رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دستور مصر على «كف عفريت»

بوابة الوفد الإلكترونية

الدستور هو المعركة القادمة التى ستدور رحاها قريباً، فمنذ أيام قليلة وافقت اللجنة التشريعية بمجلس الشعب على مشروع قانون مكون من 13 مادة، تحدد معايير انتخاب أعضاء اللجنة التأسيسية،

ومن المتوقع وفقاً لمشروع القانون أن يتم إعداد الدستور خلال شهر من تاريخ إصداره القانون. أى أن إعداد الدستور سيتم بعد الانتهاء من جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، وهو ما أثار مخاوف عديدة فى النفوس، فهل سيتم تفصيل الدستور على مقاس الرئيس القادم، وهل ستتقلص صلاحياته أم تتسع وفقاً لشخصيته واتجاهاته؟! وهل تتأثر علاقة البرلمان والحكومة بشخصية الرئيس؟ خاصة أن مصر لها باع طويل فى تفصيل القوانين والدساتير على مقاس كل رئيس!!
مصر هى الدولة الوحيدة التى تم فيها تفصيل الدستور أكثر من مرة على مقاس الرئيس، حدث هذا إبان حكم الرئيس السادات حينما تم تغيير حرف فى الدستور بما يسمح للرئيس بالترشح للرئاسة لمدد بدلاً من مرة واحدة، وتكرر هذا أيضاً مع الرئيس المتنحى حسنى مبارك عام 2007، حينما تم تعديل الدستور ليسمح لنجله بالترشح للرئاسة، واليوم تطل هذه الأحداث برأسها على مشهد إعداد الدستور، خاصة أن قانون معايير لجنة إعداد الدستور الذى ناقشته اللجنة التشريعية بمجلس الشعب جاء خالياً من أى معايير موضوعية لاختيار أعضاء اللجنة، حيث نصت المادة الأولى على أن ينتخب الأعضاء غير المعينين فى مجلسى الشعب والشورى جمعية تأسيسية من مائة عضو، لإعداد دستور جديد للبلاد فى موعد غايته شهر من تاريخ إصدار هذا القانون، واشترط القانون فى المادة الثالثة مراعاة تمثيل جميع أطياف المجتمع فى تشكيل اللجنة بقدر الإمكان.
وبما أن البرلمان الذى يسيطر الإخوان على 76٪ منه هو الجهة المنوط بها اختيار أعضاء التأسيسية، وبما أنهم مسيطرون على معظم النقابات المهنية، وتنظيمهم متوغل داخل الجامعات ومعظم مؤسسات الدولة، يرى الكثيرون أن هناك مخاوف من أن تسمح لهم هذه السيطرة بتوجيه الدستور كيفما يشاءون، بل إن البعض ذهب لأكثر من هذا، وقال «قد يقومون بتفصيل الدستور على مقاس الرئيس القادم»، فإذا جاء مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسى فسيكون الدستور أوسع وأرحب، وسيمنح الرئيس صلاحيات واسعة، وإذا جاء الفريق شفيق فسيتم تفصيل دستور يمنح مجلس الشعب حق تشكيل الحكومة، ويكون للحكومة صلاحيات أكبر من مواجهة الرئيس.
هذه المخاوف تبشر بقيام معركة أخرى وشبكة حول الدستور، خاصة أن الفقيه الدستورى الدكتور إبراهيم درويش يرى أن البداية كانت خاطئة، وبالتالى فكل ما يترتب عليها خاطئ، وأضاف قائلاً نحن نعيش حالة من «العك الدستوري»، فالدستور يجب ألا يوضع بهذا الشكل، والدستور أياً كان سيخرج مصنوعاً صناعة رديئة، وبالتالى سيتأثر كثيراً بمعركة انتخابات الرئاسة، وبنتيجتها، وأضاف: قد يتم تفصيل الدستور حسب توجه الرئيس القادم، وبالتالى سيخرج الدستور مشوهاً يحتوى على نظام «عك» ليس له علاقة بالنظام البرلمانى ولا بالنظام الرئاسي.
وأضاف قائلاً: ما بنى على خطأ فهو خطأ، والدستور بنى على أساس خاطئ، وبالتالى لا نأمل منه خيراً، والمعركة لن تكون فى مصلحة مصر.
يذكر أن علاقة البرلمان والحكومة ورئيس الجمهورية كلها أمور قد تكون مثار جدل عند وضع الدستور الجديد، وقد تمثل معارك فى حالة سيطرة فصيل معين على اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، فدستور 1971 والإعلان الدستورى الحالى يمنحان رئيس الجمهورية الحق فى اختيار رئيس الحكومة وحلها متى شاء، بينما غل الإعلان الدستورى يد مجلس الشعب ومنعه من إقالة الحكومة وهى المعركة التى انتهت مؤخراً لصالح الحكومة، ولكن مجلس الشعب لن ينساها أبداً، كذلك فحق الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية فى تشكيل الحكومة قضية أثيرت كثيراً، والدستور وحده من سيحسمها لتبقى أمامنا القضية الأكبر والأهم وهى حق رئيس الدولة فى حل البرلمان.
كل هذه القضايا الشائكة سيعالجها الدستور القادم، وهناك مخاوف من تأثير شخصية الرئيس القادم عليها، وبالتالى تضيع

