رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإرهاب يضرب العالم مجدداً

بوابة الوفد الإلكترونية

3 أكتوبر مقتل 4 جنود نيجريين و4 جنود أمريكان فى هجوم استهدف دورية نيجرية أمريكية بجنوب غرب النيجر.

4 أكتوبر مقتل 13 جندياً وإصابة 23 آخرين بجروح، فى عمليات أمنية فى إطار مكافحة الإرهاب جنوبى وجنوب شرقى تركيا.

5 أكتوبر قوات الأمن السعودية تقتل 2 بخلية إرهابية تابعة لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابى فى الرياض فى عملية استباقية وتعتقل 5 آخرين فى مداهمة 3 مواقع.

6 أكتوبر مقتل 18 شخصاً، وإصابة 20 آخرين، فى تفجير انتحارى استهدف ضريحاً فى منطقة جهال ماجسى بإقليم بلوشستان، جنوب غربى باكستان.

8 أكتوبر مقتل 2 من رجال الحرس الملكى السعودى وإصابة 3 آخرين، فى عمل إرهابى استهدف نقطة حراسة أمام قصر السلام فى جدة بالسعودية.

13 أكتوبر استشهاد 6 مجندين وإصابة 4 آخرين، فى هجوم مسلح على نقطة تفتيش لقوات الأمن المصرية على الطريق الدائرى بجنوب العريش بمحافظة سيناء بمصر.

14 أكتوبر مقتل شخص وإصابة 8 آخرين فى تفجيرين منفصلين فى العاصمة بغداد بالعراق.

14 أكتوبر انفجارات فى العاصمة مقديشيو تسفر عن مقتل 358 شخصاً، وإصابة 228، وفقد 56 آخرين بالصومال.

15 أكتوبر استشهاد 3 مجندين وإصابة 20 آخرين فى هجمات إرهابية فى مدينة الشيخ زويد فى محافظة شمال سيناء، بمصر.

16 أكتوبر استشهاد 3 مجندين ومواطنة وإصابة آخرين فى هجوم إرهابى مسلح استهدف فرع البنك الأهلى بوسط سيناء بمصر.

16 أكتوبر مقتل 78 شخصاً فى هجمات لطالبان وقعت فى أربعة أقاليم فى أفغانستان خلال 24 ساعة.

17 أكتوبر مقتل 6 أشخاص بينهم 3 من رجال الشرطة فى انفجار وقع فى مدينة كوتيا غربى باكستان.

17 أكتوبر انفجار حافلة شرطة بعد استهدافها بعبوة ناسفة بمحافظة مرسين جنوب تركيا تسفر عن مقتل 12 شخصاً.

18 أكتوبر مقتل 7 وإصابة 29 شخصاً جراء تفجير انتحارى استهدف سيارة شرطة فى مدينة كويتا بإقليم بلوشستان فى باكستان.

19 أكتوبر مقتل 43 عسكرياً فى هجوم لطالبان على قاعدة عسكرية بمنطقة ميواند فى محافظة قندهار الجنوبية فى جنوبى أفغانستان، وقتل 9 من أفراد طالبان على الأقل.

20 أكتوبر استشهاد 17 ضابطاً ومجنداً وإصابة 13 آخرين خلال مواجهة مع عناصر إرهابية فى الواحات بمحافظة الجيزة بمصر.

٢0 أكتوبر مقتل 72 شخصاً من بينهم أطفال فى هجومين انتحاريين استهدفا مسجدين فى أفغانستان.

٢١ أكتوبر مقتل 15 متدرباً وجرح 4 آخرين فى الجيش الأفغانى فى هجوم انتحارى استهدف حافلتهم فى كابول بأفغانستان.

21 أكتوبر مقتل 13 من قوات الأمن وإصابة 5 فى اعتداء فى منطقة تيلابيرى فى جنوب غرب النيجر.

22 أكتوبر مقتل 14 شخصاً وإصابة 18 آخرين بجروح فى ثلاث عمليات انتحارية فى مايدوغورى، عاصمة ولاية بورنو فى نيجيريا.

