عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتهى عصر الملاحم الوطنية.. و«البركة» فى أغانى الزمن الجميل

شادية
شادية

تقرير: أمجد مصباح

 

الأغنية الوطنية كانت وما زالت على مدى أكثر من 60 عاماً، هى التى عبرت عن مراحل الانتصارات والانكسارات، وكان لها تأثير كبير على مشاعر ملايين المصريين فرحاً وحزناً.

حالياً مصر تخوض حرباً حقيقية ضد الإرهاب الأسود على أرض سيناء الغالية، ومع ذلك لم نستمع لأغنية واحدة تعبر عن هذه الملحمة البطولية لأبطال الجيش والشرطة. ومبدعو مصر، حالياً، عاجزون عن تجسيد ما يحدث فى عمل غنائى، ألهذه الدرجة نضبت مصر؟

نستعرض فى هذا التقرير مسيرة الأغنية الوطنية فى مصر ومدى تأثيرها وتعبيرها عن الأحداث الجسام التى مرت بها مصر وعصور الانتصارات والانكسارات.. نبدأ فى مطلع الخمسينيات، وقبل أشهر قليلة من قيام ثورة 23 يوليو، وفى محاولة لإحياء الشعور الوطنى، غنت كوكب الشرق (أم كلثوم) رائعة «مصر تتحدث عن نفسها»، تأليف شاعر النيل حافظ إبراهيم، وألحان رياض السنباطى، قصيدة عبرت عن شموخ مصر.. «وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبنى قواعد المجد وحدى، أنا تاج العلا فى مفرق الشرق».

وبعد قيام ثورة يوليو مباشرة، ظهر العديد من الأغنيات الوطنية المؤثرة منها «ع الدوار» لمحمد قنديل، و«خمس فدادين» للمجموعة، بعد عام من قيام الثورة ظهر العندليب الراحل عبدالحليم حافظ، ليكون صوتها، والمعبر عن مشاعر المصريين، غنى فى البداية «ثورتنا المصرية» و«الله يا بلادنا»، وعندما قامت حرب 1956 ظهر العديد من الأغنيات الوطنية التى عبَّرت بالفعل عن هذا الحدث وصمود المصريين فى منطقة القناة، من ينسى أغنية «الله أكبر فوق كيد المعتدى» للمجموعة، ألحان محمود الشريف، و«مصر نادتنا»، و«أخى جاوز الظالمون المدى» لمحمد عبدالوهاب. كانت الأغنية الوطنية فى تلك المرحلة شديدة التأثير، والساحة مليئة بالمبدعين.

فى عام 1960 غنى عبدالحليم حافظ أغنية «حكاية شعب»، تأليف أحمد شفيق كامل، وألحان كمال الطويل، ليجسد ملحمة بناء السد العالى، هذه الأغنية ألهبت حماس المصريين، وشعروا جميعاً بالملحمة العظيمة، الأمر نفسه بالنسبة لأغانى «صورة» و«بالأحضان» و«المسئولية» و«ذكريات»، استطاع العندليب أن يدغدغ مشاعر الملايين بأشعار صلاح جاهين، وألحان كمال الطويل، ولا ننسى رائعة أم كلثوم «أنا الشعب» و«بالسلام إحنا بدينا» وأنشودتى «الوطن الأكبر» و«الجيل الصاعد» حتى استفاق المصريون على نكسة 1967، شعر الجميع بالحزن الشديد والحسرة والانتكاسة، ولكنَّ الأغنية الوطنية أبداً لم تغب بعد أيام من حدوث النكسة؛ حيث نجح «الأبنودى» فى التعبير عن الحزن والانكسار برائعة «عدى النهار» بصوت العندليب عبدالحليم، وألحان العبقرى بليغ حمدى، لتصور حال المصريين والأمل فى تجاوز المحنة، وواصل العندليب السير على هذه الخُطى فى أغنيات «المسيح» و«أحلف بسماها» و«ابنك يقولك يا بطل» و«البندقية اتكلمت» و«فدائى».

ولا ننسى رائعة سمير الإسكندرانى «يا رب بلدى» و«يا بيوت السويس» لمحمد حمام و«الأرض بتتكلم عربى» لسيد مكاوى و«يا أم الصابرين» لشادية.

كانت هذه الأغنيات تزرع الأمل فى نفوس المصريين فى عصر النكسة، ولأن الحالة كانت مستمرة فاجأت المطربة الراحلة العظيمة شادية ملايين المصريين برائعة «يا حبيبتى يا مصر»، كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدى، وبالتحديد يوم 31 ديسمبر 1971 وهذه الأغنية أيقونة الأغانى الوطنية.

ولا ننسى رائعتى الراحلة فايزة أحمد «وحياتك يا مصر» و«شارع الأمل» كلمات صالح جودت، وألحان محمد سلطان، وللتاريخ كانت دون أجر؛ حباً وعشقاً فى هذا الوطن.

وبعد ساعات قليلة من قيام حرب أكتوبر المجيدة 1973، بدأت الأغنية الوطنية مرحلة جديدة بروائع خالدة فى نفس اليوم 6 أكتوبر ظهرت أنشودة «بسم الله» للمجموعة تأليف عبدالرحيم منصور، وألحان بليغ حمدى، وعاد عبدالحليم للغناء الوطنى بروائع «الفجر لاح»، «عاش اللى قال»، «لفى البلاد يا صبية»، «صباح الخير يا سينا» وغنت وردة «ع الربابة» و«سكة واحدة» وغنت شادية «عبرنا الهزيمة»، «رايحة فين يا عروسة» وغنت نجاة «من باب الفتوح» و«ع البر التانى» وغنت شهر زاد «سمينا وعدينا»، وغنت شريفة فاضل رائعتها «أم البطل» وأنشودة «رايات النصر» للمجموعة.

