عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العلاج بـ«الخرافات» طريق الموت السريع

بوابة الوفد الإلكترونية

يعد العلاج «اللاطبى» أو الحر، من الموضوعات المثيرة للجدل فى مصر.. وأيضاً المثيرة للحيرة والغموض لأنها تنتمي إلي الخرافات لا العلم، فعشرات

الآلاف من المرضى الذين ابتلاهم الله بداء أو أكثر، يغادرون عيادات الأطباء المتخصصين، إذا ما فقدوا الأمل من الشفاء بالأدوية، ويهرولون وراء أوهام وأشخاص غريبى الأطوار، ويتاجرون في آلام المرض، بزعم أن الله وهبهم طاقة سرية، أو قدرة غامضة يمكن من خلالها معالجة الأمراض بلا دواء، وهؤلاء المدعون يشبهون الدجالين والمشعوذين، يستخدمون أساليب غريبة في العلاج، أساليب بدائية ومتخلفة قد تؤدى إلي المرض ومزيد من الضرر للمرضى لا إلى شفائهم، علي غرار استخدام بول الإبل، أو لدغات النحل، أو العلاج بقطعة خشب لآلام العظام، وما بين الوهم والحقيقة، يقف المرض بين يأس ورجاء، فيما يعتبر الأطباء ما يلجأ إليه هؤلاء المدعون جريمة تتوافر فيها أركان الجريمة الجنائية التي يعاقب عليها القانون، محملين الدولة مسئولية هذه الخرافات وانتشار الشعوذة في العلاج، محملين وزارة الصحة نتيجة تركها هؤلاء دون ملاحقتهم، بل وتترك ساحات الإعلام في الفضائيات مفتوحة أمامهم علي مصراعيها لترويج خزعبلاتهم.

«الوفد» تفتح صفحة العلاج بالخرافات فى السطور التالية:

تردد فى الآونة الأخيرة ما يعرف بعلاج (سم النحل) وذلك ضمن طرق العلاج والتى ذاع صيتها ووقف المعالجون بها يدافعون عن تلك الطريقة مستندين إلى الآية الكريمة «يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه...» وفى تصريحات إعلامية له وعبر فيديو مسجل؛ قال الدكتور محمد نجيب البسيونى، رئيس الجمعية العربية للعلاج بمنتجات النحل، إن العلاج بسم النحل موجود بالأساس فى القرآن الكريم: نحن نرجع بالأساس إلى ما قاله الله سبحانه وتعالى فى آياته الكريمة «يَخرُج مِن بُطُونِها شرَاب مُختَلِف ألوَانُه»، مفسراً أن الله سبحانه وتعالى قال شراب مختلف ألوانه وليس عسلاً مختلفاً ألوانه، وهذا يثبت أن فى بطون النحل أشياء كثيرة لم يعرف منها الإنسان حتى الآن سوى العسل والسم، ويتابع البسيونى: على الرغم من أن هناك دولاً فى أوروبا يوجد بها سم النحل على هيئة كريمات وحقن، حتى هيئة المصل واللقاح قامت فى فترة سابقة بطرح حقن تحتوى على مادة من سم النحل إلا أنه مازال سم النحل مادة أولية خاضعة للبحث بالتالى يجب أن نكون حذرين جداً فى استخدام سم النحل لعلاج الأمراض وعن سبب إنكار هذا النوع من العلاج من قبل المنظمات والمؤسسات العلاجية الرسمية التابعة لوزارة الصحة يقول «البسيونى»: إنه ليس هناك إنكار لأننا مازلنا فى طور البحث وسم النحل مادة أولية خاضعة للبحث وعند الانتهاء منه علينا أن نقدم هذا البحث لوزارة الصحة لأن دورنا هو تقديم المعلومة فقط لكن يبقى دور وزارة الصحة فى التطبيق.

وعلى الجانب الآخر يقف الأطباء المتخصصون فى أمراض الكبد والمخ والأعصاب والأمراض السرطانية محذرين من الاقتراب من مثل هذه العلاجات اللاطبية مؤكدين أن أى نوع من العلاجات يجب أن يكون مر بعدة مراحل من الدراسات البحثية حتى يكون علاجاً آمناً.

