عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تحليل: برلمان 2010 حدد الرئيس القادم

(تم إعادة ترتيب المسرح الانتخابي القانوني مع تعديلات 2005 الدستورية للمادة 76، وهي الآن تضمن بأن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، والذي يهيمن عليه جمال وحلفائه،

سيحتفظون بمفتاح الرئاسة، من بين 20 حزبا مصريا معترفا بها قانونيا، فالحزب الديمقراطي هو الوحيد الذي يطابق الشروط المنصوص عليها في التعديلات الدستورية فيما يخص الترشح لرئاسة الجمهورية (ينص القانون وفقا للتعديلات الدستورية عام 2004 على حق الأحزاب التي لديها 5% أو أكثر من مقاعد مجلسي الشعب والشورى فقط في ترشيح رئيس، وقد تم رفع سقف الشروط بالنسبة للمستقلين، حيث يجب أن يحصلوا على تأييد 250 عضوا نيابيا هم: 65 عضوا من مجلس الشعب، و25 من مجلس الشورى، و10 من أعضاء المجالس المحلية لعدد 14 محافظة من أصل 26 محافظة كحد أدني) .

 

هذه الفقرة السابقة هي إحدي برقيات السفارة الأمريكية بالقاهرة المسربة عبر موقع ويكليكس بتاريخ 3/ 4/ 2006 والمصنفة (سري) والتي أرسلها "ستوارت جونز" نائب رئيس البعثة بعنوان (جمال مبارك: الأفعال أقوى من الكلمات) والتي تتحدث عن المساعي المتنامية لتمهيد الطريق أمام جمال مبارك للحلول محل والده على كرسي الرئاسة كما تتناول المصاعب التي قد تواجهه والملابسات الخفية وراء هذه المساعي ، وما يهمنا في هذه الوثيقة – علما أنها كتبت قبل تعديل شروط ترشح الأحزاب للرئاسة في تعديلات 2007 الدستورية، وأصبح من حق كل حزب له نائب واحد فقط في البرلمان ترشيح أحد أعضاء هيئته العليا في الانتخابات الرئاسية – هو أنها لخصت الواقع المنتظر في انتخابات رئاسة 2011، ولكن جاءت انتخابات ديسمبر 2010 لتوضح الصورة أكثر وتؤكد هذه الحقيقة وترسم بوضوح شخصية رئيس مصر المقبل الذي أصبح مقصورا علي الحزب الوطني وفوزه مضمون ! .

خريطة المرشح المقبل

• بداية يجب أن نوضح (أولا) أن التعديلات الدستورية لـ 34 مادة من بين 211 مادة في الدستور المصري في مارس 2007 أفسحت بشكل عام الطريق أمام سيناريو ضمان حصر منصب الرئاسة في مرشح الحزب الوطني الحاكم وربما توريث الحكم بقوة القانون والدستور لو جري ترشيح جمال مبارك، وأزالت هذه التعديلات عقبات أمام تطبيق هذا السيناريو بصرف النظر عن استمرار نفيه من قبل قيادة الحزب الوطني، ومن تلك العقبات التي إزاحتها هذه التعديلات: ( الإشراف القضائي وتحجيم دور القضاة – إبعاد الإخوان عن الانتخابات عموما – تدجين المعارضة وإغوائها بقانون انتخابي يعطي لها مقاعد أكثر ويسهل لها الترشح للرئاسة– إلغاء منصب نائب الرئيس وتصعيد رئيس الوزراء – تحجيم دور الجيش (إعادة تحديد دور الجيش في الدستور لحفظ الأمن الخارجي فقط ومن ثم ترتيب الساحة لتصعيد رئيس مدني يكون هو الأول منذ ثورة 1952).

• الأمر (الثاني) أن هذه التعديلات الدستورية - عامي 2004 و2007 - أخرجت أسماء جري ترشيحها فضائيا وعبر صحف خاصة مثل : محمد البرادعي وأحمد زويل وعمرو موسى من السباق قبل أن يبدأ،لأنه ليس بمقدور أي منهم أن يضمن الحصول علي تأييد 250 عضوا نيابيا بعدما سيطرة الحزب الوطني في انتخابات برلمان 2010 علي غالبية المقاعد ولم تفز أحزاب المعارضة مجملة سوي بـ 15 مقعد من 508 .

