رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المصارحة..الحل السحري لوأد الفتنة الطائفية


المصارحة هي البوابة السحرية لأزمة فتنة إمبابة الطائفية وعشرات الفتن الأخري التي اندلعت والتي سوف تندلع مستقبلا .. المصارحة بأسباب الأزمة هي المدخل الطبيعي الصحيح لحل المشكلات التي تظهر ، ومن ثم وضع الحلول القانونية لها بدون أي ظلم لأي طرف. من هذا المنطلق ـ المصارحة - أتصور ـ اجتهادا مني - أن هناك ستة أسباب للفتنة الطائفية في مصر هي بدون تجميل وكي نضع الحلول الجذرية لإنهاء هذه الفتنة التي تهدد الثورة واستقرار مصر ما يلي:

(السبب الأول) : تحرج أو عجز أو تدليل نظام الحكم السابق لقيادة الكنيسة فيما يخص معالجة قضايا التحول الديني واحترام أحكام القضاء ، بما أظهرها أمام المسلمين – كما يقول مفكرون وخبراء أزمات - كدولة داخل الدولة حتي أطلق عليها البعض مجازا تسمية (دولة العباسية) .

وهو ما ظهر في مواقف كثيرة أخطرها رفض قيادة الكنيسة تنفيذ أحكام القضاء ، وليس آخرها رفض طلب النائب العام جلب كاميليا شحاتة للنيابة لتبيان حقيقة موقفها الديني لإسدال الستار علي مظاهرات السلفيين ، وهو تدليل كان يقابله في بعض الأحيان محاولات أمنية غبية (سابقة) من نفس هذا النظام السابق الفاشل الباحث عن أمن (النظام) لا (الدولة المصرية) لتأديب الكنيسة وتطويعها بالقوة عبر تفجيرات ثبت وفق شهادات ظهرت بعد الثورة تورط جهاز أمن الدولة بها كحادث كنيسة القديسين !؟.

(السبب الثاني) هذا التحرج من جانب الدولة في العهد البائد أو العجز أو التدليل – بحسب التسميات المختلفة للمفكرين والتيارات الاسلامية - لقيادة الكنيسة نتج عنه حالة من التجييش من قبل الكنيسة لأتباعها حول البابا ونشوء أو تعاظم الولاء للكنيسة لا للدولة المدنية المصرية (مظاهرات ماسبيرو رفضت شعارات ارفع راسك فوق أنت مصري واستبدلته بشعار أنت قبطي) .

وهذا التجييش ، أنتج شعورا مسيحيا جياشا أكثر تشبثا بما اكتسبته الكنيسة ، وصل لرفض أي أحكام قضائية من الدولة المصرية لصالح رعايا أقباط ضد الكنيسة ، ورفض مطالبات من أجهزة الدولة بالاستجابة لقواعد قانونية بعينها سواء فيما يخص بناء كنائس أو الكشف عن مكان متحولات من المسيحية للإسلام برغم نفي الكنيسة إحتجازهن ( فتاة إمبابة أحرجت الكنيسة عندما كشفت علنا احتجازها داخل كنيسة إمبابة رغم إشهار إسلامها والنية لإجبارها علي التحول للمسيحية مرة أخري في السجل المدني) .

والمشكل هنا أن هذا الشحن أدي بجموع الاقباط المعتدلين المتدينين لاعتبار أي ضغط علي الكنيسة للتوقف عن هذا الخروج عن قوانين الدولة المصرية نوع من التمييز والاضطهاد ، أو هكذا سعت أطراف قبطية متشددة لإظهار الأمر إعلاميا .

(السبب الثالث) هو الاحتقان السلفي والاسلامي عموما الذي نشأ نتيجة الشعور بتدليل النظام السابق لقيادة الكنيسة (لأسباب تتعلق بحفظ أمن النظام لا أمن مصر ) وظهور الدولة بمظهر العاجز أمام الكنيسة فيما يخص تطبيق القانون في حالات بعينها أثارت جدلا ، ربما أخطرها مسألة إخفاء متحولات للإسلام (خصوصا بعض زوجات الكهنة لما يسببه هذا من حرج للكنيسة) ، فضلا عن الدعوات لمساواة بناء الكنائس بالمساجد في دولة أغلبيتها مسلمة ، ومطالبة قيادات كنسية بإلغاء المادة الثانية المتعلقة بالشريعة الاسلامية من الدستور .

