رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

احذر.. قنبلة فى حائط منزلك.. والفاعل معلوم!!

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

من الأسلاك الموجودة فى أسواق العتبة وبولاق وأرض اللواء «مضروبة».. والخصوص أشهر أماكن التصنيع

الأسعار تنخفض بنسبة 25% عن المنتجات الأصلية.. والعشرات يدفعون أرواحهم سنوياً

السجن سنة والغرامة من 5 إلى 20 ألف جنيه عقوبة بيع الأسلاك المغشوشة وخبير قانونى يؤكد: ليست رادعة

 

عقارب الساعة تشير إلى السادسة صباحًا، خرج الأب كعادته ليبدأ يومه الشاق بحثًا عن رزق أسرته التى تقطن فى عزبة الهجانة بالقاهرة، وبعد مرور ساعات دق جرس الهاتف ليخبره أحد جيرانه بتفحم شقته.

حالة من الذهول أصابت الأب وهرع إلى منزله ليجد زوجته وثلاثة من أبنائه متفحمين، بينما استطاع 4 آخرون الهرب من نافذة المنزل، وبالسؤال عن سبب الحريق أخبره شهود العيان أن ماسا كهربائيا حدث بالشقة.

كانت هذه الواقعة مجرد حلقة فى مسلسل حرائق المنازل ودور العبادة والمصانع والتى كان سببها «ماسا كهربائيا»، مشاهد متكررة أثارت العديد من علامات الاستفهام حول السبب الحقيقى لتكرار هذا الماس.

فى فصل الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة يصبح استخدام التكييفات أمرًا حتميًا لدى الكثير من المواطنين والمؤسسات الحكومية والخاصة ودور العبادة، لتصبح الأسلاك الموجودة فى حوائط هذه المبانى بمثابة «قنابل» موقوتة قابلة للانفجار، خاصة إذا كانت الأسلاك «مضروبة» كما كشفت «الوفد» فى تحقيقها.

أسلاك كهربائية مضروبة اجتاحت الأسواق المحلية جاءت من الصين، يقبل الكثير من المواطنين على شرائها لتحقيق مكاسب خيالية لأصحاب محلات الأدوات الكهربائية من معدومى الضمير، حقائق صادمة كشفتها ندوة «الكابلات بين العلم والتطبيق» وكان أبرزها أن 70% من أسلاك الكهرباء فى مصر تم انتاجها من مصانع بير السلم.

وفى إطار ما سبق، وجه أيمن حمزة، المتحدث الرسمى باسم وزارة الكهرباء، تحذيرات شديدة للمواطنين بضرورة مراجعة الشبكة الكهربائية فى جميع المنازل بشكل مستمر والتأكد من كفاءة التشغيل لكل المفاتيح الموجودة فى المنزل، وتابع: «سخونة أى مفتاح تؤكد أنه غير قادر على الأحمال الكهربائية العالية».

1300 مصنع تنتج الأسلاك الكهربائية لتكفى حاجة السوق، بحسب آخر بيان لغرفة الصناعات الهندسية، مع الحرص على وضع علامات مائية، كما تضم وزارة الكهرباء الشعبة القومية للمواصفات الكهروتقنية والتى تتحقق من مواصفات الكابلات المصنعة، إلا أن القائمين على مصانع بير السلم استطاعوا تقليد هذه العلامات لخداع المواطنين.

فى الوقت نفس تشن قوات الأمن حملات متواصلة لضبط مصانع بير السلم المتخصصة فى إنتاج أسلاك الكهرباء، وكان آخرها فى دائرة قسم منشأة ناصر، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط صاحب مصنع أسلاك كهربائية «بدون ترخيص».

وأشارت التحريات إلى أن الخامات المستخدمة فى انتاج الأسلاك الكهربائية رديئة ومجهولة المصدر، فضلاً عن قيام أصحاب المصنع بوضع علامات تجارية مقلدة.

