رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حضانات بير السلم صغار فى أيادٍ غير أمينة

بوابة الوفد الإلكترونية

"التضامن" تلزمها بالإجراءات الاحترازية والغرامة 500 جنيه للمخالفين

انتشرت الحضانات الأهلية كالنار فى الهشيم، دون وجود أى أسس تربوية أو علمية أو قانونية، وبالرغم من تبعية حضانات الرضع وحتى عمر أربعة أعوام لوزارة التضامن الاجتماعى، والتى يتخطى سنها الأربعة أعوام، تصبح تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، ولكن هذا لم يمنع من انتشار المشكلات فى كلا النوعين من الحضانات.

فتحت شعار الوقوف مع الأسر المصرية لمجابهة الظروف الحياتية، انتشرت الحضانات فى كل المناطق، وتحت شعار التخفيف عن كاهل الأسر، يتم إغراق مواقع التواصل الاجتماعى بالإعلانات، وإغراء أولياء الأمور بالأسعار المخفضة والخدمات المتميزة التى تقوم بتقديمها، ليبادروا بالذهاب إليها لوضع أطفالهم بها دون التأكد من مشروعية هذه الحضانات أو مهنية القائمين عليها ومؤهلاتهم والمناهج التى يقومون بتدريسها، ومع تفشى فيروس كورونا أصبحت هذه الحضانات مصدرًا لنقل العدوى بين الأطفال وأسرهم، ومع ضعف الرقابة وعدم وجودها فى معظم الحضانات تزداد المشكلة أكثر وأكثر لتصبح الأسرة المصرية بين فكى رحى، إما ذهاب الطفل للحضانة وتعرضه للخطر، أو عدم ذهابه ويصبح وجوده فى المنزل بمفرده مشكلة لوالدته خاصة إذا كانت امرأة عاملة، فتلك الحضانات تعتبر ملاذا آمنا للنساء العاملات، خاصة أن هناك حضانات تستضيف الأطفال مقابل أجور رمزية، ولكنها تعتبر غير آمنة فى ظل تفشى فيروس كورونا، خاصة أن هناك عددًا كبيرًا منها غير مرخص، ولا تراعى فيه أى من احتياطات الأمان.

ورغم وجود عقوبات خاصة بالحضانات غير المرخصة، تتمثل فى الغرامة المالية والتى لا تقل عن الخمسمائة جنيه، ولا تتجاوز خمسة آلاف جنيه، وقد تصل إلى إغلاق المكان، إلا أن ارواح الأطفال الأبرياء تظل فى مهب الريح.

حضانات غير أدمية

ففى أحد شوارع بولاق أبو العلا، لافتة معلقة على عمارة متهالكة من الخارج، بها عدة طوابق على الطوب الأحمر، معلق عليها لافتة تحمل اسم احدى الحضانات، وعند الدخول إلى الطابق الأول الذى توجد فيه الحضانة نرى مجموعة من المقاعد، تلتف حول بعض المناضد، وبعض الالعاب البسيطة الخاصة بالأطفال، مكان لا يصلح لمعيشة آدمية للأطفال، وفى زواية الغرفة تقف ميس سعاد حاصلة على دبلوم تجارة، وتساعدها جليسة أطفال للتعامل مع الرضع، وأثناء غيابها تقوم بالجلوس مع الأطفال، فهما المسئولتان عن الحضانة والأطفال ونظافتهم، وأشارت إلى أن رسوم الحضانة تتراوح بين 400 و700 جنيه شهريًا، ويصل عدد الأطفال إلى 35 طفلًا.

إجراءات احترازية

هذا مجرد نموذج لعدد كبير من الحضانات غير المرخصة المنتشرة فى الكثير من المناطق، وهو ما انتبهت له وزارة التضامن الاجتماعى قبل عدة أشهر، وبعد تفشى فيروس كورونا وإغلاق الحضانات لفترة، ثم عودتها للعمل مرة أخرى، ففى أواخر العام المنصرم، وتحديدًا فى الثلاثين من ديسمبر، كثفت الوزارة من لجان المتابعة للتأكد من التزام الحضانات بالإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، حفاظًا على صحة وسلامة الأطفال، على أن تلتزم الحضانة بتوفير كاشف حرارى عن بعد، وقياس درجة حرارة العاملين والأطفال بالحضانة يوميا.

كما فوض مجلس الوزراء وزارة التضامن الاجتماعى فى تحديد موقف «الحضانات» بعد قرار الحكومة بتعليق تواجد الطلاب بمقار المدارس والمعاهد والجامعات أيًا كان نوعها.

 وفى الثالث والعشرون من مارس الحالى، صرحت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى، إن اللجنة المختصة بتقنين أوضاع الحضانات غير المرخصة، انتهت من حصر ١٠ آلاف حضانة غير مرخصة، موضحة أنه تم إعادة فتح ٦ آلاف و٧٠٠ ألف حضانة من إجمالى ١٤ ألف حضانة مرخصة، التزمت بالشروط والإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، ومنها تقليل النسبة الاستيعابية لـ50%، وتوفير كاشف حرارة لقياس درجة حرارة الأطفال والعاملين.

