رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البدوى: الطائفية اخطر ما يهدد الثورة


لقى الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد استقبالا حافلا فى المؤتمر الجماهيرى الحاشد الذى نظمته لجنة الوفد بأسوان مساء الخميس 21 ابريل وحضره خمسة الاف من الوفديين واهالى اسوان كماحضره المستشار بهاء الدين ابو شقه نائب رئيس حزب الوفد واللواء سفير نور رئيس لجنة الدفاع والامن القومى بحزب الوفد وصلاح فخرى رئيس لجنة الوفد بأسوان ومحمد العمده النائب الوفدى السابق وخلال كلمته امام المؤتمراكد رئيس الوفد انناعلى اعتاب مرحلة فارقة فى تاريخ مصر تتحدد فيها ملامح حياتنا ومستقبل ابناءناتتطلب اليقظه والحضور وانكار الذات واعلاء صالح الوطن على المصالح الضيقة الفردية وحذر البدوى من ان ما يحدث الان هو اخطر مايهدد الثورة فهناك المتربصون من اصحاب المصالح فى الداخل والخارج الذين يسعون لوأد الثورة ويستغلون فقر وجهل وعشوائية الملايين لدفعهم لمظاهرات ووقفات احتجاجية وفيما يلى نص كلمة الدكتور السيد البدوى رئيس الوفد امام المؤتمر:

أحيانا كثيرة يعجز الإنسان عن التعبير عن مشاعر الحب والإمتنان والعرفان .. وفى الحقيقة فأنا لا أجد من الكلمات ما أعبر به عن تلك المشاعر وأنا أقف أمام التجمعات الحاشدة التى تستقبل الوفد فى كل مكان وعلى رأسها هذا الحشد العظيم من أبناء أسـوان .. تستقبلونا وأنتم بناة مصر تغفرون لنا الكثير بسماحتكم وأصالتكم وطيبة قلوبكم .. ولكن إعتباراً من اليوم لا يمكن أن نتصالح مع أنفسنا وأن تعود مصر لأبنائها إلا بأن نعود إليكم وتعود لكم حقوقكم وتحقق أمانيكم ..إن الثورة التى إنطلقت لا تكتمل إلا بأن تكون لنا جميعاً تمهد الطريق لأبنائنا نحو مستقبل مختلف .. لقد سد النظام السابق كل منافذ التغيير والعمل أمامنا جميعاً إبتز الناس ، سرق أصواتهم وصدق أن مصر ركعت وأنصاعت .. فشل رجاله فى إستيعاب دروس التاريخ الذى منحتوه لنا عبر حجر الأثر والذى إنساب عبر مياه النيل من خلالكم أنتم .

أعلم أنكم تتابعون ما يحدث وبداخلكم العديد من التساؤلات والحيرة والقلق حول مستقبل الوطن وعما يحدث الآن من غياب لدور الدوله وضعف قبضتها وما نراه من مظاهر الإنفلات والفوضى التى أصبحت تهدد أمن وسلامة وإستقرار المجتمع .. هل من أجل هذا قامت تورة 25 يناير تلك الثورة الربانية السلمية النقية .. تلك الثورة التى لم يكن لها قائد أو زعيم ولكن كان لها قلب طاهر وضمير وطنى يقظ هما قلب وضمير شعب مصر .. أراد شعب مصر الحياة الحرة الكريمة فإستجاب القدر وأصبحنا أحراراً .. هل قامت الثورة وسقط شهدائها من أجل مطالب فئوية ضيقة أو من أجل أن يحكم البلاد تيار سياسى بعينه أو حزب ما .. هل قامت الثورة من أجل إشعال الفتن الطائفية تارة بين المسلمين والمسلمين وتارة أخرى بين المسلمين والأقباط .. هل قامت الثورة من أجل إستبدال ديكتاتورية نظام حاكم بديكتاتورية أقلية تريد أن تحتكر الثورة وتفرض وصايتها على 85 مليون مواطن .

