رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفتاوى الطبية.. قتل مع سبق الإصرار

بوابة الوفد الإلكترونية

كوارث صحية يعيشها المصريون، بسبب الفتاوى الطبية التى أصبحت جزءاً من حياتنا، فالمصريون ـ حالياً ـ يرفعون شعار «انت طبيب نفسك»، وهو الشعار الذى كان الغرض منه أن يعرف الإنسان ما له وما عليه، فهو المسئول عن نوعية طعامه ودوائه وما إلى ذلك، إلا أن هذا الشعار تحول بفعل الزمن إلى أن أصبح كل إنسان طبيباً، يفتى فى الطب ويصف العلاج لغيره.

وفى نفس الوقت تحول الصيدلى إلى طبيب أيضاً، فرغم أن قوانين الصيدلة تحظر بيع الأدوية بدون روشتة طبية، إلا أن زيارة واحدة لأية صيدلية كفيلة بأن يتم تشخيص الحالة وصرف العلاج، ناهيك عن عشرات الوصفات التى يحفظها الآلاف عن ظهر قلب لعلاج الأمراض بدءاً من البرد وحتى أمراض الكلى والكبد والسرطان أيضاً.

يصاحب ذلك فوضى عارمة فى بيع الأدوية والمسكنات والمضادات الحيوية التى يقبل الناس على شرائها وتناولها فى أى حالة مرضية، وفى النهاية يدفع المواطنون ثمن هذه الفوضى العلاجية من صحتهم، والبعض يدفع حياته ثمناً لتلك الفتاوى!

 

من وزارة الصحة إلى المواطنين: احذروا أدوية الحموضة

 

من أشهر الأدوية التى يحرص المصريون على تواجدها فى منازلهم أدوية الحموضة والمعدة والقولون، فأحياناً ما يصاب الإنسان بالحموضة أو الانتفاخ بتناول طعام معين، لذلك تعد هذه الأدوية من أكثر أنواع العلاج تواجداً فى منازلنا.

ومؤخراً قامت وزارة الصحة بمنع تداول 21 نوعاً من أنواع هذه الأدوية لاحتوائها على مادة الرانتيدين التى حذرت منها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لاحتوائها على شوائب من المواد المسرطنة.

وقالت الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة فى بيان لها أنه بناء على ما ورد من شركة جلاكسوسميثكلاين مالكة مستحضر زنتاك فى مصر، فإن الإدارة اتخذت عددا من الإجراءات أولها سحب المستحضر بكل أشكاله الصيدلانية وتركيزاته لحين الانتهاء من الإجراءات التى تؤكد خلو المستحضر من هذه الشائبة السرطانية من عدمه.

وأشارت إلى أن ثانى الإجراءات هو سحب العينات من المادة الخام الرانتيدين من جميع المصانع المنتجة، لتحليلها للتأكد من عدم وجود الشائبة بالمادة الخام، وثالثها وقف تداول جميع المستحضرات التى تحتوى على المادة الخام الفعالة (الرانتدين)، بكل الأشكال الصيدلانية والتركيزات لجميع الشركات والأسماء التجارية، وذلك لحين التأكد من خلوها من هذه الشائبة، وفى حالة خلوها منها، سيتم الإفراج عن جميع المستحضرات التى تم وقف تداولها، طبقا لنتيجة التحليل من الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية.

وأضافت الإدارة أن الأدوية التى تحتوى على هذه المادة هى 21 دواء يتم تداوله فى السوق المصرى وهى: فوار رانى، رانيتيدين، رانتيدول، زانتاك، فارورانتدين، اسيلوك، اسيلايت، رانيتاريجو، الرانتاز، اوسموران، رانتيبلوك، هيستاك، ابيرانت، رانيتاك، نورسيف، مجدين، ابيران، رايتيكيور، جاستبروكت، بيبترلف، رايت اى كيور.

وأوضحت الإدارة أنها تقوم بالمتابعة المستمرة والتصريح بأى تعليمات أو إجراءات أخرى سيتم اتخاذها فى هذا الشأن.

ونصحت المرضى الذين يستخدمون هذه العقاقير، مراجعة مقدمى الخدمات الصحية والأطباء لاستخدام البدائل المتوفرة لهذه العقاقير لحين ورود منشورات أخرى.

وطالبت بإبلاغ الإدارة عن أى آثار جانبية لهذه المستحضرات، وذلك عن طريق تعبئة نموذج من خلال الموقع الإلكترونى لمركز اليقظة الدوائية http://www.epvc.gov.eg/inter//.

هذا الإجراء جاء نتيجة لتقرير أصدرته وكالة الدواء والغذاء الأمريكية بخصوص المستحضرات الخاصة بتقليل إفراز الحمض فى المعدة، والتى تحمل الاسم العلمية «رانيتيدين»، حيث تضمنت هذه التقارير العثور على شائبة بها من مواد التيتروسامين تسمى «NDMA» بمستويات منخفضة، وهى إحدى المواد المسرطنة المحتملة للإنسان.

وأكدت الوكالة فى تحذير لها منذ أسبوع أن بعض الأدوية التى تحتوى على المادة الفعالة «رانيتيدين»، والمعروفة تجاريًا باسم دواء Zantac، وهو عقار لعلاج حموضة وراحة المعدة- يحتوى على شوائب من مادة النتروزامين، N-nitrosodimethylamine. المسرطنة، وأكدت الوكالة أنها تقوم بالتحقيق فى هذا الأمر، محذرة من وجود هذه المادة وشوائب أخرى بالعقاقير المستخدمة فى علاج ضغط الدم وأمراض القلب المعروفة باسم ARBs.

