عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوزراء غرقوا فى القرارات الإدارية

ابراهيم محلب - رئيس
ابراهيم محلب - رئيس الوزراء

راقب قسمات وجه كل وزير في حكومة «محلب» ستجده مجهداً على الدوام، مرهقاً بشكل متواصل، مضغوطاً دوماً وكأنه يحمل على كتفيه جبل المقطم.

والغريب، أنه في مقابل هذا التعب والإرهاق، لا نجد أفكاراً مبدعة تصدر من الوزراء، إلا فيما ندر، والسؤال: ما سر حالة الضجيج بلا طحن الذي تسيطر علي أغلب وزراء مصر؟
خيط رفيع رحت أتتبعه علي أمل أن ينتهي بي إلي إجابة عن السؤال السابق، وهذا الخيط هو مخرجات العمل الوزارى، أو بمعني آخر، القرارات التى يصدرها الوزراء.
ومن يتتبع القرارات الوزارة الصادرة فى كل وزراء مصر، ومن رئيس الحكومة ذاتها، لابد أن يتملكه العجب والدهشة، ومبعث تلك الدهشة، أنك ستكتشف أن الحكومة كلها، لا يصدقها عقل، كماً وكيفاً.
رصدت القرارات الصادرة من الوزراء خلال العام الأخير، فاكتشفت عجباً.. مجموع القرارات خلال عام 2014 تجاوز 42 ألف قرار وزارى.
كشف الرصد أن وزير العدل هو أكثر وزراء الحكومة إصداراً للقرارات الوزارية، يليه وزير التعليم العالى، ثم وزير الداخلية في المرتبة الثالثة، وكل وزير منهم أصدر قرارات تزيد على القرارات التي أصدرها رئيس الوزراء نفسه.
فوزارة العدل التي يتولاها حالياً الوزير محفوظ صابر، شهدت أكثر من 10 آلاف و800 قرار وزارى خلال عام 2014، ولو استبعدنا أيام الجمع والعطلات الرسمية سنجد أن أيام العمل السنوية تبلغ 294 يوماً، معني هذا أن وزير العدل يصدر 37 قراراً وزارياً كل يوم!
أما وزارة التعليم العالى التي يتولاها الدكتور السيد أحمد عبدالخالق فشهدت إصدار أكثر من 5 آلاف و223 قراراً وزارياً بمعدل 17.5 قرار وزارى في كل يوم عمل، في حين أن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أصدر 4 آلاف و573 قراراً وزارياً في 2014 بمعدل 15.5 قرار وزارى في كل يوم عمل.
وفي وزارة الزراعة التي يتولاها الدكتور عادل البلتاجي، صدر أكثر من 2207 قرارات وزارية بمعدل 7.5 قرار وزارى كل يوم عمل، أما وزير السياحة هشام زعزوع فأصدر ما يقرب من 1300 قرار وزارى في 2014 بمعدل 4.5 قرار وزارى تقريباً، كل يوم عمل، تلاه وزير الطيران المدني الطيار حسام كمال الذي شهدت وزارته صدور 1021 قراراً وزارياً بمعدل 3.5 قرار وزارى في كل يوم عمل، في حين أصدر وزير الصناعة والتجارة منير فخري عبدالنور ما يزيد على 980 قراراً وزارياً في 2014 بمعدل 3.3 قرار وزارى في كل يوم عمل، وتلاه مباشرة وزير الصحة الدكتور عادل عدوي الذي شهدت وزارته أكثر من 830 قراراً وزارياً في العام الماضى بمعدل 2.8 قرار وزارى في كل يوم عمل.
وفي وزارة التربية والتعليم التي يتولاها الدكتور محمود أبو النصر صدر ما يقرب من 600 قرار وزارى، أي ما يزيد على قرارين وزاريين في كل يوم عمل.
بينما شهدت وزارة البحث العلمي التي يتولاها الدكتور شريف حماد أكثر من 518 قراراً وزارياً بمعدل 1.7 قرار وزاري كل يوم، وجاءت من بعدها وزارة التضامن التي تتولها غادة والى والتي شهدت إصدار أكثر من 325 قراراً وزارياً في 2014 بمعدل 1.1 قرار وزارى في كل يوم عمل.
وجاء أقل الوزراء إصداراً للقرارات الوزارية هو وزير الخارجية سامح شكرى الذي لم يصدر سوي 60 قراراً وزارياً فقط خلال عام 2014 وجاء قبله وزير الدفاع والإنتاج الحربى الفريق صدقي صبحي الذي لم تشهد وزارته طوال 2014 سوي 229 قراراً وزارياً بمعدل 0.7 قرار وزارى كل يوم عمل.
رئاسة مجلس الوزراء شهدت هي الأخرى سيلاً من القرارات، فرئيس مجلس الوزراء أصدر في 2014 أكثر من 2300 قرار، أى حوالى 8 قرارات يومياً، وخلال الـ19 يوماً الأولى من العام الجارى أصدر رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب 118 قراراً.
ومن يطالع قرارات رئيس الحكومة سيكون علي موعد مع المفاجأة، ذلك أنه سيكتشف أن تخصيص 10 أمتار فى أصغر قرية بمصر للمنفعة العامة يحتاج لقرار من أكبر رأس في الحكومة، من رئيس الوزراء ذات نفسه!
مثلاً القرار رقم 2207 لسنة 2014 الذي أصدره رئيس الوزراء إبراهيم محلب في 7 ديسمبر الماضى كان يتعلق بتخصيص

