رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اغتيال البراءة

التحرش بالأطفال
التحرش بالأطفال

هل تصرخ العصافير؟! نعم.. عندما ينتزع ريش جناحها تصرخ لكن لا يسمع لها صوت.. كذلك يصرخ الطفل عندما تُنتهك براءته.. لكنه قد لا يستطيع الصراخ خوفا ورعبا أو صدمة من ذبح براءته مع كتم أنفاسه.. إنه أشد أنواع العنف الذى يمارس ضد الأطفال.

تكرار حوادث التحرش فى أى مجتمع بمثابة تهديد للقيم السائدة فيه، خاصة إذا كانت تمس الصغار، فبعد أن كانت الفتيات والنساء هن ضحايا هذه الحوادث دائما، دخل الأطفال دائرة الخطر لتصبح معاناتهم دائما وأبدا.. فأغلب قصص ظاهرة التحرش بالأطفال صادمة ومؤلمة خاصة إذا ما ارتكبت من أقرب الأقربين لإشباع الرغبات المحرمة لبالغ أو مراهق، وبمرور الوقت قد تشفى الجروح والندوب، إلا أن بعضها لا يمحوها الزمن، ولا يتجاوزها الطفل، ورغم محاولات دفنها فى طى النسيان إلا أنها فى بعض الأحيان تطفو مرة أخرى لتزداد المعاناة مهما مرت السنوات، رغم كل محاولات إعادة التأهيل التى تقوم بها الأسرة.

وبحسب دراسة أعدها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فإن نسبة كبيرة من ضحايا التحرش من الأطفال، والأخطر من ذلك أن أغلب «المتحرشين» يقعون فى البيئة المحيطة بالطفل ومعروفون لديه.

 

 

فقدوا حياتهم بسبب رغبة متوحشة

بأى ذنب قُتلوا؟!

وقائع التحرش بالأطفال التى حدثت خلال الفترة الماضية تؤكد أن ما يحدث فى مجتمعنا أصبح أمرا منافيا لكل قواعد الأخلاق والدين والعقل والمنطق، أجساد غضة لا تبدور عليها أى ملامح يمكنها أن تثير شهوة أو تشبع غريزة، ومع ذلك تعرض هؤلاء الصغار لمحاولات تحرش ومنهم من فقد حياته نتيجة لهذه الأعمال التى تحولت من تحرش إلى اغتصاب أدى إلى الموت.

آخر هذه الوقائع عرفت إعلاميا بفتاة المعادى التى تعرضت للتحرش داخل أتوبيس نقل عام أثناء عودتها من التمرين، وأكدت الفتاة «كنزى» أنها تعرضت لأسوأ موقف فى حياتها حينما قام الشخص الذى كان يجلس فى المقعد الخلفى فى الأتوبيس بملامسة أجزاء من جسدها، وانهمرت دموعها حينما تذكرت أنها حينما غيرت مكانها داخل الاتوبيس للهرب من تصرفات ذلك الشخص، قام بملاحقتها وجلس فى مقعد آخر وراءها مستغلا أن عدد الركاب فى الأتوبيس كان قليلا، وراح يمرر يده من جانب المقعد ليلامس جسدها مرة أخرى، مما جعلها تستغيث بالركاب الذين قاموا بالامساك بالمتحرش وتسليمه للشرطة وقررت النيابة حبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، وتبين أن المتحرش متزوج ولديه أبناء ومقيم بمنطقة العياط فى الجيزة.

وفى نفس الأسبوع تلقى رئيس مباحث قسم شرطة ثان الشيخ زايد بلاغا من الأهالى بضبط صاحب محل منظفات بدائرة القسم لقيامه بالتحرش بطفلة داخل المحل، واكتشفت إحدى السيدات الواقعة أثناء دخولها لشراء بعض المستلزمات منه، حيث وجدته يتحسس جسد الطفلة الصغيرة، فقامت بالاستغاثة بالمواطنين وتم ضبطه واقتياده إلى قسم الشرطة.

كما شهد قطار الصعيد المتجه من الجيزة إلى أسوان أحدث وقائع التحرش بالأطفال، حيث قام أحد السماسرة بالاعتداء جنسيًا على طفل لا يتعدى عمره 10 سنوات، مستغلا نوم أغلب الركاب، بينما قام أحد الأشخاص بتصوير الواقعة ونشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى، مما أحدث موجة من الغضب الشديد بين المواطنين، إلى أن تم القبض على الجانى منذ يومين.