وأوضحت مديرة الأبحاث فى الهيئة الأمريكية أن شوائب النتروزامين تشكل خطرًا جسيمًا على الصحة العامة فى حالة تناولها بكميات كبيرة.

وبما أن أدوية الحموضة وعلاج المعدة منتشرة فى معظم المنازل أخذت وزارة الصحة بالأحوط، وحذرت المواطنين من تناول هذه الأدوية، وتناول التحذير وجود البدائل الأكثر أمانا وهى (كونترلوك..بانتالوك...باريت...فاستكيور).

ويرى الدكتور أحمد سيد إسماعيل استشارى أمراض الباطنة أن جميع الأدوية يجب استخدمها تحت إشراف طبى أولا وأخيرا بما فى ذلك الأدوية التى يمكن صرفها بدون روشتة طبية مثل الفيتامينات والمعادن، فهذه أيضاً استخدامها بشكل عشوائى قد يضر الإنسان ولا ينفعه.

أما عن أدوية علاج المعدة والحموضة فلابد أن يتم استخدامها تحت إشراف طبى كامل، لأن هناك بعض الأدوية توقف مضخات إفراز العصارة المعدية، أو تقلل إفرازها لعلاج الحموضة، واستخدام هذه الأدوية بدون إشراف من الطبيب قد يؤدى إلى تغيير الوسط الحمضى للمعدة مما يؤدى إلى الإصابة بالالتهابات المعدية والتى قد تصل لالتهابات فى الجهاز التنفسى أيضاً، حيث أن المعدة هى خط الدفاع الأول عن الجسم، وأى خلل بها قد يؤدى إلى وصول الإصابة إلى البلعوم، وهو عضو مشترك بين الجهازين الهضمى والتنفسى.

كما أن تغير الوسط الحمضى للمعدة يؤدى إلى عدم امتصاص بعض المواد والفيتامينات مثل فيتامين ب مركب، مما يؤدى إلى عدم استفادة الإنسان من هذا المركب الهام للجسم.

هذا بالإضافة إلى أن الإفراط فى تناول هذه الأدوية يزيد من هشاشة العظام، كما أنه يؤثر فى علاج بعض الأمراض، فعلى سبيل المثال توجد فى العالم كله بكتيريا تسمى البكتيريا الحلزونية، وهى تصيب المعدة، ويتم علاجها ببساطة، إلا أنه نظرا للإفراط فى تناول الأدوية فى مصر، خاصة أدوية المعدة والمضادات الحيوية، أصبح علاج هذه البكتيريا صعبا ويتطلب مضادات حيوية شديدة جدا، إضافة إلى أنها أصبحت من الأمراض المتوطنة فى مصر.

من ناحية أخرى تعتبر أدوية القولون أيضاً من الأدوية التى ينتشر استخدامها فى مصر، ويتناولها المصاب بأى ألم فى القولون وهذا أمر خطير وفقا للدكتور أحمد الذى أكد أن أدوية القولون تحتوى على مهدئات، خاصة أن القولون من الأعضاء التى تتأثر بالحالة النفسية والعصبية للإنسان، لذلك فهى تؤثر فى الحالة النفسية للإنسان.

كذلك هناك أنواع من أدوية القولون تؤدى إلى زيادة إفراز هرمون «البرولاكتين» الخاص بإفرازات الغدد اللبنة، مما يؤدى إلى إصابة الرجال بما يسمى «الاثداء» حيث تظهر لديه زيادة فى حجم الثدى، اما بالنسبة للنساء فقد يؤدى إلى التهاب الغدد اللبنية، وتظهر فى شكل خروج إفرازات لبنية.

كما أن بعض هذه الأدوية تستخدم للتحكم فى حركة القولون، واستخدامها بدون استشارة الطبيب قد يؤدى فى خلل فى حركة القولون، خاصة أن الشخص قد يستخدم الدواء ليوم أو لعدة أيام بعدها يتوقف عنه، ثم يعود لاستخدامه بعد فترة وهو ما يسبب له مشكلات أكبر.

وينصح الدكتور أحمد بضرورة أن يكون استخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبى كامل حتى لا يتأثر الجهاز الهضمى تأثرا سلبياً.

 

الصيدلى الطبيب.. ظاهرة «حصرية» فى مصر

 

«الصيدلى الطبيب» ظاهرة فريدة لا توجد إلا فى مصر فقط،، فبدلا من أن يتوجه المريض لطبيب لتوقيع الكشف عليه ثم يصف له العلاج المناسب، يتوجه المريض مباشرة إلى الصيدلى، شارحا له حالته المرضية، فيقوم الأخير بمنحه الدواء.

هذه الظاهرة لا توجد إلا فى مصر، إذ أن بيع الأدوية بدون تذكرة طبية متاح ومباح إلا فى حالات قليلة، لذلك أصبحت كل الأدوية متاحة للجميع مهما كانت خطورتها.

حتى الأدوية الموجودة فى جداول المخدرات تقوم بعض الصيدليات ببيعها بدون رقابة حقيقية، والسبب فى ذلك عدم وجود قوانين فعالة تمنع مثل هذه الظواهر السلبية.