وفى هذا السياق ما قاله الدكتور الأستاذ سعيد شلبى، أستاذ الباطنة والكبد ورئيس قسم الطب التكميلى بالمركز القومى للبحوث والحائز على جائزة كبار العلماء فى الطب بالهند، والذى ألمح إلى أن النحل يخرج منه خمسة منتجاتها والذى فيه شفاء للناس من بعض الأمراض هو العسل أما باقى المنتجات فهى يمكن لها أن تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض دون القضاء على الفيروسات أو الأمراض الميكروبية، مشيراً إلى أن ما يسمى بعلم العلاج بمنبهات النحل أو «أبى ثربى» يخلو تماماً من طريقة العلاج بسم النحل كما حذر ممدوح الكلكتارى استشارى المخ والأعصاب من استخدام سم النحل لأنه يؤدى إلى مخاطر مميتة وأوضح مضيفاً أن هناك 100 حالة وفاة سنوياً تسجل عالمياً للسع النحل نتيجة لفرط الحساسية واضطراب القلب ناصحاً بعدم ممارسة هذا العلاج ما لم يكن المكان مهيأ بالأشخاص والمعدات والأدوية الخاصة بالانعاش الطبى الرئوى. أو العلاج باللسعات ويذكر هنا ما ورد فى دراسة موسعة قامت بإخضاع سم النحل للتجربة والبحث العلمى على البشر المصابين بالتصلب اللويحى وهو مرض يصيب الجهاز العصبى المركزى والنخاع الشوكى وتم نشر الدراسة بالمجلة الرسمية للأكاديمية الأمريكية للاعصاب وأكدت الدراسة عدم فعالية العلاج بسم النحل حيث لم تتحسن الأعراض ولم تقل ولم يتحسن معدل العجز عند المرض بعد استخدام السم لفترة طويلة بل على العكس تطور المرض وزادت اللويحات بالدماغ ورغم أن العلماء أكدوا أن فعالية سم النحل مازالت غير مثبتة إلا أن الآلاف من المرض يلجأون إلى هذا العلاج المثير للجدل.

 

من الواقع

استطلعت «الوفد» حالات بعض المرضى الذين لجأوا لمثل هذا النوع من العلاج ومنها حالة مجدى إبراهيم من الزيتون القاهرة مصاب بالغضروف وخاض تجربة العلاج بسم النحل عن طريق اللدغات ويحكى تجربته قائلاً: بدأت أشعر بالآلام فى الظهر وعندما توجهت لأحد أطباء العمود الفقرى شخص المرض بأنه انزلاق غضروفى بالفقرة الرابعة والخامسة، بدأت أتناول العقاقير والمسكنات فترة طويلة دون الشعور بتحسن، وبدأت أشعر بالملل من كثرة الأدوية، سمعت من أحد الأصدقاء عن رجل يقوم بعلاج المرض عن طريق لدغ النحل، فى إحدى المحافظات بالوجه البحرى، وعليه توجهت إليه وتعرضت فى أول مرة لى للدغ حوالى ثلاث لدغات فى هذه المرة وترددت عليه بعد ذلك حوالى أربع مرات كل مرة كان يزيد على اللدغات وكانت مؤلمة جداً وكان يبيع لنا زجاجة من خل التفاح فى كل مرة بمبلغ 20 جنيهاً ومرت فترة طويلة على تحمل الألم، ولكن عندما شعرت بأنه ليس هناك أى تحسن، قررت التوقف عن الذهاب إليه ويتابع قائلاً: بالمناسبة كان أبى يعانى من مرض الروماتيد فى كف يديه وذات مرة جاء معى ليجرب لدغ النحل ولكن كانت تنتظرنا كارثة حيث ارتفعت درجة حرارته جداً وأصيب بتورم بعدها أخذ عدة ساعات ولكن ربنا سترها معانا بسرعة ذهبنا إلى المستشفى وتم عمل إسعافات له وأنا مازالت أعانى من الغضروف حتى الآن أما والدى رحمه الله مات ومازال المرض يسكن جسده.

