورة يوليو 1952؛ دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية كأغنية «بلدى أحببتك يا بلدى»، والدينية من مثل: «يا تواب يا غفور»، و«إلهى ما أعدلك». 

وأغانى الأطفال مثل «ماما زمانها جاية» و«ذهب الليل»، والتى غناها فى فيلم «معجزة السماء». كذلك اشترك مع مديحة يسرى، عماد حمدى، شادية، فريد شوقى وهدى سلطان فى رحلات قطار الرحمة التى أمرت بتسييره الثورة عام 1953 بين مديريات الوجه البحرى والآخر القبلى، وقدم جانبًا من فنه مع الفنانين الآخرين لمواساة المرضى فى المستشفيات، وفى مراكز الرعاية الاجتماعية. 

عام 1958 استطاع فوزى تأسيس شركة مصرفون لإنتاج الأسطوانات، وفرغ نفسه لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الأسطوانات الأجنبية التى كانت تبيع الأسطوانة بتسعين قرشًا، بينما كانت شركة فوزى تبيعها بخمسة وثلاثين قرشًا، وأنتجت شركته أغانى كبار المطربين فى ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وغيرهما. 

دفع تفوق شركة فوزى وجودة إنتاجها الحكومة إلى تأميمها سنة 1961 وتعيينه مديرًا لها بمرتب 100 جنيه الأمر الذى أصابه باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضه الطويلة التى انتهت برحيله بمرض سرطان العظام فى 20 أكتوبر 1966. 

ومحمد فوزى هو صاحب لحن النشيد الوطنى للجزائر «قسمًا» الذى نظمه شاعر الثورة الجزائرية مفدى زكريا. 

غنى فوزى العديد من الأغانى ضمن هذه الأفلام وكانت كلها من ألحانه، كما لحن للعديد من مطربى عصره أمثال محمد عبدالمطلب وليلى مراد ونازك وهدى سلطان أخته ونجاح سلام، وغيرهم الكثير. 

وقد بلغ رصيد محمد فوزى من الأغنيات 400 أغنية منها نحو 300 فى الأفلام من

أشهرها «حبيبى وعينيه»، و«شحات الغرام»، و«تملى فى قلبى»، و«وحشونا الحبايب»، و«اللى يهواك اهواه»، و«مال القمر ماله»، ومجموعة من أجمل أغنيات الأطفال التى أشهرها «ماما زمانها جاية» و«ذهب الليل طلع الفجر» وغيرها من الأغانى. 

تزوج محمد فوزى عام 1943 بزوجته الأولى السيدة هداية وأنجب منها (المهندس نبيل 1944 المهندس سمير 1946 الدكتور منير 1948) وانفصل عنها عام 1952، تزوج عام 1952 بالفنانة مديحة يسرى وأنجب منها عمرو عام 1955 (وقد توفى لها ابنان من محمد فوزى)، وانفصل عنها عام 1959، تزوج عام 1960 بزوجته الثالثة كريمة وأنجب منها ابنته الصغرى إيمان عام 1961 وظلت معه حتى وفاته. 

 

المجدد فى الموسيقى

سبق المطرب والملحن محمد فوزى كل أبناء جيله بمئات من الكيلومترات كان يجلس بينهم وعينه على المستقبل، كان يعمل ليل نهار على صنع خليط من الموسيقى الشرقية بكل ما تحمله من دفء وأيضًا الغربية بكل أبعادها وتآلفها الموسيقى لذلك عاش فوزى رغم رحيله المبكر بينما مات آخرون.

من بين تجارب فوزى التى ستظل تدرس حتى الآن ما قدمة فى أغنية «كلمنى طمنى» من أداء موسيقى دون استخدام آلات موسيقية، حيث استبدل الآلات بأصوات بشرية، وهو قمة التجربة الغنائية، البعض وصفها بالجنون لأنه اعتمد على أصوات الكورال لأداء الجمل الموسيقية، وهذه التجربة حاول البعض أن يحكيها بصورة أخرى للإيحاء بأن ما حدث مجرد صدفة عندما صوروا بأن الفرقة الموسيقية لم تحضر للتسجيل بالاستوديو فاضطر فوزى إلى الاعتماد على الكورال وهو الأمر الذى وصفه عمار الشريعى فى تحليله للأغنية فيما بعد بأنه جهل وأسفاف وسخف، قائلًا «لما أقول كده أنا بقتل رؤية موسيقية وفكرة جيدة من ابتكار محمد فوزى.. وواصل عمار- رحمه الله- فى برنامجه غواص فى بحر النغم كلامه: «ليه مصرين أننا نهدم تلك الأفكار ثلاثة أدوار مكتوبة موسيقيًا لثلاث مناطق للكورال «الباصات» يؤديها الرجال، السوبرانو للسيدات وكورال يغنى مع فوزى. 

