رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جدل المادة "219" فى دستور الثورة

المستشار محمد حامد
المستشار محمد حامد الجمل

أثارت المادة 219 جدلاً كبيراً بين الأحزاب والقوي السياسية، وأجمع فقهاء القانون علي ضرورة إلغائها، لما لها من مساوئ تهدد المجتمع المصري، فتلك المادة المفسرة للمادة الثانية من الدستور تمنح هيئة كبار العلماء سلطة التحكم في إصدار القوانين، الأمر الذي يتناقض مع مبادئ الدولة المدنية ويحولها إلي دولة دينية.

وقد تمسكت الأحزاب الدينية خصوصاً حزب «النور» السلفي الذي قرر المشاركة في لجنة الخمسين من أجل الإبقاء عليها، وهو ما يعد تمهيداً للانسحاب من اللجنة، فقيادات النور علي دراية كاملة بأن المادة 219 لن يتم الإبقاء عليها لما لها من سلبيات.
وتنص المادة 219 علي أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة».
يقول المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق: يتصف دستور 2012 بأنه دستور إخواني يؤسس لدولة إخوانية بحجة الإسلام.
وأضاف أن الدستور يتضمن أحكاماً انتقامية ولا لزوم لها، ومن بين الأحكام التي تؤكد «أخونة» الدولة وتتناقض مع الدولة المدنية والديمقراطية الحديثة، نص المادة 2 الخاص بالشريعة الإسلامية، والمادة 219 التي تفسر هذه المادة، فالمقصود بهما إنشاء دولة «ولاية الفقيه»، إذ إنهم جعلوا من هيئة كبار العلماء جهة وصاية علي ممثلي الشعب في البرلمان، فيما يتعلق بالجانب التشريعي، وجهة المراقبة علي البرلمان في عملية التشريع، مع جعل النقل من فقه الشريعة الإسلامية في القوانين مقصوراً علي مذاهب السنة.
بينما العرف التشريعي المصري منذ عام 1929 انتقي من بين المذاهب الشرعية المختلفة، سواء كانت سنة أو شيعة، ما يتفق مع المعاصرة والمصالح القومية للشعب المصري، وتمثل ذلك في قانون الأحوال الشخصية وقانون الوصية والمواريث والقانون المدني.
كما يتفق أيضاً قانون العقوبات مع المبادئ الشرعية الأساسية في العقاب، وقد أثارت المادة 129 جدلاً كبيراً، فضلاً عن لغم آخر هو المادة الخاصة التي تنص علي أن «تكفل الدولة والمجتمع حماية الأخلاق والآداب العامة، ما يهدد بإنشاء جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي نشط بعضها بعد صدور الدستور في الصعيد والوجه البحري، وتمثل ذلك في الجريمة التي حدثت ضد الشيعة وعقاب بعض المجرمين وتطبيق حد الحرابة عليهم، وبالتالي فإنه يجب الإبقاء علي المادة الخاصة بالشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع دون هذه العيوب، لتكون في مواجهة دولة ديمقراطية مدنية حديثة.
وبالطبع فإن الأزهر وهيئة كبار العلماء محل تقدير واحترام ويجوز للبرلمان أو مجلس الوزراء طلب الفتوي من هذه الهيئة، ولذلك يري المستشار الجمل، أنه بات من الضروري إلغاء المادة 219 من الدستور حتي يتحرر التشريع من «ولاية الفقيه» من جهة، ولتكون الاستفادة بالرأي الشرعي غير ملزمة للسلطة التشريعية أو للدولة، لأن الشعب المصري هو مصدر السلطات وصاحب السيادة، فمصر دولة تطبق الشريعة منذ بداية الخليقة، وشعبها يقيم كافة أركان الإسلام، ويلتزم بالعقيدة والفرائض، فنحن شعب متدين، ولدينا قوانين عديدة خرجت من الشريعة الإسلامية، لذا لا نحتاج لمثل هذه المادة التي تمثل لغماً.
ويقول عصام شيحة، المحامي، عضو الهيئة العليا بالوفد: الوصف المبدئي للمادة 219 أنها مادة وهابية بعيدة عما توافر عليه الفقه السني أو فقه الأزهر، علي اعتبار أنها تتحدث عن القواعد الكلية أو الدليل الكلي، ونحن لدينا أوصاف محددة في الشريعة سواء «قطعي» أو «إجمالي» أو «تفصيلي»، فالدليل الكلي خطأ علمي يخالف القواعد الفقهية والأصولية، وعندما نتكلم عن الشريعة نبحث عن المصدر أولاً، ونحن لدينا اكتفاء عام، فالشعب المصري بطبيعته يعود للقرآن ثم السنة والإجماع، فالمادة 219 تحدث الإخوان عن قواعدها الأصولية ويراد بها أصول الفقه، فبحثوا عن الفروع وليس الأصول، وقد سعوا في هذه المادة إلي تغيير فلسفة الدولة من دولة مدنية إلي دولة دينية، كما ربطوا المادة الثانية بالرابعة بالمادة 76 أيضاً، لذا نجد أنهم في المادة الرابعة وضعوا الأزهر في باب مقومات الدولة رغم أنه هيئة مستقلة وخاصة، ولا يجب وضعه في المادة الثانية، كما وضعوا في المادة 76 ما نصه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني»، حتي يؤلوا نصوص القوانين ويجعلوها خاضعة للشريعة، لذا لابد من إلغاء المادة 219 علي

