رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

الهروب من التعليم «ظاهرة مصرية»

بوابة الوفد الإلكترونية

من يعتقد أن اختفاء ظاهرة تزويغ الطلاب من فوق أسوار المدارس، وتواجدهم أمام أبواب السينما بالزى المدرسى أثناء اليوم الدراسى كما كان من قبل، يدل على حب الطلاب للمدرسة وعلامة بارزة على انضباط الإدارة المدرسية.. فهو مخطئ.

قرر 21 مليون تلميذ الهروب من جحيم المدرسة والتعليم بأكمله، وفقاً لآخر تقرير للتنمية البشرية لعام 2016، واتفقوا على عدم إكمال التعليم والانقطاع النهائى عن المدرسة، وفشلت المنظومة التعليمية بأكملها فى استعادة هؤلاء الأطفال لأحضان الدراسة، والرغبة والأمل فى مستقبل ناجح ومشرق.

التسرب من التعليم قضية لم تنته بعد حتى مع اقتراب عام 2018 وما زالت النسب مرتفعة والأسباب هى هى، والحلول فى الأذهان وعلى الورق ولم ينفذ منها شيء.

أظهر تقرير صادر عن وزارة التربية والتعليم ارتفاع نسب التسرب فى مدارس مصر على مستوى 27 محافظة، حيث وصل عدد المتسربين فى المرحلتين الابتدائية والاعدادية إلى 204 آلاف و540 تلميذاً.

وبلغ أعداد المتسربين فى مدارس المرحلة الابتدائية الحكومية 45 ألفاً و214 طالبا، منهم 27 ألفا و88 تلميذاً، و18 ألفاً و146 تلميذة.

وتصدرت محافظة القليوبية النسبة الأكبر بنسبة 88%  ومرسى مطروح بـ 86% و67% بمحافظة الغربية و66% فى المنوفية، و65% بمحافظة بنى سويف، إضافة إلى 72% بمحافظة أسيوط، كما احتلت محافظة السويس مقدمة المحافظات الأقل فى نسبة التسرب من التعليم بإجمالى 7%.

وعلى مستوى المدارس الحكومية للمرحلة الاعدادية بلغت أعداد المتسربين 159 ألفاً و540 تلميذاً، منها 77 ألفاً و412 تلميذة و82 ألفاً و128 تلميذاً.

وجاءت أسيوط الأعلى فى ترتيب أعداد المتسربين بالمحافظات بنسبة 8٫7%، ثم مرسى مطروح، بـ 7.69% والأقصر 5.79% والوادى الجديد بـ 5٫7% والبحيرة 5٫45%.

كما بلغ أعداد المتسربين فى محافظة القاهرة 2٫68% والإسكندرية 4٫63% ومحافظة البحيرة 4٫63%، إضافة إلى 5٫7% بمحافظة المنوفية، و5٫28% فى محافظة سوهاج، و4٫2% بالإسماعيلية و4٫5% بالسويس، و3٫49% بالجيزة.

أكد أحدث تقرير صادر عن الهيئة العامة للأبنية التعليمية أن هناك 2370 منطقة فى 17 محافظة محرومة من التعليم، وأشار التقرير إلى أن سوهاج على رأس المناطق المحرومة من التعليم الأساسى، إذ بها 351 منطقة بلا مدارس، يليها مركز البلينا بمحافظة سوهاج، وبه 73 منطقة محرومة من المدارس.

ثم تأتى محافظة قنا ويوجد بها 303 مناطق محرومة من المدارس بالقرى والنجوع والكفور، وعلى رأسها مركز قوص وبه 69 قرية بلا مدارس، وتلاه مركز «أبوتشت» بـ 56 قرية، ومركز قنا وبه 49 منطقة بلا مدارس.

فيما تحتل محافظة المنيا المرتبة الثالثة بين المحافظات الأكثر حرماناً من المدارس، ويوجد بها 291 منطقة محرومة من المدارس، ويأتى مركز سمالوط فى مقدمة المراكز التى تحتاج إلى أبنية تعليمية بالمنيا بـ 58 منطقة، يليه مركز المنيا بـ 51 منطقة، ثم بنى مزار والعدوة وملوى ودير مواس وباقى مراكز المحافظة.

