عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قصة حياة "اللهو الخفى"

بوابة الوفد الإلكترونية

عندما ثار الشعب على الاحتلال والتف حول زعيمه سعد زغلول ظهر «الطرف الثالث» داعماً للشعب وثورته وكانت المرة الأولى التي يلعب فيها الطرف «الخفي» للصالح الوطني ومن أجل الأمة تحت مظلة الوفد.

بعدها ظهرت مسميات أخرى لهذا الطرف في حكم رؤساء مصر السابقين فهو «عملاء الغرب» في عهد عبد الناصر.. والقلة المندسة في عهد «السادات» والأيدي الخفية في عهد مبارك، وظهر الطرف الثالث جلياً في ثورة يناير في أعمال قتل وتخريب وتدمير وفتنة وألقيت الاتهامات على اطفال الشوارع والبلطجية والفلول وأعوان النظام السابق، لتكشف التحقيقات في البلاغات عن «الشبح» الذي يريد تدمير مصر.. لاعتلاء عرشها ولو على أنقاض الأمة!
وتعددت مسميات الطرف الثالث ما بين اللهو الخفي والثورة المضادة وأطلق شباب الثورة على هذا الطرف أحياناً «عفريت العلبة» وفي بداية الثورة كان الطرف الثالث في تصور الكثيرين هم «فلول النظام السابق» الذين سقطوا باندلاع الثورة وحبس رأس النظام وأنجاله وأعوانه وقيل ان هؤلاء تمتد ايديهم خارج السجن بالأموال لتمويل عمليات القتل والاحراق والاتلاف والبلطجة واشعال الفتن الطائفية في المحافظات وفي امبابة وشبرا وغيرها من المناطق ثم ما لبث أن اتجهت اصابع الاتهام الى المجلس العسكري الذي تولى ادارة البلاد وطالت الاتهامات وزارة الداخلية أيضاً، وخاصة في احداث محمد محمود ومجلس الوزراء والفتن الطائفية وكذلك أحداث استاد بورسعيد ولم يقنع الناس بوضع اطفال الشوارع والبلطجية في فوهة المدفع وتحميلهم المسئولية عن عمليات الإحراق والاتلاف وغيرها من اعمال التخريب وبعد صعود الاخوان الى الحكم «اختفى الطرف الثالث» لتتم انتخابات الرئاسة في امان بالغ كما حدث في عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية، ولم يظهر للطرف الثالث أثر في الانتخابات البرلمانية في كل مراحلها، وخلال انتخابات الرئاسة التي فاز بها الدكتور محمد مرسي بنسبة 51٪، عاش الشعب المصري بأمان كامل في الشوارع والميادين في المدن والقرى، وهنا بدأت التساؤلات تثار حول لغز اختفاء الطرف الثالث في كل ما يخدم صعود الاخوان للحكم وهذا الهدوء الذي يتم فيه هذا التصعيد وحالة «الاستقرار» في انتظار إحكام القبضة على الحكم.. وبدأت الاتهامات توجه الى صاحب المصلحة في كل الأحداث السابقة ومن استفاد منها.. وكثرت الاتهامات المباشرة الى «الاخوان» والتيارات الدينية بشكل عام في كل احداث العنف التي صاحبت الثورة والتي تلتها، بدءا من موقعة الجمل وقتل المتظاهرين واقتحام السجون وحرق الاقسام حتى قتل جنودنا على الحدود في شهر رمضان المبارك.. وحتى قصة «خطف الجنود» مؤخراً في سيناء، وعملية تحريرهم التي قيل انها تمثيلية مدبرة.
وهناك بلاغات رسمية مقدمة ضد الاخوان وقيادات التيارات الدينية بالمسئولية عن هذه الوقائع منذ الثورة وما بعدها.
وجاءت تفاصيل قضية الهروب من سجن وادي النطرون في اتجاه تأييد هذه الاتهامات حيث قام بها رجال من حماس «الحليف الأول» للإخوان وآخرون من حزب الله.
