رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسوأ محاكمة فى تاريخ البشرية

بوابة الوفد الإلكترونية

غسل يديه أمام الجميع وقال: «أنا برىء من دم هذا البار»

 

السيد المسيح حرص على توضيح كلامه لسامعيه عبر الأمثال

 

«هيرودوس» سخر من معجزاته واتهمه بأنه «دجال»

 

عاش السيد المسيح منذ أن عاد من مصر فى مدينة الناصرة، متخذًا صورة الإنسان الفقير الذى يعيش عيشة هادئة يسودها الرضا والقناعة وطاعة الله، وحين بلغ الثلاثين من عمره شرع فى أداء رسالته التى جاء من أجلها إلى العالم، فاعتمد من يوحنا المعمدان، ثم انطلق إلى الجبال وظل هناك أربعين يومًا متوحدًا منقطعًا عن الطعام مداومًا على الصلاة، ورغم أنه لم يتلق تعليمًا بالمدارس، لكنه كان حين يفتح فاه ليكلم الجموع كان يصيبهم الذهول من كثرة بلاغته وغزارة علمه وعظمة حكمته وقوة سلطانه.

 

حرص السيد المسيح على توضيح كلامه لسامعيه، وتقريب معانيه إلى أفهامهم بالأمثال، وطلب منهم أن يتقوا الله، وأن يستعدوا ليوم الدينونة، وأخذ يعلم الكافة فى الشوارع وفى البيوت وعلى الجبال وفى المجامع، كانت تعاليمه هى مخافة الله، والخضوع له، والتواضع فى حضرته، دعاهم إلى الصلاة وعلمهم كيف يصلون، وأوصى بالعدل وقال: دينونتى عادلة، وقال: أحكموا حكمًا عادلًا، فقد جعل المسيح العدل من المبادئ الجوهرية فى شريعته.

 

جاء المسيح بعدد لا يحصى من المعجزات، فشفى المرضى الذين كانت أمراضهم مستعصية الشفاء ولم يشفِ الأمراض الجسدية والروحية فحسب، إنما إذا مات الإنسان فهو كان يحييه، وظل تلاميذ المسيح يعتقدون أنه سيكون ملكًا على مملكة أرضية وأنه سيمنحهم أرفع المناصب، فتقدم إليه يعقوب ويوحنا وقالا: يا معلم أعطنا أن نجلس واحدًا عن يمينك والآخر عن يسارك فى مجدك، فقال لهما: أنكما لا تريدان ما هو الذى تطلبان، أتستطيعان أن تشربا الكأس التى سأشرب أنا وأن تصطبغا بالصبغة التى سأصطبغ بها!

 

وحين حان الوقت التى شملت حكمة السيد المسيح أن يصارح تلاميذه بكل ما سيحدث له قال لهم: إن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدى الناس، ثم قال: ينبغى أن يعانى آلامًا كثيرة وأن يرفضه هذا الجبل، ثم قال لهم: إن ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدى الناس فيقتلونه وفى اليوم الثالث يقوم.

 

وتنبأ السيد المسيح بكثير من الأحداث التى ستحيط بقبض اليهود عليه، وقتلهم إياه، وتنبأ بأن واحدًا من تلاميذه سيخونه وسيسلمه إلى أعدائه!

 

«أورشليم»

 

ويحكى لنا الإنجيل أن المسيح كان ينوى أن يدخل أورشليم، فركب دابته، كما اعتاد ملوك إسرائيل أن يفعلوا، وقتها ارتفعت الهتافات إلى عنان السماء، وعندما وصل الموكب إلى حافة التل توقف السيد المسيح، وتوقف معه كل الجمع، شاهدوا عينيه وقد امتلأتا بالدموع، شاهدوه وهو يبكى على مدينة أورشليم، وصاح بصوت تخالجه نغمة الحزن، وأشار بيده إلى المدينة المحكوم عليها بالهلاك: إنك لو علمت فى يومك هذا ما هو لسلامك، ولكن الآن قد أخف عن عينيك فإنه ستأتى أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسه، ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة، ويهددونك، وبيتك فيك، ولا يتركون فيك حجرًا على حجر، لأنك لم تعرف زمان افتقادك.

