رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المنازل الآيلة للسقوط.. الحياة على كف عزرائيل

بوابة الوفد الإلكترونية

فى منازل متهالكة بأحياء القاهرة والمحافظات المختلفة يعيش ملايين المواطنين حاملين أرواحهم على أكفهم، ينتظرون حتفهم فى كل لحظة، من تطلع عليه الشمس ومنزله قائم فإنه يصلى لله شكرًا على نعمة الحياة، ومنهم من لا يشهد هذه اللحظة فتنهار منازلهم ويروح ضحيتها أبرياء، كل ذنبهم أنهم مقيمون فى منازل معرضة للانهيار فى كل لحظة، ولكن ما باليد حيلة فلا مأوى آخر لهم.

ورغم أن الأحياء أصدرت أكثر من 90 ألف قرار إزالة لمنازل آيلة للسقوط خلال الأعوام الماضية، إلا أنها لم تسع لتوفير مساكن لهم، ومن ثم لم يجد هؤلاء أمامهم سوى انتظار الموت تحت أنقاض بيوتهم القديمة أفضل من السكن فى الشارع.

وفى الأسبوع الماضى اجتمع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ووزير الإسكان بالمحافظين وشدد على ضرورة توفير مساكن بديلة لهم، واستقبل المواطنون هذه التصريحات بسعادة بالغة، على أمل أن يقوم المحافظون بالاستجابة لتعليمات رئيس الحكومة قبل أن تقع الكارثة، خاصة أن الأمطار كانت تتسبب فى انهيار بعض العقارات خاصة فى الإسكندرية.

و كان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ووزير الإسكان قد أكد فى اجتماعه مع المحافظين ضرورة حل مشكلة المواطنين المقيمين فى المساكن الآيلة للسقوط، مشددًا على سرعة اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتعامل مع المبانى ذات الخطورة الداهمة التى سبق حصرها، حتى لا تتعرض للسقوط فى هذه الظروف الجوية الصعبة، مؤكداً ضرورة توفير مساكن آمنة بديلة لقاطنيها.

هذه التعليمات لو دخلت حيز التنفيذ ستقضى على واحدة من أكبر المشكلات التى يواجهها المصريون، فعدد هذه المساكن الآيلة للسقوط يصل فى المتوسط إلى مليون مسكن ويصل فى بعض التقديرات إلى 3 ملايين، تضم أكثر من خمسة ملايين أسرة، يعيشون على كف عزرائيل، ينتظرون الموت فى كل لحظة.

لذلك لابد من قيام المحافظين بدورهم فى تنفيذ تعليمات رئيس الوزراء قبل أن تقع الكارثة ونبكى على الأرواح الضائعة.

التقديرات اختلفت فى تحديد حجم كارثة المنازل الآيلة للسقوط فى مصر، فوفقاً لإحصائيات التنمية المحلية يوجد 90 ألف مبنى آيل للسقوط وصدر بحقه قرار إزالة، فيما تبلغ نسبة العقارات ذات الخطورة الشديدة منها حوالى 15%.

فى حين أشارت دراسة للمركز المصرى للحق فى السكن أن هناك 1.4 مليون عقار آيل للسقوط على مستوى الجمهورية، وأن محافظة القاهرة بها أعلى نسبة عقارات صدرت لها قرارات إزالة.

أما تعداد المنشآت الذى قام به الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقدر هذه العقارات الآيلة للسقوط بنحو 97 ألفًا و535 عقارًا موزعة على جميع أنحاء الجمهورية، بينما يوجد 11 ألفًا و215 عقارًا تحت الهدم.

بينما سجلت عدد العقارات المخالفة فى مصر رقمًا قياسيا، إذ قاربت على 3 ملايين عقار مخالف، ورغم صدور 2 مليون و600 ألف قرار إزالة وجوبى لها، إلا أنه لم يتم تنفيذ سوى 633 ألف قرار منها فقط، لتبلغ نسبة العقارات المخالفة التى تم بناؤها دون ترخيص 86% من إجمالى العقارات المخالفة بمصر.