ولا ننسى أغنية عليا التونسية «يا حبايب مصر» ألحان الموسيقار الكبير حلمى بكر، كل هذه الأغنيات كانت تعبيراً صادقاً عن النصر العظيم، وما زالت خالدة فى وجدان الملايين، وفى يونيو 1975 واحتفالاً بعودة الملاحة لقناة السوس بعد غياب 8 سنوات، ظهر العديد من الأغنيات التى عبَّرت عن فرحة المصريين بهذا الإنجاز، غنى عبدالحليم آخر أغنياته الوطنية «حيوا اللى قال» و«المركبة عدت»، وغنت وردة «عقبال اللى جاى يا أهالينا» وغنت نجاة «حسب الميعاد» وغنى عبدالعزيز

محمود «شال الحمام» وغنى هانى شاكر «عدينا يا ريس».

وفى عام 1977، حينما قام الرئيس الراحل السادات بزيارة القدس غنى سيد مكاوى «كان قلبى معاك طول ما أنت هناك»، وفى عام 1978 فاجأت الراحلة شادية المصريين بأغنيتها الرائعة «أقوى من الزمن» ألحان عمار الشريعى.

وفى عام 1980 حيث كانت هناك مقاطعة عربية لمصر بعد توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» غنت وردة «يا مصر يا غالية» تأليف حسين السيد، وألحان محمد عبدالوهاب، وتخللها أشعار لأحمد شوقى بصوت محمود ياسين، وفى مايو 1981 حاول محمد عبدالوهاب استعادة مجد الأغنية الوطنية بأوبريت «الأرض الطيبة» تأليف حسين السيد، بمشاركة مجموعة من المطربين والمطربات الشباب فى تلك الفترة: محمد ثروت ومحمد الحلو وسوزان عطية وزينب يونس وتوفيق فريد وإيمان الطوخى وحققت نجاحاً هائلاً.

وفى السادس من أكتوبر 1981 اغتيل الرئيس السادات، وظهر العديد من الأغنيات الوطنية لرثاء الزعيم الراحل منها: «مصر نعمة ربنا» لشادية، و«مصر أم الرجال» لياسمين الخيام، و«مصر الأمان» لمحمد العزبى، و«مصر عين الحياة» لمحمد قنديل و«أحبها» لوردة.

وفى أبريل 1982 عادت سيناء لمصر، وكان هناك العديد من الأغنيات التى عبرت عن فرحة المصريين بعودة سيناء الغالية لعل من أشهرها «مصر اليوم فى عيد» لشادية و«أرض الفيروز» لياسمين الخيام و«إحنا على ميعاد» لوردة و«يوم الهنا» لنجاة و«إن كان ع القلب» لهانى شاكر ومحمد ثروت.

وفى مارس 1983 وعلى أثر المجازر الإسرائيلية فى لبنان، غنت وردة يوم 10 مارس 1983 أغنية «لبنان الحب» تأليف حسين السيد، وألحان محمد عبدالوهاب، وكانت أغنية رائعة مليئة بالشجن والأمل فى عبور لبنان أزمة الحرب الأهلية.

بمرور السنوات توارت الأغنية الوطنية وقل تأثيرها، وحينما عادت طابا لمصر عام 1989 لم نسمع سوى أغنيتين لمحمد فؤاد وعلى حميدة وفى عام 1990 وبعد احتلال العراق للكويت استطاع المطرب الكويتى عبدالله الرويشد تجسيد معاناة الشعب الكويتى فى أغنية «اللهم لا اعتراض» ولا ننسى رائعة ياسمين الخيام «مصر أم الرجال».

ومع بداية التسعينيات هبطت الأغنية الوطنية، وأصبحت محدودة للغاية، وكان منها ألحان عمار الشريعى فى احتفالات أكتوبر، منها مثلاً: «النسر المصرى» لعلى الجحار و«عربية يا أرض فلسطين» لآمال ماهر و«عاشت بلادنا» لمحمد ثروت. التهبت الأحداث ولم نجد أغنيات وطنية.

قامت ثورة يناير ليغنى الآلاف فى الميدان «يا حبيبتى يا مصر» و«صورة» وقامت ثورة 30 يونيه العظيمة، ولم تعبر أغنية وطنية عن هذا الحدث العظيم، ربما نستثنى أغنية «تسلم الأيادى»، ولكن بالطبع مستحيل أن تقوم ثورة بهذا الحجم والأغنية الوطنية غائبة تماماً.

دماء الشهداء تروى أرض سيناء منذ أكثر من ثلاث سنوات والأغنية الوطنية غائبة تماماً، ونستمع لأغنيات مر عليها أكثر من 40 عاماً «صباح الخير يا سينا» و«بالأحضان يا سينا».

مصر مليئة بمئات المبدعين، مطربين ومؤلفين وملحنين، ومع ذلك لا يوجد إبداع، لماذا؟!! لا نعرف.

رحم الله العمالقة فى الغناء والشعر والتلحين ولك الله يا مصر.