عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفاسدون الطلقاء!


ما أكثر رجال مبارك الخارجين علي القانون.. والمتمتعين خارج أسوار طرة.. قلة قليلة فقط هي من عرفت طريقها إلي محاكمة - تبدو حتي الآن صورية - بينما الباقون أحرار طلقاء.

علي رأس هؤلاء وزير العدل السابق ممدوح مرعي الذي اختاره مبارك بهدف «تأديب القضاة» خاصة تيار الاستقلال، الذي طالبه أكثر من مرة بالرجوع إلي الحق وعدم الاحتماء بالسلطة، وأن يحتكم إلي ضمير القاضي، الذي مات فيه عندما تولي وزارة العدل في 2006 بعد إشرافه علي تزوير الانتخابات الرئاسية التي كان يشغل منصب رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ورغم تزوير إرادة الناخبين الذين وضعوا ثقتهم فيه كرجل قضاء، إلا أن ذلك لم يشفع له حيث أغراه ذهب مبارك، فسلط سيف العدالة علي القضاة، وبلغ عدد القضاة الذين أحيلوا إلي الصلاحية نحو 500 قاضٍ، ليسوا سواء، ورغم كثرة ذلك العدد من جملة 14 ألف قاضٍ في مصر، إلا أن الناس ظنوا أن وزير العدل كان يريد تطهير القضاء، لكن ما برح هذا الإحساس، حتي اكتشف المتقاضون والمحامون والقضاة علي حد سواء، فساد وزير العدل، فقد قام بتنفيذ أوامر زكريا عزمي للحكم في قضايا بعينها، بل استجاب لضغوط حرم الرئيس في تعيين ثلاثة آلاف امرأة بهيئة النيابة الإدارية، بعد رفض النائب العام تعيينهم بالنيابة العامة، ولم يكن «مرعي» قاضياً من الطراز الأول بقدر ما كان «جلاداً»، يمارس رياضته المفضلة علي القضاة وهي «رياضة الملاكمة» التي كان يفضلها ويمارسها أثناء دراسته بكلية الحقوق.

مرعي الذي قدم ضده 58 بلاغاً في قضايا إهدار مال عام وتربح من منصبه وأيضاً تزوير في محررات رسمية لصالح زوجته د. جيلان حمودة، بعد أن قام بإجبار أعضاء بالشهر العقاري بالإسكندرية بضرورة تسجيل شقة سكنية مملوكة لوزارة الأوقاف بمنطقة لوران، وذلك مقابل حفظ إحدي القضايا، وما أن رفض «العقاري» قام بإصدار المنشور رقم (5) لسنة 2008 لإجبار مصلحة الشهر العقاري علي تسجيل الشقة في ظل وجود المستشار محمد حسني مساعد الوزير للشهر العقاري والتوثيق، وأهدر مرعي حق الدولة في تسجيل الشقة بسعرها الأساسي الذي يصل إلي المليون جنيه، وبرغم استدعائه لسماع أقواله أمام قاضي التحقيق محمود السبروت، إلا أنه لم يحضر، فمازالت الحماية تظلله أينما ذهب، وحتي القضاة أنفسهم أصبحوا في حيرة من أمرهم بسبب وجود وزير العدل ممدوح مرعي خارج قفص الاتهام.

قائمة الفاسدين الطلقاء كبيرة، وعلي رأسها عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق الذي يعد الأب الحقيقي للخصخصة التي خربت بيوت المصريين ودمرت الاقتصاد المصري، وهو المستشار الاقتصادي للوريث جمال مبارك في بيع ديون مصر، فقد قامت سوزان مبارك باختياره لابنها جمال حتي يستطيع أن «يلتهم» البلد عن طريق شراء ديون مصر بنسبة 35٪ ثم يعود لبيعها لآخرين بنسبة 65٪ ولم يكن جمال يعرف بأمر «لعبة الديون» حتي نبهه إليها عاطف عبيد.

استطاع أن «يدوس» علي مصر بقدمين ملوثتين، ولم يكن يجرؤ أحد علي الاعتراض، فقد قام ببيع شركة أسمنت حلوان لصديقه عمر الجميعي بعد إقراضه مليار جنيه من أحد البنوك وبعد ثلاث سنوات قام الجميعي ببيع المصنع بنحو 4 مليارات جنيه.

فضائح عبيد لا تعد ولا تحصي، فقد خسرت مصر علي يديه نحو 750 مليون جنيه تم وضعها لرجال الأعمال وجيه سياج الذي لجأ إلي التحكيم الدولي في قضية أرض طابا، بسبب التغيرات في العقود المبرمة، وذلك من جراء صفقة عقدها رئيس الوزراء الأسبق.