هذه الظاهرة أرقت أعضاء البرلمان الذين تقدموا بعدد كبير من الأسئلة وطلبات الإحاطة لوزير التنمية المحلية خاصة بعد انهيار عقارى روض الفرج منذ عدة أشهر، وهو ما دفع النائب خالد عبدالعزيز فهمى، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب إلى المطالبة بتعديل قانون رقم 144 لسنة 2006 الخاص تنظيم هدم المبانى والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعمارى، موضحاً أن الهدف من التعديل هو إعادة حصر جميع المبانى القديمة الآيلة للسقوط لإعادة هدم شديد الخطورة منها والحفاظ على ما يندرج تحت التراث المعمارى ووجوده لا يشكل خطورة على حياة المواطنين، مشدداً على ضرورة وضع معايير وأسس واشتراطات جديدة للمبانى التى من المفترض اعتبارها تراثاً معمارياً، مطالباً أيضاً بسهولة إصدار تراخيص الهدم والبناء لتشجيع المواطنين والتخفيف عنهم للإقبال على هذه الخطوة، وللحفاظ على الثروة العقارية فى مصر، وهذا لن يتم سوى بتعديل قانون 144 لسنة 2006، بالإضافة إلى ضرورة وجود قاعدة بيانات دقيقة وحصر شامل لجميع المنازل الآيلة للسقوط وشديدة الخطورة.

يذكر أن الدراسات تشير إلى أن حوالى 97% من العقارات الآيلة للسقوط قد تنهار بين لحظة وأخرى فوق رؤوس قاطنيها، ومع ذلك لم تتخذ الجهات الحكومية والمحليات أى إجراءات لهدم هذه المبانى، بسبب عدم توافر وحدات بديلة، وتتركز هذه المبانى فى 4 محافظات هى على الترتيب: الشرقية بـ11430 عقاراً، تليها المنيا بإجمالى 10424 عقاراً، ثم سوهاج بإجمالى 7370 عقاراً، ثم الدقهلية بواقع 7095 عقاراً.

 

140 قانوناً وقراراً وزارياً ينظم عمليات البناء

كارثة مزمنة تتكرر كل فترة وهى مشكلة انهيار العقارات على رؤوس سكانها، وعقب كل كارثة يخرج علينا المسئولون مؤكدين على ضرورة حل مشكلة المساكن الآيلة للسقوط، وتتكرر الكارثة بعد ذلك دون التوصل لحل حقيقى، لذلك يرى المهندس الاستشارى مصطفى حشيش أن إنقاذ المواطنين الذين يسكنون هذه العقارات الآيلة للسقوط واجب قومى، ويجب أن يقوم كل محافظ بدوره فى توفير مساكن بديلة لهؤلاء الناس بدل اللجوء للسكن فى العشوائيات والتى تحاول الدولة القضاء عليها، أو الموت تحت أنقاض منازلهم. ولكن ما هى أسباب انتشار

ظاهرة المساكن الآيلة للسقوط فى مصر؟

يجيب المهندس حشيش مشيرا إلى أن السبب الرئيسى فى تصدع المبانى وأنها أصبحت آيلة للسقوط هو عدم الصيانة الدورية لها، إذ يعد قانون الإيجار القديم أحد أهم الأسباب التى تجعل المواطنون يحجمون عن الصيانة، فالمستأجر يرفض الصيانة على اعتبار أنها مسئولية صاحب العقار الذى لا يحصل سوى على جنيهات قليلة من الايجار، وبالتالى فهو يرفض القيام بأعمال الصيانة بدوره على أمل أن يسقط العقار ليقيم مكانه مبنى آخر، وبذلك تضيع ثروتنا المعمارية، لذلك فإن تعديل هذا القانون وإصدار آخر يراعى مصلحة المالك والمستأجر سيكون فى مصلحة الجميع بما فى ذلك المبانى التى سيصبح لها اتحاد شاغلين فعلى يتولى مسئولية صيانتها.

