عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«تراب الماس» فيلم صادم بكل المقاييس!

بوابة الوفد الإلكترونية

كتبت - حنان أبوالضياء:

«تراب الماس»، توليفة سينمائية صادمة منذ مشهد البداية إلى تترات النهاية، ومع ذلك تتفق معها أو ترفضها، إلا أنك ستدخل بعد مشاهدة الفيلم فى جدل ذاتى ليس فقط بسبب الطرح السياسى الذي يقدمه الفيلم كخلفية لا يمكن فصلها عما يريد قوله من خلال الأحداث، ولكن لأنك ستسأل نفسك عن الخط الفاصل بين الواقع الذى نعيشه والسرد السينمائي الذى يقدمه الفيلم له، خاصة أن الصورة المطروحة له شديدة القسوة وتدور كلها فى محيط شارع واحد.

فيلم «تراب الماس» هو التجربة الثالثة الجامعة بين الكاتب أحمد مراد والمخرج مروان حامد، والتى سبقها «الفيل الأزرق» و«الأصليين» وهذا العمل أقرب فى تناوله الدرامى إلى «الفيل الأزرق» لاعتماده على فكرة الجريمة الغامضة التى يكون وراءها  خلفية أخري بعيدة عن مفردات الجريمة التى تطفو على السطح فى مخيلتك عند اكتشافها، ولكننا هنا أمام ربط بين الجريمة وأبعاد سياسية أخرى أراد مبدعو العمل الربط بينها ليس لزيادة التشويق، ولكن ربما لإيمان سياسى بما يقدمونه، ومع ذلك ففى الوقت الذى يسمى فيه ثورة 52 انقلابا نراه يعظم من «عبدالناصر» على لسان الجد قبل أن يموت، مع التأكيد على أن ليس كل من ظلوا من اليهود فى مصر بعد الثورة كانوا وطنيين. فالجواهرجى حاول إرشاد طائرات الحلفاء من فوق السطح ولعل هذا المشهد من أجمل المشاهد التقنية التى قدمها المخرج.

ومن الملفت للنظر فى هذا العمل أن مروان حامد ما زال قادرا على خلق كادرات سينمائية يستعرض فيها قدراته على التحكم فى زوايا الكاميرا والإضاءة التى تعد عنصرا أساسيا فى تهيئة المشاهد للجوانب النفسية، التى مقدم عليها بالنسبة لأبطال العمل، فى الواقع أن فيلم «تراب الناس» تركيبة لها مفرداتها الخاصة فى كل شىء بداية من الملابس والديكورات واختيار أماكن التصوير وتوظيف ذلك دراميا  وتعميقه بإضافة الخدع البصرية التى احتاج إليها المخرج خاصة فى المرحلة التاريخية بالفيلم، ليقنع المشاهد أن ما يراه شديد الواقعية، وكان هناك انتقال بين زمن وآخر بحرفية فنية عالية تحسب للفيلم كنقاط قوى قللت من حجم صدمات كل هذا العنف المحتوى عليه الفيلم، وربما كان لتمكن مروان حامد من أدواته دور فى الحفاظ على الإيقاع التشويقى لأحداثه طول الوقت، حتى وإن كنت تراها فى بعض الوقت غير منطقية، رافضا ما يريد أن يقوله الفيلم من أن الواقع به كل هذا الفساد بالطبع العنف  من أكثر الوسائل نجاحا فى خلق التشويق والمفاجأة عند المتفرج.

فتوقع العنف يخلق التشويق والحركة ذاتها تخلق المفاجأة إذا كانت مخالفة لتوقع المتفرج كما هو معروف، ومع ذلك أجد أن الجرعة زادت على حدها فى هذا العمل، وجعلته أقرب إلى عمل مروان حامد «إبراهيم الأبيض»، وربما استخدام مروان حامد للعديد من التقنيات الفنية، مكنه كمخرج من جعل المشاهد تبدو أكثر عنفا مما هى عليه فى الطبيعة، باستخدامه أحيانا القطع القافز، إلى جانب القطع عند لحظة الحدث. فالإيحاء بالعنف من خلال القطع واستخدام لقطة قريبة cluse up shot عند لحظة وقوع الحدث تماما مثل وضع «تراب الماس» فى كل مرة فى الطعام بالنسبة للقطة، وفى أكواب الشاى لباقى الضحايا، كان بمثابة التأكيد على نفس الحدث، ولكنه اكتفى بالإشارة إلى المنشار الكهربائي واستخدام الحامض

فى البانيو للتخلص من البلطجى، وأبقى المتفرج فى حالة إثارة مستمرة مستخدما أسلوب القطع إلى صورة مختلفة تماما فى اللقطة الثانية لكنها على علاقة ما بالأولى، مما جعل تطابقهما ممكنا ومؤثرا، وبين الحين والآخر استخدم التجميد المفاجئ للحركة بشكل غير ملحوظ، وهو عنصر يحتاج إلى مونتير فاهم ما يريده المخرج، ولأن المفاجأة تكون حينما تكون النتيجة مخالفة لتوقع المتفرج المبنى على مقدمات الحدث، وهذا ما حدث عند ظهور الصورة التى بها تاريخ ليلة رأس السنة في بيت هانى برجاس، وبالتالى يبدأ المتفرج فى البحث عن القاتل الحقيقى مع البطل، وهذا فى حد ذاته يجعل النتيجة مرضية للمتفرج، بالطبع كانت المفاجأة فعالة عندما توصلنا أن ضابط الشرطة هو الفاعل لأن الاستنتاج جاء فى سياق الأحداث بصورة منطقية، نفس الشىء حدث عند معرفة حقيقة المذيع الذى لعب دوره إياد نصار وإن كانت ردود أفعاله غير متوقعة بالنسبة للمشاهد، وهذا ما جعل التأثير مضاعفا، ولأن هناك بعض الخدع التى يستخدمها المخرجون لخلق حالة شعورية معينة فى المشهد، ومنها القوة وبدا هذا  واضحا فى مشهد اغتصاب إياد نصار لمنة شلبى.

وفى الحقيقة أنه رغم هذا الكم من العنف إلا أن العمل يعد من الأعمال الجيدة فى هذا النوع من الأفلام، خاصة أن حل اللغز كما هو فى أعمال أحمد مراد الروائية لا يحتاج إلى بطل خارق بقدر استخدامه التتابع المنطقى للأحداث، واستدعاء الذاكرة، إلى جانب أن تصرفات البطل أقرب إلى رد الفعل منها إلى الفعل نفسه، وأعتقد أن آسر ياسين بهذا العمل انضم إلى قائمة الممثلين القادرين على الانتقال فى الأداء من خانة إلى أخرى بسلاسة لا يشعر بها المشاهد، نفس الشىء فعله إياد نصار، ولكننا كالمعتاد سنقف أمام إبهار ماجد الكدوانى القادر على سرقة الكاميرا فى أى مشهد يقدمه، وجاء عزت العلايلى ليعمق الشخصية التى يؤديها وبالأخص فى المشهد الجامع له مع أحمد كمال، الذى وقع على عاتقه كممثل توصيل ما كتبه المؤلف وما أراده المخرج، ويبقى فى النهاية أن المشاهد القليلة لبيومى فؤاد أخرجته من جلده مما يؤكد أننا أمام مخرج قادر على إدارة ممثليه.