أرقام صادمة

وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن عدد الحرائق التى نشبت فى مصر خلال عام 2021 يبلغ 51533 حريقا، واحتل الماس الكهربائى المركز الثانى لأسباب نشوب الحرائق بنسبة 21٫1% أى بواقع 10863 حادث حريق، يليه الاشتعال الذاتى الذى نشب بسببه 6910 حرائق بنسبة 13.4%.

جولة ميدانية تكشف مفاجآت

جولة ميدانية أجرتها «الوفد» على عدد من محلات بيع الأسلاك الكهربائية بمناطق العتبة وإمبابة والوراق وأرض اللواء وبولاق الدكرور، لتكون مجرد عينة عشوائية بسيطة رصدنا من خلالها بعض المفاجآت حول أسباب تكرار الماس الكهربائى.

وقال صاحب محل أدوات كهربائية، إن الإقبال على شراء الأسلاك المضروبة كبيرًا جدًا خاصة من قبل المقاولين لتشطيب الشقق بعيدًا عن أعين أصحابها، فعلى الرغم من تحصيل مبالغ طائلة منهم لشراء أجود أنواع الأسلاك الكهربائية إلا أن المقاولين يفضلون شراء الأنواع الرديئة لتوفير الأموال لأنفسهم، حيث إن المكسب يصل إلى 25% مقابل 2% فقط للأنواع المعتمدة.

كما نوه بائع آخر إلى أن منطقة باسوس التابعة لمحافظة القليوبية تعد منبع ترويج الأسلاك الكهربائية المضروبة، على الرغم من حملات الحكومة عليها بشكل متواصل، وضبط الكثير من أصحاب مصانع «بير» السلم، وغالبا ما تكون هذه المصانع فى بدروم فى إحدى العمارات العالية محصن بجدران خرسانية كبيرة لحماية الأهالى من تلفيات الصناعة واحتمالية اشتعال النيران.

وأشار البائع إلى أن هناك مخازن أخرى فى منشأة ناصر، تعتمد على تصدير الأسلاك المضروبة للسوق المحلى غير مهتمين بعمليات العزل فى الصناعة، فمن المفترض أن تكون الأسلاك محمية بمادتى «بى فى سي» و«إكس إل بى إي»، ويكون العزل على درجة واحدة على امتداد الكابل، أما الكابل المضروب فيكون فى بعض المناطق سميكًا وفى أماكن أخرى شبه منعدم.

معلومات خطيرة كشفها لنا على حسين عبدالعال، كهربائى، حول كيفية اكتشاف الأسلاك المضروبة عند الشراء أو مدى قوة الأسلاك متواجدة داخل المؤسسات والشقق قائلا: إن أول طريقة يتم الكشف بها عن جودة السلك هى «الخامة» نفسها، فإذا تمكنا من لمس شعيرات الأسلاك الصغيرة داخل السلك الأساسى فهذا يدل على كون السلك رديئا، فالأسلاك الأصلية المعتمدة تكون متماسكة ومن الصعب الإحساس بالشعيرات الداخلية.

ثانى طريقة شرحها لنا «علي» تكمن فى تقشير السلك ونجرى تجربة بسيطة من خلال توجيه السلك للنار بواسطة «ولاعة» لمدة دقيقتين فإذا تم تقشير اللون الأسود الناجم عن الحرق ووجدنا لون شعيرات السلك أصبح أصفر قاتما بدلاً من الأصفر الفاتح فهذا يدل على أن السلك ذو جودة عالية، على العكس إذا وجدنا تبدل لون السلك من أصفر فاتح إلى اللون الأسود فهذا يدل على أن السلك مصنوع من خامات رديئة.

