رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المنازل مدمرة.. والكهرباء مقطوعة.. والاتصالات تحت المراقبة

بوابة الوفد الإلكترونية

لا يفصلها عن نظيرتها المصرية سوى بضعة أمتار وسور خرسانى.. فهما كيان واحد وأرض واحدة، تم نزعهما من بعض، وتقسيمهما إلى اثنتين إحداهما فى شمال سيناء وهى رفح المصرية، والثانية فى جنوب قطاع غزة وهى رفح الفلسطينية.

ورغم الفصل العسكرى إلا أنهما مرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا بصلات الدم والنسب والمصاهرة وبالأنفاق التى تمتد بينهما لتصنع تجارة رائجة فشل فى تنفيذها المعبر الرسمى، ولأن الأرض واحدة والحق واحد كان جرح رفح الفلسطينية ألماً فى قلب رفح المصرية.
وصلنا مدينة رفح الفلسطينية الحدودية الواقعة فى أقصى جنوب قطاع غزة الفلسطينى المحتل الأكبر بين مدن القطاع على الحدود المصرية بمسافة 55 كيلو متراً مربعاً تبعد عن مدينة غزة بحوالى 35 كيلومتراً تقريباً «نصف ساعة».
دقت عقارب الساعة التاسعة والنصف مساء ونتنفس معها الصعداء بعد اجتياز أحد الأنفاق وصلت إلى رفح الفلسطينية قادماً من أحد الأنفاق... وكان الصمت يخيم على المكان، يبدو أنه لا أحد هنا فقط شاهدنا حفراً عميقة فى الأرض بفعل القاذفات الإسرائيلية.. ولا يفصل بينها سوى بضعة أمتار وكأن إسرائيل تستهدف الأنفاق واحداً تلو الآخر.
على بعد عدة أمتار ظهر شاب من سكان المنطقة «عمار» لم يكمل عقده الثانى بعد.. قال لى يبدو على ملامحك التى غطاها التراب انك مصرى قادما من نفق حصمة، فأجبت بالنفى فأصر على كلامه، اعتقدت انى فى المكان الخطأ إلا أنه بادرنى «محاولة انتحار منك أن تأتى إلى هنا عبر نفق ومعك حقائب».. أخذها منى وطالبنى بسرعة التحرك بجوار الجدران، لأن طائرات الاستطلاع الصهيونية ترصد كل شىء وقد تعتقد أنك تخبئ شيئاً بتلك الحقائب، وقال الزنانة ترصد وتصور كل شىء بدقة بمحيط كيلو متر مربع فى كيلو متر
وأضاف: رفح بالنسبة لإسرائيل هى الصيد الثمين، وتعتبر من ثانى المدن بعد غزة فى الاستهداف، مضيفاً: الطيران الحربى الإسرائيلى يستهدف بصفة يومية منطقة الأنفاق الواصلة برفح المصرية، بالإضافة إلى منازل قيادات حركة حماس ومنصات إطلاق الصواريخ.
فى رفح صوتان لا ثالث لهما لا ينقطعان: أصوات سيارات الإسعاف الفلسطينية واصوات القذائف الإسرائيلية والنهار لا يفرق كثيرا عن الليل: المحلات مغلقة الشوارع خاوية وفى الليل يخيم الظلام على الشوارع. الكهرباء مقطوعة لا يتواجد أحد من الأفراد فى الشوارع إلا أفراد حركة حماس يقومون بعمل تأمين ليلى من خلال المرور على الشوارع فى دوريات دراجات بخارية «موتوسيكل»
كانت الساعة قد اقتربت من العاشرة والنصف مساء، فعاود الطيران الإسرائيلى يشعل سماء رفح الفلسطينية، مستهدفاً أيضاً منطقة الأنفاق بإلقاء قنبلة ارتجاجية، قال عمار فى بداية العدوان الإسرائيلى كان يلقى منشورات لإخلاء المنطقة قبل ضربها، الآن اصبح يطلق طلقات تحذيرية للإخلاء ثم يبدأ بإلقاء قنابله الارتجاجية، موضحا أن المنشورات تطالب السكان بعدم إيواء أفراد القسام وعدم الاحتكاك بهم وضرورة البعد عنهم.
الأنباء القادمة من أثير موجات الإذاعات الفلسطينية تؤكد أن إسرائيل قد بدأت فى اختراق شركة الاتصالات الفلسطينية «جوال» فيغلق «عمار» هاتفه حتى لا يضطر لإجراء مكالمات فتتنصت عليها إسرائيل، والأخبار القادمة تؤكد أن المقاومة تستهدف مدينة بئر سبع الإسرائيلية بخمسة صواريخ، فيردد الشباب اغنية «اضرب اضرب تل ابيب ياجيش إسرائيل الغاشم كله إلا غزة الهاشم،