وفى مدينة القاهرة الجديدة وأثناء لهو ثلاثة أطفال فى الشارع قام أحد الأشخاص باستدراجهم إلى سيارته ثم بدأ فى مواقعتهم، وتبين أنهم أبناء جيرانه الذين يقيمون معه فى نفس المنطقة، وقامت إحدى الكاميرات الموجودة بالمنطقة بتصوير الواقعة التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى، وخلال ساعات قليلة حقق الفيديو انتشارا واسعا محدثا صدمة فى الحى الهادئ.

وما زال الرأى العام يذكر طفلة المعادى التى استدرجها موظف مرموق أثناء بيعها المناديل الورقية فى الشارع، وقام بالتحرش بها فى مدخل عقار سكنى وتحرش بها، وصورته كاميرات الفيديو الخاصة بأحد معامل التحاليل، وصدر ضده حكم بالحبس لمدة 10 سنوات، وفى واقعة مشابهة استدرج ترزى طفلة إلى الأدوار العليا بأحد العقارات السكنية بمنطقة الطالبية وتحرش بها.

هذه الحوادث ليست الوحيدة التى ارتكبت ضد الأطفال خلال الفترة الأخيرة، فقد شهدت محافظة كفر الشيخ، واقعة تحرش موظف بطفلة داخل «كشك» خاص به، ووجهت له تهمة هتك عرض الطفلة بالقوة وتحت التهديد.

وفى محافظة الغربية استدرج عامل نظافة طفلتين إلى أرض زراعية بمنطقة منشية البكرى بمدينة المحلة الكبرى، محاولا التحرش بهما إلا أن الأهالى تمكنوا من الإمساك به وأبرحوه ضربا وأنقذوا الطفلتين.

كما تصدر موقع «تويتر»، «هاشتاج» يطالب بإعدام المدرس المتحرش، حيث قام مدرس يبلغ من العمر 76 عاما بالتحرش بطفلة صغيرة أثناء إعطائه درسا لها فى منزلها بمنطقة المقطم، فى غياب الأم التى استأمنت العجوز على طفلتها، حيث يكبر جد الطفلة بسنوات عديدة، وتركته معها بصحبة شقيقها وخرجت لقضاء بعض احتياجات المنزل، وقام أحد جيران الطفلة بتصوير الواقعة من شباك منزله المواجه لمنزل الطفلة، وأبلغ رجال الشرطة ليتم القبض على المتحرش بعد أقل من 12 ساعة.

وما زالت واقعة طفلة البامبرز حاضرة فى الأذهان حيث تعرضت الطفلة «جنى» التى كانت تبلغ من العمر عاما وثمانية أشهر فقط للاغتصاب من أحد شباب قريتها فى محافظة الدقهلية الذى يبلغ من العمر 35 عاما، حيث قام باختطاف الطفلة من أمام بيتها، مستغلا انشغال أسرتها فى صلاة الجمعة، وقام باغتصابها داخل عشة مهجورة لاشباع هوسه الجنسى، غير عابئ بصراخ البريئة وآلامها الشديدة، حتى فقدت الوعى بسبب الألم والنزيف، واعترف المتهم بجريمته التى بررها بـ«وسوسة شيطان» لينتهى به المطاف القانونى إلى صدور حكم بالإعدام ضده وتنفيذه بعد تأييد محكمة النقض للحكم، بينما دخلت الطفلة البريئة إلى غرفة العمليات فى محاولة لإصلاح جروح الجسد، أما جروح وانكسار النفس فلا أحد يدرى ماذا ستفعل بها!

الأمر كان أسوأ بالنسبة لـ«حمزة» الذى كان يجلس بأحد شوارع المطرية حيث تسكن أسرته بانتظار شقيقه الذى ذهب لشراء بعض الحلوى من الكشك القريب، فإذا بأخيه يكتشف اختفاءه بعد عودته، ليتم العثور عليه جثة هامدة ترقد بالشارع، بلا ملابس باستثناء «حفاض» يستر عورته، وكشفت التحريات أن عاطلين قاما باختطاف الطفل، ولم يمنعهما صراخه المستمر من اغتصابه ولأنه تعرف عليهما قاما بإلقائه من فوق سطح أحد العقارات، الغريب أن هذه الجريمة تبعتها جريمة أخرى أودت بحياة الأب أيضا بعد رفضه التنازل عن بلاغه ضد من هتكوا عرض ابنه وقتلوه، حيث تعرض للطعن من أسرة المتهمين.