ونوه «على» إلى أن الأنواع الجيدة من السلك تبدأ ب350 جنيها للفة الواحدة «1.5» ملى، والدرجة الثانية تتراوح بين 450 و 500 جنيه والأولى بـ 580 جنيها، بينما الأنواع المضروبة من الأسلاك لا تتجاوز اللفة قيمة 200 جنيه

كما شرح «علي» للمقيمين داخل الشقق وأصحاب المؤسسات الحكومية وغيرها طريقة يمكن من خلالها الكشف عن جودة السلك الموجود داخل الحوائط، وهل يستطيع تحمل ضغط سحب الكهرباء فى فصل الصيف أم لا فى الوقت الذى يقبل الكثير على تشغيل التكيفيات، قائلا: «ممكن نفتح بريزة من الحيطة ونعيد نفس التجربة السابقة من خلال الولاعة» وأضاف أن هناك طريقة أخرى أيضا من خلال جهاز الـ«أفوميتر» الذى يقوم بقياس جودة الكهرباء من أمام الشقق أو الكابل الرئيسى للمؤسسات، فإذا كان مستوى ضغط الكهرباء مثلاً 200 فولت، يتم قياس السلك الداخلى للشقة أو المؤسسة بعد فتح البريزة، فإذا كان المستوى 180 فهذا يدل على ضعف الأسلاك، مشيرا إلى ان المستوى الطبيعى لقوة السلك مع الـ200 فولت يتراوح بين 190 و195.

وعن سعر الأفوميتر، رد قائلاً إنه يتراوح بين 150و 600 جنيه على حسب جودة الجهاز.

خسائر بالملايين

وأكد الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، أن خسائر حوادث الماس الكهربائى والأسلاك المضروبة تقدر بالملايين، مشيرا إلى أنه مع ازدياد حدة الحوادث خاصة فى الفترة الأخيرة لابد من تشكيل لجنة لتحديد أسباب حدوث تلك الكوارث يكون أطرافها من لجنة الصناعة ووزارة الداخلية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة والأمن

الصناعى والمحليات.

كما حمل الدكتور السيد المسئولية الكبرى على المحليات التى تركت المواطنين فريسة لأصحاب محلات الأدوات الكهربائية وغيرها من الشركات المعنية بتأسيس الكهرباء للمؤسسات الحكومية والخاصة.

كما نوه الخبير الاقتصادى إلى دور وزراة الكهرباء فى عمليات التفتيش على جميع المؤسسات الحكومية وعمل اختبارات للأسلاك المستخدمة حتى نتجنب تكرار تلك الحوادث مستقبلا، خاصة أنها تستنزف موارد الدولة الاقتصادية فى إعادة البناء مرة أخرى.

وتابع: لدينا صناعة قوية جدا خاصة فى إنتاج الأسلاك الكهربائية فى مصر، ومنها شركات تعتبر منتجاتها من أهم المنتجات فى العالم والتى تتميز بالجودة والمواصفات العالية، ومعظمها يدخل فى العديد من المشروعات القومية العملاقة فى مصر، موضحا أن المشكلة الحقيقية تكمن فى بعض المقاولين الذين يقومون بأعمال التركيبات الكهربائية فى المساكن، أو المستهلكين الذين لا يعطون الثقة الكاملة للمنتج الوطنى، بالإضافة إلى انتشار الفساد سواء بين العاملين فى المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة لتحقيق الثراء السريع، وغياب الضمير الإنسانى والمهنى فى تنفيذ المشروعات من خلال استخدام المواد المغشوشة والمضروبه التى تسىء إلى المنتج المحلى وتتسبب فى تحقيق خسائر مادية وبشرية.

ومن أهم الحوادث التى نتجت عن الماس الكهربائى الحريق الذى وقع فى منزل الفنان إيهاب توفيق بمدينة نصر، وأسفر عن وفاة والده واختناق بعض العاملين.