وجاءت البحيرة فى المرتبة الرابعة من حيث عدد المناطق المحرومة من المدارس بها، وفيها 270 منطقة بلا مدارس تعليم أساسى، واحتل مركز كفر الدوار القائمة وبه 72 منطقة محرومة، وتلاه مراكز دمنهور وشبراخيت وإيتاى البارود والرحمانية وبدر.

فيما رصد التقرير 217 منطقة محرومة من المدارس فى أسيوط، وكان لمركز ديروط النصيب الأكبر بـ 28 قرية بلا مدارس، تلاه مركز أسيوط بـ 24 منطقة محرومة، ثم مراكز الغنايم، والقوصية، وصدفا.

وفى كفر الشيخ توجد 136 منطقة بلا مدارس للتعليم الأساسى بحلقتيه الابتدائية والاعدادية، وعلى رأسها مركز الحامول بـ 34 قرية ثم مركز البرلس بـ 13 منطقة، فى حين توجد 4 مناطق بمركز كفر الشيخ بلا أبنية مدرسية.

وجاءت الشرقية بعد كفر الشيخ بـ 135 منطقة، وتلتها الفيوم بـ 115 منطقة، ثم بنى سويف بـ 114 قرية، والجيزة وبها 70 منطقة محرومة من مدارس التعليم الأساسى.

وتلت الجيزة فى المناطق الأكثر حرماناً من المدارس، محافظة الدقهلية، وبها 68 منطقة، والقليوبية وبها 45 منطقة، والغربية وبها 43 قرية، ثم كل من المنوفية والإسماعيلية بـ 41 منطقة، ودمياط وبها 40 قرية، وجاءت الأقصر فى ذيل القائمة بـ 29 منطقة فقط.

الكتاب المدرسى

سألت الخبير التربوى أيمن البيلى عن العدد الحقيقى للمتسربين من التعليم فى مصر فأكد أن لا أحد يستطيع أن يحدد العدد، كما أنه لا يوجد إحصاء فى مصر من قبل وزارة التربية والتعليم بعدد سن القبول، ولكن يوجد إحصاء بعدد الطلاب فى المرحلة الابتدائية والمنتقلين إلى المرحلة الإعدادية، موضحاً لو هناك مليون طالب فى المرحلة الابتدائية حتى الصف الثالث ثم التحق بالمرحلة الاعدادية 800 ألف، إذن تم تسريب 200 ألف ومن ثم تحسب بهذا الطريقة عدد الملتحقين بكل مرحلة والذى لم يلتحق والناقص منه.

وقال البيلى: إنه طبقاً لآخر إحصاء صادر عن تقرير التنمية البشرية 2016 هناك 21 مليون متسرب من التعليم فى مصر، ما بين عدم ملتحق وملتحق ولم يكمل فى الثلاث سنوات الابتدائى الأولى، وما بين المنتقلين من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الاعدادية، وما بين المنتقلين من المرحلة الاعدادية الى التعليم الثانوى أو الفنى.

ولفت «البيلى» إلى أن التسرب من التعليم

يطلق على من التحق بالمدرسة ثم خرج منها، أما من لم يلتحق يطلق علية أمى، وهم من حرموا من خدمة التعليم.

وواصل «البيلى» قائلاً: هناك 1366 منطقة محرومة من أى نوع من أنواع المدارس فى مصر وذلك بناء على تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2016، وذلك يعنى أن 90% من أبناء هذه المناطق محرومون من التعليم وأضيفوا الى نسبة المتسربين.

وحدد «البيلى» 4 أسباب تؤدى إلى التسرب من التعليم:

أولاً: أسباب اجتماعية تتمثل فى العادات والتقاليد خاصة فى الريف والأطراف، وبالتالى ترتفع نسبة التسرب بين الفتيات أكثر من البنين نتيجة للزواج المبكر.