وسبق هذه الواقعة مقتل الطفلة «زينة» التى لاقت حتفها فى مدينة بور سعيد بسبب قيام شابين من جيرانها باغتصابها فى مبنى تحت الإنشاء، وهو ما أثار حالة من النفور فى المجتمع وقتها نتيجة لتكرار مثل هذه الحوادث، ومع ذلك فما زالت هذه الكارثة مستمرة.

 

 

سوق مجانى للمتعة الحرام

الفضاء الإلكترونى.. غابة المتحرشين

ظاهرة جديدة يشهدها مجتمعنا بعد انتشار المحمول والإنترنت وهى ظاهرة التحرش الالكترونى، فكما أصبح كل شىء يتم عبر الانترنت أصبح التحرش أيضا يتم من خلاله، ومع اعتياد الأطفال على قضاء وقت كبير أمام أجهزة الكمبيوتر والانترنت أصبح الكثير منهم يتعرضون لهذه الظاهرة كثيرا، بل إن منهم من وقع فى براثن الاستغلال الجنسى بالفعل.

فى تعليقه على هذه الظاهرة يقول رضا عثمان الباحث الاجتماعى إن التحرش بصفة عامة هو سلوك انحرافى ينتشر فى أوساط الفئات العمرية المختلفة، ولكن التحرش الإلكترونى ينتشر أكثر بين فئة الشباب، عن طريق الاعتداء اللفظى بالرسائل والمقاطع، مما يوقع الإيذاء على الطرف الآخر.

وأضاف أن الذين يتحرشون بالأطفال 60٪ منهم معروفون عند الأطفال ويثقون بهم لكنهم ليسوا أعضاء فى الأسرة، كالخدم أو السائق أو أبناء الجيران، و30٪ منهم من أفراد العائلة كالآباء والإخوة والأعمام، و10٪ غرباء، وأثبتت الدراسات أن 26٪ من هؤلاء المتحرشين شباب أقل من 18 سنة.

وأوضح أنه من الأسباب الأسرية التى تسهل التحرش بالأطفال، كثرة غياب الوالدين أو أحدهما، والحرمان العاطفى، أو القسوة الزائدة مع الطفل، بالإضافة إلى تعدد القائمين على رعاية الطفل، ووجود الإدمان فى بعض الأسر.

وعن علامات تعرض الطفل للتحرش الجنسى، قال: ظهور مخاوف مرضية عليه، وتصرفات لا تناسب عمره، وقد نجده يؤدى بنفسه حركات معينة ككشف عورته وإهمال نظافته، بالإضافة إلى الخمول العام، وحدوث تغيير مفاجئ فى تصرفاته.

وأضاف «عثمان»: لا شك أن ظاهرة التحرش كغيرها من ظواهر الانحراف مرتبطة بالتطور الاجتماعى فى طرق التواصل بين الناس، فنلاحظ بدء ظهورها من خلال المعاكسات عند ظهور خطوط الهاتف الأرضى، ثم تطورت بعد ظهور الهاتف المحمول ثم من خلال منتديات الانترنت، حتى زادت حدتها مع ظهور مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعى.

وعن أسباب هذه الظاهرة، يرى الباحث الاجتماعى أن سببها الرئيسى هو ابتعاد الأجيال الجديدة عن قيم المجتمع الدينية التى تضبط سلوك الإنسان، بالإضافة إلى ضعف الرقابة الاجتماعية من الوالدين والأقارب حيث يسهل الانحراف بعيداً عن أعين الناس، فضلًا عن سهولة التخفى فى فضاءات الانترنت والتواصل الاجتماعى حيث الظهور بأسماء وهمية تتيح لصاحبها ممارسة التحرش وغيره من الانحرافات دون إظهار الهوية، إضافة إلى انتشار صور الانحراف فى الأعمال السينمائية مما يسهل تقليد المراهقين والشباب لما يحدث فيها.

وعن كيفية علاج تلك الظاهرة، أكد الباحث الاجتماعى أن غرس قيم الرقابة الذاتية المستقاة من تعاليم الدين التى تشكل حماية ذاتية من صور الانحراف المختلفة، هى أهم طرق العلاج لمواجهة هذه الظاهرة، وذلك بالرقابة الذاتية التى يصنعها الدين فى وعى كل إنسان وهى التى تضبط سلوكه دون الحاجة إلى أى سلطة خارجية، وليس هذا فقط حيث يأتى دور الأسرة فى التواصل الاجتماعى الحقيقى مع الأبناء بما هو مفيد لهم، وكسر العزلة التى تصنعها تطبيقات التواصل الاجتماعى.