٢٣ أكتوبر مقتل جندى فى انفجار عبوة فى مركبة تابعة للجيش التركى فى إقليم هكارى جنوب شرقى تركيا.

٢٣ أكتوبر مقتل 4 جنود يمنيين وخمسة انتحاريين وإصابة 9 جنود آخرين فى هجوم لتنظيم القاعدة على موقع عسكرى فى فى مديرية مودية فى محافظة أبين جنوب اليمن.

 

طول ما الشجرة بتطرح ضله.. طول ما كفوفك غيط الغلة

طعم الموت على أرضك يحلا.. لأجل تعيش مصر الحرية

طول ما النيل بيجود ويوافى.. طول ما عينيكى الحضن الدافي

أقدر أطول السما بكتافى.. واقتل ظل الخوف فى عنيه

لأجل تعيش مصر الحرية

وتمتد مسيرة الشهداء في معركة الوطن ضد الإرهاب، وتنضم معركة الواحات لعشرات المواجهات التي ارتوى فيها تراب مصر بدماء الشهداء، مئات المأموريات التى خرج فيها الأبطال ليبروا بقسمهم علي حماية الوطن والأمة من غول الإرهاب المتوحش، وفي كل مأمورية كان النصر حليفهم .

ولكن على غير المعتاد سقطت المأمورية بين براثن الإرهاب، فى فخ محكوم مدعوم بعمل أجهزة استخبارات أجنبية وتقنيات حديثة، وأسلحة ثقيلة متطورة.. ويقاتل الأبطال فى بسالة على مدار ساعات طويلة.. ويسقط البطل تلو الآخر، ولكن لا يستسلمون ولا يسقطون الراية.. وستكشف الأيام القادمة كيف صمد هؤلاء الأبطال، وكيف قاتلوا مثل فرسان ونبلاء العصور القديمة؟

معركة الواحات.. معركة فى سياق حرب طويلة ضد إرهاب يسعى للنيل من الدولة المصرية وتفكيكها، بعد أن فشل فى السيطرة عليها وعلى إرادة شعبها.. وستواصل مصر معركتها ضد الإرهاب والداعمين له فى إطار استراتيجيتها الشاملة والثابتة، انطلاقاً مما توصل إليه الباحثون من أن الفهم الجيد لظاهرة الإرهاب وسياقاته أول خطوة فى الوقاية وللوقوف أمام الإرهاب بشتى أشكاله، واعتبار أن التصدى له واجب على الإنسانية ككل لإنقاذ إنسانيتها، لذا يجب أن ينظر إلى ظاهرة الإرهاب نظرة شاملة، وتعالج بالتكامل والتعاون بين مختلف الأبعاد.

ويكفى أن نشير إلى أن العمليات الإرهابية التى ضربت دول العالم المختلفة خلال شهر أكتوبر الحالى، أسفرت حتى الآن عن مقتل 700 شخص وإصابة حوالى 400 آخرين، مما يؤكد المخاطر التى تواجه العالم والحضارة الإنسانية وهو ما حذرت منه مصر وما زالت «الوفد» تواصل مناقشتها قضية الإرهاب وتقدم التحية شهدائنا الأبرار فى عملية الواحات.

 

استراتيجية المحاور الثمانية لحماية المجتمع

 

فى دراسته «سيكولوجية العنف والإرهاب.. رؤية تحليلية للسلوكيات الإرهابية»، يقدم الدكتور ماهر محمود، أستاذ الفلسفة فى التوجيه والإرشاد النفسى، استراتيجية متكاملة وشاملة لحماية المجتمع فى مجال مكافحة الإرهاب والوقاية منه، تقوم على ثمانية محاور، تبدأ بقيام مؤسسات الدولة التى تتعامل مع الشباب والمراهقين بتطبيق دراسة مسحية شاملة، كل فى نطاق نشاطها لتحديد حاجات هؤلاء المراهقين والشباب، والتعرف على كيفية إشباعها بالطرق المشروعة حسب نظام القيم فى المجتمع الذى يحتضنهم جميعاً.