ويذكر أنه فى منتصف عام 2020 أعلنت وزارة التضامن الاجتماعى عن وجود 10 آلاف و488 حضانة فى مصر تعمل دون ترخيص، فضلا عن وجود 14 ألف و281 حضانة حصلت على الترخيص الرسمى من الوزارة للعمل، وأعطت الوزارة فرصة 3 سنوات لكل الحضانات التى انتهت مدة ترخيصها أو التى لم تحصل على الترخيص بعد، على أن يكون من ضمن اختصاصات اللجنة حصر جميع الحضانات وتقييم وضعها الحالى واقتراح التعديلات التشريعية.

كما تم خلال العام الماضى تشكيل لجنة عمل الحضانات غير المرخصة الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى رقم 2371 لسنة 2020، والتى تضم فى عضويتها عدد من الوزارات والهيئات المعنية.

وقامت مديريات التضامن فى عدد من المحافظات بجولات على الحضانات غير المرخصة، أو التى تخالف شروط الترخيص، أو شروط إعادة فتح الحضانات، وشهد العام الماضى صدور قرار فى محافظة الشرقية بالغلق الإدارى لـ٤٨٠ حضانة غير مرخصة بمراكز ومدن المحافظة، لعدم التزام أصحابها باشتراطات فتح الحضانات.

يذكر أنه بحسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعى فإنه تم فتح 700 حضانة خلال عامى 2019 و2020، سواء حضانات جديدة أو حضانات تم تطويرها ورفع كفاءتها، بدعم وتعاون نحو 26 جمعية، ويبلغ إجمالى عدد الحضانات المرخصة 14 ألف حضانة، فيما يصل عدد الحضانات غير مرخصة إلى حوالى 11 ألف حضانة.

وفى نهاية شهر مارس الحالى، وضعت الحكومة عدة قرارات لتنظيم حضانات الأطفال غير المرخصة على مستوى الجمهورية، تضمن الأداء التعليمى ومتطلبات السلامة للأطفال، إلى جانب تحديد مزايا داعمة وضوابط الإعفاءات، وإضافة نشاط دور الحضانة ليكون من ضمن الأنشطة التى تستفيد من الحوافز غير الضريبية وكافة المزايا التى تضمنها قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، كما تضمن تصميم إطار عام لبناء القدرات وتدريب الكوادر والتربية الإيجابية لرفع وعى الأسر بأساليب التربية السليمة.

ومنذ عدة أسابيع جددت وزارة التضامن الاجتماعى، التشديد على أصحاب الحضانات بضرورة الالتزام بالاشتراطات الخاصة بعمل الحضانات وهى اتباع الإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة فيروس كورونا، ووجود شخص مؤهل ومدرب على أساليب مكافحة العدوى، كما تقوم لجان الضبطية القضائية ومجموعات العمل بمتابعة عمل الحضانات للتأكد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية الخاصة بإعادة فتح الحضانات وفى حالة عدم الالتزام يتم إغلاق الحضانة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

كما شهد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، مراسم توقيع 3 بروتوكولات تعاون بين وزارة التضامن الاجتماعى من ناحية، وكل من وزارات: التربية والتعليم والتعليم الفنى، والشباب والرياضة، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية (الجهاز المركزى للتعمير ) من ناحية أخرى، ويتعلق البروتوكول الأول بإنشاء وتأسيس حضانات للأطفال حتى سن 4 سنوات بالمدارس، وإعداد مناهج لهذه الحضانات، بما يتسق مع منهج وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى للأطفال من سن 4 إلى 6 سنوات، طبقًا لنظام التعليم الجديد.

بينما يتعلق البروتوكول الثانى بإنشاء وتأسيس حضانات للأطفال فى مراكز الشباب على مستوى الجمهورية، وذلك تنفيذا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بالتوسع فى توفير الحضانات للأطفال، وذلك لتطوير ورفع كفاءة البنية التحتية وتجهيز الأماكن المتاحة بمراكز الشباب لإنشاء حضانات للأطفال حتى سن 4 سنوات.

فى حين يُمثل البروتوكول الثالث عقد إنابة من وزارة التضامن الاجتماعى لوزارة الإسكان مُمثلة فى «الجهاز المركزى للتعمير» فى تنفيذ المشروعات التى تقوم بها وزارة التضامن على مستوى الجمهورية، والإشراف عليها.

وبعد فرض الرئيس لهذا القرار، وصفت ولية أمر «ميرفت» القرار بـ«الجيد»، موضحة أنه يلزمه تطوير الحضانات وتأهيل العاملين فيها، موضحة أن الاهتمام بالحضانات أمر مهم لكل بيت، مشيرة إلى أن القرار يخلص أولياء الأمور من الكثير من المشكلات.