 

وأخيرًا وصل المسيح وتلاميذه إلى الهيكل، رأى فيه أناسًا يبيعون ويشترون، شاهد فيه موائد الصيارفة، وكراسى باعة الحمام، فأخرجهم جميعاً منه، وقال: بيتى بيت صلاة، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص.

 

وبينما كان المسيح يتمشى فى الهيكل سألوه عن مصدر سلطانه، فرفض أن يقول لهم، لأنه كان يعرف خفايا قلوبهم، ثم مضى إلى جبل الزيتون، وهناك قال لتلاميذه تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح، وابن الإنسان يسلم ليصلب، حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب بدار رئيس الكهنة وتشاوروا فيما بينهم لكى يمسكوا به بمكر ويقتلوه، وذهب يهوذا - أحد تلاميذه - وقال لهم: ماذا تريدون أن تعطونى وأنا أسلمه إليكم؟.. فجعلوا له ثلاثين من الفضة، فطلب أجلًا ليسلمه.

 

وفى يوم عيد الفصح رغب المسيح فى الاحتفاء بهذا العيد مع تلاميذه وحدهم، كان يعلم أن ساعته قد أتت، ولما اجتمعوا حوله، قال لهم بنغمة حزينة: شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم، لأنى أقول لكم إنى لا آكل منه بعد حتى يكمل ملكوت الله.

 

كان المسيح جالساً، وكانت أمامه الفطائر، وخمر الفصح غير المختمر، وفيما هم يأكلون تناول يهوذا من يسوع رمزى جسده المكسور ودمه المسفوك، وقال لتلاميذه: إن واحداً منهم سيسلمه إلى يد أعدائه شيوخ اليهود، فسأله يهوذا: هل أنا يا سيد؟ قال له: أنت قلت!

 

وبعد أن انتهى السيد المسيح من كلامه، ورفع عينيه نحو السماء، وصلى ثم خرج، ومضى مع تلاميذه إلى جبل الزيتون، هناك نام تلاميذه فنظر إليهم بحزن، وقال: ناموا واستريحوا، هو ذا الساعة قد اقتربت، وفيما هو ينطق بهذه الكلمات سمع أقدام الرعاع القادمين للبحث عنه فسألهم: من تطلبون؟.. أجابوه: يسوع الناصرى، فقال لهم: أنا هو، وقتها لم ينس يهوذا الدور الذى كان عليه أن يلعبه فكان قد أعطى مطاردى المسيح علامة قائلاً الذى أقبله هو هو أمسكوه، وزادت جرأة الرعاع فألقوا القبض على المسيح، ووثقوه بالحبال، وأخذوه وساروا به.

 

أراد الكهنة فى ذلك الوقت إلصاق تهمتين للسيد المسيح، أولاهما تهمة التجديف، وثانيتهما تهمة العصيان، حاول «حنان» أن يثبت التهمة الثانية فسأل المسيح عن تلاميذه، وعن تعاليمه، فأجاب: أنا كلمت العالم علانية، وفى الخفاء لم أتكلم، والتفت وقال لسائله: لماذا تسألنى اسأل الذين سمعوا ماذا كلمتهم، فثار أحد ضباط «حنان» واحتدم غيظه، ولطم المسيح على وجهه قائلاً: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة، فأجابه المسيح: إن كنت قد تكلمت ردياً فأشهد على الردى وإن حسناً فلماذا تضربنى!

 

«قيافا»!