ثم العمل وفق هذه الاستراتيجية بين كل هذه المؤسسات لتوفير الإشباعات المطلوبة لحاجات هؤلاء الأفراد حسب الإمكانات المتاحة فى البيئة التى يعيشون فيها، مع توفير قدر من التوازن بين الطبقات الاجتماعية ومحاولة إذابة الفروق بينها، والعمل على تقليل الفجوة بين دخولها ومتطلباتها، بما يخلق نوعاً من الرضا النفسى والتسامح الاجتماعى بين أفراد هذه الطبقات، على أن تتضمن هذه الخطة القيم والأخلاقيات والعادات والتقاليد التى يلتزم بها الأفراد وعدم الخروج عنها، وعدم التمرد عليها وعدم تجاهلها وعدم تخطيها.

كما تضع كل مؤسسات الدولة إطاراً عاماً لسلوكيات العاملين فيها، بحيث يكونون قدوة لغيرهم ومثلًا أعلى لمن يتبعهم، ويسير على نهجهم، وينفذ تعليماتهم وتوجيهاتهم، فى ظل سيادة القانون العام للدولة الذى يلتزم به الجميع، بحيث لا يطبق على البعض ويتسامح فيه مع البعض الآخر.

مع التركيز على عدم إغفال ما تتناوله وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من آراء ووجهات نظر ومقالات وتحقيقات ومشاهد علنية تثير جمهور المواطنين بالغضب والحقد والكراهية، وتمس جوهر القيم عند الإنسان العادى البسيط فى المجتمع، وتغرس فى ضعاف النفوس من الجنسين، ولا سيما فى سن المراهقة وسن الطفولة عادات سيئة واتجاهات سلبية وسلوكيات متطرفة تتراكم عندهم وتتحول فيما بعد إلى سلوكيات متمردة عنيفة مضادة لنظام القيم وعادات المجتمع التى يجب أن يحافظ فيها المجتمع على كيانه من الانهيار والتسيب والتفكك، لذلك فإن الرقابة يجب أن تكون صارمة ورادعة لمن يخالف الخط القيمى الأخلاقى للمجتمع، خاصة أن كل الدراسات التحليلية والبحوث الميدانية أكدت تأثير الاعلام السيئ على سلوكيات الأفراد وتحويلها إلى سلوكيات إرهابية.

ويطالب «محمود»، بعدم المساس بالاتجاهات الدينية السائدة فى المجتمع، إذا كانت معتدلة وليس لها أية علاقة بالأحداث التخريبية أو العدوانية فى المجتمع، ويدعو لتشجيعها وتدعيمها والمحافظة عليها من أجل خلق الوازع الدينى عند كل الناس، ولا سيما الأطفال والشباب، لأن هذا ما يخلق الضمير الحى النقى عندهم، فلا يتطرفون فى سلوكياتهم ولا ينحرفون بها، لأنهم يخشون الله فى تصرفاتهم، وسيكونون هم من يدافعون عن الوطن وعن قيادته وسياسته، وسيكونون حرصين على منشآته ومؤسساته، بالإضافة لعدم المساس بالدعاة المصلحين، ما لم يكونوا متورطين فى أية أعمال ضد أمن المجتمع وسلامته، لأن هؤلاء الدعاة هم القدوة الصالحة لأجيال الشباب، وعدم التعرض وعدم السخرية من مظاهر الالتزام الدينى عند بعض الأفراد.

كما يشدد على تبنى سياسة عامة بين كل مؤسسات المجتمع، لنشر الوعى الفكرى والأيديولوجى السليم الذى يتفق مع قيم المجتمع وأخلاقياته، ومحاولة تنقيته والمحافظة عليه من أية شوائب فكرية أيديولوجية دخيلة عليه قد يتأثر بها الأفراد ويصدقونها ويقتنعون بها ويعتقدون فيها، مما يجعلهم ينقلبون عما هو صحيح ويدافعون عما هو خطأ، وينقلبون من كونهم حماة للوطن وقيادته إلى عوامل هدم له وتدمير وقتل لرموزه السياسية والعسكرية والفكرية والاقتصادية والتربوية والإعلامية بسلوكياتهم الإرهابية.

