عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا نندفع نحو ايران؟!

من بين اكثر الامور التي تجري في مصر هذه الايام وتصيب الانسان بالدهشة ذلك الاندفاع الغريب نحو ايران لدرجة انه لا يمر يوم تقريبا دون ان نسمع تصريحا عن مبادرة جديدة للتقارب السياسي او الثقافي او الشعبي قبل ان يسكت الكلام فجاة (في عز الكلام كما كان العندليب يقول) وتتحول البوصلة فنقرأ عن ضبط دبلوماسي ايراني متهم بالتجسس او نسمع ان وزير الخارجية نقل للايرانيين اهتمام مصر بامن الخليج مما يعني ضمنا اعادة تأزيم العلاقات انتظار ان تكف طهران عن التدخل في الخليج اطول من "انتظار جودو" الذي لا يأتي ابدا كما في مسرحية صمويل بيكيت.

نفس الدهشة ترتسم ايضا امام قرارات فتح واغلاق معبر رفح في وقت لا يبدو فيه ان مصر مستعدة لاي تصعيد سياسي او عسكري مع اي دولة اخرى خصوصا ان احشاء النظام لا تزال خارج جسم الدولة، وكذلك لان اخواننا الفلسطينيين وقادة حماس تحديدا اكدوا انهم لا ينتظرون منا شيئا حتى تستقر احوالنا السياسية ( خالد مشعل في لقائه مع شباب الثورة المصرية في مايو الماضي).

لست من معارضي التطبيع مع ايران ولا من مؤيدي استمرار حصار فلسطينيي غزة لكنني اندهش من غياب الرؤى التي توضح لنا لماذا ننتهج هذه السياسة او تلك خصوصا ان لا المجلس الاعلى للقوات المسلحة ولا الحكومة مضطرين لذلك مثلما انهما غير مضطرين لوضع الاستراتيجيات طويلة الامد او حل القضايا العالقة داخليا وخارجيا منذ عقود في ضوء ان مهمة الاثنين مؤقتة.. واندهش اكثر حين ارى ان استغراق المجلس والحكومة في القيام بالمهام غير المطلوبة ولا المنتظرة منهما يصرفهما عن اداء المهام العاجلة التي ينتظر الجميع منهما القيام بها مثل اعادة الامن واعادة دوران عجلة الاقتصاد ومن ثم عودة مظاهر الحياة الطبيعية التي لم يعد منها سوى مباريات الدوري.

في مسألة التقارب مع ايران تابعت كل المناسبات الاخيرة التي عكست الرغبة المتبادلة في التقارب ولم اجد ايا منها تجيب عن اسئلة تبدو بديهية مثل.. على اي اساس ننطلق في تطبيع علاقاتنا مع ايران؟! ما هي المصالح التي نسعى لتحقيقها من هذه العلاقة ام ان الهدف مجرد اثبات ان السياسة المصرية تغيرت بعد الثورة وان ما حرمه النظام السابق بات متاحا الان؟! وهو ما يعني ضمنا ان الامر لا يتجاوز حدود اللعب بمشاعر الجماهير الغاضبة من تقزيم مصر على ايدي مبارك واعوانه طوال 30 عاما؟! هل ناقشنا مع اخواننا الايرانيين اسباب القطيعة والخصام الذي استمر لاكثر من 32 عاما وهو بدأ بالمناسبة قبل تولي مبارك الحكم؟! ام اننا رفعنا شعار عمرو دياب "بلاش نتكلم في الماضي"!

وهل يملك المجلس الاعلى للقوات المسلحة او تملك الحكومة وكلاهما مؤقتين سلطة توجيه بوصلة العلاقات الخارجية لمصر؟! وماذا لو جاء برلمان وحكومة ورئيس يرفضون عودة العلاقات مع طهران؟! كيف سنفسر الامر وقتها لايات الله؟!

نفس الكلام ينطبق على فتح معبر رفح الذي قال محافظ شمال سيناء عبد الوهاب مبروك لاذاعة بي بي سي العربية قبل ايام انه لم يكن مغلقا بشكل كامل كما كنت اظن شخصيا وانما كانت المشكلة في صعوبة عبور الفلسطينيين من خلاله.

صحيح ان لاخواننا في فلسطين علينا حق تسهيل حياتهم التي تختبر انواعا عديدة من المعاناة.. وصحيح ان قدر ومكانة مصر اكبر من حصرها في دور ضابط الامن لاسرائيل ومصالحها وهو الدور الذي اكتفى به مبارك.. لكن السؤال هل درسنا الموقف جيدا وحسبنا تبعات فتح المعبر على كل الاصعدة وتاكدنا اننا كدولة قادرين على التعامل معها ام اننا قررنا العمل بالاسلوب الشهير" افتحه وربنا يسهل"؟! اظن ان الاجابة يمكن تخمينها مما حدث في الايام التالية لفتح المعبر حين عدلت مصر شروط المرور منه فلجأت سلطات الحدود "الحمساوية" الى اغلاقه واستمرت الازمة 4 ايام قبل ان يعاد فتحه بشروط جديدة مثلت حلا وسطا بين رؤية مصر ورؤية حماس.

المشكلة ان ندير سياساتنا في الوقت الحالي برومانسية لا تستند الى رؤية محددة او خريطة طريق واضحة المعالم للمستقبل ولكنها تستمد شرعيتها من كونها انعكاس او استجابة لرومانسية الشارع والثوار، وهي طريقة ليس فقط غير معترف بها في عالم لا يعرف غير لغتي المصالح والقوة.. وانما تؤدي في الغالب الى خسائر مدوية على الدول والادلة كثيرة في كتب التاريخ لمن يريد التأكد.. فهل نعي خطورة ما نسير نحوه ام ننتظر حتى نفيق على خسائرنا بعد فوات الاوان؟!..