وأكد دور المؤسسات والأندية الشبابية فى جذب الشباب لقضاء أوقات ممتعة بتنمية المواهب وتكثيف الأنشطة الرياضية والترفيهية التى تقدم لفئات المجتمع متعة تقتل فيهم الميل نحو التحرش وغيره من الظواهر، فضلًا عن وجود دور للدولة فى تغليظ عقوبات التحرش بكل أنواعه سواء واقعى او افتراضى على الانترنت، عن طريق تسهيل طرق التبليغ عن المتحرشين مما يسهل الوصول إليهم، ووضع التشريعات التى تعاقبهم.

واختتم كلامه مشددا على ضرورة ترشيد استخدام وسائل التواصل ومواقع الانترنت بالطريقة الإيجابية والبناءة، وعدم المساهمة فى نشر مقاطع التحرش أو الإثارة حتى لا تقع أمام أعين ضعاف النفوس ويحولونها إلى واقع بتطبيقها فى الشارع أو حتى داخل بيوتهم.

 

 

83٪ من الأسر يمتنعون عن إبلاغ الشرطة

القانون وحده لا يكفى

نصوص قانونية عديدة تجرم التحرش والاغتصاب وقد تصل العقوبة إلى الإعدام فى بعض الحالات، ومع ذلك فهذه القوانين لم توفر الحماية لآلاف الأطفال الذين يقعون فرائس لذئاب لا يعرفون معنى الإنسانية، الغريب فى الأمر أن أسر هؤلاء الأطفال غالبا ما يشعرون بالخزى والعار، ويتراجع الكثير منهم عن إخطار الجهات الرسمية خوفا من الفضيحة، وهذا الأمر يشترك فيه ضحايا التحرش فى كل مكان

وكشفت دراسة صادرة عن منظمة اليونيسيف أن 83% من الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسى فى العالم لا يبلغون عن الجريمة وقت حدوثها، ولكن مع تطور العلم والتكنولوجيا واجتياح الأجهزة الإلكترونية لأدق تفاصيل حياتنا وانتشار مواقع التواصل الاجتماعى، بدأت الأسر تتخلى تدريجيا عن خوفها وتخرج عن صمتها لتروى صوتًا وصورة ما حدث لأطفالهم من تحرش واعتداء جنسى، كما تناولت وسائل الإعلام المختلفة بعض قصص الأمهات والآباء ليقع المجرمون فى بعض هذه الجرائم تحت طائلة القانون.

من جانبه أوضح الخبير القانونى عمرو عادل أستاذ القانون الجنائى بجامعة المنصورة، أن التحرش فى القانون المصرى يندرج تحت بند «التعدى» والذى يشمل مفاهيم عدة من بينها الاستغلال الجنسى والفعل الفاضح والاغتصاب، وتتضاعف العقوبة إذا وقعت الجريمة على طفل، حيث أن المادتين ٢٦٨ و٢٦٩ من الباب الرابع من قانون العقوبات، تنص على أن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالسجن المشدد؛ واذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ١٨ سنة أو كان مرتكبها أو احد مرتكبيها ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة  ٢٦٧وهى أن يكون الفاعل من اصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما بالأجر عنده أو عند من تقدم ذكرهم، أو تعدد الفاعلون للجريمة، تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن ٧ سنوات وإذا اجتمع هذان الظرفان معا يحكم بالسجن المؤبد، وايضا ٢٦٩ التى نصت على أنه كل من هتك عرض صبى أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن واذا كان سنه لم يجاوز اثنتى عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة ٢٦٧ تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات.

وتابع «عادل» أن المادة ٣٠٦ نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ٦ أشهر وغرامة من ثلاث إلى خمسة آلاف جنيه كل من تعرض للغير سواء كان فى مكان عام أو خاص أو إتيان أمور أو إيحاءات جنسية سواء بالقول أو بالفعل بأى وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية فيما تغلظ العقوبة فى حالة تكرار الفعل بالحبس مدة سنة ويدفع غرامة مالية ما بين ٥ و١٠ آلاف جنيه أو هاتين العقوبتين.