زيارة واحدة للصيدلية يمكن أن تكون للكشف وصرف الدواء معا، أو بمعنى أدق لوصف الداء والدواء، فلأسباب عديدة منها ثقافة المصريين التى ليس من أولوياتها الذهاب إلى الطبيب، وارتفاع أسعار فيزيتا الأطباء، وعدم وجود تغطية تأمينية حقيقية لكثير من المواطنين، لذا يمتنع الكثيرون عن زيارة الطبيب، ويتوجهون مباشرة إلى الصيدلية خاصة فى حالة الأمراض العادية مثل البرد والانفلونزا والكحة، حيث يصف المريض حالته للصيدلى الذى يقوم بدوره بتشخيص الحالة وصرف الدواء فى آن واحد

الأكثر من ذلك أن معظم الصيدليات يوجد بها أجهزة لقياس الضغط والسكر، وفى حالة ارتفاع أى منهما يطلب الصيدلى من المريض مراجعة طبيب، إلا أنه فى القرى والنجوع التى يعمل فى صيدلياتها أى شخص حاصل على مؤهل متوسط، وبالخبرة أصبح يعلم أسماء الأدوية واستخداماتها، فعادة ما يقوم هذا الشخص بوصف الدواء للمريض.

هذه الحالة النادرة من الفوضى الصيدلانية لا توجد إلا فى مصر، رغم وجود قوانين ورقية تمنع ذلك، إلا أن بيع الدواء وتوصيله للمنازل يتم بمنتهى السلاسة.

فرغم أن قانون الصيدلة ينص على منع بيع أى دواء إلا بموجب روشتة طبية، كما أن معظم الأدوية مذيلة بعبارة لا يستخدم إلا تحت إشراف طبى، إلا أن هذه القواعد لا تطبق فى مصر، بل أن الأدوية أصبحت أيضاً يتم توصيلها ديلفرى لبيت المريض، أياً كان نوع الدواء واستخدامه.

فى الوقت نفسه ينص قانون مزاولة مهنة الطب رقم 415 لسنة 1954 على أنه «لا يجوز لأحد إبداء مشورة طبية أو إجراء عملية جراحية أو وصف أدوية إلا إذا كان اسمه مقيداً بسجلات وزارة الصحة ونقابة الأطباء البشريين»، كما أن قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 ينص على أنه «لا يجوز حفظ المواد الدوائية أو بيعها إلا فى الصيدليات، ولا يجوز الإتجار فيها لغير الأشخاص المرخص لهم بذلك، كما لا يجوز شراؤها إلا من تلك المحال ومن هؤلاء الأشخاص، ولا يجوز لغير الصيادلة صرفها أو بيعها للجمهور».

وسمحت الصيدلة للطبيب بمزاولة المهنة (أى بيع الأدوية) لمرضاه فقط، مشترطا أن تكون المسافة بين عيادته وأقرب صيدلية أو مستشفى بها عيادة خارجية لا تقل عن خمسة كيلومترات، ويتم إلغاء هذا التصريح عند فتح صيدلية خلال 90 يوماً.

ولكن هذه النصوص كانت سببا فى تداخل مهنتى الطب والصيدلة، حتى أصبح الصيدلى طبيبا يشخص المرض ويصرف الدواء، والطبيب يقوم أحياناً بدور الصيدلى.

ونتيجة لهذه الحالة الفوضوية طالبت النائبة إيناس عبدالحليم، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، بضرورة فرض رقابة من وزارة الصحة والإدارة المركزية الصيدلة بالوزارة على تجارة الدواء فى مصر، وأكدت فى طلب الإحاطة الذى تقدمت به لوزيرة الصحة أن سوق الدواء فى مصر يشهد حالة كبيرة من الفوضى، وتنتشر فيه الأدوية المغشوشة التى تباع على الأرصفة وفى الأسواق العامة، مؤكدة أن إصدار قانون جديد للصيدلة سيكون محور اهتمام اللجنة فى الدورة الحالية.

وأشارت إلى أن القانون الجديد سيتضمن فرض رقابة حقيقية على سوق الدواء، وسينص على منع ظاهرة توصيل الدواء ديليفرى لأن هذا يمنع التواصل بين الصيدلى والمريض.

ودافع الدكتور ياسر شعلان صيدلى عن مهنته قائلا: الصيدلى هو المسئول عن صرف الدواء وتركيبه إذا تطلب الأمر ذلك، وأشار إلى أن ظاهرة الصيدلى الطبيب منتشرة فى مصر بسبب ارتفاع فيزيتا الطبيب وعدم وجود مراكز طبية بأسعار مخفضة، مما يجعل المريض يلجأ للصيدلية فى حالة الشكاوى العادية، وبما أن الصيدلى يعلم تركيب الدواء والمادة الفعالة به، لذلك فهو يقوم بصرف الدواء المناسب خاصة فى الحالات العادية.

وأوضح «شعلان» أن الأدوية فى العالم كله لا تصرف إلا بموجب روشته طبية، إلا أن هذا الأمر قاصر فى مصر على أدوية المخدرات فقط، أما باقى الأدوية فيتم صرفها للمريض إذا احتاج إليها، وهذا أمر متعارف عليه، وأنا كصيدلى إذا التزمت بنص القانون وتعليمات صرف الأدوية فلن يلتزم بها الباقون.