نحن على أعتاب مرحلة فارقة فى تاريخ مصر .. مرحلة تتحدد فيها ملامح حياتنا ومستقبل أبنائنا .. مرحلة تتطلب منا اليقظة والحضور وإنكار الذات وإعلاء صالح الوطن على المصالح الضيقة للأفراد ، نحن اليوم فى حالة الإنتقال بين مرحلة المرض ومرحلة إستجماع القوة وهى من أخطر مراحل الثورة وأكثرها عرضة للإنتكاس ، وما نراه اليوم من حالات الفوضى والصراعات والشائعات والإتهامات هى أعراض لما تعانيه هذه المرحلة الخطيرة من حياة شعب مصر .. أعلم يقينا أن المصريين وأنتم قلبهم النابض قد عانوا كثيراً وما زالوا يعانون .. يعانون من الفقر والبطالة .. يعانون من سوء الخدمات فى كافة المجالات فى الصحة والتعليم والإسكان والكهرباء وتدهور المرافق .. يعانى أكثر من 20 مليون مصرى من الفقر الشديد وهم يعيشون فى أكثر من 1200 منطقة عشوائية يتعرضون فيها يومياً لكل مصادر الهلاك والخطر .

كل هذا واقع تراكم عبر عقود طويلة من الإستبداد والفساد وإهدار ثروات الوطن .. لأجل هذا قامت الثورة .. ولكن هل نريد إصلاح ما أفسده حكم الفرد عبر ثلاثين عاماً فى بضعة أسابيع .. إن ما يحدث الآن هو أخطر ما يهدد الثورة فهناك المتربصون من أصحاب المصالح فى الداخل والخارج واللذين يسعون لوأد الثورة واللذين يستغلون فقر وجهل وعشوائية الملايين لدفعهم لمظاهرات إحتجاجية لا يمكن حساب نتائجها إذا طال زمن تلبية مطالبهم والتى تحتاج لموارد كبيرة ليس من السهل تدبيرها على المدى القصير .. إن الإقتصاد المصرى فى خطر ، تراجع الإنتاج وأغلقت العديد من المصانع وتراجع دخل قناة السويس وتأثرت السياحة بشكل كبير ، وتوقف التصدير نتيجة تراجع الإنتاج ، وتراجع الإحتياطى من العملة الصعبة بما سوف يؤدى لإرتفاع سعر صرف الدولار وما يعقب ذلك من إرتفاع أسعار جميع السلع والخدمات ، ولن أكون مبالغاً إذا قلت أنه إذا لم نستفيق من نشوة التلذذ بالحرية وسوء إستغلالها ونعى خطر ما يهددنا فإن مصر سوف تعلن إفلاسها وهذا ما يريده أعداء الثورة فى الداخل حتى نترحم على أيام العهد البائد وما يريده أعداء مصر فى الخارج حتى نستمر تابعين نتسول قوت يومنا ومن لا يملك قوت يومه لا يملك إرادته وقراره فنظل مكرهين لتنفيذ الأجندة الأمريكية الصهيونية فى المنطقة بعد أن إسترد شعب مصر وعيه وقوته وأصبح صاحب قرار وإرادة وأصبح لدينا كل ما يؤهلنا لأن تكون أكبر دولة ديمقراطية فى المنطقة وهذا ما يزعج إسرائيل وحلفائها فإسرائيل التى ظلت تروج لنفسها عبر عقود من الزمان بأنها واحة الديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط وكسبت تعاطف المجتمع الدولى بهذه الميزة فهل تسمح أمريكا وإسرائيل ودون مقاومة أن تُسحب هذه الميزة لصالح مصر .. أيضاً يعلمون أن الديمقراطية هى سر قوة الشعوب سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً ، ويعلمون أن السيطرة على قرار حاكم فرد أيسر كثيراً من التصدى لإرادة شعب ويدركون أن إتفاقية كامب ديفيد سوف تمر بإختبار عسير أمام إرادة شعب مصر الذى أصبح سيد قراره ، والذى لا يمكن أن يقف صامتاً أمام العربدة الإسرائيلية فى المنطقة وعدم إلتزام إسرائيل ببنود معاهدة السلام وملاحقها وضربها عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة وعدم إكتراثها بما يصدر من المجتمع الدولى فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطينى .. أصبح شعب مصر قادر على أن يقف ويعلن أن الكيان الصهيونى يستولى على الأراضى الفلسطينية ويهدد منازلهم ويرفع على أراضيهم علم إسرائيل وهذا ما يخشونه .. أصبح شعب مصر قادر أن يعلن وبأعلى صوت أن القدس عربية وأن القدس مقدسة للمسلمين والمسيحيين وأن عدم إعتراف إسرائيل بدولة فلسطين على الأراضى المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو الذى خلق الإرهاب والذى يهدد السلام الإقليمى والعالمى .