وقد حاولت هذه التيارات الاسلامية التنفيس عن هذا الاحتقان باحتجاجات أو مظاهرات علي أوضاع خاطئة تتعلق بإجبار مسيحية أسلمت علي العودة للمسيحية ، وانتقدوا عدم قدرة الدولة الاسلامية (بحكم الأغلبية المسلمة) علي حماية هذه المسلمة الجديدة ، ولكنهم تعرضوا بموجب هذه الاحتجاجات للقمع والاعتقال بدعوي تأجيج الفتنة الطائفية .

ولهذا ما إن انتهي القمع الأمني لهذه التيارات الإسلامية بسقوط النظام السابق حتي بدأت هذه التيارات الاسلامية تخرج للشارع معبرة عن رفضها (بغضب وربما تطرف زائد ناتج عن الشحن والاحتقان) للوضع السابق ، ما استفز الأقباط بدورهم ، الذين تصوروا – بفعل الشحن الاعلامي المشوه للتيارات الاسلامية خصوصا السلفية وتصويرهم كوحوش انطلقت من أقفاصها ، وبفعل الشائعات التي تلعب أجهزة استخبارات أجنبية دورا كبيرا فيها - أن المظاهرات تستهدف الحجر علي المطالب الشرعية القبطية بحرية الاعتقاد وممارسة الدين ، أو تستهدف إقتحام الكنيسة الكاتدرائية أو سلب الأقباط مكاسب دينية بعينها.

(السبب الرابع) : قبالة هذه الأخطاء من جانب الكنيسة ، ظهرت أخطاء مماثلة في المؤسسات الدينية الاسلامية في الأزهر والأوقاف تحديدا ، بسبب الصمت عن الممارسات الطائفية الخاطئة من الجانبين القبطي والمسلم ، والتعاون مع جهاز أمن الدولة السابق في مؤامرة الصمت والتكتم علي مشكلة المتحولات دينيا ، بل وقمع التيارات الاسلامية عموما وإيكال أمن الدولة مهمة إدارة مساجد الأوقاف وفصل وتعيين من يراه الجهاز متعاونا مع أمن النظام .

سلفي يكسر رجل مسيحي بسبب قشرة موز !

(السبب الخامس) : هو التفزيع الاعلامي الخاطئ من السلفيين ، وهذه هي أخطر القضايا علي الاطلاق ، وقد أشار لها أكثر من خبير سياسي وإعلامي مصر .. ففي ظل سيطرة قوى مناوئة للإسلاميين أو المتدينين عامة والسلفيين خاصة على وسائل الإعلام ، كان من الطبيعي أن تنشأ حالة من (خلق العدو) أمام بعض وسائل الاعلام لتنفيس حالة الغضب فيهم وتحميلهم مسئولية كل ما يجري من فوضي .

و(العدو) في هذه الحالة بدأ بترويج (فزاعة الاخوان) ، فلما ظهر إعتدالهم ، تم اللجوء إعلاميا لـ (فزاعة السلفيين) التي جرت تغذيتها بقصص وهمية ثبت أن السلفيين لا علاقة لهم بها مثل (هدم المقابر وحد قطع الأذن!!) ، فظهرت التيارات السلفية الحقيقة ككبش فداء وفزاعة كان أثرها الأخطر هو إرهاب الأقباط وزرع خوف في قلوبهم من خطر وهمي.

فبعض وسائل الاعلام انطلقت عقب الحرية التي أنعمت بها ثورة 25 يناير عليها تبحث عن أي سبق صحفي أو تهييج أو إثارة تضمن بها الرواج دون أي ميثاق أخلاقي أو مهني ، ولم تجد – بحكم سيطرة مناوئين للاسلاميين عليها – سوي فزاعة السلفيين لتحملهم عناوين صارخة خرجت بها الصحف والفضائيات والمواقع الالكترونية مثل (مصر تحترق) و( مصر في خطر) و(انقذوا مصر ) و(شبح السلفية يهدد مصر) !! وهي سياسة إعلامية فاشلة تعتمد أساليب الولولة والتحريض بدلا من وضع الحلول وتحرر الحقيقة والبحث عن أسباب الأزمة لعلاجها !.