• الأمر (الثالث) أن الأحزاب المصرية الرئيسية التي فازت بمقاعد تؤهلها – وفقا التعديلات الدستورية لترشيح أحد أعضاء هيئتها العليا - وهي الوفد (الليبرالي) والتجمع (اليساري) بجانب أربعة أحزاب هامشية فازت بمقعد واحد لكل منها (العدالة – السلام الاجتماعي – الغد – الجمهوري) ، وضمنها الحزب الناصري الذي له عضوان في مجلس الشوري (الغرفة الثانية للبرلمان) ، وجماعة الإخوان التي فاز لها عضو فصلته، أعلن ثلاثة منها (الوفد – الناصري – الإخوان) عدم وجود هيئة برلمانية له، وبالتالي أصبح الترشيح في انتخابات رئاسة 2011 مقصورا علي أحزاب (التجمع - العدالة – السلام الاجتماعي – الغد - الجمهوري ) بخلاف أحزاب (التكافل – الخضر – الجيل- الدستوري) الهامشية التي لها عضو واحد في مجلس الشوري ومرشحي هذه الأحزاب الـ 9 لن يكونوا سوي ديكور مع مرشح الحزب الوطني في ثاني انتخابات رئاسية تعددية مصرية.

• الأمر (الرابع) أنه برغم طرح العديد من القوي الوطنية المصري أسم الوزير المصري عمر سليمان مدير المخابرات لمنصب الرئاسة لضمان مستقبل امن لانتقال السلطة في مصر ، وظهور ملصقات في عدد من الشوارع والميادين الرئيسية في العاصمة ترفع شعارات: "البديل الحقيقي عمر سليمان رئيسا للجمهورية" و"الحملة الشعبية لدعم عمر سليمان رئيسا لمصر" و"لا جمال ولا الإخوان .. عايزين عمر سليمان" ، فمن غير الوارد دستوريا ولا قانونيا ترشيح الوزير عمر سليمان لأنه ليس حزبيا وغير عضو في الهيئة البرلمانية للحزب الوطني أو أي حزب، والحل الوحيد لترشيحه هنا – في حالة الضرورة – هو ترشيح الحزب الوطني له كمرشح مستقل باعتبار أن "الوطني" هو وحده القادر علي حشد 250 صوتا نيابيا له !.

تأثير برلمان 2010 علي رئاسة 2011

في ضوء نتائج انتخابات برلمان 2010 فازت ستة أحزاب فقط ( من أصل 16 حزبا شارك بين 24 حزبا رسميا) بـ 15 مقعدا برلمانيا ، أبرزها حزب الوفد ، الذي أعلن انسحابه، ما يعني أن خمسة أحزاب فقط هي التي من حقها المشاركة في انتخابات الرئاسة المقبلة 2010 ، ولو أضفنا لها أربعة أحزاب لها مقعد لكل منها في مجلس الشورى ، يصبح من حق 9 أحزاب مصرية من أصل 24 حزبا غالبيتها غير معروفة، المنافسة مع الحزب الوطني في انتخابات 2011 في حالة رشحت كلها أعضاء منها في هذه الانتخابات .

ومع أن أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع أن تفوز المعارضة عموما بما فيها الإخوان المسلمين بـ100 مقعد في انتخابات 2010، كما هو الحال في انتخابات 2005، بما يعني بقاء المعادلة علي ما هي عليه من حيث استحالة قدرة أي مرشح مستقل علي الترشح لهذه الانتخابات،

فقد أعتبر مراقبون أن ما حدث من "تزوير، بحسب تأكيدات أحزاب المعارضة ومنظمات رقابة حقوقية، منع المعارضة من حصد هذا العدد في انتخابات 2010 ليصبح لها فقط 15 نائبا، بخلاف 4 في مجلس الشوري، وغالبيتهم فازوا بتأييد الحزب الوطني الحاكم لهم، هو دليل علي رغبة الحزب الوطني في تمرير انتخابات رئاسية العام المقبل بهدوء ودون إثارة من قبل المعارضة، وإظهار أن المرشح المقبل، (سواء كان الرئيس مبارك أو نجله جمال أو عضو أخر في الهيئة البرلمانية للحزب الوطني).