وفي شهادته أمام محكمة جنح استئناف الاسماعيلية في قضية الهروب من سجن وادي النطرون أكد اللواء محمود وجدي، وزير الداخلية الأسبق، أن عناصر من حزب الله قد تسللت بمعاونة عناصر من البدو في شمال سيناء عبر الأنفاق وقامت بمهاجمة السجون المصرية في وادي النطرون وأبو زعبل والفيوم والمرج وقاموا بإخراج العناصر التابعة لهم من السجون بالاضافة الى العناصر السياسية والجنائية الاخرى، وقال محمود وجدي إنه استمد هذه المعلومات من جهاز الأمن العام وجهاز أمن الدولة مؤكداً أن هذه المجموعات القتالية كانت مدربة على أعلى مستوى وقاموا بالخروج من الأنفاق واحتفلوا في غزة وبيروت، وأشار  الى أنه التقى اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية وقتها مؤكداً له أن جهاز المخابرات العامة رصد عناصر من كتائب القسام التابعة لحركة حماس وعناصر من حزب الله التي كانت عبارة عن 80 فرداً تقريباً وهربوا من الأنفاق الى غزة ومنها الى لبنان، بالاضافة الى تلقيه خطاباً من وزارة الخارجية في 18 فبراير 2011 بأن مكتب التمثيل في رام الله قد تلقى معلومات من مصادر بقطاع غزة عن وجود عشرات السيارات المهربة من مصر داخل القطاع وأنها مازالت تحمل لوحات شرطة وحكومة، كما شوهدت سيارتان تابعتان للأمن المركزي داخل القطاع.
وبهذا انكشف الستار عن الطرف الثالث في قضية اقتحام السجون وتهريب أكثر من 23 ألف مسجون وسرقة عدد كبير من الأسلحة اثناء الفوضى الأمنية التي حدثت بانهيار الشرطة في يوم 28 يناير 2011.
وللطرف الثالث حضور قوي في الأحداث التاريخية واختلف الدور الذي يلعبه والاتجاه الذي يتجهه باختلاف الأهداف، والطرف الثالث في اللغة هو كيان يسهل التفاعل بين طرفين كلاهما يثق في هذا الطرف وتستخدم هذه الثقة لجعل التفاعل بينهما آمنا لكن المعنى مختلف تماما في مجريات الاحداث التاريخية بمصر فهو غالباً طرف يصنع أزمات وأحداث عنف ويوجه مسار الامور لصالح طرف ضد آخر ولعل أشهر قصة بطلها «الطرف الثالث» والذي لم يظهر حتى الآن.. ذلك الطرف المسئول عن حريق القاهرة عام 1952 والذي راح ضحيته 26 شخصاً، كما دمرت النيران ما يزيد على 700 منشأة بين محلات وسينما وكازينو وفندق ونادياً في شوارع وميادين وسط المدينة، وكان في هذا الوقت حفلة ملكية واتصل فؤاد سراج الدين وزير الداخلية آنذاك بالملك يطلب منه الاستعانة بالجيش للسيطرة على الحرائق لأن الأمر أصبح فوق طاقة الحكومة والبوليس، ويقال: إن حيدر باشا وزير الحربية وقتها تباطأ في التدخل بهدف احراج الحكومة واختلف المؤرخون حول الفاعل في حريق القاهرة منهم من يقول إنه الملك فاروق ليتخلص من النحاس باشا بعد أن ساءت العلاقات بين القصر والوفد في أعقاب إلغاء معاهدة 1936 وهناك من يشير بالاتهام الى حزب مصر الفتاة والإخوان المسلمين.. ولم تظهر الى الآن حقيقة مؤكدة تدين أي طرف

ليبقى حريق القاهرة أكبر لغز اختفى فيه الطرف الفاعل. وإن كان قيام الضباط الأحرار بحركتهم بعد 6 أشهر فقط من الحريق علامة استفهام كبرى، في هذه القضية وهذا اللغز يشبه تماماً لغز حريق مجلس الشورى، وحريق مبنى الحزب الوطني الرئيسي في ثورة يناير أما في أعقاب ثورة يوليو فقد كان الطرف الثالث من وجهة نظر الرئيس جمال عبد الناصر هم رجال الملك من الاقطاعيين الذين تضرروا من قرارات الإصلاح الزراعي ودول الغرب التي سعت لتحطيم احلام الزعامة والتوسع واسماهم عبد الناصر بـ «عملاء الغرب» وأطلق السادات على أعدائه «القلة المندسة» في اشارة الى الشيوعيين ثم الجماعات الاسلامية التي كان مقتل السادات على يديها وأطلق مبارك «الأيدي الخفية» على اعدائه والطرف الذي يعبث بأمن واستقرار البلاد في اشارة الى الاسلاميين ودول غربية.