داعياً إلى وضع ميزانية تفصيلية محددة البنود لأوجه الإنفاق على الدارسات والبحوث وبرامج العلاج والإرشاد وغيرها، بمصادر تمويل ذاتية عن طريق البنوك والشركات والقطاعات الاستثمارية ورجال الأعمال فى المجتمع، ولو تستقطع هذه الأموال من الوعاء الضريبى المفروض على كل مصدر منها، هذا مع توفير التسهيلات القانونية والإدارية والتنفيذية الأهلية والحكومية المرتبطة بهذه الإستراتيجية، بحيث يتم تطبيقها دون تعقيد وبلا روتين ممل يتسبب فى خلق متاهات تنفيذية يضل فيها المنفذون لها طريقهم نحو تحقيق أهدافهم السامية، ويمكن للعاملين فى مجال الخدمة الاجتماعية والصحة النفسية أن تكون مساهماتهم تطوعية فى تنفيذ هذه الإستراتيجية من منطلقات قومية.

ويدعو محمود إلى تطبيق بنود هذه الإستراتيجية فى الإطار السيكولوجى العام لها، وأن يؤخذ فى الحسبان أنه إن لم تنفذ وتطبق بنودها بدقة، فإننا لم ولن نحل مشكلة الإرهاب، على أنه ينبغى أن يكون تنفيذ هذه البنود على نطاق المجتمع بأسره بناء على تضافر الجهود المخلصة من مؤسساته ابتداء بالأسرة نواة المجتمع ووصولاً إلى رئاسة الدولة، ويكون ذلك على مراحل زمنية وفق خطة مدروسة، بما يسد كل النوافذ أمام كل فرد كان يمارس عملياته الإرهابية لتبريرات سياسية أو دينية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية أو إعلامية، ذلك لأنه لن يكون لديه عذر ولن تكون لديه حجة يبرر بها سلوكياته الإرهابية، لأن المشكلة عولجت من منبعها ومن أصلها.

 

لمرة واحدة.. أخلف وعده

 

كان منذ صغره حافظاً للقرآن الكريم وباراً بوالديه، وأدى مناسك العمرة ثلاث مرات، وأن ما يملكه من أموال كان يتصدق به للمحتاجين دون إخبار أحد بما يفعله.. هذه هى شهادة والده أمام الله تعالى.

لم يخلف أبداً وعداً خاصة لوالده، فقد وعده فى مكالمة تليفونية بالعودة للمنزل يوم استشهاده.. ولكنه أخلف وعده هذه المرة ذاهباً للقاء ربه.

إنه البطل الشهيد أحمد داوود، ابن قرية كفر الخضرة، بمركز الباجور بمحافظة المنوفية، الذى كان يستعد لحفل زفافه فى شهر يوليو القادم، فزف إلى السماء، الذى قال فى رسالته الأخيرة لشقيقته «الذى يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يدخل الجنة.. وأنا بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله كثيراً».

ليلة استشهاده كتب على صفحته الشخصية «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله»، قال عنه والده، «أحمد عمره ما اتكلم عن شغله وآخر مرة شوفناه فيها كان يوم الاثنين حضر لتناول الغداء، واستقل سيارته وغادر المنزل وعاد شهيداً، وأحمد كان لديه إصرار على المشاركة فى هذه المأمورية، ورفض طلب قائده بالاعتذار عنها».

الشهيد كان يبلغ من العمر 32 عاماً، ولديه أخ ضابط شرطة، وأخت مهندسة تمت خطبتها منذ فترة صغيرة، ووالدته تعمل بالتفتيش المالى والإدارى بقطاع التموين بالقاهرة، ووالده مهندس بالمعاش.