ولأن المادة 76 من الدستور تقرر أن كل حزب له نائب واحد في البرلمان (بمجلسيه الشعب أو الشوري) له أن يرشح واحدا فقط من أعضاء (هيئته العليا) على أن يكون قد مرت على عضويته فيها سنة كاملة متصلة، فالمتوقع هنا أن يجري ترشيح واحد فقط من 38 عضوا هم أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطني حاليا بخلاف الرئيس حسني مبارك، أبرزهم الدكتور أحمد نظيف، الدكتور أحمد فتحى سرور، صفوت الشريف، الدكتور زكريا عزمى، الدكتور مفيد شهاب، جمال مبارك، أحمد عز، الدكتور على الدين هلال ) ، ما يشير لأن الخيار شبه محصور إما في الرئيس مبارك كما أكد أعضاء حزبه أو أبنه جمال في حالة رأي الرئيس عدم ترشيح نفسه، وفي هذه الحالة لن يكون الترشيح أو الفوز لجمال مبارك "توريثا عائليا" وإنما "توريثا دستوريا" أي بالقانون والدستور، طالما أن مبارك الأبن عضو في الهيئة العليا للحزب الحاكم.

ولأن مرشحي الأحزاب الأخرى سيكونون أشبه بديكور انتخابي في انتخابات الرئاسة في يونيه 2011، في ظل حالة الضعف التي تنتاب أغلب هذه الأحزاب الهامشية التي فاز مرشحوها بدعم و"تزوير" الوطني لها ، وفي ظل غيبة حزب (الوفد) أقوي هذه الأحزاب وأكثرها جماهيرية بعدما انسحب احتجاجا علي التزوير ولم يعترف بفوز 7 من أعضائه، فمن الطبيعي أن يتصدر الحزب الوطني الحاكم المشهد الانتخابي الأهم في تاريخ مصر الحديث وهو انتخابات الرئاسة، ما يعني ضمان سيطرة الحزب الوطني ورئيسه المقبل علي نفس الامتيازات الرئاسية وأبرزها : ( تعيين الحكومة - تعيين عشرة من أعضاء مجلس الشعب وثلث أعضاء مجلس الشورى - حل البرلمان - إصدار قرارات لها قوة القوانين في غياب المجلسين – الاعتراض علي قرارات البرلمان - إعلان حالة الطوارئ – تعديل الدستور بالاشتراك مع ثلث أعضاء مجلس الشعب الذي يسيطر عليه الحزب الوطني أيضا - إبرام المعاهدات والاتفاقيات مع الأطراف الأجنبية - تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم – إعلان حالة الحرب بعد موافقة مجلس الشعب –رئاسة مجلس رؤساء الهيئات القضائية والمجلس الأعلى للشرطة) .

الحزب «الوطني» أحكم بالتالي سيطرته على الانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث تجنب ترشح المستقلين دستورياً (ومنهم البرادعي وغيره) بعدما منع المعارضة (ومنها الإخوان) من الفوز بمقاعد تصل إلي 250 مقعدا في انتخابات المحليات والشورى والشعب التي شهدتها مصر علي التوالي عامي 2009 و2010 ، وأفسح المجال فقط لترشح شخصيات من أحزاب معارضة لا تمتلك قاعدة شعبية تؤهلها لمنافسة حقيقية في الاستحقاق الرئاسي ولكنها رشحها وضمن فوزها، كديكور لاستكمال «الصورة الديمقراطية» التي تستلزم منافسة تعددية وفق التعديلات الدستورية لعام 2005.

فنتائج انتخابات المحليات ثم انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في منتصف العام الجاري ثم انتخابات مجلس الشعب، حسمت بالتالي أسم مرشح الحزب المقبل للرئاسة، والذي سيكون قطعاً هو مرشح الحزب الوطني كرئيس قادم لمصر، ولذلك بات السؤال ليس عمن يفوز من الأحزاب، ولا من يفوز من الحزب الوطني في ظل تأكيد قادة الحزب أن المرشح لانتخابات 2011 هو الرئيس مبارك، وإنما السؤال هو من يفوز في حالة عدم ترشح الرئيس مبارك، وهل سيكون هو نجله أم تطرأ تطورات أو ظروف في علم الغيب، تدفع الحزب للاختيار بعيدا عن أسماء أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الـ 38 ؟!.