850 متراً بمركز شبين الكوم لإقامة مسرح جديد علي أنقاض المسرح القديم المقام علي نفس قطعة الأرض!
وأيضاً القرار رقم 2227 الذي أصدره رئيس الوزراء في 9 ديسمبر الماضى كان يتعلق بتخصيص
12 قيراطاً من زمام قرية شكشوك في عزبة أبو نعمة التابعة لمركز إبشواى في الفيوم لإقامة مدرسة ابتدائية!
في حين نص قرار رئيس الوزراء رقم 2265 لسنة 2014 علي تخصيص 50 متراً * 50 متراً بقرية الريد بمركز نخل بشمال سيناء لإقامة مركز شباب عليها.. تخيلوا.. تخصيص 50 متراً * 50 متراً لإقامة مركز شباب يحتاج لقرار من رئيس مجلس الوزراء!
نفس الحال في قرار رئيس الوزراء رقم 2270 لسنة 2014 والذي ينص على تخصيص عمارة بمدينة قنا مؤجرة لوزارة العدل بجنيه واحد لإقامة مقر لمصلحة الطب الشرعى.. يعني تحويل عمارة مؤجرة بـ«جنيه» واحد لوزارة العدل لتكون مقراً لمصلحة الطب الشرعى التابعة لوزارة العدل يحتاج إلى قرار من رئيس الوزراء!
وتتواصل مثل هذه القرارات لدرجة أن تخصيص 10 أمتار * 10 أمتار بقرية الطويل الأم التابعة لمركز العريش بشمال سيناء لبناء مكتب يريد عليها يحتاج إلى قرار من رئيس مجلس الوزراء وهو ما حدث بالفعل بالقرار 2277 لسنة 2014 لرئيس مجلس الوزراء.
وإذا كنت لا تدرى أين توجد قرية كفر الحاج حسن فاعلم أن إنشاء محطة معالجة الصرف الصحى بهذه القرية التابعة لمركز ديرب نجم في الشرقية يحتاج إلى قرار من رئيس مجلس الوزراء نفسه، وهو ما حدث بالفعل عبر قرار المهندس محلب رقم 2300 لسنة 2014!
والمثير أن أغلب قرارات الوزراء تتعلق بأمور هامشية، فأغلب قرارات وزير العدل تدور حول نقل مقر نظر قضايا من محكمة إلى أخرى، وأغلب قرارات وزير الداخلية تتعلق بمنح جنسية مصرية أو سحبها أو ترقيات استثنائية لشهداء الشرطة الذين سقطوا بأيدى الإرهاب.. وهكذا حال كل الوزراء تقريباً.
وحسب الدكتور أحمد زكريا، مدير مركز الدراسات السياسية، فإن إغراق الوزراء في إصدار قرارات إدارية ينعكس سلباً علي أداء الحكومة.. ويقول: «توقيع أي قرار وزارى يلزمه نصف ساعة على أقل تقدير لكي يلم الوزير بتفاصيل القرار، وهو ما يعني أن ساعات كثيرة تضيع من المسئولين لتوقيع قرارات يمكن أن يصدرها وكلاء الوزارات.
وأضاف: فى أنظمة الحكم الناجحة يكون دور الوزير هو ابتكار حلول إبداعية ورسم السياسة العامة لوزارته دون الإغراق في التفاصيل والحواشى التي تتعلق بالعمل الوزارى، فمثل هذه الأمور يتولاها وكلاء الوزراء.
وواصل: «إغراق وزراء مصر في التفاصيل الصغيرة يجعلهم مرهقين باستمرار، وعاجزين عن الإبداع والحلول المبتكرة للأزمات، ولهذا يظل العمل روتينياً في دواوين الوزارات مهما تغير الوزراء لأن العيب الرئيسى في «السيستم» الذي يجبر رئيس الحكومة علي إصدار قرارات تتعلق بتخصيص عشرات الأمتار في قرية ما لإقامة مدرسة أو مكتب بريد!».
وفي ذات الاتجاه يقول الدكتور عبدالفتاح النشرتى، خبير الطب النفسى، إن كل وزير يصدر أكثر من قرارين وزاريين يومياً يشعر ذاتياً بشكل لا شعورى أنه أدى عمله على أكمل وجه، ويتولد داخله رضاء وظيفى وهو ما يحول بينه وبين التفكير المبدع.