وطالب الدكتور ياسر بضرورة إيجاد قانون حقيقى وفعال، على أن يكتب الأطباء العلاج بالمادة العلمية وليس بالاسم التجارى، وهو ما سيعيد لمهنة الصيدلة دورها الحقيقى والفعال فى العملية العلاجية.

 

المسكنات والمضادات الحيوية.. الموت فى كبسولة

 

كارثة خطيرة أدمنها المصريون منذ سنوات، وهى تناول المسكنات والمضادات الحيوية لأى سبب ولكل سبب، فسواء كان المريض طفلا أو كبيراً، فبمجرد الشعور بأعراض صداع أو ألم فى أى مكان سريعا ما يتناول قرصًا مسكنًا، وما أكثرها فى منازلنا جميعا، والكارثة الأكبر من ذلك هى المضادات الحيوية التى أصبحت مثل الحلوى، متوافرة فى كل منزل يقوم الأهل بوصفها بمفردهم أو شرائها من أقرب صيدلية، وبمجرد الشعور بألم فى الحلق أو الأذن أو كحة أو حتى آلام الأسنان فأول ما يتناوله الإنسان هو المضادات الحيوية، وهذه الظاهرة المنتشرة فى مصر أجمع الأطباء على أنها واحدة من الكوارث الصحية التى قد تسبب الوفاة.

فالمسكنات موجودة فى منازلنا باستمرار لعلاج الآلام المفاجئة، فمن منا لا يصاب بالصداع أو المغص وما إلى ذلك من أعراض تتطلب تناول قرص مسكن، ويرى الدكتور صلاح لبيب استشارى الحميات أن هناك نوعين من المسكنات.. مسكنات غير آمنة وهى تنتمى لعائلة مضادات الالتهابات غير الستيرويدية، و«ديكلوفيناك البوتاسيوم»، وبعضها آمن مثل الأدوية التى تحتوى على مادة «باراسيتامول»، وفى كل الحالات لا يجب الافراط فى تناول المسكنات لتأثيرها على الكبد والكلى.

وأوضح أن تناول المسكنات بكثرة يؤدى إلى العديد من المشكلات الصحية، منها الإصابة بتقرحات الإثنى عشر والقولون، خاصة إذا كان الشخص الذى يتناولها يعانى من التهابات أو تقرحات فى المعدة، وفى هذه الحالة يكون الإنسان معرضًا لحدوث التهابات حادة لدرجة تؤدى إلى الوفاة، كذلك فإن الافراط فى تناول المسكنات قد يؤدى إلى حدوث التهابات فى أنسجة الكلى، تتحول بمرور الوقت إلى فشل كلوي.

وأشار إلى أن البعض قد يكون لديه حساسية من مكونات بعض أنواع المسكنات وفى هذه الحالة قد يصاب بأعراض أخرى، لذلك يفضل استشارة الطبيب قبل تناول المسكنات خاصة القوية منها.

أما فى حالة الإصابة بأمراض تحتاج لاستخدام مسكنات باستمرار مثل أمراض العظام أو خشونة الركبة وما إلى ذلك، فإنه يجب على المريض إجراء تحليل انزيمات الكبد قبل تناولها، واجرائها كل فترة بعد تناول المسكنات للاطمئنان على أن الكبد لم يتأثر بها.

وأشار الدكتور صلاح إلى أنه إذا تطلب الأمر استخدام المسكنات فيجب أن يتم هذا تحت إشراف طبى،ويجب ألا يتناولها المريض على معدة خالية، مع ضرورة الالتزام بعدد المرات بحيث لا يجوز أن تزيد على 4 مرات فى اليوم الواحد، مع ضرورة ألا تقل الفترة بين القرص والآخر عن 4 ساعات.

وأشار إلى وجود عادة سيئة عند المصريين وهى تناول المسكن مع كوب من الشاى أو القهوة خاصة فى حالة الصداع، وهو أمر شديد الخطورة، إذ يؤدى إلى مزيد من التهابات المعدة والقولون.

 

المضادات الحيوية

أما فوضى استخدام المضادات الحيوية فهو أمر قاصر على المصريين، فالبعض يرى أنه علاج سحرى لكل الأمراض، حيث يمكن استخدامه مع كل الحالات حتى لو كانت الحالة مجرد إصابة بالبرد أوالانفلونزا.

والمضادات الحيوية هى المواد التى تقاوم الكائنات الحية الدقيقة وحيدة الخلية (بما فى ذلك البكتيريا )، حيث تقوم هذه المضادات الحيوية بقتل أو تثبيط نموالبكتيريا داخل الجسم.

وتنتمى المضادات الحيوية إلى مجموعة كبيرة من المركبات المضادة للأحياء الدقيقة، وتستخدم لعلاج الأمراض التى تسببها الكائنات الحية الدقيقة بما فى ذلك الفطريات والطفيليات، وعادة ما يختار الطبيب المضاد الحيوى المناسب للمريض، والجرعة الدوائية اللازمة، والشكل الدوائى الملائم، بناء على عدة عوامل منها: التشخيص، والفحص المخبرى، بالإضافة إلى عمر المريض ودرجة تحمله، وحالة جهازه المناعي.

أما فى مصر فغالبا ما يرى كل واحد منا فى نفسه طبيبا، فيصف العلاج ويشتريه من الصيدلية أو يكون موجودا عنده فى المنزل فيستخدمه لعلاج أى مرض وكل مرض.

وكشف الدكتور أن الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية يؤدى إلى تكوين الجسم مناعة منها، وبالتالى تصبح غير فعالة عند الحاجة إليها .