هذا قليل من كثير يتهدد ثورتنا المجيدة التى قامت لتطالب بصيغة وطنية تحقق للمواطن مكانتة وتتحقق بها مكانة الوطن صيغة تكفل لأبنائنا وطناً مختلفاً ، وطناً يكفل كل الحقوق لكل أبنائه تكون فيه الغلبة للعدل والمساواة والمواطنة ، لا للمال أو الجاه أو النفوذ المغتصب ، تلك هى الغاية الكبرى لثورتنا العظيمة ولكننا نؤمن بأن الغايات لا يمكن أن تتحقق بالكلمات والشعارات أو النوايا الطيبة ولكنها تحتاج الى وعى يقظ وإنكار ذات وإعلاء صالح الوطن عن أى مصالح سياسية أو طائفية أو فئوية .. نحتاج الى دولة قوية تبسط هيمنتها من خلال القانون لا تهاون فى كل ما يمس أمن المواطن أو إستقرار الوطن .. فالحرية لا تعنى الفوضى ولا تعنى التعدى على حقوق الغير وإستباحة ماله ونفسه وعرضه .

أما أخطر ما يهدد هذه الثورة وأخطر ما يهدد أمننا القومى وأخطر ما يزعزع إستقرار الوطن وسلامته فهى تلك الفتنة الطائفية التى أصبحت ناراً تكاد تحرق الجميع .. فالوحدة الوطنية كانت وستظل هى حجر الزاوية فى حماية مصر من أى تدخل خارجى فى شئونها .. وإنى أتسائل ماذا أصابنا فلننظر الى تاريخنا هل كان أجدادنا وأباؤنا الذين صنعوا ثورة 1919 أقل تمسكاً بدينهم منا الآن ، لا بل كانوا أكثر تديناً وأحسن خلقاً وقيماً ولكنهم أيضاً كانوا أكثر فهما وعلماً بصحيح الأديان كانوا أكثر حكمة وتعقلا وإدراكاً لقد قاموا بثورة شعبية بعظمة ثورة 25 يناير المجيدة وهى ثورة 1919 هذه الثورة التى قال عنها غاندى أنا ابن ثورة 1919 التى علمت الدنيا .. علمت الدنيا الوحدة الوطنية فقد إمتزجت دماء المسلمين والمسيجيين وهى تروى حرية هذا الوطن وإستقلاله وإرتفعت الأعلام وهى تحمل الهلال معنقاً الصليب ورددت الملايين شعار الدين لله والوطن للجميع وعاش الهلال مع الصليب ، وقدم الأقباط المئات من الشهداء فى معارك الثورة .. وقف القس مرقص سرجيوس على منبر الأزهر يخطب فى الناس قائلاً إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم فى مصر لحماية الأقباط فليمت الأقباط جميعاً ولتحيا مصر .. فى يوليو 1922 قدم 7 من أعضاء الوفد للمحاكمة العسكرية من بينهم 4 من الأقباط ، وقد حكم عليهم جميعاً بالإعدام وإستبدل الحكم بالسجن 7 سنوات .. هذه هى الوحدة الوطنية التى صنعها أجدادنا ومارسها الشعب المصرى والتى وصفها اللورد كرومر الذى عاش فى مصر 24 عاماً وهو صاحب سياسة فرق تسد – قال "إنك لا تستطيع أن تفرق بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى غير أن الأول يذهب الى المسجد والثانى يذهب الى الكنيسة"

هل ترى هذه الأيام ما كنا نفخر به كشعب واحد يدين بدينين ؟! هلى ترى هذه الأيام الوحدة الوطنية التى كانت ثقافة وعقيدة قبل أن تكون شعاراً يردد .. نعم الوحدة الوطنية عقيدة ، فقد أوصانا رسولنا الكريم بأقباط مصر فى حديثة الشريف :

"إذا فتحتم مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم فيها نسباً وصهراً "

وأمرنا الله تعالى فى كتابة العزيز :