ولفت إلى أن عقوبة التحرش تتجزأ حسب درجة التحرش بالنسبة للاطفال، حيث تنص المادة 116 من قانون الطفل على «أن أى شخص يقوم بالاعتداء على طفل يعاقب بعقوبة مضاعفة، أى أن العقوبة لو سنة تبقى سنتين وهكذا»، وعن الفرق بين التحرش وهتك العرض أوضح أن هتك العرض لابد أن يتضمن كشف العورة، فمجرد كشف العورة يجعل القضية هتك عرض وليس تحرشا، خاصة إذا وقعت للطفل دون سن الثامنة عشرة، وتبدأ العقوبة من ٣ سنوات وتصل إلى المؤبد فى حالة إذا كان مرتكبها من أصول المجنى عليه.

واختتم كلامه قائلًا: «عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتى ألف جنيه، ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه، وفى حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديهما الادنى والاقصى، كما جرم القانون التحرش من خلال الوسائل الالكترونية، وشدد العقوبة ليصبح التحرش جناية.

الدكتور أيمن أبوالعلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، تقدم بتعديل تشريعى لتشديد عقوبة التحرش بالأطفال، فى ظل تكرار مثل هذه الحوادث، وما يترتب عليها من أذى بدنى ونفسى للمجنى عليهم، وينص مقترح التعديل على إضافة فقرة جديدة لنص المادة 306 مكرر (ب) من قانون العقوبات لتكون العقوبة السجن مدة لا تجاوز 7 سنوات إذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لا يزيد على 12 سنة.

جاءت فلسفة التعديل على النحو التالى: إضافة ظرف مشدد جديد للجريمة وهو مراعاة صفة المجنى عليه عند وقوع الجريمة، من حيث «صغر السن – ضعف الإدراك – ضعف المقاومة – ضعف المجنى عليه بدنيا»، فهو نهج انتهجته الكثير من دول العالم لمكافحة الجرائم الجنسية ضد الأطفال بشتى أنواعها وصورها وتحقيقا للردع العام وإنذار الكافة بسوء عاقبة الإجرام، وتهديد المجرمين المحتملين لارتكاب الجريمة.

 

 

صداقة الآباء للأبناء والتوعية الإعلامية.. أهم الطرق

وقاية أطفالنا.. خير من العلاج

أوضع الخبراء روشتة لحماية الأطفال من كارثة التحرش التى أصبحت محيطة بهم فى كل مكان، سواء فى المنزل أو الشارع أو المدرسة أو على الإنترنت، مؤكدين أنه يمكن تدريب الأطفال على حماية أنفسهم من هذه الظاهرة التى تحرمهم من متعة الحياة وتترك ندوبا نفسية لا يمحوها الزمن.

وتقول الدكتورة رشا طه، أخصائى تعديل سلوك الأطفال والمراهقين، إنه فى بادئ الأمر يجب أن نقدم لأطفالنا ما يسمى التربية الجنسية للأطفال، وذلك لتأهيلهم للتعامل مع العالم الخارجى، مشيرة إلى ضرورة أن تكون الأم هى

المسئولة عن تغيير ملابس طفلها فى غرفة مغلقة، ثم يبدأ فى تعلم دخول الحمام بمساعدة والدته فقط، لافتة إلى أن ألف باء تربية هى أن نعلم أولادنا ألا يلمسهم أحد لمسة غير طبيعية، وأن يخبروا والديهم إذا شعروا بشىء غريب من أى شخص، وذلك لبناء جسور ثقة بيننا وبينهم منذ الصغر.

وطالبت الدكتورة «رشا» الأسرة بتوعية الطفل أنه فى حالة قيام أحد الأشخاص بلمسه بطريقة غريبة عليه أن يصرخ بأعلى صوته قائلا «لا» وإن حاول إجباره على ذلك فعليه منعه والهرب منه، كما يجب تحذير الطفل من الانفراد مع أى شخص بالغ فى مكان منعزل بعيدا عن الآخرين، بالإضافة إلى تعليم الطفل ألا يستجيب لدعوة رجل غريب يقترب منه بسيارته، أو إغرائه بأى شىء كالحلوى أو المال، وعدم الذهاب إلى أماكن خالية أو مهجورة.