 

المكتشف

لم يكن محمد فوزى فنانًا يبحث عن ذاته فقط ومنحازًا إليها لكنه كان دائمًا ما يمد يده للجميع من أجل المساعدة ولعل موقفه مع بليغ حمدى يمثل قمة الدعم عندما أسهم فى تقديمه لام كلثوم وعن هذا قال بليغ: «لم أرَ فى حياتى فنان بحجم محمد فوزى يساعد ويساند الجميع عندما سمع عن أعمالى طلب من الشاعر مأمون الشناوى أن يحدد موعد للقائى وبالفعل ذهبت له ووقتها كانت شركته فى قمة النجاح وإذا به يقول لى أى عمل تنجزه أتمنى أن يكون من نصيب شركتى عليك بتنفيذه بدون العودة إلى، والأكثر من هذا أن أغنية أنساك والكلام لبليغ أيضا كانت أم كلثوم قد أسندتها له لتلحينها وبالفعل بعد أن انتهى من جزء منها منحنى الكلام وبدأت أدندن أمامه وإذا به يقول لمأمون الشناوى مؤلفها لحنها أفضل منى.. وإذا به يطلب من بليغ تقديمها لأم كلثوم. 

مواقف كثيرة كانت لفوزى مع كبار الملحنين منهم محمد الموجى الذى دعمه كثيرًا عندما مر بظروف صعبة وأسند له مجموعة من الألحان من إنتاج شركته «مصرفون» وعن هذا الأمر قال الموجى الصغير بن الملحن الكبير محمد الموجى إن والده كان يصف فوزى بالإنسان المبدع. 

 

الإنتاج

لم يكن محمد فوزى سابق عصره فى الموسيقى فقط لكنه كان يرى دورًا آخر للفنان ألا وهو الإنتاج بشكل احترافى فأسس (مصر فون) شركة صوت القاهرة حاليًا لتكون أول شركة للأسطوانات فى الشرق الأوسط والتى لحق بها استوديو لتسجيل الألحان والأغانى. وكان لهذه الشركة إسهامات كثيرة فى عالم الغناء ويكفى أنها أنتجت أعمال السيدة أم كلثوم إلى جانب أسماء أخرى مثل شادية وأسمهان ومجموعة كبيرة من النجوم وأهم ما كان يميز الشركة أنها كانت تدار بشكل احترافى جعلها على قمة شركات الإنتاج. كما أسس شركة للإنتاج السينمائى أطلق عليها أفلام محمد فوزى. 

 

التأميم والمرض

وكان تأميم هذه الشركة فى أوائل الستينيات من أكبر الصدمات فى حياته بل وأعظمها، بدأت بعدها متاعبه الصحية ومرضه الذى احتار أطباء العالم فى تشخيصه وقرر السفر للعلاج بالخارج وبالفعل سافر إلى لندن فى أوائل العام 1965م ثم عاد إلى مصر ولكنه سافر مرة أخرى إلى ألمانيا بعدها بشهرين إلا أن المستشفى الألمانى أصدر بيانًا قال فيه إنه لم يتوصل إلى معرفة مرضه الحقيقى ولا كيفية علاجه وأنه خامس شخص على مستوى العالم يصيبه هذا المرض، حيث وصل وزنه إلى 36 كيلو. (المرض هو تليف الغشاء البريتونى الخلفى) فيما بعد وأطلق على هذا المرض وقتها (مرض فوزى) هكذا سماه الدكتور الالمانى باسم محمد فوزى. وهكذا دخل محمد فوزى دوامة طويلة مع المرض الذى أودى بحياته إلى أن توفى فى 20 أكتوبر عام 1966. 