اعتبار أن المحكمة والأزهر الشريف وضعا تعريفات واسعة لمبادئ الشريعة الإسلامية، ولسنا في حاجة لتلك التعريفات التي وضعتها لنا جماعة الإخوان، والتيارات الإسلامية.
وأضاف «شيحة» أن حزب النور قد تحول في الآونة الأخيرة نظراً لتغير مراكز القوي في المجتمع، ولمشاهدته حالة الكراهية الشديدة في الشارع السياسي تجاه التيار الإسلامي واتجه محاولاً الاعتدال، وقد أبدي استعداده لتقديم بعض التنازلات، وهذه دلالة علي أنه يسعي لتحقيق مصلحته بأي شكل من الأشكال.
أما أحمد عودة، المحامي عضو الهيئة العليا بالوفد، فيقول: لابد من إلغاء المادة 219 لأنها تفتح الباب لاستطلاع رأي هيئة كبار العلماء وأهل السنة والجماعة، وهذا من شأنه أن يفتح الباب لتكوين جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والبحث عن تشكيل جمعية أهل الحل والعقل، مما قد يؤدي إلي مزيد من الخلافات وتعدد الآراء في الفترة القادمة، ويكفينا اعتبار الأزهر كمؤسسة دينية عريقة لها مركزها في مصر والعالم أجمع، كما أن استطلاع رأي الأزهر يغني عن كل ذلك، كما يغني عن الدخول في تفصيلات وخلافات لا داعي لها علي الإطلاق.
وأضاف عودة: سبق أن وضعها الإسلاميون في الدستور من أجل فتح باب الخلافات والمنازعات كما تمسك بها حزب النور و«أهل السنة» أيضاً في الوقت الحالي، وذلك من أجل النفاذ بها لأغراض خاصة في مصالحهم، فهم يرون تحقيق أهدافهم ومصالحهم، ولا شك أنهم من توابع جماعة الإخوان، رغم ادعائهم بانفصالهم عنهم، فهم جزء من الإخوان، وقد صمموا علي إبقاء المادة 219 في الدستور حتي ينفذوا أغراضاً في نفوسهم.
الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، يقول: «لابد من حذف هذه المادة لأنها لا وجود لها ولا أساس لها، فهي عبارة عن تفسير ليس موقعه النصوص الدستورية، وقد تفسر فيما بعد تفسيراً ضيقاً يؤدي لحدوث العديد من المعوقات في المجتمع، وقد قامت جماعة الإخوان بوضع هذه المادة في الدستور من أجل فتح باب الشيطان، وتقييد مصادر الشريعة الإسلامية ومبادئها، وحتي يصلوا إلي التفسير الضيق لمصادر الشريعة الإسلامية، ليدخلوا في خلافات مع السنة وضربهم مع الشيعة، وهذا ليس في مصالح الشريعة، لأن المبادئ في الشريعة الإسلامية عظيمة وثرية بل وكافية أيضاً لتحقيق مصالح المجتمع المصري في كل وقت وزمان، فنحن لسنا في حاجة لمثل تلك المادة التي يجب إلغاؤها.
الدكتور محمد الميرغني، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، يقول: لابد من إلغاء تلك المادة لما لها من سلبيات عديدة تعود علي المجتمع المصري الذي يسير علي مبادئ الشريعة الإسلامية ولا يحتاج لمثل هذه المادة، التي ليس لها أي داع، فكثرة النصوص في الدستور لا تجدي ولكنها تؤدي لمزيد من الارتباك، كما أنها من الممكن أن تضر ولا تفيد، فنحن شعب متدين ويسير علي مبادئ الإسلام.