ونوّهت إلى ضرورة تعليم الطفل أنه لا يوجد ما يسمى بالأسرار بينه وبين والديه، خاصة عندما تتعلق تلك الأسرار بجسده، سواء كان تحرشًا أو ضربًا أو مجرد لمسة بسيطة، وعلى الطفل أن يعلم أنه مهما كان السلوك الذى تعرض له مؤذيًا، فإنه يستطيع على أى حال أن يخبر أهله عنه، ودور الأهل هو إحاطة الطفل بالحب والحنان والإشباع العاطفى، حتى لا يبحث عنهما عند شخص آخر وينخدع بذلك، مطالبة بعدم ترك الطفل وحده فى الأماكن العامة كالأسواق والملاهى والمطاعم، كما يجب عدم السماح له بالنوم فى بيوت الأقارب والأصدقاء، حيث إن أغلب قصص التحرش تحدث هناك، بالإضافة إلى الحذر من ممارسة الوالدين العلاقة الجنسية قريبًا من الأطفال أو حيث يكون بإمكانهم سماع ما يدور بينهما أثناء ذلك.

والتقطت أطراف الحوار الخبيرة القانونية إلهام المهدى التى وضعت بعض النقاط للأطفال، فى حال تعرضهم للتحرش، مؤكدة أنه لا يمكن الاعتماد على الشق القانونى والجنائى فقط وإنما يجب العمل على عدة محاور بنفس الوقت، وهى توعية أبنائنا بمعنى التحرش، وكيفية عمل مسافة بينهم وبين الآخرين، وعدم السماح لأى شخص بالاقتراب من جسده سواء فى البيت أو المدرسة، وتنظيم حملات إعلامية بسيطة لتثقيف الأطفال بخطورة هذه الظاهرة تتناسب مع عقليتهم دون بث الخوف والرعب فى عقولهم وقلوبهم الغضة.

وتابعت «المهدى» أنه حينما يكون المتحرش هو الأب أو أحد الأقارب فإن العلاقة يجب أن تقطع فورًا ودون أى انتظار، فلا يمكن استمرار الحياة فى ظل وجود متحرش سواء كان أبًا أو أمًا أو قريبًا تحت أى حجة، وذلك لسببين: أولهما ألا يظل الطفل تحت الشعور بالتهديد بالتحرش، لأن عدم اتخاذ إجراء ضد المتحرش يغريه بتكرار فعله، وقد يضغط على الطفل معنويًا بحرمانه من بعض الأمور، ويشعر الطفل أنه لا يستطيع أحد فعل شىء له، وهو ما يجعله يخضع فى النهاية للمتحرش، وثانيهما ألا يشعر الطفل بالقهر والغبن، وأنه لا يوجد من يحميه أو يدافع عنه، وأن الأم وهى أقرب الناس إليه قد فضّلت مصلحتها فى استمرار العلاقة الزوجية على حمايته أو الدفاع عنه، وهذا يجعل الطفل يحمل درجة عالية من الكراهية للأبوين معاً، وتمتد هذه الكراهية للمجتمع كله، فيصبح الطفل عدوانيًا شديد الجنوح أو سلبيًا شديد الانطواء.

وأشارت إلى أنه يجب تعليم الطفل أن أفضل وسيلة عند تعرضه للتحرش هى الصراخ بقوة والرجوع ثلاث خطوات للخلف ثم الهرب فورًا من الموقع، واللجوء إلى الأماكن العامة القريبة أو إلى البيت، وعليه أن يخبر والديه عما حدث بأقصى سرعة، وعلى الوالدين ألا يُشعرا الطفل بالذنب أو المسئولية فهو ليس المخطئ بما حدث، مطالبة ببناء الثقة مع الطفل، والمتابعة اليومية له ومعرفة أحداث يومه ومن يُصادق وأين ذهب للعب، تُعد أمورًا ضرورية حتى يبوح بأسراره ومشكلاته.

وأكدت الخبيرة أن المشرّع المصرى حرص على وضع وتعديل نصوص تجرم وتعاقب الشخص المتحرش بشكل عام، لمواجهة هذا النوع من الجرائم الذى يتصف بالخسة والندالة الدخيلة على المجتمع المصرى الأصيل، ومع ذلك نواجه مشكلة قانونية كبيرة وهى أن قانون العقوبات المصرى لا يتضمن عقوبة خاصة بالتحرش الجنسى بالأطفال، لكن هذه الجريمة تندرج تحت جريمة التحرش بشكل عام، مطالبة بإعادة هيكلة القوانين الخاصة بالتحرش حيث يجب إضافة مواد تنص على عقوبات مشددة للتحرش بالأطفال بشكل منفصل، تتناسب مع بشاعة هذه الجرائم.

