عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العنف سيد الشارع المصري

بوابة الوفد الإلكترونية

هل أصبح العنف أفضل وسيلة للتفاهم؟ وهل أصبحت اليد هي الوسيلة الأفضل لفض الخلافات؟
نعم أصبح العنف سيد كل المواقف .. في الشارع.. في البيت.. في العمل وعلي شاشات التليفزيون.

بين المواطنين العاديين.. والمتعلمين .. والأميين.. والمثقفين والنخب والسياسيين.. بل لم يعد أحد يطيق جاره.
فالجرائم أصبحت متاحة للجميع ولذا لم يكن غريباً ان تحتل مصر المرتبة الرابعة في مقياس العنف العالمي الذي يتدرج من 1: 5.
«الخناقات» لأتفه الأسباب، الطلاق أسهل الحلول لفض الخلافات الزوجية، القتل أسرع وسيلة للتخلص ممن نختلف معهم، قامت ثورة يناير لتصبح مصر جنة للمصريين وليست ساحة معارك في كل مكان وبين الجميع.
يتدرج العنف إلي مستويات ربما يكون أقلها العنف اللفظي والشتائم والسباب الموجه للآخر ويصل في درجة أعلي إلي التشابك بالأيدي أو استخدام ما هو متاح أمامك لإيذاء الغير جسديا، وقد يصل العنف لأقصي درجة عندما يقتل أحد طرفي الاختلاف أو المعركة الآخر.. قد يفعل ذلك كله دون تخطيط مسبق بل يكون الأمر مجرد تصعيد لانفعال ليجد الإنسان نفسه فجأة قاتلاً أو علي الأقل متسبباً في إصابة غيره بعاهة أو إصابة بالغة ليستيقظ الشخص «الغاضب - المنفعل» ليجد نفسه مجرماً فجأة!!
وإلا بم يوصف رجل قتل صديقه لأنه اشتري منه بثلاثة جنيهات جبنة رومي ولم يسدد له ثمنها، كما حدث منذ أيام قليلة بإحدي قري الدقهلية وبم نصف سيدة بمدينة نصر «انفعلت» علي خادمتها منذ عدة أيام أيضاً لمجرد أنها تأخرت وعندما ناقشتها في أسباب التأخير تطور الأمر لأن ضربتها حتي ماتت؟!
.. وهل صحيح ان الزوج الذي طلق زوجته لأنها تأخرت في إعداد الطعام لا يرغب حقاً في عشرتها؟!!
< سؤال="" آخر..="" هل="" «الخناقات»="" التي="" حدثت="" في="" طوابير="" البوتاجاز="" والعيش="" ووقع="" فيها="" ضحايا..="" كان="" مخططاً="" لها="" ان="" تكون="" ساحات="">
الأمر - كما يؤكد الخبراء في علم النفس والاجتماع تصعيد خطير للعنف ولكن ذلك العنف الذي يرجع في أصله إلي «الضغوط والكبت والتوترات» التي تعبر عن نفسها من أي فوهة كالبركان!!
لكن تظل القضية هي أن هناك عنفاً يمارس وأن هناك جرائم ترتكب تصل لأفظع صورها في القتل وفي حالات أخري يكون العنف بسبب مرض نفسي ومثال علي ذلك إقدام عاطل علي ذبح زوجته والشروع في قتل ابنه وابنته اللذين تتراوح أعمارهما بين 5 و8 أعوام بأوسيم واتضح ان المتهم مريض نفسياً تم إيداعه مستشفي الأمراض النفسية وأخرجه أهله منذ شهرين فقط.
المشاهدات وما تنقله الصحف وما قد يتعرض له المواطن شخصياً يؤكد زيادة معدلات العنف والجريمة صحيح ان دراسات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أكدت أن 40٪ من جرائم العنف جرائم انفعالية لكنها تبقي مؤشر خطر في المجتمع، وعلي سبيل المثال ان ارتفاع أعداد الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام يشير بشكل مباشر إلي زيادة حالة العنف في المجتمع، وأوضح التقرير الختامي السنوي لدار الإفتاء المصرية أن زيادة حالات الإعدام إلي 192 قضية من أصل 204 تم عرضها علي مفتي الجمهورية خلال عام 2012 فيما تم رفض 9 حالات وفوض الرأي للمحكمة في 3 قضايا تنوعت القضايا ما بين قتل واغتصاب وجلب مواد مخدرة وجاء بالتقرير ان نسبة الزيادة في قضايا الإعدام التي عرضت علي فضيلة المفتي بلغت 65 قضية مقارنة بالعام الماضي. فضلا عن زيادة جرائم أخري فتؤكد الأرقام والإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية ان التحرش الجنسي يمثل 13٪ من مجمل الجرائم بعد ان كانت لا تتعدي 6٪ فيما اشارت منظمات المجتمع المدني ان 83٪ من النساء يتعرضن للتحرش وان طالبات المدارس هم أكثر المستهدفات فيما يشير مكتب شكاوي المجلس القومي لحقوق الإنسان إلي ان 64٪ من نساء مصر يتعرضن للتحرش باللفظ أو الفعل في الشوارع والميادين مما يضع مصر في المرتبة الثانية عالمياً في ظاهرة التحرش.