وكانت المرة الوحيدة التي كان فيها الطرف الثالث لصالح الأمة في ثورة 19 وفي كتابه «الكتاب الممنوع» أكد الكاتب الراحل مصطفى أمين أن سعد باشا زغلول زعيم الثورة أنشأ جهازاً استخباراتياً خاصاً بالثورة كان بمثابة «اليد السوداء» ضد الاحتلال الغاشم.
وهذا ما أكده عبد الرحمن فهمي في مذكراته وكان قائد هذا الجهاز أو هذا التنظيم.. وكانت هذه هى المرة الوحيدة التي كان فيها «الطرف الثالث» لخدمة ثورة الشعب ضد الظلم والاحتلال، وكما يؤكد الكاتب الكبير عباس الطرابيلي أن أحداً لم يعلم بهذا الدور الى أن تم القبض على عبد الرحمن فهمي ورشح سعد باشا زغلول وقتها النحاس باشا ومجموعة من كبار محامي الوفد للدفاع عن الرجل الذي خدم الثورة وجاهد ضد الاحتلال.
والطرف الثالث معروف في العام كله وهو الطرف الخفي المتآمر على المصالح العليا للبلاد وكان موجوداً في الثورة الفرنسية وهم المجموعة التي كانت تطالب بعودة الملكية ونجحت في ذلك لكن في ثورة 1919 كان الأمر مختلفاً تماماً فقد كان هذا الطرف يعمل لصالح الأمة ضد الانجليز والمتعاونين مع القصر ضد صالح البلاد.
ويشير الطرابيلي الى مبدأ مهم في التعامل مع هذه القضية وهو «البحث عن صاحب المصلحة» وعلى سبيل المثال في حريق القاهرة.. كان هناك من يريد اسقاط حكومة الوفد.. فهل هو القصر الملكي؟ هل هم الانجليز الذين ارادوا وقف العمليات الفدائية في القناة؟ وهنا نذكر أن الاخوان كان لهم دور كبير وعلى صلة قوية بالقصر الملكي كما فعلوها واتصلوا بالامريكان في أواخر عهد عبد الناصر.
وبرز الطرف الثالث أيضاً في أحداث المنشية ويقال انها عملية مفتعلة متورط فيها الإخوان، أما الرئيس أنور السادات - والحديث للكاتب عباس الطرابيلي - فقد أخرج الاخوان من السجون ليلاعب بهم الشيوعيين ثم حدث واتفق الإخوان والشيوعيون ضده أما عبد الناصر فقد اخرج الشيوعيين بناء على ضغط من خورشوف أما مبارك فحاول أن يقوم بنفس اللعبة لكنه تعلم الدرس من السادات الذي قتل على يد الجماعات الدينية فكانت هذه اللعبة خفية وغير معلنة، أما في ثورة يناير فقد اختلف الأمر وكان جزء كبير من الطرف الثالث خارجياً فهناك قوة أجنبية «تركب» الثورة منها أمركيا وحماس التي تتدخل لصالح الاخوان وهناك اسرائيل وهناك دول عربية تحاول اجهاض الثورة وأخيراً الاخوان أنفسهم وهناك شهادات مرتضي منصور وأحمد شفيق وأخيراً اللواء محمود وجدي الذي أكد ضلوع حماس وحزب الله لصالح الاخوان في احداث العنف والقتل وتهريب المساجين.
ويتوقع الكاتب عباس الطرابيلي أن يسعى الطرف الثالث وهو هنا أصبح معلوماً لإحداث وقيعة بين الجيش والشعب وذلك باندساس عناصر منهم ترتدي زياً عسكرياً مصرياً لضرب الثوار لقطع الأمل لدى الشعب في الحماية بالجيش.
فالإخوان دائما ما يتحركون في زاوية بعيدة عن الفهم للتخلص من معارضيهم وهم تعودوا على العمل «التحتي» خاصة أنها معركة الفرصة الأخيرة لهم وإن سقطوا في 30 يونيه سيكون السقوط الأخير والأبدي لهم.