رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المبادرة المصرية تطالب بالتحقيق في استهداف المستشفيات الميدانية

طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بفتح تحقيقات فورية واتخاذ حزمة تدابير عاجلة للتعامل مع وقائع العدوان المتواترة التي طالت أطباء المستشفيات الميدانية في التحرير، والتي وصلت ذروتها بالقبض على عدد منهم واستهداف المستشفيات استهدافا عمديا أثناء مظاهرات التحرير التي اندلعت في يوم 19 نوفمبر الماضي.

وكانت كل من قوات الشرطة وأفراد من الجيش قد شنت اعتداءات متكررة ضد المستشفيات الميدانية في التحرير، والبالغ عددها نحو 12 مستشفا، وعلى أفراد الطاقم الطبي المتطوعين في الوحدات الطبية المؤقتة بالميدان على مدار فترة الأحداث. فقد أفاد أفراد الطاقم الطبي بالمستشفيات الميدانية بحدوث اعتداءات على مقار هذه المستشفيات باستخدام الغاز وكذلك الاعتداء عليهم جسديا من قبل ضباط بالجيش، بالإضافة إلى القبض على عدد من الأطباء على يد أفراد من الشرطة.

وعلقت الدكتورة داليا عبد الحميد مسئولة البرامج بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن استهداف العاملين الطبيين في أوقات الاضطرابات لا يعيق فقط جهود هؤلاء العاملين في تقديم خدمة طبية غير منحازة وإنما يعتبر انتهاكا واضحا لمبادئ (الحيادية الطبية) التي تفترض توفير الحماية للأطباء في أوقات النزاعات المسلحة والاضطرابات، وعدم ملاحقة الأطباء والمرضى على السواء داخل المقار العلاجية."

وقد أقيم عدد من وحدات المستشفى الميداني – يوم الجمعة 18 نوفمبر – في ميدان التحرير والمنطقة المحيطة به لتقديم الخدمة الطبية العاجلة للحوادث التي قد تنتج عن مليونية يوم الجمعة.

وكان اقتراب المستشفى الميداني من منطقة الأحداث الساخنة – حيث كانت قنابل الغاز تلقى بكثافة شديدة، قد أدى إلى تأثير سلبي على فعالية الفريق الطبي، ذلك أنهم كانوا عرضة - مثلهم مثل المتظاهرين - لتدفق الهواء المحمل بالغاز. إلا أن الأطباء وأفراد الطاقم الطبي أكدوا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية – من خلال مقابلات أجريت معهم – على وقوع عدة حوادث تم فيها استهداف المستشفى خصيصا بقنابل الغاز. وفي هذا الصدد  أكد الدكتور محمد فتوح – مدير جمعية أطباء التحرير – أنه تمت مهاجمة المستشفى الميداني بشكل مباشر أكثر من مرة بإلقاء قنابل الغاز عليها بشكل متعمد، وأضاف: "مستشفى عباد الرحمن الميداني تقع في زقاق جانبي وليست على تماس  مباشر مع خط المواجهة والاحتكاكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، كما أنه من المعلوم للجميع أن عباد الرحمن تصبح موقعا للمستشفى الميداني عند حدوث أي مظاهرات ضخمة، وعلى الرغم من ذلك تم إلقاء قنابل غاز على المستشفى مباشرة، ومن مسافات قريبة."

أما الدكتور إسلام عبد الرحمن – وهو طبيب من المنوفية كان متواجدا بالمستشفى الميداني بعباد الرحمن –  فيؤكد الشكوك المثارة حول استهداف المستشفى بقنابل الغاز قائلا: "لقد تم ضرب مدخل ومخرج المستشفى بقنابل الغاز في نفس الوقت، حدث ذلك في وقت كانت فيه الأجواء هادئة في الخارج، لذا لا يسعنا إلا الظن أن ذلك تم عمدا لمنع الأطباء من علاج الجرحى والمصابين، وفي وقت ما كان على جميع الأطباء الخروج من المستشفى لالتقاط أنفاسهم وعندما عدنا مرة أخرى للاطمئنان على المرضى وجدت جهاز الكومبيوتر الخاص بي والذي أحتفظ عليه بجميع الفيديوهات والأدلة على الإصابات قد تم أخذه."