 

وأمر «حنان» بأن يؤخذ المسيح إلى «قيافا»، واجتمع مجلس القضاء، وجلس «قيافا» على كرسى الرئاسة وخاطب المسيح قائلاً: استحلفك بالله الحى أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله، فأجاب أنت قلت، فأصدر «السنهدريم» حكمه بأن المسيح يستوجب الموت، وحالما طلع النهار أتوا بالمسيح إلى قاعة الاجتماع وسألوه: إن كنت أنت المسيح فقل لنا، فقال لهم: إن قلت لكم لا تصدقونه وإن سألت لا تجيبوننى، ولا تطلقوننى، فسألوه: أفأنت ابن الله، فأجابهم: أنتم تقولون إنى أنا هو، ونطق القضاء بالحكم على المسيح بالإدانة، واندفع الجمع نحوه صارخين: إنه مجرم اقتلوه، وبعدما حكموا على المسيح بالإدانة أتوا به إلى دار ولاية بيلاطس الوالى كى يصدق على الحكم تمهيداً لتنفيذه.

 

والتفت بيلاطس إلى الرجال القابضين على المسيح، ثم نظر إليه نظرة فاحصة، وسألهم من هذا الإنسان؟ لماذا أتيتم به، وأية شكاية تقدمونها ضده؟.. قالوا: لو لم يكن فاعل شر، لما كنا قد سلمناه إليك، فقال لهم إذا كان حكمكم كافيا فلماذا جئتم به، خذوه أنتم، واحكموا عليه حسب ناموسكم، فأجابوه أنهم قد حكموا عليه، ولكن لابد أن ينطق هو بحكمه ليكون حكماً شرعياً، فسألهم: وبماذا حكمتم، أجابوه حكمنا عليه بالموت، ولكن لا يجوز لنا أن نقتل أحداً فجئنا إليك لتصدق قولنا إن المسيح مجرم، فينفد حكمنا، ولكن بيلاطس رفض إجابة هذا الطلب فالتفت إلى المسيح وسأله: أنت ملك اليهود، فأجابه: أنت تقول، وعندما سمعوا هذا الجواب، أشهد قياماً ومن معه بيلاطس على أن المسيح اعترف بصدق «التهمة»، فصاح الكهنة والكتبة والرؤساء طالبين منه الحكم على المسيح بالموت.

 

وأخذ بيلاطس المسيح جانباً وسأله: أنت ملك اليهود، فقال له: أمن ذاتك تقول هذا، أم آخرون قالوا لك عنى؟.. فقال: أتعنى أنا يهودى، إلا أن المسيح لم يقدم جواباً فقال له: مملكتى ليست من هذا العالم، فقال له بيلاطس: أفأنت إذا ملك، أجاب المسيح: أنت تقول إنى ملك، لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم، لأشهد للحق، كل من هو من الحق يسمع صوتى، فسأله: ما هو الحق. إلا أنه لم ينتظر جوابًا، فخرج بيلاطس إلى اليهود معلنًا: أنا لست أجد فيه علة واحدة، فقال الكهنة: إنه يهيج الشعب، فأمر بيلاطس باحالته إلى حاكم الجليل!

 

غضب «هيرودس»!

 

ورأى هيرودس حاكم الجليل المسيح فسأله: الناس يقولون إنك تستطيع أن تشفى المرضى وأنا أتوق لأن أرى شهرتك، فإن كنت تستطيع أن تصنع المعجزات فاصنعها الآن لأجل غيرك، لكن المسيح كان كمن لا يسمع ولا يرى!

 

وغضب هيرودس، وأعلن أن المسيح محتال ودجال، وما إن نطق هيرودس بهذا الكلام حتى هجم الناس على المسيح، فسحبوه هنا وهناك، ورغم أن هيرودس كان رجلاً قاسياً فإنه لم يجرؤ على إدانة المسيح، وأمر بإعادته إلى دار القضاء الروحانى!

 

عاد اليهود بأسيرهم إلى بيلاطس، وسألهم عما يريدون، فذكرهم أنه فحص الأمر، ولم يجد فى المسيح علة، وأرسله إلى هيرودس فلم يجد فيه علة، ثم قال لهم: أنا أؤدبه، وأطلقه، ولكن الجميع ثار

مطالبين بموته!

