رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مأزق الدستور بين الدولة والدين ..وبين النقد والتحليل

أن الجدل والضجة المثارة حاليًّا حول الجمعية التأسيسية للدستور "هزلي" وليس جدلاً موضوعيا لذا  أدعو إلى توافق مجتمعى حول المبادئ الأساسية للدستور ومعايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، ودعوتى هذه من أجل التوافق المجتمعى على مبادئ أساسية وعامة عن الحقوق والحريات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .,

مع ضرورة وضع حلول دستورية يمكن أن تساعد فى الخروج من المأزق الراهن، فإما أن نخرج بدستور يعبر عن حزب واحد فقط، أو دستور يعبر عن الأمة بأكملها، داعياً القوى السياسية للتوحد حول هذا الموقف علما بأن الخلافات تتمركز حول ثلاث قضايا محورية رئيسية وهامة الأولى طبيعة الدولة فى مصر من ناحية علاقة الدين بالسياسة والثانية طبيعة النظام المقترح فى مصر بين النظام البرلمانى والنظام الرئاسى، والثالثة هى موقع القوات المسلحة فى نصوص الدستور الجديد، بالإضافة الى كيفية صياغة علاقتها بمصر الجديدة أو بالنظام السياسى الحديث.
كذلك أريد أن أؤكد أيضا أن تشكيل اللجنة الدستورية هو  منهج أكثر أهمية  من تحقيق إنجازات تاريخية أو مكاسب سياسية أو سباقات إعلامية  تحققه التيارات السياسية ، لأن مصير الدستور والشعب والثورة متوقف على الخروج من هذا الأزمة أو وضع الحلول اللازمة للخروج من هذا المأزق، لذلك فإن تراجع الأغلبية عن موقفها ليس عيبا وليس بخسارة سياسية لأن هذا سيكون حائلا ضد الحلول الصائبة والنقد البناء والتحليل الموضوعى فهم أنفسهم أى الأغلبية البرلمانية ( الحرية والعدالة والنور ) يعلمون تمام العلم أن إختيار اللجنة لم يتم بشكل مناسب ومنطقى وليس على أسس قويمة ، وأن حالة الرفض والمعارضة  فى المجتمع المدنى وشباب الثورة والأحزاب والإئتلافات الثورية والحركات السياسية والنقابات  لها مبررات الرفض , وهذا هو المأزق الذى يحاصرنا اليوم. لأن حزب الحرية والعدالة وحزب النور يعتمدان على الأغلبية فى البرلمان لفرض وصايتهما على تشكيل الجمعية التأسيسية ضاربين بعرض الحائط كل الاعتراضات المقدمة من جانب أحزاب الأقلية فى الشعب والشورى، ولقد تحدثت فى المقالة السابقة عن الدفوع القانونية والشواهد الدستورية التى فسرها العديد من الفقهاء الدستوريين وهى أن مشاركة أعضاء مجلسى الشعب والشورى فى الجمعية الـتأسيسية يشوبها البطلان حيث تقتصر مهمة مجلس الشعب على وضع التشريعات  وإذا قرأنا نص المادة 33 من الإعلان الدستورى سنكتشف بجلاء أن اختصاصات مجلس الشعب لا تسمح له مطلقاً بالاقتراب من دائرة المشاركة فى وضع الدستور، حيث نصت على: «يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية».
ليس من الأهمية بمكان أن نتحدث الآن عما كان ينبغى أن يحدث، ولأنه علينا أن نفكر معا فى كيفية الخروج من هذا المأزق، فعلينا أن نجد المخرج  بالتشاور والتحاور العاقل المتوازن بالفكر الموضوعى البناء الذى يجنب شعب مصر الإنشقاق والإنشطار  فعلينا التشاور بدلا من التشاطر ... والتحاور بدلا من التحارب ... والإستماع بدلا من الإنصياع ... والتهاون بدلا من التهارب ... والتجاوب بدلا من التجارب ...  بين الأحزاب وشباب الثورة  ومؤسسات المجتمع المدنى وأن نحرص أن يكون الحل بيدنا نحن لا بيد غيرنا ولا بيد المجلس العسكرى  فلا بد أن نتخلى عن العناد من أجل رب العباد, فعدم  الاعتراف بالخطأ قد يوقعنا فى خطأ ويزيد من خطورة الموقف, فإن حالة التربص فى المجتمع الآن  يشوبها الشك والريبة والقلق فهناك من يتمنون انهيار المسار بأكمله لصالح الحكم العسكرى, المسألة إذن لا تحتمل أن يتم حسمها بناء على الحسابات السياسية التى تعودنا عليها ولا بمنطق القوة والضعف ولا بمنطق الأغلبية والأقلية، ولكن بمنطق العقل والمنطق,  بمنطق الصالح العام فقط.. وأحب أن أحيطكم علما على مسؤليتى الشخصية بأن المجلس العسكرى لم يعترف أصلا بأن هناك ثورة.
فهل نعجز أيها المصريون الأبطال أن نكون مثل تونس ؟ هل نحب أن نكون مسرحية هزلية على المسرح الدولى ليشاهدنا