لم تكن إنجازات عبيد إلا لأصحاب الطبقات، وتكشف المعلومات تورطه في تمهيد صفقة الغاز بين القاهرة وتل أبيب حتي يجامل تلميذه جمال وصديقه حسين سالم الذي كان يمتلك شركة البحر المتوسط، تلك الشركة التي أبرمت اتفاقية الغاز، واستطاع عبيد أن يلعب دور الوسيط القوي، لإرضاء الرئيس المخلوع مبارك، ويبذل جهداً كبيراً لإبرام تلك العقود، علاوة علي الجهد الذي بذله أيضاً المهندس سامح فهمي وزير بترول مبارك الأسبق، فأهدرت هذه الاتفاقية ما يقرب من 180 مليار جنيه علي الدولة بسبب تصرف بيع الغاز المصري لإسرائيل.

وعلي القائمة اللواء منير ثابت الذي لم يكن شيئاً مذكوراً، سوي أنه ابن أحد الأطباء بنزلة ثابت بالمنيا ومنير هو الأخ الأكبر لهذه العائلة وبرغم ذلك كانت شقيقته الصغري مفتاح كنز هذه العائلة التي استغلت نفوذها في الإضرار بالاقتصاد المصري.

استطاع منير ثابت أن يكون إمبراطوريته من خلال تأسيسه «الشركة المصرية لخدمات الطيران» بعد أن قام بالاستحواذ علي 5 أدوار من مبني برج مصر للطيران داخل مطار القاهرة، وحصل بسبب «الهانم» ومصاهرته للمخلوع علي العديد من المشروعات وتقديم الخدمات لعدد من شركات الطيران العربية والأجنبية التي تعمل داخل مصر، وتم السماح له ليصبح منافساً للشركة الداخلية «مصر للطيران» وساهم بذلك في «ضربها» وهي شركة وطنية مساهمة مصرية حصل علي الملايين من خلال تلك المعاهدة بعد أن استحوذ أيضاً علي تقديم أنشطة الخدمات الأرضية في مطار الغردقة وشرم الشيخ حتي قام بتوقيع عقد إنشاء شركة «مرسي علم لخدمات الطيران» وأصبح ثابت رئيساً لمجلس الإدارة، وبسبب نفوذه أجبر مصر للطيران علي الدخول كشريك في شركة «لوفنهانز» الألمانية بنسبة 15٪ واحتفظ منير بنسبة 70٪، وأعلنت شركته بعد ذلك في 2010 عن طرح مناقصة توريد وتركيب «هنجر» بمهبط مطار القاهرة الدولي بمساحة 200 متر، وجني ثابت الملايين مرة أخري من ذلك ولا أحد يعلم حتي الآن أين اختفي منير ثابت!

مجدي راسخ صهر مبارك يحتل مكانة مميزة علي القائمة.. حيث استطاع راسخ أن يكون من أصحاب الحظوة بالاستيلاء علي آلاف الأفدنة بطريق الإسكندرية الصحراوي لشركة «سوديك» التي تضم في عضوية مجلس إدارتها أيضاً علاء مبارك، لم يكن راسخ أسوأ حظاً من منير ثابت فقد أهداه علاء مبارك 2000 فدان بعد زواجه من ابنته هايدي وهذه الأرض كانت مملوكة للدولة.

أحدث صهر انضم إلي عائلة مبارك كان محمود الجمال الذي نجح في التحول من «مجرد مقاول» إلي رجل أعمال له وزنه في «السوق»، فاشتري الجمال

أرض «نيوجيزه» بطريق الإسكندرية الصحراوي بنصف ثمنها وهي عبارة عن 600 فدان اشتراها بدون عقود من شركة ريجوا.

يوسف أمين والي موشيه أو وزير زراعة مبارك الذي قتل المصريين، بل وسرطنهم، وأصحاب الآخرين بالفشل الكلوي وأمراض الكبد، بسبب سياسته الزراعية التي اعتمدت علي التطبيع مع الإسرائيليين وهو «رأس الأفعي» في نظام المخلوع، بل وأقوي رجال ذلك النظام ومازال حراً.

لم يكن مصادفة أن يتم اختياره وزيراً للزراعة قبل 23 عاماً، بل ويصبح نائبا لرئيس الحزب الوطني للشئون الداخلية والنائب الوحيد لرئيس وزراء مصر عاطف عبيد، استطاع والي أن يرفع شعار «إسرائيل هي الحل» وعندما تم خلع مبارك قال: «أنا ماليش دعوة كلنا سكرتارية عند الرئيس».

