رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انهيار قلعة الصناعة في كفر الدوار

خرب الماكينات والاتربة
خرب الماكينات والاتربة تغطى المصنع

لو علم الاقتصادى الكبير طلعت حرب ما آلت إليه القلعة الصناعية بكفر الدوار وتحول شركاتها إلى خرابات تنعق فيها الغربان والبوم ما كان فكر فى إنشائها.

لقد تحولت شركات كفر الدوار من شهرتها العالمية كقلعة صناعية وغزوها الأسواق الأوروبية والأمريكية ومن الأرباح الهائلة التى كانت تسهم فى الاقتصاد المصرى وتوفير العملات الصعبة والقضاء على البطالة ودورها المجتمعى فى تقديم الخدمات المختلفة للبيئة المحيطة بها وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل للخريجين، لكن دوام الحال من المحال حيث تعمدت الأنظمة السابقة على تحويل الأرباح الهائلة إلى خسائر فادحة بعد التوقف عن تجديد الماكينات التى مر عليها أكثر من 70 سنة وعدم شراء الماكينات الحديثة وتكهين الماكينات القديمة والقضاء على العمالة الماهرة التى لا يوجد مثيل لها بعد تطبيق نظام المعاش المبكر وخفض عمالة الشركة من 38 ألف عامل إلى 8 آلاف عامل فى ظل وقف التعيينات الجديدة، ووصلت خسائر الشركة فى العام الأخير إلى 480 مليون جنيه وبلغت الخسائر التى تكبدتها الشركة منذ عام 1990 إلى أكثر من 5.6 مليار جنيه وارتفعت ديون الشركة إلى الشركة القابضة لأكثر من 2 مليار جنيه حيث يتم تلقى منح شهرية لصرف مرتبات العاملين.

ومما زاد من حجم الكوارث عندما تم دمج شركة مصر صباغى البيضا بشركة مصر للغزل تحت مسمى شركة مصر للغزل والنسيج وصباغى البيضا بتاريخ 23 ديسمبر عام 2008 وقد تم الدمج رغم ما تعانيه الشركتان من مشاكل وصعوبات فى ممارسة نشاطهما ومنها أنه لم يتم ضخ استثمارات بهما منذ 25 سنة سواء لشراء آلات ومعدات حديثة أو قطع غيار لإجراء عمرات مما تسبب فى انهيار التجهيز الآلى للشركة وهيكلها الفنى بالإضافة إلى تراكم الديون التاريخية للجهات الخارجية الخاصة بالجمعية التعاونية للبترول وشركة توزيع الكهرباء وبنك الاستثمار القومي، الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وموردى الأقطان والشركة القابضة بإجمالى 4 مليارات و860 مليون جنيه خاصة أن خدمة دين بنك الاستثمار وهيئة التأمينات الاجتماعية يحمل المركز المالى السنوى للشركة بمبلغ يصل إلى 104 ملايين جنيه يزيد من خسائر الشركة بالإضافة إلى ما يسببه دين التأمينات وربط استخراج تراخيص السيارات بسداد هذا الدين مما يسبب صعوبات ومشاكل يومية فى نقل العاملين ومنتجات الشركة ومستلزمات الإنتاج.

‎وكانت شركة صباغى البيضا قلعة صناعية لتجهيز وصباغة وطباعة الأقمشة والنسيج وإنتاج الصوف والقطن الطبى لسنوات طويلة حتى نالت صادراتها للخارج شهرة عالمية وبسبب الجودة المتناهية قامت الشركة بتنفيذ بطانة الكعبة الشريفة خلال حقبة الثمانينات فى القرن الماضى ولكن رويدا رويدا بدأ تراجع الشركة خاصة مع حلول عام 2000 حيث بداية الخصخصة والمعاش المبكر وتقلصت العمالة فى الشركة من 5200 عامل إلى 800 عامل فقط وتوقفت أعمال الصيانة فى الماكينات فى جميع الأقسام وبدأت مرحلة بيع أراضى الشركة بأبخس الأثمان، بالإضافة إلى تأجير بعض الأقسام فى عام 2006 عقب زيارة الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار فى ذلك الوقت الذى زعم فتح المجال للمستثمرين وتحديث الأقسام المختلفة.