يذكر أن الدراسات كشفت أن الافراط فى تناول المضادات الحيوية أدى إلى تطور سلالات بكتيرية قادرة على مقاومة أنواع عديدة من المضادات الحيوية، حتى أن منظمة الصحة العالمية أطلقت حملة دولية فى عام 2015 تحت عنوان «الأسبوع العالمى للتوعية حول المضادات الحيوية»، وذلك للتوعية بمخاطر سوء استخدام المضادات الحيوية، وزيادة الوعى بكيفية استخدامها، وأكدت المنظمة على ضرورة وصفها من قبل طبيب مهنى معترف به من قبل الجهات الطبية الرسمية فى البلاد.

فى حين أشارت دراسة ألمانية إلى النصائح التى يجب إتباعها عند تناول المضادات الحيوية، وأولها وصفها من قبل طبيب والالتزام بمواعيد الجرعات.

وفى الوقت الذى يحرص فيه العديد من المصريين على تناول الحليب قبل المضاد الحيوى لتخفيف تأثيره على المعدة، أشارت الدراسة إلى أن هناك أنواع من المضادات الحيوية تتفاعل مع مادة الحليب، مما يبطل عملها أويؤدى إلى تفاعل معها، وتشمل هذه المضادات الحيوية مجموعة التتراسيكلين ومثبطات مثل الدوكسيسيكلين، سيبروفلوكساسين والنورفلوكساسين، لذلك يفضل مرور ساعتين على الأقل بين تناول الدواء واستهلاك الحليب والجبن واللبن الرائب.

وأكدت الدراسة على ضرورة تناول كامل جرعة المضاد الحيوى حتى لو شعر المريض بتحسن بعد أيام من تناول العلاج.

وهنا أشار الدكتور صلاح إلى أن وقف العلاج بالمضاد الحيوى دون انتهاء الجرعة قد يؤدى إلى تحور البكتيريا، مما يتسبب فى مشكلات صحية أكبر، لذا إذا اضطر الإنسان لتناول مضاد حيوى فيجب اتباع تعليمات الطبيب والالتزام بمواعيد الجرعات.

واضاف أن هناك مشكلة كبيرة يقوم بها البعض، وهى إعادة استخدام المضادات الحيوية التى يتم حلها بماء، فهناك مضادات عبارة عن بودرة يتم إضافة الماء لها، فهذه مدة صلاحيتها لا تزيد على أسبوع، وأحياناً تقل عن ذلك، واستخدامها بعد هذه المدة يمثل خطورة على حياة الإنسان، لذا يجب الانتباه لهذا الأمر حتى لا تحدث له مضاعفات أكبر.

 

«أنت طبيب نفسك».. الشعار القاتل

 

«أنت طبيب نفسك» قول مأثور دأب الكثيرون على استخدامه، الهدف منه أن الإنسان بسلوكياته وطعامه وحرصه على تناول الأدوية هو الطبيب الفعلى لنفسه، إلا أن المصريين حولوه إلى كارثة حقيقية، فأصبح كل منهم طبيبًا يصف لنفسه ولغيره الدواء، وقد يشفى المرض بالفعل، ولكن الأضرار التى قد تحدث عن هذا الإجراء كفيلة بإصابته بعشرات الأمراض الأخرى.

على سبيل المثال عندما يصاب الإنسان بالبرد يصف لنفسه الدواء وهو غالبا مجموعة انفلونزا يشتريها من الصيدلية لا يعرف مكوناتها، وقد يتحسن عليها، ولكنه لا يعرف أضرارها الذى توضحها الدكتورة فاطمة حسين اخصائى الأمراض الباطنية بقولها: إن مجموعة الإنفلونزا تتكون من 3 أنواع من الأدوية، وهى مضاد حيوى، ومضاد للاحتقان، ومسكن قوى، وهذه المكونات ليست علاجا للانفلونزا،بل إنها تشعر المريض براحة مؤقتة، بسبب المسكن القوى، الذى يقتصر دوره على تخفيض الحرارة وتسكين الألم الناتج عن الإنفلونزا، وأشارت إلى أن المضادات الحيوية ليست علاجًا للإنفلونزا وإنما ترهق الجسم وتزيد من الشعور بالتكسير الذى يصاحب الانفلونزا.

وحذرت الدكتورة فاطمة من الافراط فى تناول هذه الأدوية لأنها تؤثر على الكلى والكبد على المدى البعيد، كما أن الافراط فى تناول المسكنات يجعل الجسم يأخذ مناعة منها وتصبح غير ذى جدوى عند الحاجة الحقيقية لها

وأشارت إلى أن هذه المجموعة وبعض أدوية علاج نزلات البرد لا يسمح لمرضى الضغط بتناولها، لأنها تحتوى على مواد تسبب ارتفاع ضغط الدم، وهناك أشخاص قد يعانون من ارتفاع ضغط الدم ولكنهم لا يشعرون بأعراض مرضية، وعند تناولهم مثل هذه الأدوية قد يصابون بارتفاع شديد فى الضغط مما قد يؤدى إلى انفجار الشرايين، وكذلك الأمر بالنسبة لمرضى القلب والمصابين بضيق الأوعية الدموية.

لذلك تنصح بضرورة زيارة الطبيب عند الشعور بأى أعراض مرضية، والالتزام بالعلاج ومواعيده التى يحددها هو، فالإنسان طبيب نفسه فى حالة التزامه بالأدوية ومواعيدها والطعام الذى يصفه له الطبيب المتخصص.