في اتجاه آخر تشير أرقام وزارة الداخلية ان 60٪ من جرائم العنف تقع داخل الأسرة، 92٪ منها تندرج تحت «جرائم الشرف» يرتكبها أزواج ضد زوجاتهم وأشقاء ضد شقيقاتهم وآباء ضد بناتهم، 60٪ من هذه الجرائم تأكد فيها سوء ظن الجاني وان الضحايا فوق مستوي الشبهات.
الخلافات داخل الأسر لا تصعد فجأة إلي حد جريمة القتل لكن يسبقها نسب كثيرة من الخلاف يمر بالمحاكم بعد فشل أفراد العائلة الواحدة في التفاهم حول الحقوق بدليل ان المحاكم تنظر 114 ألف قضية نزاع علي الميراث كل عام فضلاً عن وقوع 8 آلاف جريمة قتل لهذا السبب!
ومن الملاحظات المهمة علي خريطة الجريمة في مصر ان الشباب دون سن الثلاثين هم في مقدمة مرتكبي الجرائم بشكل عام فـ 50٪ من جرائم القتل العمد و80٪ من حالات الاغتصاب و57٪ من الضرب الذي يؤدي إلي الموت يرتكبها شباب في هذه السن المبكرة وذلك طبقاً لدراسة أعدها خبراء جمعية الديموجرافيين المصرية والتي أشارت إلي ان انتشار البطالة بين الشباب سبب رئيسي في ارتكاب الجرائم فـ 90٪ من العاطلين ما دون سن الثلاثين وهؤلاء ارتكبوا 52٪ من جرائم المخدرات و13٪ من السرقة بالإكراه و16٪ من جرائم الاغتصاب وتعد هذه المؤشرات جد خطيرة في مجتمع يمثل الشباب 25٪ من إجمالي تعداده حيث وصل عدد الشباب لـ 19 مليوناً.
ومما يؤكد نظرية العنف الانفعالي وارتباط سن الشباب به ما تؤكده الإحصاءات باتساع الخلافات الزوجية بين الشباب حتي ان 50٪ من حالات الطلاق يقع بين من هم دون الثلاثين أيضاً فهل أصبح العنف هو السمة الأساسية لتصرفاتنا التي قد تصل إلي حد ارتكاب الجرائم تحت ضغط الظروف السياسية والاقتصادية.! الدكتورة مديحة الصفتي أستاذ الاجتماع بالجامعة الأمريكية أكدت ان العنف الذي شهده المجتمع المصري عنف «استثنائي» في مرحلة استثنائية تكاد تكون هي الأسوأ فالشعب كله يعاني سياسياً واقتصادياً هناك قمع بشكل أو بآخر يقابله عنف لفظي وجسدي وهذا علي العكس من طبيعة الشعب المصري فهو أصلاً مسالم يجنح للسلم كما انه لم يتوقع ان قدوم فترة المعاناة بعد الثورة وكان يأمل في تحسين مستواه المعيشي لكنه يجد نفسه في صراع دائم في عمله وفي بيته في مواجهة احتياجات يعجز عن سدها ويترجم ذلك في حالة انفعال وقد يتطور إلي عنف في مواجهة نفسه أو مواجهة الآخرين.
فيما يشير الدكتور طه الشافعي أستاذ الصحة النفسية إلي ان هناك تحولاً حدث بالفعل للمصريين ودخلت إلي عقول الناس أفكار غريبة متطرفة وأصبحت المشكلة ليست في التغيرات السياسية فقط ولكن طبيعة الناس نفسها وظهر الانشقاق وكان أغلب المواطنين في البداية من الفئات المغلوبة علي

أمرها رضيت بالأوضاع في عهد عبدالناصر وبعده السادات وبعده مبارك لمدة ثلاثين عاماً أما الآن كل يقول ما يريد، الأيديولوجيات تغيرت.
سألت الدكتور طاهر الشافعي: هل صحيح ان الثورة أخرجت اسوأ ما في المصريين؟
فقال: كان السيئ موجوداً لكنه كامن فخرج نتيجة الأوضاع عنف وجهل وغطرسة أصحاب القوة وظهرت البذاءات والشتائم.
< وهل="" سيعود="" الشعب="" المصري="" إلي="" طبيعته="" وينبذ="" العنف="" وكل="" هذه="" القيم="">
- المسألة ستأخذ وقتاً لتزول هذه الظواهر السلبية وستطول أكثر بالنسبة لهؤلاء الذين انجذبوا وراء الجهل والأفكار المتطرفة والغريبة علي المصريين.
