رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإصلاح القضائى الصمت التشريعى «13»

 

برر البعض الصمت التشريعى وهذا الاستسلام أمام مشكلة الأحكام الغيابية فى هذا الصدد بأن قلة عدد القضاة والدوائر تحول دون بلوغ هذا التعديل.

وهو أمر مردود عليه كذلك من الناحية العملية لأن المسألة لن تحتاج فى الواقع العملى إلا اسناد نظر المعارضة فى الأحكام الغيابية فى مواد الجنح أو اعادة الإجراءات فى مواد الجنايات إلى دائرة مغايرة للدائرة التى أصدرت الحكم الغيابى بالتبادل بينهم وبتفصيل أدق أن كل دائرة منهما تقابل الدائرة الأخرى بحيث تفصل الأولى فيما أصدرته الثانية من أحكام غيابية والعكس صحيح.
ورغم وضوح المشكلة وامكان حلها فقد التزم المشروع الصمت كعادته وكأن ما ورثه من نصوص عن تشريعات عفا عليها الزمن هى تراث لا ينبغى الاقتراب منه.
ورغم أن الوضع فى فرنسا والتى تمثل الأصل التاريخى لقانون الإجراءات المصرى قد تغير إذ أضحى من المحظور على المحكمة التى أصدرت الحكم الغيابى أن تعيد نظر الدعوى مرة أخرى.
وهذا هو التطور الطبيعى للفكر القانونى والذى يفترض فيه أن نصيب المجتمع من التحضر القانونى يقاس بمدى التزامه بالحدود الدنيا لضوابط المحاكمة العادلة وعلى رأسها مبدأ الحياد والذى من أول موجباته أن من أصدر حكما فى الدعوى يمتنع عليه أن يعيد نظرها سواء أكان هذا الحكم غيابيا أو حضوريا لأن الغيابية هى وصف للحكم لا ينال من طبيعته أو مضمونه باعتباره معبرا عن عقيدة المحكمة.
ويبدو الشذوذ واضحا والتناقض جليا بين نصوص قانون الإجراءات، حيث إن نص المادة 247 والتى تحظر على القاضى أن يشترك فى نظر الدعوى إذا كان قد باشر عملا فيها فى حين يجيز فى نص المادة 401، 395 للمحكمة التى أصدرت الحكم الغيابى أن تعيد نظر ذات الدعوى.
وقد يتذرع البعض بحجة حاصلها أن إعادة الإجراءات فى مواد الجنايات ليست طعنا على الحكم.
وهو قول مردود عليه بأن المسألة لا تتعلق بتكييف إعادة الإجراءات وما إذا كانت من الناحية الإجرائية طعنا أم غير ذلك وإنما جوهر الاشكالية هو ما إذا كان ما صدر عن المحكمة حكما ينطوى على عقيدتها المحمولة على أسباب أم مجرد لغو لا قيمة له.
فإذا كنا أمام حكم وهو كذلك بالفعل فينبغى على المحكمة التى أصدرته أن تعيد نظر الدعوى مرة أخرى بعد سقوط هذا الحكم، كما أن إعادة الإجراءات فى مواد الجنايات رغم أنها ليست طعنا بالمعنى الفنى الدقيق للطعن إلا أنها

يتحقق فيها ذات العلة التى من أجلها حظر المشرع فى المادة 247 على من أصدر حكمها أن يشترك فى نظر الطعن عليه لتحقيق ذات العلة وهى فكرة سابقة إبداء الرأى وتكون العقيدة.
وحتى لو كان الأمر ليس كذلك فإن السماح لذات المحكمة بنظر الدعوى مرة أخرى بعد سابقة إصدار حكم غيابى فيها يوفر على الأقل لدى هذه المحكمة عدم خلو ذهنها عن الموضوع، كما أنه يحمل المتهم مشقة مزدوجة تتمثل فى الاجتهاد نحو تنقية فكر المحكمة مما تشكل لديها فى المرة الأولى ثم محاولة اقناعها من جديد بخلاف ما بدأ لها قبل ذلك.. وقد تبدو الصورة واضحة فيما لو فصلت محكمة الجنايات.. فى قضية يحاكم فيها متهمان أحدهما حاضر والآخر غائب.. فأفصحت عن رأيها فى مسألة قانونية نازع فيها دفاع الحاضر كنية القتل.. وسبق الاصرار وانتهت بتوافرهما وعلى الرغم من أن الأسباب عينية.. لوحدة الواقعة.. وتماثل موقف المتهمين فإن الدفاع الحاضر مع المتهم الغائب.. عند إعادة محاكمته.. يجد نفسه فى حرج أن يعاود الدفاع فى هذه الجزئية لعلمه المسبق برأى المحكمة السابق تكوين عقيدتها فيه.. ولا شك أن تلك الصورة.. والعديد من أمثالها تمثل اخلالا ظاهرا بحق الدفاع.
ولا ريب أن جوهر مبدأ الحياد هو خلو الذهن الكامل عن موضوع الدعوى. ورغم كل ما سلف مازال قانون الإجراءات المصرى يحمل هذا العوار ومازال المنادون عن حق المتهم فى محاكمة عادلة تراودهم الآمال عند كل تعديل تشريعى أن يستجيب المشرع وأن يلحق بركب التحضر القانونى فى البلاد الأخرى.

وللحديث بقية
سكرتير عام حزب الوفد