 

جريمة جنائية

العلاج ببول الإبل هو استخدام بول الإبل اعتقاداً من بعض المرضى بأنه قادر على معالجة الأمراض وأصبح العلاج ببول الإبل ظاهرة موجودة فى المجتمعات الحضارية بعد أن كان مقصوراً فقط على أهل البدو والعربان، ويؤمن البعض بهذا العلاج الغريب والمقزز ويؤمنون به بالرغم من الجدل العلمى الكبير حول فعالية بول الإبل فى العلاج ورغم استناد المعالجين لهذه الطريقة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى جاء في البخارى روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال «إن ناسا، اجتووا في المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعيه يعني الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه فشربوا من ألبانها وأبوالها، حتى صلحت أبدانهم» إلا أن علماء العصر الحديث حذروا كثيراً من استخدامه، مؤكدين أن استخدام البول يسبب الكثير من الأمراض لاحتوائه على كثير من المواد السامة مثل مادة اليوريا الموجودة فى بول الجمل أكثر من أى كائن حى آخر. ويهاجم شيوخ سلفيون أساتذة الكبد لرفض الأساتذة لهذا العلاج الغريب بمخالفة الشرع ونصوص أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم الواردة فى البخارى نرى أساتذة الشرعية الإسلامية بجامعة الأزهر يصفون العلاج ببول الإبل بأنه خرافة وفضيحة وأكدوا أن العلاج ببول الإبل استخدمه الرسول مارسها بنفسه كمعجزة وطلب من مجموعة من المؤمنين فى وقت ظهرت عليهم أعراض الحمى بشرب بول الإبل وألبانها، وذلك لقياس درجة إيمانهم وكشف أساتذة الكبد أن العلاج ببول الإبل لا بد من أن نعتبره جريمة يعاقب عليها القانون محملين وزير الصحة المسئولية فى الحفاظ على صحة المواطنين. وذلك دون

الدخول فى تفاصيل نص الحديث ويعتبر آخرون أن حديث الرسول دلالة على معجزة للرسول نفسه وليس للعموم.

 

فيروس كورونا القاتل

ومن المخيف فى مجال العلاج ببول الإبل ما سبق وصرح الباحث المصرى حسن عبدالعزيز لإحدى الصحف الألمانية حيث أكد أنه لا يستبعد أن يكون بول الإبل هو مصدر كورونا القاتل؛ الذى ظهر منذ فترة فى بعض الدول العربية وعرف مؤخراً فى بعض الدول الأخرى، موضحاً أنه، كما أضاف الدكتور حسن أنه سبق أن أشرف على رسالة (التداوى ببول الإبل) وأن هذا البحث خلص، إلى أن بول الإبل به مركبات ضارة ذات سمية عالية يمكن لمن يشربه أن يصاب بفشل كلوى حاد ويؤدى إلى الوفاة، كما أضاف عبدالعزيز أن بول الإبل يحتوى على فيروسات خطيرة، من بينها فيروس قريب جداً من فيروس كورونا؛ وتجدر الإشارة إلى أن شرب بول الإبل يعتبر رائجاً جداً فى بعض دول الخليج؛ وقد انتشرت ظاهرة شرب بول الإبل؛ بعد الثورات العربية؛ بسبب انتشار الأفكار المتطرفة التى تميل إلى الخرافات وتحاول أن تنسبها إلى السلف الصالح ونذكر فى هذا ما نشرته الصحف التونسية؛ أن شيخ سلفى ألقى خطبة الجمعة؛ للتونسيين حثهم فيها على أهمية شرب بول الإبل باعتباره سنة مؤكدة ومطهراً للبدن.

 

خشبة لعلاج الغضروف

مجرد قطعة من الخشب صغيرة فى حجم كف اليد بنية اللون ومدببة من الأمام يمسك بها شخص يأخذ شهرة على مستوى القطر المصرى متخذاً بيته الكبير فى محافظة المنوفية عيادة لعلاج مرض الانزلاق الغضروفى الذين ينتظرون لحظة دخولهم جالسين على القهوة المقابلة للعيادة وملامح وجوههم تتحدث عن يأس ونبرات أصواتهم تغزوها الآلام، ومن داخل العيادة نسمع آهات وألفاظاً تدل على شدة الألم الذى يشعر به المرضى الممددون أمام الرجل، وهو يضغط على عمودهم الفقرى بكل قسوة، مستخدماً تلك القطعة الخشبية ليخرج المريض بعد ذلك مستنداً إلى أحد أقاربه أو أصدقائه حتى يصل إلى سيارته.