أما فيما يتعلق بالعقارات الحديثة فهذه لا تنهار بسبب الصيانة، إنما بسبب التنفيذ السيئ والغش فى كميات مواد البناء المستخدمة فى بناء العقار، والسبب إما جهل المالك أو رغبته فى الحصول على أموال كثيرة فى وقت قصير، وهذه مشكلة أكبر حيث نفاجئ جميعا بسقوط العقار على من يقطنون فيه، ولذلك لابد من وجود رقابة من المحليات على عملية الإنشاء، وعدم توصيل المرافق للمبانى المخالفة التى يقوم أصحابها بمخالفة الرخصة خاصة فى عدد الأدوار حتى لا تقع مثل هذه الكوارث.

أما المهندس حسين جمعة رئيس جمعية التطوير العقارى فيرى أن مشكلة المنازل الآيلة للسقوط ترجع إلى انتشار العشوائيات حتى فى المبانى المرخصة والتى يسمح لها بعمل تعليات وتعديلات بدون ترخيص، كذلك هناك سبب آخر وهو تعدد القوانين المنظمة للبناء والتى يبلغ عددها 140 قانوناً وأمراً عسكرياً وأمراً وزراياً، بالإضافة إلى تواطؤ وتقاعس الأحياء والمحليات، مع السماح بدخول المرافق لهذه المبانى المخالفة، وأضاف: أن هناك مشكلة أخرى وراء انهيار العقارات فى مصر وهى: القيام بأعمال الترميم والتعديل بدون ترخيص، ويقوم بها عمال وفنيون غير متخصصين وبدون إشراف من الأحياء، بالإضافة إلى عدم دراسة طبيعة التربة وعمل تقارير جسات وهمية، كما أن أعمال البناء نفسها يقوم بها مقاولون بدون خبرة وينعدم الإشراف عليهم، وفى بعض الحالات يستخدمون مواد بناء مغشوشة وغير معتمدة.

لذلك يطالب رئيس جمعية التطوير العقارى بإنشاء هيئه عليا للثروة العقارية والتطوير العقارى، تكون تابعة لرئيس مجلس الوزراء، مع ضرورة حصر وتشخيص حاله المبانى لوضع خطة لمعالجة ما يمكن معالجته منها، مع هدم التى لا يصلح منها وتعويض أصحابها بمساكن بديلة، وطالب بضرورة تفعيل دور مراكز الأبحاث والكليات فى حل مشكلات هذه العقارات، كما أكد على ضرورة عمل رقم قومى لكل عقار فى مصر، يتضمن كل المعلومات عنه وإجراء الصيانة الدورية باستمرار.

 وأضاف أنه لابد أن يتم تجميع كل قوانين الإسكان فى قانون موحد لسهولة التعامل مع عمليات الصيانة والهدم والبناء، وأكد أن كل هذه الحلول لن تفلح فى إنقاذ الثروة العقارية فى مصر إذا لم يتم تشديد الرقابة على الأحياء، وفرض رقابة على مواد البناء المحلية والمستوردة، وتدريب المهندسين والمقاولين، وتفعيل دور اتحاد التشييد والبناء، والعمل بنظام رخص البناء ورخص الترميم على أن تجدد رخصة المبنى كل 3 سنوات للتأكد من إتمام أعمال الصيانة باستمرار، وأكد على ضرورة تدريب الفنيين والعاملين بالتشييد والبناء، والتنفيذ الجبرى للعقارات الصادر لها قرار ترميم، وتفعيل دور المكاتب الاستشارية فى متابعة الإنشاءات، وتفعيل دور جهاز التفتيش الفنى التابع لمركز البحوث ووزارة الإسكان.