ناهيك عن نشر أخبار خبيثة لا يخفي الهدف من تسريبها علي أصحاب العقول من الصحفيين والاعلاميين ، وليس هناك أي دليل واحد عليها ، مثل مزاعم خطف مسيحيات أو إلقاء ماء نار علي وجه سافرات غير محجبات ، أو دعم تيارات سعودية سلفية للسلفيين المصريين بملايين الدولارات لأسلمة مصر وتسهيل اكتساح الاسلاميين للانتخابات المقبلة !؟.

والملفت هنا أن السلفيين الحقيقيين سخروا علي مواقعهم من هذه الاتهامات بموضوعات مثل : (اخطفني شكرا) ردا علي ما قيل عن خطفهم فتيات ، و كتب أحد السلفيين ساخرًا علي (منتدي البشارة الدعوي) قصة ساخرة متخيلة تعبر عن غضبه مما يلفقه الاعلام للسلفيين فقال : (مسيحي داس علي قشرة موز واتزحلق ورجله انكسرت، سأل "مين اللي رما الموزة دي؟" قالوا: الواد بولس، طيب مين اللي اداله الموزة؟ قالوا : أبوه .. طيب من أين اشترى الموز؟ من عند حنا الفكهاني ...اممم طيب حنا الفكهاني بيتعامل مع أي تاجر؟ بيتعامل مع مايكل من شبرا .. سأل : طيب مايكل بيتعامل مع أي تاجر؟ بيتعامل مع الشيخ أحمد السلفي. يا نهار أسود السلفي كان هيموتني" .. في الصباح تنشر الصحف الخبر كالتالي : (سلفي يكسر رجل مسيحي بسبب قشرة موز) !؟.

والملفت هنا أن (الأهرام) نقلت عن جهات تحقيق أمنية أنه : "تم القبض علي عشرة بلطجية ممن شاركوا في حرق كنيسة العذراء وعثر بحوزتهم علي أسلحة وسنج وزجاجات مولوتوف وتبين أنهم مسجلون جنائيا سرقة ومشاجرات وليست لهم علاقة بالسلفيين واعترفوا بأنهم فعلوا ذلك انتقاما لما سمعوه عن مصرع بعض المسلمين أمام كنيسة مارمينا" .

ثعابين الخارج تلدغ الداخل

(السبب السادس) : التأجيج الأجنبي لهذه الفتنة الطائفية والمصادمات أو التدخلات الأجنبية (الغربية والصهيونية) التي حذر منها الجيش نفسه ورئيس الوزراء والإخوان وغالبية التيارات السياسية لإشعال وتأجيج الفتنة بين المسلمين والأقباط لإفشال الثورة لأن مصلحة هذه الجهات الأجنبية هي عدم نجاح واستقرار الثورة .

فليس سرا أن أحداث الفتنة الطائفية المفتعلة والخروقات الأمنية المتعددة التي تجري من حين لآخر في مصر بصورة تكاد تكون منظمة ومشبوهة ، يجري تذكيتها بصورة لا لبس فيها عبر أعمال استخبارية من قبل أمريكا وإسرائيل وعبر دعم من الكونجرس والفاتيكان ( الفاتيكان عاد للتدخل مرة أخري كما فعل عقب تفجير كنيسة القديسين وطالب بتدخل دولي لإنقاذ أقباط مصر!) ، لأنهم لن يتركوا الثورة المصرية في حالها أو أن يهنأ المصريون بثورتهم التي تؤثر علي مصالحهم في المنطقة دون أن ينغصوا عليهم حياتهم !.

فأمريكا وإسرائيل لن تترك المصريين يهنأون بثورتهم ويعرقلون مصالحهم في المنطقة بعد ثورتهم ، وينشئون نظاما مصريا محترما قويا يتعامل مع واشنطن وتل أبيب بندية واضعا مصالح شعبه قبل اي اعتبار ، بعدما انصاع لها النظام السابق وأصبح تابعا لهم ، وأهدر مصالح مصر لخدمة مصالح خارجية أخري أملا في حفنة دولارات ومصالح شخصية !؟

وهناك خطط إستراتيجية أمريكية إسرائيلية منشورة – وما خفي كان أعظم – لتأجيج الفتن في مصر خصوصا الفتنة الطائفية كونها الأخطر تدميرا لمصر ، بعدما أغاظتهم صلاة المسلمين والأقباط معا أمام العربات المصفحة وخراطيم المياه أثناء الثورة ، ومساندة القبطية للسلفي في وضوئه ، ودفاع الاخواني عن القبطي في ميدان التحرير ؟ .