وفى واقعة مأساوية أخرى تفحمت جثث 3 أطفال فى حادث حريق بشقة بالطابق الخامس بشارع العشرين بحى ثانٍ بمدينة الإسماعيلية لنفس السبب، وأشارت التحريات إلى أن الدفاية الكهربائية كانت السبب فى وقوع الحريق، حيث لم تحتمل الأسلاك قوة الكهرباء، ما تسبب فى اشتعال الحريق داخل غرفة الأطفال الثلاثة وأعمارهم 3 و4 سنوات ورضيع 6 أشهر، بينما كانت والدتهم خارج الغرفة ولم تصب بشىء.

قبل ذلك كانت غرفة عمليات شرطة النجدة قد تلقت بلاغا بنشوب حريق داخل مبنى التأمينات الاجتماعية بالجيزة، وتم الدفع بعدد من سيارات الإطفاء لمكان الحريق، مع فرض كردون أمنى بمحيط الحريق لمحاصرته ومنع امتداده حيث تمت السيطرة عليه.

عقوبة غير رادعة

هذه الحوادث معرضة للتكرار مرارا مادامت الأسلاك المضروبة منتشرة فى كل مكان بمصر، ويقبل المستهلكون على شرائها؛ نظرا لانخفاض أسعارها وبالتالى فالكوارث ستحدث دائما.

ورغم أن القانون ينص على عقاب من يقومون بترويج مثل هذه الأسلاك، إلا أن هذه العقوبات ليست رادعة، وفقا لما قاله الخبير لقانونى محسن أبوضيف المحامى بالنقض والدستورية العليا، مشيرا إلى أن التلاعب فى بيع الأسلاك الكهربائية يعد ضمن الغش والتدليس فى العمليات التجارية، وهو يخضع للقانون رقم 48 لسنة 1994 الخاص بالغش التجارى والذى نصت المادة الأولى منه على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 29 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بهاتين العقوبتين، كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأى طريقة.

وأكد «أبوضيف» أن تلك العقوبة لا تناسب هذه النوعية من الغش والتدليس فى العمليات التجارية والتى تعرض حياة الملايين من المواطنين للموت حرقا.

نصائح للوقاية من حرائق الماس الكهربائى

عدم ترك الأجهزة الكهربائية فى وضع تشغيل عند مغادرة المنزل لمدة طويلة، ويجب فصل التيار الكهربائى عنها.

يجب عدم تحميل أى مخرج كهربائى بعدد كبير من الأجهزة، ما قد يؤدى إلى سخونة فى المفاتيح أو التوصيلات الكهربائية وعند تلف أحد المخارج يراعى إصلاحها بواسطة المختصين فى مجال الكهرباء.

عند ملاحظة انبعاث رائحة حريق أو تصاعد أدخنة أو صدور شرارة من الأجهزة أو الأسلاك الكهربائية، يجب فصل التيار الكهربائى فورا واللجوء إلى فنى صيانة متخصص فى الكهرباء لإصلاح العطل قبل إعادة توصيل التيار الكهربائى مرة أخرى.

يجب التأكد من أن جميع الأجهزة المنزلية الخاصة بك تحمل ملصقا يؤكد أنها قد مرت باختبارات السلامة الضرورية وذات مواصفات قياسية.

اختيار السمك الملائم للأسلاك المستخدمة فى التوصيلات الكهربائية داخل المنزل، ووضعها فى مواسير معزولة وإجراء الكشف والاختبار الدورى عليها، لأن عدم مراعاة ذلك قد يؤدى إلى تحميل الأسلاك فوق قدرتها المصممة لها، ما قد يؤدى إلى ارتفاع حرارتها وانصهار عازلها، فتصبح مصدر خطر عن طريق لمسها بطريق مباشر أو غير مباشر وقد ينتج عن ذلك نشوب حرائق.

- اجعل جميع التوصيلات الكهربائية بعيدة عن أماكن السير، خاصة الأماكن التى فى متناول الأطفال وتجنب تمرير الأسلاك فوق أو بالقرب من مصادر الحرارة كالدفايات أو الأفران، أو الأماكن التى توضع بها قطع الأثاث الثقيلة حتى لا يتسبب ذلك فى قطع داخلى بالأسلاك.