 المفارقة أن جنازته شيعت من مسجد عمر بن الخطاب، خليفة المسلمين الذى كان أول شهيد على يد الإرهاب فى الإسلام.

 

شهيد وراء شهيد

 

فى يونيو الماضى، ودعت قرية بنى عمران بمركز ديرمواس بمحافظة المنيا، الشهيد النقيب عمرو إبراهيم، معاون مباحث مركز شرطة ملوى، الذى استشهد خلال قيامه بعملية للقبض على أحد تجار المخدرات بمنطقة «تونا الجبل» بمركز ملوى.

وبينما الأسرة تسعى لتلملم أحزانها، جاء نبأ استشهاد المقدم أحمد فايز إبراهيم، ابن خال الشهيد النقيب عمرو إبراهيم، ليزلزل أركانها، ويفجر شلالات من الأحزان لا تنتهى.

شهيدنا تفخر به مدينة بمركز ديرمواس بمحافظة المنيا، مسقط رأس والدته، وحيث ولد بها، وينازعها الفخر مركز ديروط بمحافظة أسيوط مسقط رأس والده اللواء فايز إبراهيم، فى أسرة اعتادت أن تقدم الدم والحياة قرباناً؛ لحماية تراب الوطن وأبنائه من تجار الخراب والموت والإرهاب، فى مدينة قاتل فيها أخواله، الإنجليز فى ثورة 1919، ليواصل هو معركة حماية وحدة الوطن بعد اقتراب مائه عام على استشهاد أخواله فى معركة استقلال الوطن.

الشهيد أحمد فايز تخرج فى كلية الشرطة عام 1995، وعمل بالأمن الوطنى وكان أهم الضباط الذين اكتشفوا قضية «خلية الصواريخ» التى استهدفت المنشآت الحيوية ورجال الجيش والشرطة عقب فض اعتصامى «رابعة والنهضة»، وكذلك قضية «خلية جند الشام»، التى استهدفت رجال الشرطة والجيش.

«مع السلامة يا حبيبى مع السلامة يا أحمد مع السلامة يا بطل»...هكذا ودع والده وآلاف المشيعين جثمان البطل الشهيد.

 

على نياتكم ترزقون

 

«فعلاً الشهادة دى مش لأى حد وخلاص، ربنا دايماً بيختار من يستحقها»، هكذا نعى الشهيد إسلام مشهور، صديقه الشهيد تامر شاهين، فرحلة الشهداء ومواكب العزة يوصل بعضها البعض فى معركة الوطن ضد الإرهاب الأسود، ومنذ 3 سنوات كتب، أيضاً، على صفحته «على نياتكم ترزقون»، وغير صورته الشخصية مرة بعلم مصر، ومرة أخرى بدعائه «اللهم ارحم شهداء الوطن»، فالشهيد «مشهور»، لم يمض الوقت طويلاً حتى لحق بأحبائه فى جنة الخلد إن شاء الله.

شهيدنا تخرج فى كلية الشرطة عام ٢٠١٢، وعمل بالأمن العام قبل أن يلتحق بالعمليات الخاصة بقطاع الأمن المركزى، ونظراً لتفانيه فى العمل حصل مؤخراً على شهادة تقدير من الإدارة العامة للعمليات الخاصة.

وصدق المثل القائل «هذا الشبل من ذاك الأسد»، فالشهيد ابن قرية

منشية جنزور، بمركز طنطا بالغربية، والده هو اللواء بالمعاش بالقوات المسلحة محمد حلمى مشهور، والذى ذهب ليرى جثمانه الطاهر قبل دفنه، وكما روى «وقف الرجل شامخاً كالجبل وشد الغطاء من على جثمان ابنه.. وتأمل كل تفاصيله بعينيه.. ثم مال على صدره وقبَّله قبل أن يقبل رأسه ويأخذه فى حضنه.. ونظر لمن حوله.. قبل أن يطلب الهاتف المحمول من ابنه الثانى.. ويقول له اتصل بأمك، على الطرف الآخر، لا يأتى صوت إلا البكاء بشكل هستيرى، ليقول هو وبصوت متهدج استدعى كل جبال الصبر فى الدنيا ليتحكم فيه.. ويصرخ بصوت عال فيها.. «بطلى عياط.. ابنك مات راجل وواقف على رجله.. الرصاص جاى فى صدره.. ابنك واجه الموت ومش إداله ظهره زى ما الكلاب قالوا.. زغردى.. أنا جاى بيه طنطا وهانزفه الليلة.. إوعاك تعيطى.. زغردى.. إسلام راجل وعريس الليلة».