وعن تلك التجربة حدثنا شريف مسعد 33 سنة من المطرية القاهرة قائلاً: أنا مصاب بانزلاق غضروفى فى الفقرات وأكيد جربت كل الأدوية والعلاجات التى كان كتبها لى أطباء العمود الفقرى لكنها جميعها كانت مسكنات، ولم تتقدم حالتى، وللحقيقة بدأت أذهب إلى ما يسمى بالعلاج الشعبى فذهبت إلى شيخ فى القليوبية وقام بخرم أذنى ووضع بكل أذن حلقة من المعدن، وفى تلك اللحظة قاطعنا شريف بالسؤال: هل يتقاضى هذا الشيخ مقابلاً مادياً؟ فرد شريف قائلاً: (لا أبداً) لكن فى نهاية الجلسة طلب منى أشترى خمسة أنواع من الزيوت لأدهن بها كل يوم، ووصف لى كشكاً بجوار منزله أشترى منه تلك الزيوت بمبلغ 220 جنيهاً.

عندئذ شعرت بأننى وقعت فريسة فى يد نصاب كبير وعندما ذهبت للدكتور (فلان).. بمحافظة المنوفية وقد سمعت عنه من أحد أصدقائى (على فكرة هو دكتور بيطرى) ودفعت فاتورة الكشف وعملت عنده جلسة على ظهرى، ثم تلتها حوالى خمس جلسات أخرى على مدار الشهر، ولم أشعر بتحسن، حتى الجلسة الخامسة، فقررت التوقف، والذهاب إلى أحد الأطباء لإجراء عملية الغضروف، ومازلت حتى الآن أعانى من الانزلاق الغضروفى برغم شعورى بأن الألم قل ولو بنسبة ضئيلة ولكنى متعايش معه.

وهذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر حيث يلجأ عشرات الآلاف من المرضى سنوياً إلى هذه الطرق من العلاج اللاطبى، يدفعون فى مقابل هذه الخزعبلات آلاف الجنيهات التى يثرى بها الذين يروجون لهذه الأنواع من العلاج الوهمى، فيما يزيد المريض مرضاً الذى يؤدى به إلى الوفاة، وذلك دون أن يعلم عنهم أحد شيئاً، لأن الموضوع برمته لا تهتم به وزارة الصحة، ولا تصل بلاغاته إلى الداخلية، وكأنه اتفاق ضمنى بين المريض والمعالج الوهمى على الموت السريع بطرق بدائية ومتخلفة.

وحول هذا يحذر الدكتور مصطفى الشحات إخصائى العلاج الطبيعى بمستشفى الخانكة المركزى؛ من اللجوء إلى مثل هذه الطريقة قائلاً إن الطريقة التى يستخدمها هؤلاء المعالجون اسمها العلمى (mani bulation) أى (الطقطقة) والخطورة تكمن فى أن هناك ثلاث مراحل للمرض، وأن المرحلة الأولى له يمكن لأى إخصائى أن يعالجها (بالطقطقة) لكن المرحلة الثانية لا بد من أن يقوم بها طبيب حاصل على دكتوراه فى هذه الجزئية؛ لأنها ممكن أن تؤدى إلى شلل رباعى، أما إذا وصلت الحالة المرضية للمرحلة الثالثة فلا يجوز الاقتراب من هذه الحالة إطلاقا، سواء كان من يقوم بها متخصص أم لا لأن النتائج قد تكون كارثية.

وأضاف الشحات أن هناك ما يسمى (magnifng pain) أى (تضخيم الألم) وهو عامل نفسى من الدرجة الأولى، وقد يشعر به بعض المرضى الذين يعانون من أمراض بسيطة، وبمجرد لجوئهم إلى هؤلاء المعالجين يشعرون بنوع من الاهتمام ممن حولهم؛ فيؤدى ذلك إلى تحسن حالتهم الصحية، معتقدين أن المعالج بهذه الخشبة هو السبب فى شفائهم.

والسؤال الآن إذا كانت تلك الطرق وهماً ونصباً ودجلاً فأين الدولة؟ ولماذا تترك وزارة الصحة المواطنين فريسة لهؤلاء؟ وتتركهم إما للنصب عليهم وبيع الوهم لهم أو فى أحسن الأحوال، استخدام المرضى المصريين كفئران تجارب لإثبات نظرية علاجية معينة، ليدفع المصريون حياتهم ثمناً لذلك؟