الدكتورة عزة كريم الأستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تري أن العنف موجود منذ عدة سنوات في المجتمع المصري وكان يأخذ أشكالاً في منتهي القسوة وتصل إلي جرائم بشعة وصلت للجريمة الأسرية، حتي وجدنا بسبب هذا العنف تحولت الجرائم من جرائم مخططة لمجرمين معتادي الإجرام إلي جرائم انفعالية يقوم بها أي فرد في المجتمع دون ان يكون في نيته ارتكاب الجريمة وقد وجدنا ان نسبة لا تقل عن 40٪ من الجرائم، جرائم انفعالية وتعني ان الأفراد بشكل عام يعانون من ضغوط وإحباطات نفسية وحرمان من حقوقهم الأساسية مما يجعلهم في حالة انفعالية تدفعهم إلي ممارسة السلوكيات العنيفة التي تندرج من الشجار وارتفاع الأصوات وتصل إلي حد القتل.
كما ان الضغوط المجتمعية والنفسية بالاحساس بعدم العدالة هي التي تؤدي إلي الانفعال الشديد، أي عدم التحكم في السلوك والفعل والله تعالي يقول «والكاظمين الغيظ» أي من يتملك نفسه عند الغضب فلا يرتكب حماقة.
وبالتالي ان الفترة السابقة كان مستوي العنف زائداً بشكل كبير وكل العوامل تدعو إلي هذا: الفقر، انهيار التعليم، الصحة، كل مجال فيه البطالة تحبط الإنسان وتدفعه إلي الإحساس بالظلم والغيظ والقهر يتحول إلي سلوك عدواني وهو سلوك ليس مترسباً في الإنسان وليس غريزياً ولكنه طارئ ومتغير بتغير الظروف.
وبعد الثورة حدث ان قل العنف الشعبي في الفترة الأولي بل ظهرت التضحيات وكان العنف رسمياً أما الشعبي فانخفض، مختلف فئات المجتمع سعدت بوجود الثورة حيث شعرت أنها ستقضي علي مشاكلها السابقة بعد فترة حدثت صراعات بين المعارضين والنظام السابق، ودخلت كل القوي السياسية في هذا الصراع وتخلله عدم قدرة الحكومة الرسمية في إحداث تعديلات جذرية في المجتمع وانشغلت بحل المشاكل اليومية التي انشأها هذا الصراع أدي كل ذلك إلي إعاقة التغيير.
في نفس الوقت كان من أهم عوامل إثارة الشعب ودفعه الإحساس بعدم الأمان والاطمئنان وسائل الإعلام التي كانت في الغالب تعارض بأسلوب مقلق للناس وتحول إحساس بالفرحة إلي خوف وقلق نتيجة لما أثارته بعض وسائل الإعلام. وشجع ذلك علي كثرة المظاهرات والاعتصامات وبالتالي انتشار العنف بينهم، وبالتالي ظهر العنف لأسباب مختلفة.
وتؤكد الدكتورة عزة كريم انه مازال هناك عدم ثقة في أن المؤسسات تقوم بدورها سواء الشرطة أو العدالة فيلجأ البعض إلي أخذ حقه بيده نتيجة المرحلة الانتقالية بالإضافة إلي وجود قاعدة اكتسبها الناس من الثورة انه يصحح الخطأ كأن يعاقب بلطجياً وهذه حرية مغلوطة ولكن مما لا شك فيه ان عدم وجود قوانين أو تفعيلها أدي إلي زيادة القلق، بالإضافة الي توصيل رسالة الي الناس ان الغد فيه المجهول وخاصة في لقمة عيش مما يسبب انفعالات وعنفاً داخل الشارع والأسرة والمدرسة لا أحد يتحمل أحداً.
بالإضافة إلي ان المراحل الانتقالية مراحل غير علمية أي صعب رصد التغيرات التي تحدث بشكل دقيق والتليفزيون أهم مصادر ومظاهرات العنف، من سمات هذا العنف انه متغير بتغير الظروف ولذا مطلوب من الحكومة في المرحلة الحالية إصدار قرارات بسيطة من شأنها تحسين أحوال الناس ومنح الأمل وإرسال رسائل طمأنة وتفعيل الحد الأدني والحد الأقصي للأجور ولو ان ذلك صعب بالإضافة إلي الاتجاه للعمل والبعد بقدر الإمكان عن المثيرات كي تستمر الحياة.
وتؤكد الدكتورة عزة كريم انه رغم مظاهر العنف الحالية إلا اننا نستطيع ان نقول ان العنف وان كان زاد في الفترة التي أعقب الثورة إلا أنه بعد انتخابات الرئاسة وانتظام وزارة الداخلية هناك انخفاض تدريجي بدأ يظهر وهذا من خلال مشاهداتي الشخصية هناك مظاهر إيجابية بدأت تظهر لابد ان نجنبها كي تعطينا أملاً مؤكدة ان ما يثار حول تقدم مصر في مرتبة العنف أمر غير مؤكد وغير موثوق في المصادر التي تتحدث وخاصة إذا كانت عالمية أو دولية.