رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى بيتنا مريض نفسى

بوابة الوفد الإلكترونية

بينى وبين القارئ مساحة من السرية والحفاظ على خصوصياته من الانتهاك، خصوصاً إذا كانت شكواه متعلقة بالأعراض أو الحاجة الملحة أو الأمراض النفسية وغيره من المعوقات التى تحصل لصاحب المشكلة أو المريض، خيال يؤرقه ليلاً ونهاراً خوفاً من ذكر اسمه أو نشر صورته أو انتهاك خصوصية حياته لمجرد انه أراد أن يبوح بسره للجريدة، لذلك كانت هذه الفكرة وكان هذا الباب الأسبوعى همسات القراء الذين نعدهم بتلقى شكواهم وسماع ما يجول بخواطرهم ونشرها للرأى العام، مع الاحتفاظ بجميع بياناتهم وقت الحاجة وبمجرد الاستجابة لما ننشره نكون واسطة خير بينكم وبين الجهة التى تنوى تقديم الخدمة ويتم هذا الأمر داخل مؤسسات الجريدة والحزب ضماناً لحق المتبرع وإمعاناً فى السرية التى يطلب صاحب المشكلة الحفاظ عليها.

بدأ الأخ الأكبر حديثه عن شقيقه الأوسط قائلاً: "محتاجين مستشفى نفسى بالمجان أو حتى على الأقل برسوم ومصروفات  مقبولة خصوصا إذا كانت أسرة المريض حالها كحالنا كحالنا.. يا سيدى أنا فى منتصف العقد الرابع وشقيقى المريض اقترب من نهاية العقد الثالث وفوجئت بعد وفاة والدتى الى كانت تبيع الخضراوات أمام منزلنا البسيط بأن حياتنا تحولت الى كآبة ورتابة لا تجد من يمحوها ورغم أنها تركتنا وقد بلغنا مبلغ الرجال الا اننى وشقيقى المريض وشقيقى الآخر شعرنا باليتم والانهزامية والخوف من أى شىء وفى أى وقت خصوصاً أن والدى رحمه الله تركنا فى سن صغيرة وتكفلت أمى بتربيتنا وقامت بدور الأب والأم معاً وكان شقيقى «هــ» عندما كانت تنتابه هذه الحالة كنا لا نشعر بما تقوم به أمى من «رُقية» وقراءة قرآن واحتضانه معظم الوقت كطفل صغير حتى يتعافى أخى ويذهب الى عمله فى أحد المخازن القريبة من منزلنا، وكنا وقتها لا نحمل هماً لمرضه الذى لم نعرف تشخيصاً حقيقيا له الا  لجوءنا الى المصحات النفسية التى نتعامل معنا كأننا من علية القوم رغم رقة حالنا وظننا أول الأرم أنا وشقيقى الأصغر أن حالة «هـ» ستتعافى بمجرد دخوله الى مستشفى الطب النفسى القريب من قريتنا والذى كنا ننظر اليه فى الماضى بأنه يخص الناس اللى «معندهاش» مشاكل وعاوزين يرتاحوا حبتين ومش  عارفين يصرفوا الفلوس فين ولكن عندما وجدنا ثلاثتنا أمام باب المستشفى وأن حالة أخى الذى نقبض عليه بعنف أنا وأخى خوفاً من تكملة مسلسل الضرب والشتم وتحطيم أثاث المنزل هانت علينا الخمسة آلاف التى طلبها المستشفى والتى كانت مخصصة لتكملة سقف المنزل الذى تركته والدتى من الجنيهات القليلة التى وضعتها فوق بعضها لتسلمنا منزلا يحمينا من غدر الأيام ونحفظ ماء وجوهنا وسط أقاربنا الذين لم يعطفوا علينا يوماً من الأيام.

بعد عدة أيام طلبت إدارة المستشفى مبلغاً آخر وفاتورة علاج قاسية قمت انا وشقيقى بتدبيره من قوت أبنائنا وتنفسنا الصعداء عندما خرج «هــ» فى أيدينا معافى بصحة جيدة ومعه تقرير بحالته وروشتة علاج طلب منا الأطباء أن نلتزم بها، توجهنا الى المنزل وتناولنا العشاء معاً وهنأنا الأهل والجيران على عودته سالماً معافى من المصحة النفسية، تركنا أخى فى غرفة والدتى رحمها الله وتوجه كل منا الى شقته، حيث إننى متزوج منذ «10 سنوات» وأخى الأوسط

منذ «6 سنوات» وطبقاً لوصية أمى عزمنا على زواج شقيقنا ولكن المرض حال بينه وبين الزواج... مرت أيام وعاد أخى لعمله وكنا يومياً نطمئن عليه وتقوم زوجتى وزوجة شقيقى باعداد الطعام له وغسيل ملابسه والحرص على تناوله الدواء فى مواعيده إن أمكن ولم نكمل شهرا الا وسمعنا «هــ» يقوم بتحطيم كل شىء أمامه ويضرب من يقابله وكعادتى أنا وشقيقى قمنا باحتوائه وعزله فى احدى الغرف وجلسنا نفكر ماذا نفعل... أشار الينا أحد المعارف بالتوجه الى الشيخ «ب» ولم نكذب خبرا وتوجهنا اليه فى ساعة مبكرة وأخذ يقرأ عليه القرآن وأكد أن شقيقى يعانى من مرض نفسى ولا بد أن يعالج بمستشفى للطب النفسى وهنا انتابنى أنا وشقيقى شعور بالصدمة والاضطراب.. مستشفى نفسى.. يعنى خمسة آلاف جنيه أخرى وحوالى «1000» جنيه علاجا وكشفا وسيارة ولكن لا يوجد لدينا بديل عن هذا.. توجهنا الى المستشفى ووجدنا المسئولين يتعاملون معنا وكأننا أثرياء... ضع مبلغ خمسة آلاف فى الخزينة قبل أى شىء.. لم نتردد ووضعنا الخمسة الأخرى والتى كابدنا فى توفيرها ولكن ليس لدينا حل آخر نحفظ به شقيقنا من نفسه التى تدفعه لتحطيم كل شىء بداية من حياته وحتى أصغر جزء فى المنزل... هدأ ضيفى ونظر الى شقيقه المريض الذى كان الشقيق الثالث يحرص على شل حركته ومنعه من الحركة أثناء المقابلة وقال لى أنا محتاج مستشفى حكومى يعالج شقيقى ويتحمل تكاليف اقامته وعلاجه بديلاً عنك أنا وشقيقى.. لن نترك شقيقنا مهما حدث وسنظل نعالجه  ونسدد كل قرش نمتلكه لخزينة هذا المستشفى ولكن الى متى؟ طلبت منه الصمت بعد هذه الوصلة الطويلة من الانفعالات والدموع للثلاثة الأشقاء الذين ينفذون وصية والدتهم.

«أوعوا تزعلوا أخوكم ولازم تجوزوه» أتمنى أن تلامس هذه الكلمات شغاف قلوبكم وأتمنى من الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة أن يكون فى برنامجها بالوزارة علاج لهذه الحالات واحتوائها... كما أتمنى من أى طبيب نفسى أو مصحة نفسية ان تخفف عن كاهل الشقيقين اللذين أرهقتهما دوامة الحب والخوف والتضحية تنفيذاً لوصية الأم وشفقة بأخ لا يعلم من أمره شيئاً.