هدى سلطان.. الغناء والتمثيل والوجه الحسن

بما أننا تحدثنا عن فوزى لا يمكن أن نغفل شقيقته المطربة والممثلة هدى سلطان هى الشقيقة الثانية بعد هند علام للممثل والمطرب والملحن الموسيقار محمد فوزي الذى شكل دعمًا قويًا لشقيقتيه الأولى والثانية لدخول عالم الفن بدعم منه مع بعض التحفظ، وهذا مهد لانطلاقة هدى سلطان المولودة فى عام 1925 لتعلن ولادتها الفنية فى عام 1950 مع فيلم «ست الحسن». ولكنها دفعت ثمن هذا النجاح عندما طلقها أول أزواجها محمد نجيب بسبب الغيرة إثر اشتهارها فى عالم الفن بعد أن أنجبت كبرى بناتها نبيلة، ثم تزوجت المنتج والموزع السينمائي فؤاد الجزايرلي وفشل زواجها للسبب نفسه. تزوجت بعده فؤاد الأطرش شقيق فريد وأسمهان الأطرش، ثم فريد شوقي الذى أنجبت منه ابنتيها ناهد ومها وعاشت معه 15 عامًا. ثم تزوجت بعده المخرج المسرحي حسن عبدالسلام. 

قدمت هدى سلطان عبر مسيرتها الفنية ما يقرب من 120 أغنية أبرزها «ان كنت ناسى أفكرك، بحبك يا حسن، أبين زين»، الفرحة الكبرى آه يا ست سفينة يا عوامة، أحب حسن، أحب تانى يا قلبى ليه، أحلامك أحلامى، أفراح رمضان،أنا إنت وإنت أنا، أنا جانى جواب، أنا حرة مانيش عايزة أصالحك، أول شبكة كانت فى العين، إسكتش الحنطور، إعشق يا قلبى وحب وميل، إن كان هوايا ذنب، الأمل، الأوله آه، الحـب حيرة، الشرط نور وأنا شارطة عليك، الغيرة مرة، القلب ويا العيـن، اللى انقسم وانكتب لابد يجرى لى، النهاردة العيد، بس كدة خلينا كدة، بص وشوف يا قمر مكسوف، بعد الأم مفيش حنية، حب ودلع يدلع ليه، حبيبى مالقيتشى مثاله،حبيته بقالى سبع أيام، حكم علينا الزمن، جازان يا درة الجنوب، خليك وداد، خايفة يا نينة على طيرى، دموع الندم، رجع الهوى تانى، رمان الجناين يا أخضر، سوق يا اسطى على مهلك بينا، شوووباش، تعالى وإنت الغاوى. 

وفى السينما قدمت مع فريد شوقي خلال فترة زواجهما أكثر من عشرين فيلمًا، حيث شكلًا ثنائيًا متميزًا فى السينما المصرية جذب جمهورًا كبيرًا من عامة الشعب. 

ومن أشهر الأفلام التى قدمتها الفنانة الراحلة «امرأة فى الطريق» الذى نالت على دورها فيه الكثير من الجوائز، إلى جانب أفلام «السكرية» عن رواية نجيب محفوظ بالاسم نفسه و«جعلونى مجرمًا» للمخرج عاطف سالم و«فتوات الحسينية»، و«كهرمان» (1958) ومثلت كذلك فى «الاختيار» و«وداعًا بونابرت» و«الابن الضال» مع المخرج المصرى الشهير يوسف شاهين، وفى «بدور» و«بورسعيد» و«سوق السلاح». وكان آخر دور سينمائى ظهرت فيه بعد عشرين عامًا من انقطاعها عن التمثيل السينمائى فى فيلم «نظرة عين» مع الفنانة منى زكي كضيفة شرف. 

كما أدت العديد من الأدوار فى الدراما التليفزيونية من أهمها «زينب والعرش» و«أرابيسك» و«زيزينيا» و«الليل وآخره» و«الوتد» و«ليالى الحلمية» و«رد قلبى» و«زى القمر» و«للثروة حسابات أخرى». وكان آخر مسلسلاتها «سلالة عابد المنشاوى»، لا يابنتى العزيزة. 

وعلى خشبة المسرح قدمت الفنانة الراحلة الكثير من المسرحيات كان من أبرزها «وداد الغازية» و«الحرافيش» و«الملاك الأزرق» و«بمبة كشر» و«سيد درويش». من أهم مسلسلاتها الوتد وعلى الزيبق.