توغل والي في الزراعة، وأصبح شريكاً في رسم سياسة مصر الزراعية وبرغم امتلاكه آلاف الأفدنة في محافظة الفيوم وزراعتها بأجود أنواع الفواكه والخضراوات إلا أنه ساهم في تدمير الزراعة المصرية والمحاصيل المهمة مثل: القمح والقطن والأرز، وأصبحت مصر تزرع الكنتالوب والفراولة وعباد الشمس «اللب والمسليات» ويعد والي أحد المسئولين عن استيراد المبيدات الزراعية المسرطنة والهرمونات المحرمة دولياً، وبرغم سيل القضايا التي تم تحريكها ضده، إلا أن ذلك لم «يهز شعرة من جوانب رأسه»، بل أصبح والي يتحدي القضاء، بل يستطيع حبس كل من يقف في وجهه.

وتساءل الناس وقتها من يحمي والي، الرئيس أم إسرائيل؟ التي ساعدها علي غزو مصر عن طريق الزراعة، ولم تكن الإجابة واضحة.

والي تمني أن يكون رئيساً للوزراء في يوم من الأيام، وتم تعويضه بأن يكون نائب رئيس الحزب الوطني للشئون الداخلية، وبرغم إقالته من منصبه إلا أنه ظل متحكماً في الوزارة ويحتفظ بمكتبه داخل الوزارة حتي في ظل وجود خلفه أحمد الليثي الذي أنشأ لجنة عليا للمبيدات، ودخل في صدام مباشر فصار خارج الوزارة في فترة لا تتعدي السنة والنصف رئيس مجلس إدارة «شوري جروب» إلي أن جاءت ثورة 25 يناير وظن الجميع أن والي لا ملجأ له من المثول أمام المحكمة في أسرع وقت ليس انتقاماً منه، بل لتعدد البلاغات ضده منذ عام 2000 وحتي الآن، فلا يمر عام إلا ويتم تقديم بلاغات ضده للنيابة العامة وبعضها إلي الأجهزة الرقابية ورغم ذلك لم يستطع أحد المساس بالرجل، بل استطاع والي أن يدفع بابن شقيقه شريف حسن والي إلي صفوف جمال مبارك بأمانة السياسات التي يرأسها الوريث حتي يستطيع أن تمتد جذور آل «والي» حتي في حاضر عائلة الرئيس المخلوع.

ورغم سقوط يوسف والي المدوي في انتخابات الشعب 2005 في ظل وجود الإشراف القضائي، ظل والي مسيطراً علي مقاليد الأمور، وكأنه «ماسك زلة علي النظام»، بل أخرج لسانه للجميع، فوالي الذي قضي حياته عزباً، لم يرد المثول أمام المحكمة التي كانت تحاكم 21 مسئولاً من كبار معاونيه ومساعديه، بل امتنعت النيابة آنذاك عن تنفيذ أمر المحكمة باستدعائه، وكان يرأس هذه المحكمة المستشار أحمد عزت العشماوي الذي أصر علي حضور والي أمامه في قفص الاتهام، وقضي الرجل نحبه في ظروف غامضة بعد إصراره علي حضور هاني سرور أحد رموز الوطني وبطل فضيحة أكياس الدم الفاسدة «هايدلينا» ورغم تمسك المحكمة بحضور والي أمامها إلا أنه رفض بل وأرسل رسالة آنذاك في العام 2007 إلي الرئيس مبارك فحواها «عدم مساندتي تعني نهاية نظامكم» ورغم أن الاتهامات التي كانت موجهة إليه في هذه القضية المتهم فيها يوسف عبدالرحمن «طفله المدلل» وراندا الشامي، وهذه الاتهامات وصلت إلي استيراد مبيدات وهرمونات تسبب السرطان والفشل الكلوي وأيضاً «العقم» وإدخال كل ذلك عمداً إلي البلاد مقابل عمولات وبموافقة صريحة من يوسف والي إلا أنه كان أقوي من كل هذه الضغوط والمحاكمات رغم وجود وثائق ومستندات الجهاز المركزي للمحاسبات.

وأخيراً تم استدعاؤه أمام قاضي التحقيقات المستشار أحمد إدريس بشأن قضية المبيدات المسرطنة، وبلاغات أخري حول استيلائه علي الأراضي.. ورغم ذلك فإن المصريين يتوجسون خيفة من إفلات والي من قبضة العدالة للأبد.