كوارث القطارات.. الخزى والعار لرئيس الهيئة ووزير النقل
الحلقة الرابعة
إن إصلاح مصر يبدأ من كل ما يمس المواطن المصري ويحافظ على حقوقه وحياته وكرامته، ويجب ألا تغيب الأولويات في زمن الأزمة والمزايدات. إن عدم وجود سياسة للصواب والعقاب داخل هيئة سكك حديد مصر, أدى لتعدد وتكرار كوارث القطارات، وأصبح العامل يتعامل بتراخى وإستيهان وإستهتار ولامبالاة,
علما بأن المنظومة فى هذه الهيئة الهزيلة منهارة، والعاملين والمهندسين والموظفين قدراتهم محدودة، ولا يوجد برنامج تدريب واحد واضح للتعامل مع الحوادث، لذلك فالأخطاء البشرية كثيرة, لعدم وجود تدريب وتأهيل جيد للعاملين والمسئولين للتعامل مع هذه الكوارث البشرية والحديدية, وسوء إدارة هذا المرفق الحيوى الهام، متزامنًا ذلك مع عدم وجود خطط وسياسات محددة لتطوير المرفق، علما بأنه لا يوجد نقص أو عجز فى الإمكانيات, لكن لا يوجد صورة وهيكلة صحيحة لإستخدام هذه الإمكانيات، ولا توجد خطة حتى الآن لتأمين السكة الحديد, وتطويرها تطوير جزري بمعنى الكلمة, وليس تطويرا شكليا أو تقليديا أو دعائيا, رغم أن المنحة التي أتت الى الهيئة, كانت تشمل إعطاء ماجستير ودكتوراه لصغار المهندسين للتدريب فى السويد, ورفع درجة الأمان والمزلقانات على مستوى مصر، علاوة على 200 عربة مكيفة بسرعة 160 كيلو كهدية لمصر، وهذه المنحة قدمت بعد حادثة قطار العياط الكارثية.
أن هيئة السكك الحديدية من أكبر الهيئات التي يوجد بها فساد، وسبق أن تم الكشف عن خبايا كثير من المستندات التي تخص الصيانة, وقطع الغيار, والقطارات الجديدة التي يتم إستيرادها، مع العلم بأن القضبان ضعيفة, والمزلقانات هزيلة, ولم تعد القطارات الحديثة، وكذلك يتم التوظيف من أبناء وأقارب العاملين, بالإضافة الى الآلاف من العاملين اللذين تم تعينهم بالواسطة. وهنا سؤال يحب أن يطرح نفسه على ساحة هذه السلسلة من المقالات عن كوارث القطارات وهو: متى تم إدخال الأجهزة الحديثة بعد إقالة جميع الوزراء السابقين ورؤساء الهيئة لحوادث متكررة؟، وهل تتم صيانة للعربات وقضبان السكك الحديد؟ وهل هناك دورات تدريبية للعاملين بالهيئة؟ بالتأكيد لا يوجد وسوف لا يوجد، ولن يكون!! والسؤال الأخير ولن يكون بأخير: ماذنب سائق القطار إن وجد أمامه فجأة حمارا أو بقرة أو جاموسة أو سيارة نقل أو أوتوبيس أطفال، وماذنب عامل المزلقان إذا داهمته سيارة ثقيلة تريد المرور بسرعة؟.
المشكلة ليست مشكلة هيئة أو وزارة أو حكومة فقط, بل هى في النظام الإداري الكامل, لأنه نظام فاشل بأكمله, شاملا كل أجهزة وقطاعات الدولة, التي تنتظر أكبر جراح أو حتى جزار, لإستئصال الفشل بكامله, وإستئصال الورم الخبيث برمته, وإدخال آخر ما أنتجه العلم والتكنولوجيا من نظم ومعايير وأجهزة، لإنقاذ الأرواح, وحتى لا يتم تحويلها الى أشباح, والمحافظة على البشر قبل تناثر أجسادهم فوق الحجر وبين شرائط السكة الحديد,, أما بالنسبة للأموال والتكاليف المادية لإدخال التكنولوجيا, فأستطيع القول بأننا لسنا في حاجة لمليم واحد لإنقاذ آلاف البشر... كيف؟؟ أن نقوم على ماقامت به نهضة تركيا الحديثة, التي قامت على نظام ال BOT, وهو نظام معروف ومتداول منذ مئات السنين, هذا النظام هو بناء المنظومة بواسطة شركات كبرى دولية, تجني الأرباح من خلال هذه المؤسسة التي تقوم الشركة بتطويرها, لفترة زمنية متفق عليها بين الطرفين, ثم تغادر لتترك المنظومة بأكملها بأرباحها للدولة المصرية, مثلما يحدث في ميترو الأنفاق مثلا, والعجيب في الأمر هو أنه عقب جميع كوارث القطارات تعلن وزارة النقل وهيئة السكك الحديدية عن تشكيلهما للجان فنية للتقصي والتحقيق فى الحادثة، إلا أن هذه اللجان لا تصل الى شئ, ولا تتوصل الى شئ, ولا
السؤال الختامي لسلسلة كوارث القطارات وليس الأخير: إلى متى ستظل ملاحم الدموع و الدماء تنسال كالأنهار من عيون الشعب المصري, بسبب حوادث القطارات التي تحدث بسبب الإهمال والجهل والتقصير والتردي والتعدي؟ ومتى سنوقف تلك المهازل المستمرة التي ترتكب على جبين الوطن الذي عانى الكثير و الكثير ولازال يعاني الآن تزامنًا مع كثرة القتلى و الجرحى بغزة لنكون بين فكي الخطر من الناحيتين الداخلية و الخارجية.
نريد قرارات عظيمة بقدر عظمة ثورة 25 يناير ... عاشت مصر نقية ثرية عفية فتية, وعاشت فلسطين حرة قوية.
مستشار دبلوماسي ورئيس الإتحاد الدولي للشباب الحر [email protected]