كما علقت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة، عن بروتوكولات التعاون، قائلة:«إن البروتوكولات تصب فى مصلحة الأطفال وأولياء أمورهم، لافتة إلى أن إشراف وزارتى التضامن والتعليم مباشرة على الحضانات سيضمن نشأة سليمة للأطفال خاصة أن البروتوكول يتضمن إعداد مناهج لهذه الحضانات وهو ما يضمن تأسيسهم بطريقة علمية صحيحة دون العشوائية التى يشهدها عدد كبير من الحضانات الخاصة».

فيما أكدت ألاء أحمد ربة منزل، أن مشكلة الحضانات الأهلية هى غياب المسئولين المؤهلين، مما يتسبب فى تعرض الأطفال لمشاكل نفسية واجتماعية، مشيرة إلى أنها لاحظت أعراض على ابنتها منها تأخر فى الاستجابة للدروس، وتأخر فى النطق للحروف، واكتشفت أن القائمين على الحضانات غير مؤهلين للتعامل مع الأطفال وتعليمهم، مضيفة أن عودة الحضانات فى تلك الظروف مخاطرة، خاصة وأن الأطفال أكثر عرضه للعدوى، كما أنهم لا يستطيعون تطبيق الإجراءات الإحترازية.

أما صفاء عليم، موظفة تقول:«شغلى 5 أيام فى الأسبوع من الصبح لآخر النهار، ومش هقدر أقعد ببنتى فى البيت»، وتابعت « الآباء والأمهات يضطرون للبحث عن حضانات رخيصة، لإيداع أبنائهم بها ثم العودة لتسلمهم آخر اليوم، بسبب ظروف المعيشة، حتى يستطيعوا قضاء ساعات عملهم، مطالبة بضرورة توفير حضانة للعاملات فى كل مكان عمل حكومى، للتخفيف عن الموظفات العاملات، مشيرة إلى أنها فى إحدى المرات لاحظت إصابة ابنها ببرد، لتكتشف بعد نقل العدوى لأسرته أنه أصيب بكورونا»، ومع ذلك لم تستطع منعه من الذهاب إليها.

تخالفهم فى الرأى منة الله، من سكان القطامية وأم لولدين، تقول إنها ترسل ابنها للحضانة لكى يتعلم الاختلاط بالآخرين واللعب واللهو، ولا تريده أن يقضى أكثر الأوقات بالمنزل فى عزلة عن العالم الخارجى، خاصة أن زوجها دائم السفر، مشيرة إلى أن الحضانة تكلفها 2000 جنيه شهريًا وذلك لوجود أمان وأحكام فى التعامل مع الأطفال، وتوفير وسائل الترفيه المختلفة والألعاب، فضلًا عن مراقبة المكان بالكاميرا للاطمئنان على طفلها، مشيرة إلى أن «لو كل حضانة ألزمت أولياء الأمور بتوفير الماسك والكحول للاولاد، سنقلل من فرص العدوى».

من ناحية أخرى أشارت الدكتورة نادية جمال خبيرة العلاقات الاجتماعية، أن رعاية الأطفال تبدأ منذ اليوم الأول فى حياتهم، والحضانات المنتشرة دون تراخيص، تشكل خطرًا كبيرًا على الأطفال، خاصة تلك التى توجد فى المنازل والشقق فهى كارثة كبيرة، لأنها تعرض حياة وصحة الأطفال للخطر، لأن كثيرًا من أصحاب هذه الحضانات لا يملكون المؤهلات اللازمة للتعامل مع الاطفال، وتسبب لهم مشاكل نفسية وسلوكية تستمر معهم باقى حياتهم.

وتابعت «جمال»، أن جلوس الطفل أكثر من ساعتين على مقاعد الدراسة فى سن مبكرة قد يؤثر على صحته الجسدية مستقبلا، خاصة أن الطفل يحتاج قضاء أكثر أوقاته فى اللعب والحركة من مكان لآخر لتفريغ الطاقة بداخله، بدلًا من الجلوس طوال الوقت بنفس المكان.

  ومن جانبه، أكد شريف حتة، دكتور الصحة العامة، أن الاطفال أقل عرضة للاصابة بكوفيد 19، ولكن لمنع انتشار العدوى بين الأهل، يجب تطبيق عدة إجراءات، وهي منع دخول أى طفل تظهر عليه أعراض الإصابة بفيروس كورونا، وعدم استخدام الألعاب المصنوعة من الأقمشة وأوراق التلوين، وخلع الأحذية عند باب الحضانة للأطفال والعاملين، كما يجب منع استقبال الزائرين أو الأهالى داخل الحضانة، وارتداء الكمامات وغسل اليدين بشكل مستمر للأطفال والعاملين والحد من الأنشطة التى تتطلب مشاركة مجموعات كبيرة من الأطفال، وتخصيص غرفة للعزل الطبى فى حالة حدوث أى إصابة للعاملين أو الأطفال لحين اتخاذ الإجراءات اللازمة.