 

 

إعادة تأهيل الضحايا.. مسئولية الجميع

دار الإفتاء: إحدى الكبائر

جريمة لا إنسانية، اجتاحت مجتمعاتنا الإسلامية المسالمة، وراحت تغتال البراءة وتسلب أطفالنا أجسادهم وأرواحهم أيضا، وكما أقر القانون عقوبة لهذه الجريمة فى الدنيا أقر الشرع لها عقوبة فى الآخرة.

من جانبها، نددت دار الإفتاء بتلك الأفعال المشينة، وذكرت فى بيان لها: «أن التحرُّش الجنسى بالأطفال كبيرة من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطرة السوية، وهو انتهاك صارخ للقيم الإنسانية فى المجتمع، فهو قتل للطفولة، وانتهاك للبراءة، وهو -إلى كونه فعلًا فاحشًا- غدر وخيانة»، لافتة إلى أنه على أولى الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النكراء بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه تلويثُ المجتمع بهذا الفعل المشين، خاصة أن التحرش قبل أن يكون جريمة يعاقب عليها القانون، فقد حرمها الدين الإسلامى، وهو ما أكده الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، قائلًا: «حرص الإسلام كل الحرص على المحافظة على كرامة الإنسان وعِرضه، والتحرُّش الجنسى بالأطفال، ووصف التحرش الجنسى بالأطفال بأنه كل ما يجعل الطفل محلًّا لوقوع أفعال وسلوكيات جنسيَّة عن طريق التلامس، أو غيره من الحواس كالسمع والبصر، سواء أكان يفهمها أو يعيها أم لا، ويشمل التحرش الألعاب الجنسية، والاتصال الجنسى الذى يتضمن المداعبة بكافة أشكالها، إضافة لتعريض الطفل للمشاهد الإباحية، أو وضعه فيها، أو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغٍ أو مراهقٍ.

وأوضح أنّ الشريعة اهتمت بالطفل وهو جنين فى بطن أمِّه حتى بلوغه، حيث منحته حقوقًا متعددة، وشرعت له من الأحكام ما يكفل استمراره وبقاءَه واستمرار نموه، وقررت عقوبات على من يعتدى عليه، ومن ضمن حقوق الطفل: «حسن المعاملة والرأفة والرفق به ورعايته وحمايته، واتِّباع الطريقة المثلى فى تربيته وتأديبه وتوجيهه».

وتابع مفتى الديار: لا شك أنَّ التَّحرُّش الجنسىَّ بالطِّفل قد يدمِّره نفسيًّا، ويخرجه إلى المجتمع شخصًا مشوَّهًا يحمل فى قلبه العداوة لمن حوله، وقد ينظر إلى كلِّ أفراد المجتمع على أنهم نفس الشخص الذى اعتدى عليه، وربما أدَّى ذلك بكثيرٍ من الفتيات إلى رفض الزَّواج بسبب حادثةِ تحرُّشٍ حدثت لها فى صغرها. 

والتقط الدكتور أحمد متولى سعد، عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر، أطراف الحديث، مشيرا إلى أن مرحلة الطفولة تمثل أهم المراحل العمرية فى حياة الإنسان, ولقد اهتمت كل الأديان السماوية بحسن تربية الأطفال وكيفية التعامل معهم وحقوقهم والإحسان والرفق بهم, فالاهتمام بمستقبل الطفل هو ضمان لمستقبل المجتمع، ومن ثم بات الاهتمام بهم مؤشرًا حضاريًا تتسابق عليه كافة الدول والشعوب.

وأضاف «سعد»: يتصدر موضوع العنف ضد الأطفال اهتمام كافة مؤسسات المجتمع التى تعمل فى مجال حقوق الطفل بجميع أنحاء العالم, حيث يتعرض الطفل لأنواع متعددة من العنف تشمل العنف الجسدى والعاطفى وغيرها؛ وتعد ظاهرة التحرش الجنسى من أكثر أنواع العنف خطورة, حيث أصبحت العديد من المجتمعات -ومنها المجتمع المصري- تعانى من هذه الظاهرة بشكل واضح وملموس، مضيفًا إذا كان التحرش ممارسة مجرمة بل ومنفرة على وجه العموم, فإن تلك الممارسة تصبح أشد تجريمًا وإيلامًا وتنفيرًا عندما ترتبط بالأطفال, فهى من المشكلات التى لها آثارها السلبية على الأطفال وعلى مراحل عمرهم, نظرًا لما يترتب عليها من آثار نفسية واجتماعية خطيرة.