ويا دول الخليخ انضمى شطورة فى عقد قمة، دم الندالة مش دمى بدنا نضرب تل ابيب.. اضرب يا قسام خلى الإسرائيلى ما ينام.. اضرب يا فتحاوى مفيش فرق بينا وبين الحمساوى.. وفين الجبهة الشعبية بدنا عملية نوعية.. واوعى ترحم تل ابيب وانت يا مستوطن ياجبان فى ملاجىء النسوان تستخبوا مثل الفئران».
لا يقطع اغنية الشباب إلا أنباء عن هدنة جديدة برعاية مصرية لوقف الحرب الدائرة، لكن عمار لا يبالى فقال أسلوب خداع إسرائيلى بترويج الشائعات حول وقف إطلاق النار فيظهر أفراد المقاومة من مخابئهم ويصبح من السهل استهدافهم وقتلهم، وأضاف أن الشهيد أحمد الجعبرى استهدف بنفس الطريقة.
سألته عن مكان تواجد المقاومين فسكت لبرهة، وقال المقاومون فى كل مكان وغزة كلها مقاومة للعدوان لكن أفراد القسام يتحركون فى أنفاق اسفل البيوت أما الصواريخ فتنطلق من بين المنازل عبر التحكم عن بعد.
كما يباهى عمار الأمم باعتزازه بانتمائه لغزة الأبية، وأبدى رضاه عن الدور المصرى الذى عاد ليتبنى القضية الفلسطينية من جديد، وقال زيارة رئيس الوزراء المصرى رسالة قوية لليهود بأن المصريين لن يتخلوا عن غزة.
لا يخفى عمار انتماءه لحماس، لكنه يخشى من اسلوب إسرائيل فى الاستهداف. وقال الصواريخ بالنسبة لنا هى المخزون الاستراتيجى، ونحن اطلقنا ما يتجاوز الألف صاروخ على إسرائيل وهو ما يعنى أن المخزون قد ينفد قريبا إن لم يكن لنا دعم صاروخى من العرب بدلاً من أموالهم التى لا نحتاجها.
أصحاب الأنفاق أحد أكبر الخاسرين من العدوان على غزة، فمع اشتداد العدوان لم يكن أمام حماس إلا إغلاق الأنفاق من خلال تلال رملية تم تجميعها لمنع الأفراد من استخدامها لما يمثله العبور فى حال الاستهداف المباشر للأنفاق من خطورته على حياة المارين، فقد ينهار نفق متأثراً بالقذائف الملقاة على منطقة الشريط الحدودى بينها وبين رفح المصرية.
المعروف عن رفح الفلسطينية أنها مدينة زراعية، وتشتهر بزراعة الزيتون وبزراعة وتصدير الورد إضافة إلى التوت البرى والبطاطا والبندورة والخيار والحمضيات، لكن ذلك اختفى مع بدء نشاط الأنفاق، فغير سكان رفح نشاطهم من بيع الفواكه والخضراوات إلى بيع مستلزمات الأنفاق.