والأمر لا يقتصر على علاج البرد والانفلونزا فقط، وإنما يمتد لعلاج كل شئ، فالمصريون لديهم معرفة بكل الأمراض وعلاجها، ويكفى أن تذكر أنك تعانى أى أعراض معينة، حتى يتبارى أكثر من صديق وزميل لوصف العلاج اللازم لهذه الحالة.

وقد كانت هناء واحدة من ضحايا هذه المقولة، فقد شعرت بوجود تجمع فى ثديها، فتوجهت أولا لطبيب أجرى أشعات وفحوصات وأخبرها أنه لا يوجد شئ خطير، وعليها التوجه إلى طبيب متخصص فى الأمراض الجلدية، فذهبت لأحدهم الذى أخبرها انها مصابة بأكزيما، ووصف لها علاجا، إلا أن الحالة لم تستجب له، وهنا بدأ دور أصحاب الفتاوى، وترددت مقولة أنت طبيبة نفسك على أذنها عشرات المرات، وكل صديقة وزميلة وقريبة تصف لها وصفة معينة، والحالة تزداد سوءا، حتى توجهت لطبيب جلدية نصحها بالذهاب إلى معهد الأورام، وهناك تبين أنها مصابة بسرطان ثدى، وتأخرها فى العلاج جعله يتمكن من جسدها حتى وصل إلى المرحلة الثالثة.

أما الحاجة ليلى أحمد فقد خضعت لنصائح من حولها حتى تمكن السرطان منها تماما، والقصة تبدأ بظهور ورم فى ثديها منذ أكثر من عام، وكلما أخبرت احدى بناتها أو جيرانها يقولون لها « انت واهمة نفسك، الوهم أخطر من المرض، شيلى الأوهام دى من دماغك » وظلت السيدة الستينية لمدة عام كامل وهى تعانى فى صمت رضوخا لنصائح أو فتاوى الآخرين، حتى جاءت حملة فحص السيدات، فتوجهت للفحص ليتبين لها أنها مصابة بسرطان فى الثدى فى مرحلة متأخرة جدا، ثم كانت الطامة الكبرى بأنه ظهر فى بطنها أيضاً.

أصيبت السيدة المسنة بالهلع، وأصبحت فى حالة يرثى لها، فهى تخاف من إجراء جراحة فى هذه السن الكبيرة، كما أن حالتها لا تحتمل العلاج الكيماوى.

هذه الحالات وغيرها كثير أصيبت بكوارث بسبب الفتاوى التى يتقنها المصريون، وكم من شخص أصابته اخطر الأمراض بسبب الخضوع لفتاوى الآخرين.

وكانت سلسلة كتب أخبار اليوم قد أصدرت كتابا تحت عنوان « أنت طبيب نفسك » للدكتور هانى حجاج أكد على المعنى الحقيقى لهذه المقولة، وهى ضرورة تناول الطعام الصحى، والالتزام بتعليمات الطبيب ومواعيد العلاج، وعند الإصابة بالتهاب القولون فلابد من الالتزام بالطعام الصحى وتنظيمه مع تناول الأدوية لأن القولون من الأعضاء التى إذا أصابها الالتهاب فيصعب ارضاؤه، وبالتالى فالوقاية منه خير من العلاج.

 

طبيب الأسرة. . حارس الصحة الأول

 

يتمتع المواطنون فى كل دول العالم بمنظومة صحية متكاملة، تبدأ بطبيب يسمى طبيب الأسرة هو المسئول الأول عن الصحة، يعالج ما يمكنه من أمراض، أو يحيل المريض إلى الطبيب المتخصص فى المرض الذى يعانى منه.

هذه المنظومة كانت غائبة فى مصر لسنوات طويلة، لذا انتشرت حالة الفوضى العلاجية فيها، وأصبحت الفتاوى الطبية على كل لسان، والأدوية موجودة فى المنازل مثل الصيدليات، إلا أنه بتطبيق نظام التأمين الصحى الجديد- الذى بدأ تطبيقه تجريبيا فى محافظة بور سعيد- فمن المتوقع أن تنتهى هذه الحالة من الفوضى، حيث سيصبح لكل عدد من الأسر طبيب أسرة مسئول عنهم.

فطبيب الأسرة يشبه مركز «حارس المرمى» فى كرة القدم، وهو اللاعب المسئول عن حماية المرمى، كذلك فطبيب الأسرة هو المسئول عن حماية الأسرة وعلاجها من أى مرض من الأمراض، ففى كل دول العالم التى تطبق نظام التأمين الصحى الشامل يعتبر هذا الطبيب هو حجر الزاوية فى منظومة التأمين الصحى، إذ يتوجه إليه المريض أولا لتشخيص المرض، فإما أن يقوم هذا الطبيب بعلاج المريض أو توجيهه إلى طبيب متخصص، وذلك بدلا من الفتاوى الطبية وحالة الفوضى العلاجية التى يعيشها المصريون.