ولا يمكن هنا إنكار الانزعاج والقلق الصهيوني من ثورة مصر التي وضعت القاهرة علي الخط الصحيح لقيادة المنطقة وعودة دورها الإقليمي القوي كما كان سابقا ؟ وهو التوجس الذي يترجم في لغة أجهزة المخابرات الصهيونية غالبا لخطط لتأجيج الفتن في مصر والدول العربية الأخري التي تخشي تل أبيب أن تتفرغ لها وتعاديها بقوة بعد التخلص من حكامها الفاسدين الذين كانوا ألعوبة في ايدي الصهاينة والأمريكان ، دون أن ننسي أن هناك خططا إسرائيلية إستخبارية موجودة من البداية وتنفذ ولكن حان الوقت لتنشيطها وتأجيجها ؟! .

وهنا نتذكر ما كشفه رئيس المخابرات الحربية الصهيونية (أمان) اللواء عاموس يادلين، خلال خطاب تنحيه وتولي غيره في نوفمبر 2010 عندما قال إن " مصر تقع في القلب من أنشطة جهاز المخابرات الاسرائيلي، ولا تزال تشكل أحد أهم مسارح عملياته " وأن التركيز يتم عبر تأجيج الفتنة الطائفية !!.

فقد قال الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الصهيونية (أمان)، إن «تل أبيب» - رغم توقيعها معاهدة سلام مع القاهرة - لا تزال تعتبر مصر هي "الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية" ، وأن «إسرائيل» أحدثت «اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية في أكثر من موقع بمصر»، ونجحت ولا تزال في «تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي لتوليد بيئة مصرية متصارعة ومنقسمة إلى أكثر من شطر؛ لتهديد المجتمع المصري» !.

حقائق بدون تزييف

بقي أن نذكر عددا من الحقائق التي ثبت – برغم التهييج الاعلامي الفاشل من قبل صحف ومواقع صفراء وجهات لها مصلحة في هدم الثورة من الداخل والخارج – أنها أججت هذه الفتنة وتتطلب حلا جذريا منها :

أولا : أن فتاة إمبابة كشفت بما لا يدع

مجالا للشك – عبر فيديو خاص بها – أنها كانت محتجزة داخل كنيسة إمبابة بالفعل برغم أنها أشهرت إسلامها ، وهي أول مسيحية تتحول للإسلام تظهر وتكشف قصة احتجاز متحولين من المسيحية للإسلام (السلفيون يؤكدون أن عددهم 250 متحولا ومتحوله) ، ما يعني أن هناك سلوكا خاطئا من جانب بعض أقطاب الكنيسة يتعارض مع حرية العقيدة ويخالف قانون الدولة المصرية ، وينبغي تصحيحه فورا والامتناع عن هذه السياسة لأن عواقبها قد تحرق مصر بفتنة حقيقية متكررة ، وهو أمر يتطلب وضع (خارطة طريق) محددة أو قانون ، لمن يتحول عن دينه في مصر وتحديد دقيق لجهات حكومية تتولي هذا بعيدا عن المؤسسات الدينية .