ثانياً: أسباب اقتصادية تتعلق بالفقر وانخفاض مستوى المعيشة وكثرة الإنجاب، وعدم قدرة «المعيل» الإنفاق على العدد الكبير من أفراد الأسرة، وبالتالى يتسرب الاطفال ليعملوا فى مهن لمساعدة أسرهم.

ثالثاً: صعوبة عملية التعلم المعروضة من قبل الوزارة للتلاميذ، فكثير من الطلاب لا يستطيعون استيعاب الكتاب المدرسى نتيجة لطريقة عرضه.

رابعاً: ارتفاع معدلات الكثافة فى الفصول أدت إلى تحول المدرسة من جاذبة إلى طاردة للطلاب، وبالتالى غياب الهدف النهائى من العملية التعليمية كلها، لعدم وجود فرص عمل وهو أحد أهم أسباب التسرب، فثقافة كثير من الأسر تعتبر إكمال التعليم إضاعة للوقت، فضلاً عن وجود سبب أخير للتسرب وهو عدم وصول خدمة التعليمات مناطق كثيرة.

الحل من وجهة نظر «البيلى» يحتاج إلى 6 خطوات تبدأ من الدولة فى العمل على زيادة ميزانية التعليم لتصل إلى ما نص عليه الدستور 4% من إجمالى الناتج القومى للإنفاق على التعليم، لمد خدمة التعليم للمناطق للمحرومة، وتغيير المناهج لتغيير الثقافة السائدة، فيجب أن تسود المدارس ثقافة أن المرأة مثل الرجل ومن حقها أن تتعلم، وبالتالى تغيير نظرة المجتمع للزواج المبكر للإناث، ومساعدة الأسر الفقيرة من قبل وزارة التضامن الاجتماعى لإكمال أبنائهم التعليم، وإدخال التكنولوجيا فى المدارس لتتحول إلى مدارس جاذبة، وتقليل الفوارق بين المدارس الخاصة والمدارس الحكومية، والقضاء على الدروس الخصوصية لأنها عبء على الأسرة إلى جانب مصاريف المدرسة والكتب الخارجية.

وهذا لا يتم إلا بمنظومة تحسين الأجور لدى المعلمين، تمهيداً لتجريم القضاء على الدروس الخصوصية لتوفير 24 مليار جنيه سنوياً وهو حجم إنفاق الأسرة على الدروس الخصوصية.

مناهج جافة

سألت الخبير التربوى دكتور محمد الفقى، العميد الأسبق لكلية التربية جامعة عين شمس، عن أسباب زيادة وارتفاع نسبة الطلاب المتسربين من التعليم فقال: المدرسة أصبحت طاردة وليست جاذبة، عدم وجود أفنية صالحة بالمدارس، عدم وجود أنشطة، مناهج جافة، إدارة المدارس غير جيدة، معاملة المعلمين للطلاب لا ترقى بالمستوى التربوى، الطلاب غير شاعرين بجدوى ما يتعلمون، لا يشعر التلميذ أن ما يتعلمه يفيده فى معاملته فى الحياة، فضلاً عن شهادة ثانوى أو فنى أو حتى جامعى لا يجدون وظيفة وباتت البطالة هى الوظيفة الوحيدة لكل الخريجين.

والمطلوب كما وصفه د. محمد يتلخص فى أن ترقى بالمناهج التعليمية بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، توفير وظائف للخريجين سواء بالمؤسسات الحكومية أو القطاعات الخاصة، وإعادة النظر فى منظومة التعليم، فلا يصح أن نتناولها جزئياً، ويختزل التطوير فى حذف مناهج من الكتاب المدرسى فقط ونقول هذا هو التطوير.

وطالب بإعادة أماكن النشاط داخل الأبنية التعليمية، كما طالب بإعادة تأهيل العلاقة بين المعلم والطلاب بشكل تربوى، فضلاً عن إدخال التكنولوجيا داخل المدارس.