فبعد اطلاق منظومة التأمين الصحى الشامل فى محافظة بورسعيد أعلنت وزارة الصحة أن كلمة السر فى المنظومة الجديدة هى «طبيب الأسرة»، ورفعت الوزارة شعار «المريض أولا»، فى القانون الجديد، حيث من المفترض أن يحصل على كل الخدمات الطبية بمنتهى الكفاءة وبأقل الأسعار

و حدد القانون دور طبيب الأسرة بأنه المسئول الأول عن الأسرة، عن طريق فحصها داخل الوحدة الصحية، وفى حال احتياج المريض إلى طبيب مختص، يقوم بتحويله إليه، ويرسل له تقريرًا بالحالة .

و يؤكد الدكتور عبدالرحمن السقا رئيس هيئة التأمين الصحى سابقا وعضو لجنة اعداد قانون التأمين الصحى الشامل، أن قانون التأمين االصحى الجديد يعتمد على طبيب الأسرة كنواة رئيسية لتقديم الخدمة الصحية مثلما هو موجود فى كل دول العالم.

و يشير الدكتور السقا إلى أنه سيتم ربط عدد من الأسر على كل طبيب، ويختلف العدد وفقا للتوزيع الجغرافى والكثافة السكانية، وفى حالة إصابة أحد أفراد الأسرة بأى مرض من الأمراض، يتوجه لهذا الطبيب الذى يقوم بتوقيع الكشف الطبى عليه، وتحديد حالته المرضية، ويمكنه علاج الحالة إذا كانت من الحالات المرضية التى تخضع لتخصصه وفقا للبروتوكول الذى يتضمنه القانون، أما إذا كانت الحالة تستوجب الاحالة إلى طبيب متخصص فيقوم طبيب الأسرة باحالة المريض إليه، ويرفق تقريرًا طبى بالحالة يرسله إلى الطبيب المعالج.

كما يعتبر طبيب الأسرة هو الاستشارى بالنسبة لها، فيمكن التوجه لهذا الطبيب لاستشارته فى النواحى الطبية، هذا بالإضافة إلى دوره العلاجى فى كثير من الحالات التى تستوجب ذلك.

وأشار الدكتور عبدالرحمن إلى أن طبيب الأسرة سيكون عليه بذل قصارى جهده لخدمة المواطنين، لأنه سيكون من حق المريض تغييره إذا شعر بعدم الارتياح له، وذلك وفقا لنصوص القانون، وبذلك سنضمن أن يتنافس الأطباء فيما بينهم لتقديم الخدمة الطبية على أكمل وجه.

وعن تخصص هذا الطبيب والفرق بينه وبين الممارس العام، قال السقا إن هذا الطبيب هو طبيب متخصص فى طب الأسرة وليس مجرد ممارس عام، حيث تقوم كثير من الجامعات بتدريس هذا التخصص ضمن الدبلومة والزمالة والماجستير، وإذا كانت أعداد الأطباء فى هذا التخصص قليلة، سيتم الاستعانة بأطباء الباطنة عند تطبيق القانون، حتى يوجد العدد الكافى من الأطباء المؤهلين للقيام بهذا الدور.

وأوضح السقا أنه لابد أن يعلم الناس أن هذا الطبيب له أهمية قصوى فى منظومة التأمين الصحى الجديد، وسيكون مؤهلًا علميا وتدريبيا، حيث ستعقد دورات تدريبية للأطباء للقيام بهذا الدور، وأشار إلى أن وزارة الصحة قامت بارسال عدد من الأطباء إلى انجلترا للتدريب على طب الأسرة، وهؤلاء سيقومون بتدريب عدد آخر من زملائهم، وبذلك يزيد عدد الأطباء المؤهلين فى هذا المجال.

وعن دور طبيب الأسرة فى القضاء على حالة الفوضى العلاجية فى مصر، أوضح الدكتور السقا أن قانون التأمين الصحى الجديد والمنظومة الجديدة ستقضى على هذه الحالة من الفوضى، فالمريض لن يحتاج إلى التوجه إلى الصيدلية لشراء الدواء مباشرة لأنه سيكون لديه فرصة للذهاب إلى الطبيب واستشارته دون دفع مقابل مادى كبير، كما أن الدولة ستتكفل بالفقراء ومحدودى الدخل، وبالتالى سيكون لهم الحق فى التوجه للطبيب وصرف العلاج بأسعار زهيدة، وكذلك المستشفيات والمراكز الطبية ستكون متاحة ضمن المنظومة الجديدة التى ستوفر العلاج للجميع.

و أشار الدكتور عبدالرحمن السقا إلى أننا فى حاجة لتغيير المفاهيم القديمة، فالأمر سيحتاج إلى وقت لتغيير الثقافة السائدة، ونجاح المنظومة سيتوقف على عامل الوقت، فمن المتوقع أن يكون هناك بعض السلبيات فى البداية، ولكن بمرور الوقت سيتم التغلب عليها، لذلك تم تنفيذ المشروع على مراحل حتى يمكن تفادى السلبيات وعلاجها.

 

الوصفات الشعبية.. علاج محفوف بالمخاطر

 

تعد الوصفات الشعبية إحدى أهم روافد الفتاوى الطبية فى مصر، فما من أحد يشكو من أى مرض أو عرض، إلا وتنهال عليه الوصفات الشعبية من كل من حوله، بعضها يكون عبارة عن أعشاب ومنتجات طبيعية، وبعضها تركيبات يتم بيعها عند العطارين لعلاج بعض الأمراض.

هذه الوصفات أصبحت تنافس الأطباء، حيث يلجأ إليها الكثيرون بحكم انها مواد طبيعية أكثر أمنا، ولكنها لا تخلو من المخاطر أيضاً، ويكفى أن نذكر أن عميد الأدب العربى طه حسين فقد بصره تماما بسبب هذه الوصفات الشعبية.