وأوضح أن الأبعاد والمؤثرات التى قد تساعد على تفاقم ظاهرة التحرش, ومنها المؤثرات الاقتصادية, والاجتماعية, والدينية, فالبعد الاقتصادى يتمثل فى انتشار البطالة والفراغ, كذلك وجود الإغراءات المالية؛ أى استغلال المتحرش حاجة الطفل المادية ولاسيما أطفال الشوارع.

وتابع الخبير التربوى أن البعد الاجتماعى يتمثل فى ضعف التربية الأخلاقية والقيمية وانغماس معظم الأجيال الحالية فى فوضى وسائل الاتصال بشبكة الإنترنت، والبعد الدينى يتمثل فى ضعف الوازع الدينى والتقصير فى العبادات واتباع الهوى والشهوات ووساوس الشيطان، وحتى يمكن مواجهة هذه الظاهرة والحد منها فلابد من تفعيل دور التربية ومؤسساتها المختلفة, وذلك من خلال توعية الأطفال بكيفية الحماية منه, ويظهر هذا الدور من خلال جانبين أساسيين هما: (الجانب الوقائى, والجانب العلاجى).

وأشار إلى أن الأسرة تعد من أهم المؤسسات التربوية القادرة على مواجهة ظاهرة التحرش بالأطفال، بوصفها المؤسسة التربوية والاجتماعية الأولى التى يتلقى فيها الطفل مبادئه ومعارفه، ويتضح دور الأسرة من خلال جانبين أساسيين, وهما: الدور الوقائى إلى يتمثل فى التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء منذ الصغر، وتنمية الرقابة الذاتية بغرس القيم والمبادئ المبنية على الحب والمودة، والتربية الصحيحة للطفل والقائمة على البوح بالحقيقة وإعطائه الثقة بنفسه حتى يتطرق لكافة الموضوعات بصراحة دون خوف، والإنصات بشكل جيد للطفل حتى يتمكن من الحديث بكل وضوح وصراحة دون اللجوء لآخرين ليتحدث معهم, وتوخى الحذر من الوالدين بعدم اختلاء الأطفال مع بعضهم البعض، وتعليم الطفل بأن جسده ملك خاص به ولا يجوز لأحد الاعتداء عليه، وإخباره بأن المناطق الحساسة ممنوع لمسها أو الاقتراب منها من أى شخص، مع ضرورة مراقبة المحتوى الثقافى والترفيهى الذى يتابعه الأبناء.

وقال إن الدور العلاجى للأسرة فى مواجهة هذه الظاهرة يتمثل فى: ضرورة تثقيف الطفل وتزويده بما يجب عليه القيام به عند تعرضه للتحرش، واللجوء إلى الجهات الرسمية المعنية عند تعرض الطفل للإيذاء وعدم الخوف والخجل من العار وغيره.

وأضاف أن باقى المؤسسات التربوية يمكن أن تساعد فى مواجهة ظاهرة التحرش بالأطفال والحد منها من خلال البرامج الإرشادية والوقائية التى يقوم بها متخصصون فى الجانب النفسى والاجتماعى، وعقد ندوات تثقيفية ودينية لتوعية الأطفال بكيفية مواجهة التحرش ومدى حرمانيته، والتنوع فى الأنشطة المدرسية لإشباع احتياجات الطلاب، والتوعية بالاستخدام السليم للإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، وسن التشريعات والقوانين الرادعة التى تساهم فى منع هذه الجريمة، وعقد دورات موجهة للأطفال والمراهقين لتزويدهم بالمهارات الأساسية اللازمة للدفاع عن أنفسهم فى حال تعرضهم للتحرش.

وأوضح أن الدور العلاجى لهذه المؤسسات يتمثل فى التدخل السريع لتقديم الاستشارة المكثفة للأسر عبر خطوط الاستشارات الهاتفية, وتزويد مؤسسات المجتمع المعنية بهذه الظاهرة بالمتخصصين فى تقديم العلاج النفسى والاجتماعى المناسب للطفل المعتدى عليه ولأسرته، وقيام السلطة المختصة بمعاقبة المتهم بالتحرش؛ وذلك لأن عقاب الجانى جزء من العلاج النفسى للطفل الذى يتعرض للاعتداء، كما أن التعتيم على تلك الجريمة قد يساعد المجرم أن يعاود ارتكاب جرائمه مرات ومرات فى أماكن أخرى ومع أشخاص آخرين.