وفى عام 2007 تم بيع 18 فدانا من أراضى الشركة بمبلغ 20 مليون جنيه فقط إلى الهيئة العامة لتنفيذ الصناعات الصناعية والتى قامت بإعادة بيعها إلى بعض المستثمرين بسعر المتر 270 جنيها.

كما استولت وزارة الاستثمار ممثلة فى هيئة التنمية الصناعية على 80 فدانا من أراضى شركة غزل كفر الدوار لبيعها للمستثمرين بأسعار رمزية زادت من مديونية الشركة للشركة القابضة.

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعددت المعوقات التى أثرت على الأنشطة داخل الشركة وأولها المعوقات الفنية وهى تقادم الطاقات الآلية فى بعض مراحل وخطوط الإنتاج بكافة الأنشطة الإنتاجية بالشركة، مما ترتب عليه عدم ضخ استثمارات ملموسة على مدار الـ25 عاما الماضية لتحديث الطاقات الآلية بما يتناسب مع التطور التكنولوجى فى الماكينات وتوفير قطع الغيار اللازمة فى الوقت المناسب، مما أدى إلى ضعف الإنتاجية والجودة وعدم قدرة الشركة على المنافسة بالسوق المحلى والخارجى، ففى نشاط أقسام الغزل تجاوزت معظم الماكينات عمرها الافتراضى وتم تخريد بعضها، بالإضافة إلى النقص الشديد فى قطع الغيار الأساسية لعدم توافر السيولة المالية مما تسبب فى انخفاض كميات الغزول المنتجة والبعض الآخر يعمل فى خطوط الإنتاج بكفاءة متدنية لا تحقق متطلبات الإنتاج كما وكيفا.

وفى نشاط النسيج انتهى العمر الافتراضي للأنوال المكوكية مع تخريد البعض منها وإلغاء عدد من خطوط الإنتاج لانعدام جدواها والجزء الباقى منها فى خطوط الإنتاج يعمل بكفاء متدنية لا تفى بمتطلبات السوق من الأقمشة والتشكيلة علاوة على ارتفاع تكلفة التشغيل بسبب الارتفاع المستمر فى معدل استهلاك قطع الغيار وهبوط معدلات الإنتاج مما أوجب اتخاذ إجراءات تكهينها، وكذلك تقادم ماكينات التحضيرات وعدم وجود أنوال الجاكارد والدك والوبريات حد من إمكانية زيادة نوعية تشكيلة المنتج مما يحد من القدرة على المنافسة وتحقيق الرغبات المتنوعة للسوق.

وفى نشاط الصباغة والتجهيز التى لم تكن أفضل حالاً عن باقى الأنشطة فمنذ عام 1984 حيث لم تضخ أى استثمارات لتحديث الطاقات ومواكبة التطور التكنولوجى الهائل والسريع فى صناعة التجهيز مما أدى إلى تدنى الإنتاج كمية وجودة وارتفاع تكلفة التشغيل وعدم القدرة على تنوع الإنتاج والتشكيلة والوفاء بمتطلبات السوق وأذواق المستهلك.

وفى نشاط الملابس الجاهزة تعانى الأقسام من تقادم ماكينات الحياكة باعتبارها ماكينات النشاط الرئيسى فى صناعة الملابس بالإضافة إلى تقادم بعض ماكينات العمليات الخاصة والتى تساعد على زيادة وتنوع تشكيلة المنتجات.

وقامت الإدارات المتعاقبة بالشركة على التخلص من بعض الأراضى والمخازن وتأجيرها قاعات أفراح و"مقاهى" وكافيتريات وعلت أصوات الأغانى الشعبية وغطت على أصوات الماكينات، والمثير أن القائمين بتأجير هذه القاعات لم يسددوا الإيجارات ولا يزال البعض منهم متمسك بما يؤجره رغم انتهاء المدة الإيجارية لكن إدارة الشركة تقاعست عن مطالبها باستعادة العين المؤجرة أو سداد الإيجارات المستحقة.