العالم بأسره  ويضحك بل يهزأ مما يحدث على ساحتنا؟ هل لا يوجد رجال  فى مصر لمعالجة الأمور بحكمة ؟ هل نعجز عن تأسيس لجنة حكماء للنظر فى هذا الأمر بحكمة ؟ أين دم الشهداء ؟ فهل ذهب هدرا ؟ أم هل عقمت أرحام مصر أن تلد لنا من الرجال عشرة أو عشرين  لإنقاذ الموقف ؟وهل عقمت الأرحام أن تلد فقيها دستوريا لرئاسة لجنة دستورية وإسناد تلك المهمة التاريخية إلى أهل الإختصاص الممثلين لفئات الشعب كافة، والتمسك بالأعراف والمواثيق الدستورية والتجارب الديمقراطية فى صياغة دساتيرالعالم ؟. و الدستور الذى نحن بصدده الان يجب أن يعبر عن ثورة 25 يناير حق تعبير  فهى  الثورة التى  ساهم فيها الجميع وشارك فيها شعب مصر بمختلف أطيافه فكان هذا التوافق وذاك التوحد الذى رفع مبادىء الثورة التى صنعها الجمهور المصرى الثائر بدمه وشهدائه ومصابيه
ولذا فمن الطبيعى أن تشارك هذه الجماهير ومن يمثل أهالى الشهداء فى وضع الدستور , وعلى ذلك فقد حدد الفقه الدستورى الطريقة المثلى لوضع الدستور بأن يتكون عن طريق لجنة تاسيسية منتخبة من الجماهير مباشرة وليس من مجلسى الشعب والشورى وذلك انطلاقا من أن الشعب هو مصدر السلطات فيصبح من حق الشعب أن يضع الدستور عن طريق من يمثلهم لوضع الدستور.
الأغلبية البرلمانية فى يدها الحل، والخروج من هذا المأزق وهو العودة خطوات الى الوراء، والإحتهاد فى مراجعة معايير تشكيل اللجنة والتحاور مع شباب الثورة والمؤسسات المدنية والمنظمات الحقوقية والنقابات والعمل بإخلاص من قبل جميع الأطراف ووضع كرامة ومستقبل ومظهر مصر أمام كل الأطراف والإستماتة من أجل التوافق الذى يأخذ برأى الأغلبية ولكن من المحال إهمال أو تجاهل أقليات تعبر عن شريحة كبيرة من المجتمع المصرى ,لأن كتابة دستور مصر على أسس سليمة  وقواعد ديموقراطية ورمانة الحرية وميزان العدالة عملية تستحق بعض التضحيات السياسية. فهل لدى الأغلبية البرلمانية هذه الشجاعة وهذا الاستعداد والإقدام على تقديم الصالح العام لمصر على المكاسب السياسىة والإنجازات التاريخية والسباقات الإعلامية ؟؟ ولو أقدمت الأغلبية على ذلك لحظيت بتقدير وإحترام كبيرين من قبل المجتمع  لأنها ستجنب المجتمع من شرور الإنقسام  الذى إذا حدث ( لا قدر الله ) سيؤدى الى  انهيار التجربة الديمقراطية بأكملها.
و قبل أن أتوقف عن الكتابة أحب أن أسأل عن المؤرخ والكاتب العالمى الكبير محمد حسنين هيكل من أجل هيكلة الأمور ؟ لماذا لا نسمع له  صوتا ؟ لماذا لا يقدم لنا حلا ؟.. رحم الله الإمام محمد متولى الشعراوى!

-----

بقلم المستشار سامح المشد
بالسلك الدبلوماسى الأوروبى ورئيس الإتحاد الدولى للشباب الحر
[email protected]