من الدستور أهم معالمه، وهى أنه تشريع طويل الأمد، يضع قواعد تسير عليها البلاد لسنوات طويلة، دون التأثر بشخصية واضعية أو من يحكم البلاد، ومن هنا يرى الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستورى بكلية الحقوق جامعة القاهرة أن الدستور يجب أن تضعه الجمعية التأسيسية التى بدأت إجراءات تشكيلها بالفعل، دون تدخل من أحد أو أى ضغوط، والجمعية ستمثل جميع اتجاهات المجتمع، وإذا تم اختيار أعضاء الجمعية بشكل موضوعى وبما يضمن تمثيل جميع فئات المجتمع، فسينتهى المشروع بإصدار دستور يحقق الديمقراطية وسيادة القانون والمواطنة، خاصة أنه قد تم الاتفاق بين القوى السياسية على الخطوط العريضة للدستور، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، كما سيتضمن الدستور الحقوق والحريات العامة واستقلال القضاء، كما أنه سيحدد نظام الحكم وصلاحيات الرئيس وفقاً للنظام المختلط الذى توافقت عليه كل القوى السياسية ليكون نظاماً للحكم، ومن هنا فلن يكون لشخص الرئيس تأثير على نصوص الدستور.
وأضاف الدكتور البنا: «النظام المختلط هو الأفضل مع وجود اختصاصات معقولة ومحددة لرئيس الجمهورية وليست واسعة مثلما كانت فى دستور 1971 وهذه هى الملامح الأساسية للدستور التى لا خلاف عليها».
بينما يرى الدكتور الشافعى بشير أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنصورة أن نتيجة الانتخابات الرئاسية ستنعكس حتماً على الدستور، حيث إن هذه الانتخابات كشفت أن مزاج الشعب المصرى يميل إلى الوسطية، وليس إلى فئة بعينها، فنتيجة الانتخابات جاءت تقريباً متساوية ما بين المشروع الإخوانى والاتجاه المضاد المتمثل فى النظام القديم، وبما أن مزاج الشعب يميل لاتجاه معين، فمن ثم يجب أن يخرج الدستور توافقياً وسطياً لا يميل لأى جهة لإرضاء الشعب أيضاً، ومن ثم فإن هذه النتيجة ستنعكس قطعاً على واضعى الدستور الذين سيحرصون على أن يكون وسطياً مثل رغبة الشعب المصري.
وأضاف أن لجنة إعداد الدستور يجب أن تضم أساتذة فى القانون الدستورى فى مختلف الجامعات، ومتخصصين فى هذا المجال، بحيث نضمن خروج الدستور فى أفضل صورة، بما يضمن حياده وعدم انصياعه لرغبات أى فصيل، وبشكل عام - والكلام للدكتور بشير - فإن الدستوريين يرون أن النظام البرلمانى ليس خيراً مطلقاً والرئاسى كذلك، ومن ثم فإن النظام المختلط هو الأفضل، مع تقليص صلاحيات الرئيس عما كانت عليه فى دستور 71، وبما لا يضمن توغل سلطة الرئيس على باقى السلطات مثلما كان فى الماضى، أما عن علاقته بالبرلمان وعلاقة البرلمان بالحكومة فكلها أمور يجب أن تتم بما يراعى مصالح مصر، بغض النظر عن شخصية الرئيس القادم.