رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدروس الخصوصية تتحدى وزارة التعليم

بوابة الوفد الإلكترونية

زحام فى المحافظات لحجز الدروس.. وفى القاهرة «أون لاين»

 

الثانوية العامة هى أكثر النظم التعليمية فى مصر تعقيدًا، ورغم كل التغييرات التى طرأت عليها خلال السنوات الماضية، إلا أنها ما زالت تمثل معضلة كبيرة لكل الأسر المصرية، وذلك لأنها تعتبر حجر الزاوية ومفتاح الدخول إلى التعليم الجامعى، وخلال العقود الماضية تغير عدد من الوزراء محاولين كسر تقاليد وعادات ذلك النظام، ولكن باءت محاولاتهم جميعًا بالفشل.

الثانوية العامة هى أول من ابتدع ظاهرة الدروس الخصوصية فى مصر، فلكى يضمن الطالب النجاح والتفوق راح يطلب المدرس فى المنزل ليحصل على درجات كليات القمة، بينما اتخذها المدرس فرصة جيدة لزيادة دخله المادى، فى ظل زيادة أعداد التلاميذ داخل الفصل وضعف راتبه فى المدرسة، ولكن مع مرور السنوات أصبح الضحية هو رب الأسرة، الذى أصبح بين شقى الرحى فيريد لابنه النجاح والتفوق، ولكن نار مصاريف الدروس الخصوصية تكويه لمدة عام كامل، زادت لتصبح عامين فى ظل نظام تقسيم درجات الثانوية على عامين، ولهذا تحولت الثانوية العامة إلى صداع مزمن فى رأس أكثر من نصف مليون طالب وأسرهم.

وفى محاولة لكسر قواعد نظام الثانوية العامة الحالى واستبداله بالأنظمة الحديثة على مستوى العالم أعلن الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، مؤخرًا أن امتحانات الثانوية العامة العام المقبل ستكون إلكترونية والطلاب سيؤدون الامتحانات بنظام الكتاب المفتوح، وأوضح أنه يتم التخطيط والإعداد للنظام الجديد منذ أكثر من 15 شهرا، كإحدى خطوات تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى مصر، حيث أنه يهدف لبناء نظام جديد لأجيال قادمة تستطيع تحقيق النهضة، مشيرا إلى أن البنك الدولى وافق على تلك الخطة، خلال شهر أبريل 2018، بعد مراجعة مع الوزارة وخبراء التعليم فى العالم.

ويتضمن النظام الإلكترونى الجديد، أن تكون الثانوية العامة تراكمية، وتهدف فى الأساس إلى تغيير نظام التقييم وطبيعة الأسئلة، وفكرة الإجابات النموذجية المرتبطة بالأسئلة المتوقعة التى تقيس مهارة الحفظ لدى الطالب فقط، وإنما تعمل على مدى تميز الطالب وإعادة القيمة للشهادة الثانوية وتحويل المعلم من ملقن إلى محاور ومناقش، ويعتمد النظام الجديد أيضاً على بنك أسئلة لدى الوزارة، وعندما تطلب المدرسة الامتحان، يحول إليها مباشرة من جهاز التابلت الذى وزعته الوزارة على الطلاب، حيث تم تركيب شبكات خارجية للمدارس الثانوية للاتصال بشبكات الإنترنت.

والهدف من هذا التطوير وفقا لما أعلنه الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم هو القضاء على بعبع الثانوية العامة من ناحية، واستغلال سناتر الدروس الخصوصية لأولياء الأمور من ناحية أخرى.

ولكن يبدو أن طريق التطوير للثانوية العامة لن يكون مفروشًا بالورود، حيث انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية صورًا لتجمع كبير من طلبة الثانوية العامة بمدينة بسيون بمحافظة الغربية، لحجز أماكن لهم فى مجموعات الدروس الخصوصية التى يعطيها أحد المدرسين، وذلك وسط تجاهل تام من المسئولين وتوجيهات الوزارة والمديرية والصحة بمنع التجمعات.

وقال الأهالى إن الطلبة يثقون فى هذا المدرس بشكل كبير، ويكون دائما حجز المجموعات قبل بدء العام الدراسى الجديد بمدة طويلة، ويصل مبلغ الحجز إلى 300 جنيه للطالب الواحد وأحياناً كثيرة لا يجد عددا كبيرا من الطلاب أماكن لهم.

وأضاف الأهالى: «بالرغم من القرارات التى أصدرها وزير التربية والتعليم، إلا أن الدروس الخصوصية لم تتوقف، وزاد الإقبال عليها أكثر مما سبق بسبب خوف الطلاب من النظام الحديث للثانوية العامة، وحالة التوتر الموجودة لديهم»، كما عبر عدد من الأهالى عن استيائهم بسبب عدم تقدير المدرسين للظروف التى تواجه البلاد، خاصة فى ظل انتشار فيروس كورونا وتعريض صحة وحياة الطلاب للإصابة بالفيروس، مشيرين إلى أن ولى الأمر لا يستطيع أن يقف فى طريق مستقبل ابنه أو ابنته.