وبحسب أحد التقارير الرسمية من داخل الشركة أنه للنهوض بأداء الشركة والخروج بها من عثراتها فإنه يلزم تنفيذ إعادة هيكلتها من عدة نواح، أولها الهيكلة المالية من خلال تسوية الديون التاريخية المستحقة على الشركة وسرعة منح الشركة رأس مال عامل واللازم لدورة تشغيل واحدة (4 شهور) تقدر بمبلغ 148 مليون جنيه تكاليفها الشهرية بمقدار 37 مليون جنيه، 15 مليوناً لشراء خامات رئيسية (قطن وألياف) و17 مليون جنيه للأجور الشهرية، و4 ملايين جنيه غاز وكهرباء، مليون جنيه لمواد كيماوية وأصباغ وتعبئة وتغليف، مع ملاحظة أهمية توافر رأس المال العامل لإمكانية شراء الأقطان اللازمة فى الوقت المناسب وبالسعر المناسب، مما يوفر أعباء مالية كبيرة تنفق فى شراء الأقطان فى الأوقات غير المناسبة.

هيكلة إدارية : نظراً لخروج 2000 عامل بنظام المعاش المبكر من ذوى الخبرة الفنية فى سنة 2009/2010 التى لا يمكن تعويضها وأثرت سلبيا على الإنتاجية، لذا فإنه يلزم مع الهيكلة الفنية تعيين عدد من العاملين بتخصصات فنية ومحاسبية حيث يتم تدريبهم وتأهيلهم للعمل بالأنشطة المختلفة للشركة لسد العجز الناشئ عن تطبيق برامج المعاش المبكر والإحالة إلى المعاش حيث وصل عدد العاملين بالشركة إلى

8022 عاملا.

وأضاف التقرير أنه لإعادة الهيكلة الفنية والمالية والإدارية سوف تحقق زيادة الطاقة الإنتاجية وتحديثها وبالتالى زيادة كمية الإنتاج وتحسين الجودة إلى المستوى المطلوب وتحسين اقتصاديات التشغيل بما فيها معامل استخدام الخام والتوسع فى تشكيلة المنتجات مما يساعد على تسويقها والحصول على نسبة أعلى من السوق وخفض نسب العوادم والإنتاج المعيب ما يساعد على ترشيد تكلفة المنتجات.

وأكد شعبان البغدادى رئيس نقابة العاملين بشركة غزل كفر الدوار لـ«الوفد» توافر جميع المرافق والإمكانيات التى تؤهلها للعودة إلى ما كانت عليه بل الأفضل لكنها تحتاج إلى رأس مال عامل لدوران حركة الإنتاج حوالى 300 مليون استثمارات منها 200 مليون لشراء قطع غيار واستحداث ماكينات وأنوال جديدة و100 مليون جنيه لشراء أقطان ومواد خام لدوران حركة الإنتاج وكذلك تعيين عمالة صغيرة السن حيث ارتفعت أعمار العاملين بالشركة بنسبة من 50 سنة فيما أعلى إلى 40% ومن 40 إلى 50 سنة بنسبة 35% وأقل من 40 سنة بنسبة 25% ولا بد من تعيين عمالة صغيرة السن حتى تتمكن من مجاراة سرعة الأنوال والماكينات.

وأشار «بغدادي» إلى أنه تم إعداد دراسة بهذه المطالب وقامت الشركة القابضة بتسليمها إلى مكتب خبرة أمريكى لإعداد الهيكلة للشركة واستغلال أراضى الشركة غير المستغلة لبيعها وضخ مبالغ عائد بيعها على أن تنتهى تلك الدراسة فى منتصف أكتوبر القادم ويبدأ التنفيذ منتصف مارس 2017.