 

سمات الإرهابى.. متعطش للسلطة.. مكتئب.. انتحارى.. مجرم.. عدو المجتمع ومختل عقلياً

 

فى ظل تزايد ظاهرة الإرهاب، وما يصاحبها من عنف ووحشية بالغة، بات السؤال ملحاً حول سمات هذا الشخص الإرهابى الذى يقدم على ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية الوحشية، فى الواقع هناك العشرات من الدراسات والأبحاث العلمية، التى سعت للإجابة عن هذا التساؤل.

فبينما اعتبر بعض الباحثين أن الإرهابى هو شخصية مريضة سيكوباتية حبيسة إحباطاته، رأى البعض الآخر أن الإرهابى شخص عادى دفعته ظروف معينة للسقوط فى حالة العنف الخطير، وفى دراسة حول ملامح وسمات شخصية الإرهابى فى مصر، انتهت إلى أن الجماعات الإرهابية تمكنت من غرس فكرة مهمة وخطيرة فى عقول الشباب المصرى وهى سيكولوجية الكراهية، والتى تعنى إعدام كل مظاهر الحياة الحديثة والأفكار المعاصرة ورموزها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والعسكرية بعمليات التخريب، والاغتيال لكل الرموز التى تمثلها، فى ظل تعاظم الفراغ الثقافى والفكرى والعاطفى، وانتشار البطالة، وضعف الوازع الدينى، وقلة الدخل وتعسر الحالة المادية، وعدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.

بينما أشار الباحث سمير نعيم أحمد، إلى أن الشخصية الإرهابية تتسم على المستوى العقلى بأسلوب منغلق جامد فى التفكير وعدم تقبل المعتقدات والأفكار التى تختلف مع تفكيره واعتقاداته والصلابة فيها، بينما تتسم على المستوى الانفعالى بشدة الانفعال والغضب والعصبية والتطرف فى المشاعر السلبية المتضمنة للكراهية، وتتميز على المستوى السلوكى بالاندفاعية والعدوانية والميل للعنف والتدمير والتخريب.

ويرى د. عزيرو سعاد أنه لا يمكن تعميم الخصائص السيكولوجية للشخصية الإرهابية التى يتصف بها الفرد الإرهابى ، لكنه ينتهى إلى وجود مجموعة من الخصائص السيكولوجية والاجتماعية المشتركة عند الإرهابى فى أى مجتمع كان، أهمها اضطراب الشخصية والتطرف المطلق فى التفكير، وسوء فهم الآخرين وتفسير دوافعهم بنوع من السلبية، وتضخيم الذات أو ممارسة جنون التكبر على الآخرين، والاضطراب العام فى المزاج، والإحساس بالقلق والتوتر الدائم، والخروج عن القوانين والمعايير الاجتماعية والاستهانة بالنظام والقيم والعادات والتقاليد السائدة فى المجتمع، وممارسة مظاهر السلوكيات الإرهابية على اختلاف أشكالها من قهر وعنف وعدوانية، وممارسة مجموعة من الحيل الدفاعية والإفراط فيها كالإسقاط والتبرير والنقل فهو يسقط على غيره تهمه، ويبرر سلوكياته على أنها منطقية وعقلانية، وينقل غضبه وحقده إلى شخص آخر، بالإضافة إلى الجمود الفكرى والانغلاق العقلى والصلابة فى المعتقدات، والتمسك الوهمى بالانتماء لجماعة إرهابية معينة أكثر من التمسك بالانتماء الحقيقى المنطقى لعقيدة دينية معتدلة