ومن جانبها أكدت وزارة التربية والتعليم أنه لا توجد أى نية على الإطلاق، لمنح مراكز الدروس الخصوصية تراخيص خلال الفترة القادمة، مشيرة إلى أنه لم يتم دراسة أى قرارات بشأن منح تراخيص لتلك المراكز، مع استمرار اعتبارها منشآت تمارس أنشطة تعليمية بالمخالفة للقوانين واللوائح والقرارات الوزارية المنظمة لذلك، وذلك فى إطار الارتقاء بالمنظومة التعليمية الجديدة.

وعقب الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، موضحا أن الدروس الخصوصية مهما كان شكلها، لن تفيد فى حل الامتحانات الجديدة للثانوية العامة، وأضاف الوزير، فى تدوينة على حسابه الرسمى بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «الدروس الخصوصية سواء فى السناتر أو المنازل أو اليوتيوب أو الزووم، لن تفيد تعليميًا، ولن تساعد على حل الامتحانات الجديدة فى المرحلة الثانوية».

ورغم ذلك شهدت بداية شهر أغسطس الجارى، قيام طلاب الثانوية العامة بحجز أماكنهم بالدروس الخصوصية للعام المقبل، حيث أكد مصطفى ناصر طالب بالصف الثالث الثانوى يقيم بمنطقة الهرم أنه بدأ حجز دروس العام القادم منذ عدة أيام، وأضاف أن المراكز التعليمية للدروس الخصوصية تستقبل الحجوزات حاليًا وبمبالغ كبيرة خاصة فى القسم العلمى، وأنه حجز مادة الفيزياء والكيمياء بمبلغ 150 لكل منهما لقيد اسمه فى جدول الحضور وتكون هناك حصة كل أسبوع سعرها داخل السنتر 80 جنيهًا، وفى أماكن أخرى يصل سعر الحصة لـ100 جنيه، وأوضح الطالب أنه لا يعلم تفاصيل عن النظام الجديد لامتحانات الثانوية العام المقبل، وهذا ما سيقوم المعلمون بتدريبنا عليه.

ووافقه فى الرأى هيثم شعبان، طالب بالصف الثالث الثانوى يقيم بمنطقة إمبابة، مشيرا إلى أن هناك مدرسين حققوا مكاسب كبيرة من الدروس الخصوصية، بل بعضهم يلجأ لحجز قاعات الأفراح والندوات لاستيعاب عدد أكبر من الطلاب، وأضاف أنه قام هو ومجموعة من زملائه بالاتفاق مع أكثر من مدرس للحصول على الدرس فى منزل أحدهم لأنهم شعبة أدبية، مشيرا إلى أن سعر حصة اللغة العربية والتاريخ واللغة الإنجليزية 70 جنيهًا من كل طالب.

وبالنسبة لنظام الثانوية الجديد قال هيثم إنه يؤيد فكرة الامتحان أون لاين، على أن تكون بطريقة الكتاب المفتوح، ولكن يجب أن يتم تدريبهم على هذا النظام قبل الامتحانات بوقت كافٍ حتى يمكنهم حل الامتحان بشكل صحيح.

وقال على حسين، طالب بالمرحلة الثانوية، أن حجز الدروس بدأ من السناتر عبر الفيسبوك لأنها مغلقة بسبب كورونا ولكن يتم فتح السنتر يوم فى الأسبوع للحجز ودفع مبلغ جدية الحجز، كما لجأ بعض المدرسين إلى عمل محاضرة أون لاين عبر اليوتيوب لجذب الطلاب للحجز معه، وقال على إنه قام

هو واثنين من زملائه بحجز مادة التاريخ والفلسفة بالسنتر، ولكن لم يتم تحديد موعد بدء الشرح داخل السنتر، وبالنسبة لنظام الثانوية الجديد قال إن فكرة الامتحان أون لاين فكرة جيدة، خاصة أنها بدأت منذ عامين عبر التاب للصف الأول الثانوى، وهى تخفف من الضغوط والتوتر أيام الامتحانات ويتمنى أن تطبق بشكل عادل ولا يظلم أحدًا.