بسم الله الرحمن الرحيم

"قُولوا آمَنا باللهِ وما أُنزِلَ إلينا وما أُنزِلَ الى ابراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاق ويعقوب والأسباطِ وما أُوتِىَ موسى وعيسى وما أُوتِىَ النبيونَ من رَبِهمْ لا نُفَرِقَ بين أحدٍ منهم ونحن له مُسلِمون"

صدق الله العظيم

إن ثورة 25 يناير صنعها شعب مصر مسلمين وأقباط لم يفرق رصاص الغدر بين المسلمين والأقباط .. سقط الشهداء من الأقباط والمسلمين .. لا تسيئوا لهذه الثورة العظيمة .. ضعوا نصب أعينكم أننا مصريون منذ أكثر من سبعة آلاف عام .. نعم نحن مصريون قبل الأديان ومصريون بعد الأديان وسنظل بإذن الله مصريين على مدى الزمان .. لقد رحب شعب مصر العظيم على أرضه وفى قلوب أبنائة بالديانات السماوية الثلاث وضرب مثلاً فى المحبة والتسامح والوحدة الوطنية التى نحن الآن فى أمس الحاجة الى التمسك بها حتى لا نفاجأ كل يوم بلغم جديد ينفجر فى وجوهنا فى شتى أنحاء مصر من أطفيح الى المقطم الى قنا ، لقد أندلع العنف فى قنا ليمس ويهدد للمرة الأولى وحدة البلاد وربما تكون هذه هى الموجة الأعتى والأكبر التى تجمع كل مساوئ النظام السابق فتتلخص فى أيام معدودة ، وفى أعرق محافظات مصر ، إنها قنا التى لم تشهد أحداث فتنة طائفية حقيقية ، وكان كل ماحدث فيها مؤخراً قبل الثورة بعام واحد فى نجع حمادى مرتبطاً بعناصر الحكم السابق وأدواته ، هى أيضاً قنا التى مثلت قاعدة زراعة وصناعة السكر فى مصر والعالم العربى ومجمعات صناعية كانت تنبئ بتنمية الصعيد وجرى تدميرها قبل أن يتم تدمير الإنسان ، فبدأ المواطن المصرى الصعيدى الذى بنى مصر فى تدمير مصر وعزل شمالها عن جنوبها عبر الحكم على مواطن مصرى تحول الى موظف عام وإدانته على أساس هويته الدينية .. وبكل أسف وكما إعتدنا فى الأشهر الماضية لم تتدخل السلطات المسئولة بحسم عندما بدأت الإحتجاجات فإزداد الأمر إشتعالاً وبدء المعترضون الإنتشار وبعد أن كانت وقفات إحتجاجية محصورة فى ميدان المحافظة إمتدت الى محطة السكة الحديد وقطعوا خط القاهرة – أسوان ، ثم ذهبوا الى الطريق البرى مصر أسوان السريع شمال وجنوب قنا وكذلك طريق سفاجا قنا ، مما ترتب عليه فصل شمال الوادى عن جنوبه وشرق مصر عن وادى النيل .. هل هذا ممكن أن يحدث فى تلك المحافظة العريقة بشعبها الطيب الأصيل التى كان ينجح فيها مكرم عبيد القبطى الوفدى بإكتساح بأصوات المسلمين .

نحن الآن فى أشد الحاجة الى وقفة مع النفس ومراجعة للمواقف .. موقف الشعب وموقف الحكومة وموقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة .

فلنبدأ بشعبنا العظيم الذى صبر طويلاً ثم ثار فكان مارداً جباراً أسقط أعتى نظام إستبدادى فى التاريخ الحديث .. لقد قام الشعب بثورته من أجل إعادة بناء دولة حديثة تقوم على أسس الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية والمواطنة ، دولة حديثة تحقق الرخاء والتنمية وينعم كل مواطن فيها بحقه فى حياة كريمة .. دولة حديثة أساسها العدل وإحترام حق الإنسان فى أن يحصل على عمل مناسب ومسكن ملائم وعلاج آدمى وتعليم حقيقى .. ترى هل من الممكن أن تتحقق أهداف الثورة فى ظل ما يسود مصر الآن من فوضى وإضطراب وتوقف لعجلة الإنتاج .. يجب علينا أن ننظر الى الأمام .. ننظر الى المستقبل العظيم الذى تستحقه مصر ولا نجعل الإنتقام ممن نهبوا ثرواتنا وأفسدوا وطغوا وإستبدوا هو شاغلنا الوحيد فمعظمهم الآن أمام قضاء مصر العظيم والبقية الباقية فى طريقها للقصاص .. يجب أن ننظر بنفس الحماس والهمة الى كيفية إعادة بناء الوطن الذى أصبح مسئوليتنا جميعاً .