ويضيف أن هناك نقطة مشتركة بين مختلف الشخصيات الإرهابية وهو الاستعداد لاستعمال العنف، لتحقيق هدف سياسى لفئة دينية أو عرقية أو اجتماعية، فهو شخصية ضد المجتمع، رغم عدم انطباق كل الشروط والسمات الإجرامية عليه من الناحية الإكلينيكية، وقد يكون شخصية حدية تسعى لملء فراغها النفسى وراء جماعات أو تنظيمات لها سمعتها وقوامها وكيانها وخلفيتها الفكرية، فيكون الانضمام إليها هو الدواء الشافى من داء الفراغ والشعور بالوحدة، كما قد يكون شبيه الفصامى، الذى يشغل محتوى تفكيره بأفكار غريبة ونادرة، كالانشغال بنبوءة أو وعد تاريخى يمكن أن يتحقق فى لحظة، وقد يكون مصاباً بالهذيان ينغمس فى ضلالات واعتقادات تدله على كم الكراهية التى يكنها العالم كله له، ويجعله يعمل كل ما بوسعه ليبادل العالم الشعور نفسه، ولكن الثابت أن فى كل جماعة إرهابية أفراد يتسمون بكل السمات السابقة سواء المصاب بالهذيان أو الحدى أو شبيه الفصامى المتدين والمتعطش للسلطة، أو المكتئب الانتحارى، أو المجرم عدو المجتمع، أو المختل العقلى.

 

مصر فى محنة

 

منذ أيام قليلة عاد من رحلة الحج، وكأنه كان يستشف الغيب ويستشعره، كان يتمنى الشهادة مثل زملائه الذين سبقوه ويردد دائماً «هما مش أحسن منى»، وكان كما يروى ابن عمته محمد صلاح يدرك خطورة الأوضاع وحجم المؤامرة التى تواجه الوطن، وكان يقول للجميع ويردد دائماً «ادعو لمصر يا جماعة إحنا فى محنة».

هكذا تجاوز الشهيد محمد وحيد حبشى محنته الشخصية فوالدته توفيت منذ سنوات ووالده يرقد مصاباً بجلطة فى المخ ولديه شقيقتان وأخ أصغر فى المرحلة الإعدادية، وطفلان هما جودى 6 سنوات وأحمد 4 سنوات، تناسى كل أعبائه الخاصة والعائلية وتفرغ لأداء واجب الوطن.

الشهيد كما يصفه ابن عمته عفيف اللسان ومهذب ومحبوب من الناس، هو الابن الأكبر للواء وحيد حبشى، وينتمى بعض أفراد أسرته للشرطة، يبلغ من العمر 35 سنة، تخرج فى كلية الشرطة عام 2000 وعمل بالأمن العام ثم التحق بالأمن الوطنى، وشارك فى العديد من المهام والعمليات الصعبة.

كان يردد فى أيامه الأخيرة أنه سيأتى دوم يذهب فيه ولا يرجع كان يحلم بالشهادة خاصة بعد عودته من الحج، ورغم مسئولياته العائلية الصعبة لمرض والده ووفاة والدته وصغر سن شقيقه الأصغر وطفليه، إلا أنه كان كما يقول المثل «كان يرمى حموله على الله» وقد ذهب للقاء ربه وترك أسرته فى رعاية رب كريم.

 

المهمة الأخيرة

 

«أنا ما تخيلتش فرحتى بعد خبر استشهاد ابنى من أجل محاربة الإرهاب.. ابنى مش خسارة فى البلد.. وأنا مستعد أكون مكانه.. والبلد دى إديتنا كتير.. ومش خسارة فيها.. زمايله قالوا لى عايزين نبقى زيه».. هكذا نعى صلاح عفيفى، ابنه النقيب عمرو صلاح، فى إحدى مداخلته الهاتفية.