فمن يشكو من أى مرض أياً كان يجد ألف من يصف له العديد من الوصفات، ونظرا لاحتواء كل الأدوية الكيميائية على آثار جانبية، فإن الكثيرين يفضلون هذه الوصفات الشعبية عليها، لذلك انتشرت العلاجات الطبيعية فى كثير من المناطق، ولدى عدد كبير من العطارين، بل ووجدت لها سوقا رائجة فى القنوات الفضائية التى أصبحت تعلن عن منتجات طبيعية لعلاج العديد من الأمراض.

الغريب أن هذه المواد والوصفات تستخدم فى علاج كل الأمراض تقريبا، بدءا من تساقط الشعر وحتى السرطان.

فعلى سبيل المثال من يشكو من ارتفاع ضغط الدم ينبرى الآخرون فى وصف العلاجات الطبيعية له، منها مشروب الكركديه، ورغم أنه من المعروف أن هذا المشروب مفيد لتخفيض الضغط بشرط شربه «منقوعا» دون غليه، ومع ذلك فهو يمكن أن يكون عاملا مساعدا وليس علاجا فى حد ذاته.

ومن يشكو من حصوات الكلى يجد عشرات الأعشاب التى يتم بيعها عند العطارين لعلاج الحصاوى وغيرها، ورغم عدم جدواها فى كثير من الحالات إلى أن الوصفات ما زالت مستمرة.

بل إن عطارين يقومون بعمل وصفات لعلاج الضغط والسكر والكلى والكبد وعدد كبير من الأمراض، ويتم بيعها على اعتبار أنها منتجات طبيعية، ويقبل المواطنون على شرائها، بل أن بعض المرضى يقومون بالتوجه للعطار يصفون له ما يشعرون به، فيقوم بتشخيص الحالة ومنحهم الوصفة الملائمة لها.

الأكثر من ذلك أنه انتشرت وصفات على وسائل التواصل الاجتماعى، ورسائل يتم تناقلها عبر الواتساب لعلاج مرض السرطان من خلال تناول الفاكهة على معدة خالية لمدة معينة، مع الامتناع عن تناول السكر لمدة عدة أشهر.

وغالبا ما تلقى هذه الوصفات إقبالا من الكثيرين، خاصة أولئك الذين يئسوا من تناول الأدوية التقليدية، ولكن الأطباء يؤكدون أن تناول هذه الأعشاب والمواد محفوف بالمخاطر، فغالبا ما يتعرض المواطنون للغش حيث يتم خلط الأعشاب الطبيعية بأخرى عديمة الفائدة أو غيرها مما قد يكون مضراً بصحة المريض كذلك فهناك وصفات مجهولة التركيب وأعشاب مجهولة المصدر يتم الإعلان عنها فى الفضائيات ويقبل المواطنون على شرائها وهذه كلها تمثل كوارث صحية.

وحذر الدكتور أشرف عبدالحميد استشارى الأمراض الباطنية من مثل هذه الأدوية، حتى أن بعض المرضى - خاصة مرضى الأمراض المزمنة - قد يستغنون تماما عن العلاج الحقيقى، ويلجأون لاستخدام هذه العلاجات المضللة التى قد تودى بحياتهم خاصة أن معظمها مجهولة المصدر.

وأوضح أن هذه الوصفات سواء التى تباع عند العطارين أو يتم الإعلان عنها من خلال الفضائيات غير مضمونة، ولا يمكن الاعتماد عليها، خاصة أن هناك أعشاباً يتم الإعلان عنها على أنها آتية من الصين وغيرها، وهذه الأعشاب لا نعلم تركيبها، ولا أضرارها ولم يتم اختبارها من وزارة الصحة وهيئة الرقابة الدوائية، كما أن معظم هذه المواد تباع على أنها مكملات غذائية، فى حين يستخدمها المريض على أنها علاج، وبالتالى قد تسوء حالته الصحية أكثر.

الغريب فى الأمر أن المادة 8 من لائحة آداب مهنة الطب تنص على أنه «لا يجوز للطبيب السماح باستعمال اسمه فى ترويج الأدوية أو العقاقير أو مختلف أنواع العلاج لأغراض تجارية على أى صورة من الصور»، كما تنص المادة 10 على أنه «لا يجوز للطبيب أن يقوم بالدعاية لنفسه على أية صورة من الصور سواء عن طريق النشر او الإذاعة المسموعة او المرئية او عبر وسائل الانترنت أو أى طريقة أخرى للإعلان»، ومع ذلك فهناك من يدعون أنهم أطباء ويقومون بالترويج لأدوية مصنوعة من الأعشاب الطبيعية، ويشترون مساحات إعلانية فى بعض الفضائيات للترويج لهذه الأدوية مجهولة المصدر، ولا تقوم نقابة الأطباء بتطبيق القانون عليهم، كما لا تقوم الهيئة العامة للإعلام ولا وزارة الصحة بمنع ظهور مثل هذه الإعلانات.

والأمر لا يقتصر على هذه الإعلانات فقط بل أن هذه الوصفات أصبحت موجودة فى كل محلات العطارة الصغيرة منها والكبيرة، ومنهم من يصنعها على هيئة أقراص أو عبوات دوائية، ويتم بيعها للجمهور دون أى رقابة من أى جهة.