أما فيما يتعلق بالحكومة ، ومع كل المحبة والتقدير للدكتور / عصام شرف الذى أعتز بصداقته والذى يتمتع بدماثة الخلق والأدب الجم والوطنية والشرف والذى أعلن يوم إختيارة رئيساً لمجلس الوزراء أنه يستمد شرعيته من ميدان التحرير فليس هذا معناه أنه مسئول أمام هذا الميدان فقط ، ولكن هذا يعنى أن يستمد شرعيته من مبادئ وقيم الثورة التى كان ميدان التحرير رمزاً لها .. تلك

القيم التى تجلت فى الإرادة والصلابة والقوة والعزيمة فى مواجهة كل ظلم أو إستبداد أو خروج على القانون .. قيم العدل والمساواة والإصلاح .. قيم الأمن والأمان للمواطن الذى أصبح غير آمن على نفسه وعرضه وماله .. ثورة 25 يناير التى أصبح ميدان التحرير رمزاً لها تحتاج الى حكومة قوية تحميها .. حكومة مبدؤها سيادة القانون وتطبقه بكل حزم وحسم ولا تسمح بالخروج عليه سواء فى ميدان التحرير أو فى قنا أو فى أطفيح أو فى أى بقعة من بقاع مصر أو الخضوع لإبتزاز باسم الثورة أو الإستسلام أمام غضب فى غير موضعه ، إن الشارع المصرى يعانى من إنتشار أعمال البلطجة والفوضى والقتل والخطف والإعتداء على الأرواح والأملاك والحكومة ساكنة هادئة لا تفعل شيئاً .. ومن هنا أكرر ما سبق وأن وجهته لقواتنا المسلحة ومجلسها الأعلى .. ان الشعب المصرى يكن لقواته المسلحة كل المحبة والإجلال إيماناً منه بأنها جزء أصيل من نجـاح ثــورته .. وإيماناً منه بعظمة دور القوات المسلحة الممتد والمعبر عن نبض شعب مصر على مدار تاريخه .. نعلم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتحمل ما يفوق طاقته ونعلم أنه كالقابض على جمرة من النار يريد أن يتخلص منها فى أسرع وقت ويسلمها لأهل الحكم والسياسة ، ولذا فإن يتحتم علينا أن نكون لكم عوناً فيما نقدم من رؤى وأفكار .. يتاح لكم ما لايتاح لنا من معلومات عن كل المؤامرات والتحركات التى تحاك لمصريين أعداء الداخل والخارج ولكن ما نراه رؤى العين وأصبح واضحاً لنا هو تسارع إيقاع المؤامرات المتتابعة من أجل دفع البلاد الى حافة الهاوية ولا يقابلها رد حاسم وقاطع .. مازلنا نرى الخيوط تتجمع لتضع الشارع المصرى فى خطر كلما ضاقت الدوائر لتحقيق مطالب الثورة التى كنتم داعمين لها ومعترفين بشرعية مطالبها والرد غير واضح أو مؤثر.

نعلم أن للسياسة أساليبها ومناوراتها ، ولكن للشعوب أيضاً أولوياتها .. والشعب المصرى ينظر لقواته المسلحة بكل الإكبار والثقة والتى أخشى عليها من أن تهتز فتكون الكارثة .. إن الشعب المصرى ينظر إليكم كقادة عسكريين أصحاب قرار وحسم وحزم فى مواجهة ما يهدد إستقرار الوطن وأمن المواطن لا يعرفون التردد أو مهادنة فى مواجهة قلة يحاولون القفز على الثورة وجنى ثمارها والإدعاء بأنهم صانعوها على حساب أبطال الثورة الحقيقيين وصناعها وهم شعب مصر شبابه ورجاله ونسائة وشيوخه .