كانت هناك عادة فى ذلك الوقت تقضى باطلاق سراح أحد الأسرى الذى يختاره الشعب، وكان يوجد فى ذلك الوقت أسير، كان محكوما عليه بالموت، لاثارته الفتنة ضد الحكومة الرومانية، فأعطى الشعب حق الاختيار بين هذا الرجل وبين السيد المسيح، فقالوا له أطلق باراباس! فسألهم فماذا أفعل بيسوع، فصرخوا:فليصلب، فقال لهم أي شر عمل؟ إن لم أجد فيه علة للموت فأنا أؤدبه وأطلقه، فصرخوا: اصلبه، اصلبه، وأخيرا نفد صبر بيلاطس، وصاح خذوه أنتم واصلبوه. وعاد بيلاطس إلى ساحة القضاء، وسأل المسيح: من أين أنت، أما المسيح فلم يعطه جوابا فاغتاظ بيلاطس وقال: أما تكلمنى، ألست تعلم أن لى سلطانًا أن أصلبك وسلطانًا أن أطلقك؟!

 

واقترح بيلاطس أن يطلق سراح المسيح، ولكن اليهود صرخوا إن أطلقت هذا، فلست محبًا لقيصر، وحينئذ جلس بيلاطس على كرسى الولاية، وقدم المسيح لليهود قائلا: هو ذا ملككم، ومرة أخرى صرخوا: خذه خذه اصلبه فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيء أخذ ماء وغسل يديه أمام الجميع قائلا: إنى برئ من دم هذا البار، خذوه أنتم واصلبوه، والتفت إلى المسيح وقال له: اغفر لى هذا الخطأ فأنا لا استطيع إنقاذك.

 

«مولاك!»

 

ثم لجأ الرؤساء إلى التهديد، وصرخوا مهددين بيلاطس قائلين: إن أطلقت هذا فلست محبا لقيصر، لأن كل من يجعل نفسه ملكًا يقاوم قيصر، فاذا أطلقت سراحه فسوف نشكوك إلى مولاك لأنك تنتصر لانسان ينازع قيصر على ملكه!

 

فلم يبق ببيلاطس من حيلة فأسلمه إليهم ليصلب!

 

كان الحكم نصه كالآتى: فى السنة السابعة عشرة من حكم الامبراطور طباريوس الموافق اليوم الخامس والعشرين من شهر مارس، بمدينة أورشليم فى عهد الجدين «حنان» و«قيافا» حكم «بيلاطس البنطى» والى ولاية الجليل الجالس على كرسى القضاء على يسوع الناصرى، بالموت صلبا، بين لصين بناء على الشهادات الكثيرة المقدمة من الشعب المثبتة أن يسوع الناصرى يسوق الناس إلى الضلال، ويغرى الناس على الشغب والهياج، وهو عدو للناموس، ويدعو نفسه ابن الله، وأنه ملك إسرائيل، ودخل الهيكل ومعه جمع غفير من الناس حاملين سعف النخل، فلهذا يأمر «بيلاطس البنطى» قائد المئة بأن يأتى بيسوع إلى المكان المعد لقتله، وعليه أيضا أن يمنع كل من يتعدى لتنفيذ هذا الحكم فقيرًا كان أو غنيًا. «أعضاء»

 

«خطوات ضعيفة»

 

وأخرج المسيح من باب دار ولاية بيلاطس، ووضع الصليب على كتفيه الداميين، ورأى الجمع الذى كان يتبعه خطواته الضعيفة المتعثرة، لكنهم لم يبدوا نحوه أى عطف أو رحمة. ووصل الموكب إلى مكان الصلب، وأوثق المسيح ولصان كل إلى صليبه، ولم تبد من المسيح كلمة تذمر، بل ظل الهدوء والرصانة مرتسمين على وجهه، ولكن العرق كان يتصبب من جبينه، وعلى الصليب صلى المسيح لأجل أعدائه، وقال: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون!