تخرج عمرو فى كلية الشرطة عام 2012، والتحق بإدارة العلميات الخاصة بقطاع الأمن المركزى، وشارك فى العديد من المهام والعمليات الخطيرة، ولمع اسمه فى الوسط الفنى؛ حيث اختير للمشاركة فى تدريب الممثلين فى فيلم «الخلية» الذى جسَّد معركة الوطن وأجهزته ضد الجماعات الإرهابية، وخلال عمله حظى باحترام وتقدير الجميع، ونعاه المنتج والمخرج طارق العريان، مشيراً إلى كلامه الذى كان يردده دائماً خلال العمل «احنا بنطلع المأمورية.. وممكن جداً منرجعش».. وبالفعل خرج عمرو فى مهمته الأخيرة ولم يرجع.

الشهيد هو الأخ الأصغر لثلاثة أشقاء، ترك الدراسة بكلية «تجارة إنجليزى» ليصر على إكمال حلمه بالالتحاق بكلية الشرطة، وهو الحلم الذى تحقق ليقوده إلى طريق الشهادة، حيث تمسك بالعمل فى قطاع العمليات الخاصة رغم خطورته، وضغوط أسرته عليه، ولكنه رفض أن يترك زملاءه، وأن يتخلى عن وطنه فى معركة المصير.

«عمرو» كاد أن ينتهى من تجهيز شقته، ليحقق حلمه فى الارتباط للأبد بخطيبته التى تنتظر عودته كل إجازة، ليواصلا التخطيط للمستقبل.. ولكن إرادة الله تعالى سبقت كل تدبير، فسقط شهيداً، وهو يدافع عن أرضه وأبناء وطنه، كما قالت والدته، التى تؤمن فى يقين تام بأن أصدقاءه وزملاءه سوف يثأرون له ويواصلون دورهم فى حماية الوطن.

 

الدم المصرى واحد

 

كانت إجازته الأخيرة التى قضاها فى قريته المعروفة باسم عزبة «الثوم» بمركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا، من أسعد أيامه، فهو ذاهب ليقضى أيامه القلائل المتبقية فى الجهادية، كما يسميها أهل الصعيد، قبل أن يتسلم شهادة إنهائه الخدمة العسكرية.

3 سنوات مرت منذ أن وطئت قدماه معسكر التدريب التابع للأمن المركزى، شارك خلالها فى مهام عديدة وخطيرة، وفى كل مرة كان يعود سالمًا إلى أهله، ليشارك معها فى معركة الحياة والبقاء، فهو الثانى بين أربعة أشقاء، وعليه التزامات وأعباء، كان يغطيها بالعمل باليومية كأجير فى فلاحة الأراضى الزراعية، أو فى بعض الأعمال بالقاهرة.

بطرس سليمان، الشهيد الرمز بين شهداء معركة الواحات، وكأن رحيله كان أمرًا ضروريًا تفرضه أبجديات التاريخ وملاحم الوطن، فهو القبطى الوحيد بين الشهداء.. لذا جاء استشهاده تجسيدًا لا غنى عنه لتماسك الوطن ووحدته، لذلك لم تكن كلمة الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، فى قداسه بعيدة عن هذا المغزى وهذا المعنى بقوله «الدم المصرى المدافع عن وطنه كله فى مقام واحد، لم يفرق بينه رصاص الغدر والإرهاب».

«ابحث لى عن عروسة لأتزوج يا أبى»، كان ذلك حلم بطرس البسيط فى شقته البسيطة فى منزله المتواضع ليعيش وسط عائلته «الغلبانة».. كان ينتظر عودته الأخيرة حاملًا شهادته ليحضر حفل زفاف ابن خالته وصديقه الأوفى، ويسعد والدته التى ما زالت تعيش ألم رحيل شقيقها فى أحداث ماسبيرو 2011 ذهب بطرس وعاد ولكن بشهادة خلوده فى صفحات تاريخ الوطن، ملفوفاً بعلم الوطن ومحاطًا بآلاف المسلمين قبل الأقباط فى جنازة نادرة فى أبوقرقاص.