وهنا نشير لأن (فتنة إمبابة) لم تبدأ مساء يوم السبت 7 مايو وإنما بدأت قبل ذلك عندما ظهرت قضية وفاء قسطنطين وماري عبد الله ، ثم تظاهر سلفيين أمام الكاتدرائية والمطالبة بإطلاق سراح كاميليا شحاته ، وعندما رفضت الكنيسة طلبا من النيابة لعرض كاميليا أمامها ، ثم ظهور كاميليا في قناة (الحياة) المتطرفة التي تهاجم الإسلام لتقول إنها مسيحية ، وتشكيك السلفيين في صحة ظهورها وما قالته . كما أن المشكلة لن تحل بحل أزمة كاميليا أو فتاة إمبابة لأن حالات التحول الديني بسبب تغير القناعات والايمانيات أو مشاكل الزواج الثاني والطلاق بالكنيسة ، لن تتوقف وهناك أزمة جديدة ظهرت في أسوان بتجمهر ألف مسيحى أمام كنيسة العذراء وسط مدينة إدفو الثلاثاء ، مطالبين بعودة فتاة مسيحية تدعى "كريستين وهبة" (17سنة) مختفية ، وتردد أن وراء الاختفاء قصة حب مع شاب مسلم وأنها تنوي التحول للإسلام .

ثانيا : أن من أجج أزمة إمبابة – بحسب وزير الداخلية - هو تاجر قبطي محسوب علي الحزب الوطني أطلق الرصاص علي المسلمين الذين تجمعوا أمام الكنيسة للمطالبة بظهور مسيحية أسلمت محتجزة في الدير بدعوي أنهم يسعون لإقتحام الكنيسة ، وأشعلها 10 بلطجية (مسلمين) مسجلين خطر ولهم سوابق ، هرعوا الي كنيسة العذراء المجاورة وألقوا عليها كرات النار بعدما شاهدوا إطلاق النار عليهم من التاجر القبطي ومن أسطح منازل أقباط وسقوط 238 مصابا أغلبهم مسلمون بخلاف القتلي الـ 13 (6 مسلمين و7 اقباط) .

ثالثا : أن حل هذه المشاكل بين المسلمين والأقباط لا يعني إطلاقا سلب الكنيسة حقا دينيا أو التشدد مع الأقباط وأخذهم بجريرة بعض المتطرفين أو المتشددين منهم أو أخطاء بعض قيادات الكنيسة (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وإنما بالمزيد من الطمأنة لهم ومزيد من الضمانات وتوضيح الحقائق ، والاحتكام للشريعة الاسلامية التي تعطي للقبطي نفس حق المسلم لا ينقص منه شيئا ، وتعاقب المسلم لو أذي قبطيا أو اعتدي علي كنيسة ، فضلا عن الاحتكام لقوانين الدولة عموما في العقاب لكل من يخطئ سواء كان مسلما أو مسيحيا ، دون أن يعني هذا تحميل كل المسلمين أو الأقباط أخطاء البعض منهم .

رابعا : أن من الضروري أن يدرك الأقباط وقيادة الكنيسة أن مصر (دولة إسلامية) أغلبيتها مسلمة سواء كان تعداد المسيحيين 25% كما يغالي البعض أو 5% كما تشير إحصاءات شبه رسمية – ومن ثم التعامل مع هذه الحقيقة وفقا للقواعد المقررة في كل دول العالم ، وبالتالي الإمتناع عن ترويج القصص المكررة التي تثير احتقان الأغلبية ، من أن مصر هي بلد الأقباط أصلا وأن المسلمين والعرب غزاة ، والمطالبة بإلغاء الشريعة الاسلامية (!) ، وأن الاحتكام لفكرة المواطنة المتصلة بالولاء للدولة المصرية ككل لا دولة الكنيسة الدينية الضيقة ، أفضل لهم حقوقيا وانتخابيا من الاحتكام للعصبية الدينية ، بدون الانتقاص من حق الكنيسة في رعاية رعاياها .

خامسا : إن مسارعة بعض الأقباط للاستنجاد بأمريكا والغرب والفاتيكان مرفوض ، فقد حمي الاسلام المسيحية طوال 14 قرنا في مصر وكل العالم ولم ينعم مسيحيو القدس بالسلام إلا في ظل الحكم الاسلامي ، نعم قد تكون هناك أخطاء من متدينين مسلمين وحماس زائد وشطط في العداء مع بعض الأقباط لا علاقة له بحقيقة الاسلام السمحة ، ولكن ما يزيد الأزمة اشتعالا هو مسارعة نفر من الأقباط فور الحادث للاعتصام بالسفارة الأمريكية ومطالبة أمريكا بالتدخل لحماية مسيحيي مصر ، وإعطاء الغرب أداة في يده للتدخل في شئون مصر ، ودون أن تعلن الكنيسة صراحة رفضها لذلك (!).