 

وسمر المسيح بالصليب، ورفع رجال أشداء الصليب، وبعنف شديد غرزوه فى المكان المعد له ولما كان المسيح يعانى أقسى ألوان العذاب أشرقت على نفسه شعاعة من نور، كانت تلك صلاة اللص التائب المسلوب بجواره، الذى ألقى بنفسه إلى المسيح صارخًا: اذكرنى يارب، متى جئت فى ملكوتك، وسرعان ما أتاه الجواب، الحق. الحق أقول لك إنك اليوم تكون معى فى الفردوس.

 

«الملائكة»!

 

وذهل الملائكة وهم يرون عذابات المسيح، وعبرت الطبيعة عن عطفها على مبدعها المهان وهو يحتضر، فالشمس رفضت أن تنظر إلى ذلك المشهد فاختفت عن الوجود، وغطت الصليب ظلمة داجية كما لو كانت غطاء نعش، وفجأة انقشعت الظلمة عن الصليب، وصرخ المسيح: قد أكمل، يا أبتاه فى يديك أستودع روحى، وأحاط بالصليب نور، وحينئذ نكس المسيح رأسه على صدره وأسلم الروح. واحاط بالصليب نور مرة ثانية، وتزلزلت الأرض وتشققت الصخور وتفتحت القبور. كانت الساعة قد صارت قرب الغروب ولكن لا تبقى الأجساد على الخشبة كانت عادة الرومان أن يكسروا سيقان المحكوم عليهم بالصلب لينهوا على البقية من حياتهم فكسروا ساقى اللصين المصلوبين بجوار المسيح، ولما جاءوا إلى المسيح وجدوه قد فارق الحياة.

 

كان يوسف الراعى قد حصل على ترخيص من بيلاطس بدفن جسد السيد المسيح، وذهب بهذا الترخيص إلى يوحنا الذى كان مضطربا متحيرا فى كيفية دفن سيده، وجاء فى اللحظة من يحمل مزيجًا من المر والعود غالى الثمن لتحنيط الجثمان، وانزلا بأيديهما المسيح من على الصليب، وانهمرت الدموع من مآقيهما، ولف الجسد مع الأطياب، وحمل المسيح إلى القبر، ووضع على بابه حجر كبير، وتجمعت مريم المجدلية والمريمات الأخريات أمام القبر يسكبن عليه الدموع.

 

هذه حكاية المسيح الذى عمل نجارا فى صباه، ولما بلغ الثلاثين راح يطوف مبشرًا، إنه رجل لم يؤلف كتابا ولم يكن له مقر خاص، ولم يمتلك بيتا يعيش فيه، لم يتعلم ولم يدرس ولم يضع قدميه فى مدينة كبيرة، ولم يشغل وظيفة مهمة،ولم يتول منصبًا مرموقًا، لم تكن له أوراق اعتماد، كانت شخصيته الفريدة كل مكان يملكه.

 

وفى نهاية حياته تهرب منه أصحابه ومنهم من أنكروه، وتركوه وحده يواجه المؤامرة فخاض أسوأ محاكمة عرفتها البشرية، فقضوا بصلبه، وثبتوا يديه بالمسامير، صلبوه بين لصين، وعندما مات أنزلوه فى قبر صديق له من باب الشفقة، عشرون قرنا مضت على تلك الأحداث، لكن مازال السيد المسيح هو وحده الإنسان الوحيد الذى يثير الفضول، إنه شخص طيب، يحب الناس، يعشق أعداءه، بل ومن يسيئون إليه، إنه إنسان طيب أغدق بمحبته على الخطاة والمحتقرين، إن المسيح شخص حى، لم يستطع الموت أن يقهره، المسيح ليس قبرًا ترقد فيه جثة، فلم ينبش دور القبور لحمه، إنه فى السماء، إن الملايين قد لا تعرف المسيح لكنه يعرف الجميع، إنه يحبك رغم أنك قد لا تبادله هذا الحب!