لا يقبل الشعب من قواته المسلحة ومجلسها الأعلى أن تسير فى دروب السياسة وطرقها الملتوية التى لا تتفق مع الظرف الراهن والخطر الكامن الذى يتهددنا جميعاً ، فاليوم نحتاج الحسم كل الحسم والحزم كل الحزم مع أى خروج على الشرعية والقانون ومبادئ ثورة 25 يناير .

لقد طالبنا بحل الحزب الوطنى الذى كان واجهة للفساد والإستبداد على مدار ثلاثين عاماً وإستعادة جميع مقاره المملوكة للدولة والحمد لله أنصفنا قضاء مصر العادل وأصدر حكمه التاريخى بعد أن تأخر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الإستجابة .

طالبنا بتفكيك بنية الفساد والإستبداد السياسى والمتمثلة فى المجالس المحلية التى تتكون من 53 ألف عضو من بينهم 51 ألف عضو ينتمون للحزب الوطنى المنحل .. الإتحاد العام لنقابات عمال مصر ومجلس إدارات النقابات العامة العمالية التابعة له والذى يعتبر فرعاً من فروع الحزب الوطنى المنحل .. رؤساء المدن والوحدات المحلية والعمد والمشايخ وأعضاء مجالس إدارات مراكز الشباب الذين ينتمون للحزب الوطنى المنحل ، كل هؤلاء كانوا عصا النظام السابق وجنوده الذين زوروا الإنتخابات وقهروا الشعب وصادروا حريته فى إختيار ممثليه ، ولن نطالب بإقصائهم ولكن فقط حلهم وإعادة إنتخابهم وفق قواعد يصدر بها مرسوم بقانون من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولم نتلقى أى إستجابة أو تعليق .

طالبنا المجلس الأعلى للقوات بعدة خطوات كى تستعيد البلاد أوضاعها الطبيعية منها :

§ تشكيل هيئة مستقلة من قضاة المحاكم الإقتصادية لدراسة المطالب والشكاوي الفئوية للمواطنين وإعلان برنامج زمني للإنتهاء من تلك الدراسة ومراحل الإستجابة للمطالب المشروعة منها.

§ إعلان نظام تحديد الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والقومية والمحليات وشركات وبنوك القطاع العام والمؤسسات التي يكون فيها مساهمات للمال العام مع وضع برنامج زمني لتفيذه تدريجياً في ضوء موارد الدولة

§ تطبيق مجموعة من التشريعات التي تحقق العدالة الإجتماعية وتساعد على تقليل الفوارق من الطبقات وتؤدي إلى التخفيف عن محدودي الدخل والفقراء مع تفعيل برنامج سريع لتحسين الأحوال المعيشية لقاطني المناطق العشوائية وتوفير مستوى معقول من الخدمات الأساسية .

§ إنشاء " صندوق للتكافل الإجتماعي " تودع به فوائض الرواتب والمكافآت الزائدة عن الحد الأقصى والإعتمادات التي كانت مخصصة لمجلس الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية بالإضافة إلى 1% من إجمالي إيرادات الشركات العامة والخاصة وحصيلة الصناديق الخاصة بالمحليات والوزارات والتى تجاوز رصيدها 21 مليار جنيه ، علاوة على ذلك 18 مليار دولار منح أجنبية ممنوحة لإنفاقها فى مجالات معينة من الممكن التواصل مع الدول المانحة لتعديل توجيهها الى هذا الصندوق ، أيضاً 0.5% من حجم التعاملات فى سوق الأوراق المالية ، بالإضافة لموارد أخرى لا يتسع الوقت لشرحها .. تُستثمر موارد هذا الصندوق في تطوير الخدمات الأساسية في المناطق العشوائية والقرى الأكثر فقراً وتدبير إعانات عاجلة لمحدودي الدخل والمتعطلين عن العمل .