وعن أسباب الخسائر الفادحة التى لحقت بالشركة أكد «بغدادي» أن مرحلة الخسائر بدأت فى تسعينيات القرن الماضى بعد تطبيق المعاش المبكر وهجرة العمالة المدربة إلى القطاع الخاص وكذلك توقف تعيين العمال صغيرة السن القادرة على التعامل مع سرعة الماكينات والأنوال وكذلك ارتفاع قيمة الدولار فى بداية التسعينات مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستورة والتوقف عن تحديث الماكينات بالإضافة إلى ارتفاع أسعار القطن المصرى من 250 جنيها للقنطار إلى 1300 جنيه وعدم تدخل الدولة لدعم هذه الصناعة فى الوقت الذى قامت فيه بعض الدول مثل تركيا والصين بدعم هذه الصناعة عندها مما أدى إلى انخفاض المواد الخام بهذه الدول إلى أقل من مثيلتها المصرية بالإضافة إلى السماح الجمركى المؤقت والتهريب كلها عوامل أدت إلى انهيار المواد الخام المحلية.

شركة مصر للحرير الصناعى وألياف البوليستر أول شركة منتجة للألياف الصناعية فى مصر والشرق الأوسط حيث تأسست باسم شركة مصر للحرير الصناعى بموجب المرسوم الملكى الصادر فى 24 أبريل 1946 بمبادرة من بنك مصر مع مجموعة من الشركات والمساهمين برأس مال قدرة 1,5 مليون جنيه بغض إنتاج الحرير الصناعى، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 119 لسنة 1961 بتأميم الشركة تأميما جزئياً ثم كلياً بالقانون رقم 72 لسنة 1963 وتعويض المساهمين وأصبحت الشركة مملوكة بالكامل للدولة.

وبدأ إنتاج الشركة من الحرير الصناعى عام 1948 بتكنولوجيا من شركة فون كوهون الامريكية، وفى عام 1957 تم إنشاء مصنع النايلون بالتعاون مع شركة زيمر الألمانية، تلاها إنشاء مصنع غزل الألياف الصناعية عام 1975 بالتعاون مع شركة تكستيما الألمانية وفى عام 1983 تم إنشاء مصنع البوليستر بالتعاون مع إحدى الشركات الفرنسية.

وفى 20 يوليو 1998 صدر قرار تقسيم الشركة ليعمل مصنعى ألياف وخيوط البوليستر كشركة مستقلة باسم شركة مصر لألياف وخيوط البوليستر ضمن خطة الدولة لدعم برنامج الخصخصة، ولتبدأ الشركة الجديدة فى تطوير مصنع ألياف البوليستر عام 2006 لاستخدام مادة ptm كمادة خام أولية مع رفع الطاقة الإنتاجية إلى 55 ألف طن بغرض التشغيل الاقتصادي سنوياً وذلك بتكنولوجيا صينية، ثم صدر قرار ضم الشركتين مرة أخرى فى 17 يناير 2008 تحت اسم شركة مصر للحرير الصناعى وألياف البوليستر.

كانت الشركة تنتج الفسكوز والقمصان الحرير بالإضافة إلى المساهمة فى توفير المواد الخام لعشرات المصانع التى تعمل فى صناعة الأقمشة الحريرية مما كان يساهم فى توفير العملة الصعبة.

لكن كعادة حكوماتنا المتعاقبة دب الإهمال واللامبالاة فى أوساط الشركة وتوقفت أعمال تحديث الماكينات وانعدمت الصيانة وتقلصت العمالة من 15 ألف عامل إلى أقل من 2000 عامل فقط بعد إحالة العمال إلى المعاش والتوقف عن تعيين عمالة جديدة وتوقفت معظم الأقسام عن العمل والإنتاج ولم يعد يتبقى فى العمل سوى مصنع البوليستر الذى قارب على التوقف نهائياً ليتم الإعلان النهائى عن وفاة الشركة حتى وصلت الخسائر فى العام الأخير إلى 150 مليون جنيه وهو ما كشفة تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات.

وتعددت اعتصامات العمال لعدم الحصول على مستحقاتهم المالية وطالبوا بضخ 300 مليون جنيه إلى الشركة حتى تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران ويحصل العمال على مرتباتهم وحوافزهم من الإنتاج بدلاً من الاعتماد على القروض والمساواة بزملائهم من عمال المحلة الكبرى.