فلم تقتصر المطالب المسيحية علي الحماية وإنما بدأت تتصاعد مطالب أخري متطرفة تعجيزية مثل طلب نجيب جبرائيل بأن يعين أحد لواءات الجيش الأقباط كعضو في المجلس العسكري (!)، وأن يتضمن الدستور الجديد مادة صريحة تنص على أن "مصر دولة مدنية" وإلغاء الشريعة، وأن يتضمن الإعلان الدستوري مرسوما ينص على كوتة (حصة من المناصب) للأقباط والمرأة والشباب ، فضلا عن تساؤل القمص متياس منقريوس، كاهن كنيسة مار مرقص بعزبة النخل،: لماذا لا يكون نائب رئيس جهاز الأمن الوطني (بديل أمن الدولة المنحل ) مسيحيًّا؟!.

خامسا : أن يجري الاتفاق علي أسس حضارية للتظاهر تتضمن أماكن محددة للتظاهر بتنسيق مع أجهزة الأمن ولا تتضمن التظاهر أمام أجهزة الدولة الحيوية أو تعطيل المرور في الشوارع الحيوية مثل كورنيش النيل أمام ماسبيرو أو ميدان التحرير (إلا في جمعة فعاليات الثورة) أو مناطق الوزارات ، ويجري التعامل أمنيا وفرض هيبة الدولة بمنع ما يخالف هذا ، ولو بالقوة ، فالأمر لم يعد يحتمل والخسائر الاقتصادية والسياحية وتعطيل العاصمة بسبب هذه الاعتصامات التي تغلق الطرق ولا يمكن أن تكون هي الثمن الذي يدفعه كل المصريين بسبب الاحتجاج علي أزمة ما ، مهما كانت أهميتها .

سادسا : أن يجري تفعيل فكرة (بيت العائلة) التي اقترحها الأزهر الشريف بشرط ألا تتحول الي مجرد ديكور لتبويس اللحي كما كان يجري سابقا ، وإنما يكون بيتا شفافا حقيقيا لبحث حقيقة أي مشكلة والوصول للمخطئ ومعالجة المشكلة وفقا لهذا ولا تعلن النتائج إلا في نهاية حل الأزمة بشفافية وصراحة ، وتكون هذه خطوة وقائية قبل تدخل أجهزة الدولة في كل الأحيان لفرض القانون علي المخطئ أيا كان دينه .

الفتنة المفتعلة تبدو بالتالي أشبه بسلسلة أخطاء من الجميع .. من قيادة الكنيسة ومن بعض المتدينين أو التيارات الاسلامية غير المنتمية للتيارات السلفية المشهورة ، ومن المتحولات للإسلام وممن ساعدهن من بعض المسلمين في طريقة الاشهار أو اخفاء المتحولة للإسلام بنفس الطريقة المرفوضة التي تتبعها الكنيسة ايضا في إخفائهن عندما تستعيدهن ، أو الاحتجاج علي احتجازهن .. ومقتلعة أيضا من وسائل الاعلام التي خلقت عدوا وهميا من المتدينين والسلفيين والتيار الاسلامي عموما .

قد يكون العذر لكل هؤلاء أن النظام البائد السابق هو ما خلق هذه التعقيدات بعدما تمادي في ترحيل الأزمات الطائفية واحدة تلو الأخري أو استغلها استغلالا سيئا فقط لصالح حماية نظام مبارك لا لصالح أمن مصر القومي (أمن المسلم المسيحي معا) ، ولكن بعد الثورة وفي ظل المخاوف من استغلال هذه المشاكل في أزمات تعصف بأمن مصر كله لا وقت للتأجيل أو التضليل أو الاخفاء ، وإنما بالمصارحة وتفعيل القانون علي الجميع مسلمين ومسيحيين .

لقد حان وقت صحوة الثوريين الحقيقيين مرة أخري بعدما ركنوا للراحة فترة لإعطاء مؤسسات الدولة فرصة للاستقرار ، فقد استغل البلطجية والخاسرون من انتصار الثورة وأعداء الخارج هذه الاستراحة من محاربي الثورة ، للقفز علي البلاد وتأجيج الفتن ونشر الفوضي.