§ وقف تصدير الغاز الطبيعي للدولة الصهيونية وغيرها من الدول وإعادة تحديد أسعار التصدير وفقاً للمستويات العالمية والأخذ في الإعتبار الإحتياجات الوطنية

أرسلنا أيضاً رسالة تتعلق بعودة الأمن والأمان والطمأنينه للأسرة المصرية والذى نتج عن التسيب الأمنى الذى يشهده الشارع المصرى نتيجة سقوط هيبة الشرطة وضعف قبضتها وتراجع دورها نتيجة ما أصاب أفرادها من إحباط وكيف أن هذا الأمر هو أخطر ما يهدد ثورة 25 يناير فقطاع الشرطة شأنه شأن أي قطاع في الدولة به الصالح والطالح ومن غير المعقول أو المقبول أن تفقد هيئة ما إعتبارها لدى الرأي العام لمجرد وجود قلة فاسدة أو منحرفة فلو حدث ذلك في كل هيئة لكانت كارثة كبرى .. هذه هو ما حدث مع جهاز الشرطة فدوريات الشرطة التي تؤمن الشارع المصري وتحافظ على أبنائنا وبناتنا وجندي المرور الذي ينظم حركة المرور وضابط الشرطة الذي يتلقى شكاوى الملهوف والمعتدي عليه وضابط البحث الجنائي الذي يلاحق المجرمين والقتله ، كل هؤلاء هم من أبناء شعب مصر.. هــــم أبناؤنــا وإخوانـنا.. لا ننكر أن تراثا من الممارسة السيئة للعديد من رجال الشرطة على مدار مايقرب من ستة عقود قد أنعكس على نظرة المواطن لرجل الشرطة .. ولكن هذه النظرة لابد من تجـــاوزها .. فثــــــورة 25 ينايــر يجب أن تجـــب ماقبلها .. ثورة 25 يناير غيرت الشعب المصري كله ومن بينهم رجال الشرطه ضباط وجنود .. ما أحوجنا الآن إلى المصالحة الوطنية بين الشعب وأفراد الشرطة فما يحدث الآن هو خطر يهدد سلامة وأمن وإستقرار الأسرة المصرية وسينعكس بدوره على نظرة المواطن لثورة 25 يناير .

أفراد الشرطة يحتاجون إلى كل تشجيع وإحترام كي يستعيدوا ثقتهم بأنفسهم وعلينا أن نعلم أن قطاعات كبيرة من أفراد الشرطة وضباطها كانوا من أكثر الفئات التي كانت تعاني من ظلم النظام السابق على جميع المستويات المادية والأدبية والمعنوية وآن الأوان أن يرد إليهم إعتبارهم في تحسين هيكل رواتبهم وتحسين ظروف الأداء. وعليهم في المقابل أن يعلموا أن الشرطة في خدمة الشعب وأن إحترام حقوق المواطن وإحترام القانون هى الضمانة الأساسية لإستمرار التعاون والإحترام والثقة بين الشرطة والشعب .

أرسلنا رسالة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة مطالبين بإصدار مرسوم بقانون الإنتخابات لمجلس الشعب والشورى بنظام القائمة النسبية غير المشروطة وكذلك تجاوز سلبيات النص الوارد فى الإعلان الدستورى فيما يتعلق بنسبة الـ 50% عمال وفلاحين ، وذلك بإعادة تعريف العامل والفلاح فى القانون بأن يكون كل من يعمل فى الدولة نظير أجر فهو عامل بغض النظر عن مؤهلاته الدراسية ، وكل من يمتهن مهنة الزراعة فهو فلاح بغض النظر عن عدد مايمتلك من أفدنة ، وأيضاً لم نتلقى أى رد أو ندعى لحوار جاد .. لقد فوجئنا جميعاً كقوى سياسية القائم منها والجديد أن القوانين لا يسبقها حوار أو تواصل وه مانجده لا يتسق مع مبادئ الشراكة فى الوطن ، فبحجب عنا ما قد تواجهونه من ظروف وصعاب وبحجب عنكم رؤى سياسية وخواطر وأفكار قد تنير طريقاً وتدعم الإتجاه الواحد نحو مصلحة الوطن .

إننى أشد على أيدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة التى حمت الثورة ونراها قد شاركت وأتمت مرحلة تحملت فيها أعباء جسام ، ونحثها على التقدم والمبادرة بخطوات فى مراحل أخرى أساسية ولازمة .. هذا قدركم الذى إختصكم الله به وأنتم أهل له .. نأمل أن تسبقونا وتكونوا دائماً فى مقدمتنا أن نتلقى منكم النبأ وأن يكون رد الفعل للشارع وليس العكس خاصة فى هذه المرحلة التى يتكاثر فيها المتربصون بمصر وثورتها .

حما الله مصر وحما ثورتها المجيد

ووقاها كل سوء

والسلام عليكم ورحمة الله