مخاوف

من ناحية أخرى أكدت سهام بدوى ولية أمر لأحد الطلاب بمرحلة الثانوية العامة أن ابنتها بدأت فى حجز الدروس، وهناك سناتر تعلن ذلك عبر «الفيس بوك» حتى اكتمال العدد المطلوب، ومعظم المدرسين ذائعى الشهرة تبدأ حجوزاتهم من مائتى جنيه للمادة الواحدة، وخصصت ميزانية حوالى 1300 جنيه شهريًا من دخلها للدروس الخصوصية والمذكرات لابنتها طوال العام لتحقيق حلمها ودخول كلية الألسن، ولكنها أبدت تخوفها من نظام الثانوية الجديد الأون لاين خشية أن تتعرض ابنتها للظلم أو عدم التدريب على النظام الجديد.

وقالت حنان مصطفى ولية أمر لأحد الطلاب بالمرحلة الثانوية، إنها متخوفة من نظام الثانوية الجديد الأون لاين، وهذا العام سيكون بدايته ويجب شرحه وتدريب الطلاب والمعلمين عليه خاصة أن المدرس الخاص بابنها أبلغها أنهم لا يعلمون عنه شيئًا حاليًا وفى انتظار الوزارة لوضع أسئلة ونماذج الامتحانات وطرق الحل وسيكون لأول مرة بنظام الكتاب المفتوح وهذا ما يؤرقها.

ومن الجانب التشريعى أكدت ماجدة نصر عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن أزمة فيروس كورونا وما تم خلال الفترة الأخيرة من تعامل وزارة التربية والتعليم مع الأزمة سواء من خلال التوسع فى التعليم عن بُعد، والأساليب التكنولوجية الحديثة وغلق مراكز الدروس الخصوصية يؤكد أن هناك قدرة كبيرة على القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل نهائى، والاعتماد على الوسائل الحديثة فى الحصول على المعلومات وتنمية القدرات، بالإضافة لطريقة وضع الامتحانات التى سيكون لها دور كبير فى القضاء على هذه الظاهرة التى تثقل كاهل المواطنين.

وأوضحت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، أن البدائل التى طُرحت هى اعتماد الطلاب على أنفسهم وهى أهم طريقة للقضاء نهائيا على ظاهرة الدروس الخصوصية، بالإضافة لتعديل طريقة وضع الأسئلة التى تعتمد على الفهم وليس إجابات نموذجية تعتمد على الفهم، وتابعت قائلة: «حتى طريقة الامتحان عن طريق الكتاب المفتوح، حتى وإن كان هناك بعض الملاحظات سيتم تدارك هذه الملاحظات فى المستقبل، ولكن خوض التجربة فى حد ذاته يؤكد أن هناك جدية فى التعامل هذه الظاهرة».

وأشارت عضو مجلس النواب فى تصريحات صحفية سابقة، إلى أن المنصات الإلكترونية والقنوات التعليمية لها دور كبير وبمثابة بدائل كبيرة جدا، وهذا ليس تخيلا ولكن الوزارة نجحت فى هذا الأمر، متمنية أن يكون هناك وعى خلال الفترة المقبلة، لأولياء الأمور، وأن هناك بدائل كثيرة أفضل من الدروس الخصوصية، خاصة أن هناك نسبة كبيرة تكون بمثابة ضغط من أولياء الأمور على الطلاب.

وأكدت عضو اللجنة، أن البدائل التى تم طرحها وتسهيل التدريب الإلكترونى لتدريب المعلمين للتعليم من مستوى لمستوى تلقائى، لابد أن يكون هناك تدريب للطلاب، على أن يتم توفير منصة إلكترونية للطلاب على موقع الوزارة لتوفير المعلومات اللازمة للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية.

وقال طارق نورالدين، الخبير التربوى، إن نظام الثانوية الجديد الذى تعتزم وزارة التربية والتعليم تطبيقه، هو محاولة جيدة لكسر رهبة الامتحانات فى الثانوية والتى تسبب عقدًا نفسية لبعض الطلاب وتصل بهم إلى حد الانتحار، ولكن لم تتضح معالمه أو ملامحه ولا يعرف عنه المعلمون شيئا، لأنه سيكون أون لاين على حد قول وزير التربية والتعليم، وستكون تجربة جديدة على النظام التعليمى والثانوى بشكل عام ولذلك لابد من تدريب المعلمين والتلاميذ على كيفية التعامل مع الامتحان بتلك الطريقة حتى لا يضيع مجهود بعض الطلبة هباءً.

وأضاف نور الدين أن مستوى الطلبة فى مصر فى ارتفاع دائم، وكثير منهم حفظ ملامح وشكل الامتحان التقليدى، وتدربوا عليه جيدًا، وبالتالى زاد عدد المتفوقين فى السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث وصل عدد الحاصلين على مجموع 95% فأكثر العام الماضى إلى 17% من إجمالى عدد الطلبة المؤدين لامتحانات الثانوية العامة وهذا يعكس رغبة الوزارة فى تغيير طريقة ونظام الامتحانات جذريًا مع مواكبة التكنولوچيا الحديثة.