كما تحدثت كريمة عبد العزيز – أخصائية التمريض والتي كانت مقيمة بالمستشفى الميداني الواقع بجامع عمر مكرم – عن قنبلة غاز ألقيت في المساحة المفتوحة لمسجد عمر مكرم. "جاءت القنبلة من هذا الاتجاه،" قالت عبد العزيز مشيرة بيدها إلى اتجاه الكورنيش وهو الاتجاه المعاكس تماما لشارع محمد محمود. "من المستحيل أن تكون وصلت إلى هنا بالصدفة"، أضافت الطبيبة.

كما أكد العديد من شهود العيان من أفراد الطاقم الطبي وجود نمط متكرر من استهداف المستشفيات الميدانية بقنابل الغاز، ما يعقد بيئة عمل الأطباء ويجعل من الصعوبة بمكان علاج المصابين في أجواء شديدة العدائية. فقد قال الدكتور فتوح "عندما يحدث ذلك يصبح الوضع معقدا جدا لأن الأطباء يحاولون نقل المرضى بينما هم مختنقون ويعانون من آثار الغاز، وعلى الرغم من هذه الصعوبات يفضل أغلب الأطباء البقاء بجانب مرضاهم."
 
كما أفادت صيدلانية أخرى بأحد المستشفيات الميدانية أن قنابل الغاز لم تنقطع أثناء الهجوم. "هجومنا بكمية كبيرة من الغاز تركت المجروحين في المستشفى في حالة مزرية

لدرجة أن المتظاهرين كانوا يضطرون لحملهم حملا،" قالت الدكتورة نورا عثمان – صيدلانية كانت بمستشفى عباد الرحمن أثناء فض الاعتصام. وأضافت: "حتى أنا حملني زملائي لأنني تعرضت لكمية كبيرة من الغاز، كانت القوات المسلحة تطارد الجميع بما فيهم أفراد الطاقم الطبي المعروف وضعهم المحايد وانتمائهم للمؤسسة الطبية من خلال ارتدائهم للمعاطف البيضاء."

كما روى أحد المتظاهرين المصابين الذين تمت مقابلتهم أن قوات الجيش اقتحمت إحدى الوحدات الطبية التي أقيمت في أحد الأزقة المتفرعة من شارع محمد محمود، وذلك في الثالثة من فجر يوم الأحد 20 نوفمبر: " كنت جالسا مستندا إلى الجدار على الجانب الآخر من الزقاق عندما دخل ضباط الجيش وأخذوا كافة المعدات الطبية من المستشفى."

تفيد الشهادات التي جمعتها المبادرة المصرية بإلقاء أفراد الشرطة القبض على عدد من الأطباء والمتطوعين في المستشفى الميداني أثناء محاولاتهم لإسعاف المتظاهرين الذين فقدوا الوعي نتيجة التعرض لكميات كبيرة من الغاز في شارع محمد محمود، ومن هؤلاء الأطباء كريم الدمنهوري وعبد الرحمن مكاوي اللذين قبض عليهما في 22 و23 نوفمبر على التوالي واحتجزوا لفترة قبل إطلاق سراحهما في اليوم التالي للقبض عليهما.

وتفيد شهادة عمرو عادل – أحد المتطوعين في المستشفى الميداني – عدم اكتراث أفراد الشرطة بوجود أطباء أو عاملين بالمستشفى الميداني بين المقبوض عليهم. ويقول عمرو عادل في شهادته للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية:  "لقد قبض علي يوم الأربعاء 23 نوفمبر على يد عساكر الأمن المركزي في حوالي منتصف الليل وأنا أتابع حريق المدرسة الواقعة بشارع محمد محمود، وضربوني ضربا مبرحا، وظللت أقول لهم أني مسعف في المستشفى الميداني وأريتهم القفازات الطبية إلا أنهم لم يستمعوا إلي واستمروا في استخدام العنف تجاهي. وأثناء محاولة ترحيلي مع باقي المقبوض عليهم، أخذت في الصراخ بشكل مستمر أني لن أركب عربة الترحيلات وأني مسعف إلى أن تركوني." كما أكد عمرو عادل أنه رأى عبد الرحمن مكاوي بين المقبوض عليهم أثناء احتجازه.

وتعقيبا على ذلك تقول الدكتورة أماني مسعود – مديرة برنامج تعليم حقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية  "في حال تبين أن هؤلاء الأطباء قد ألقي القبض عليهم بسبب مهنتهم فإن ذلك سيعد سابقة خطيرة وانتهاكا صارخا لسلامة وحيادية الأطباء في مصر."

وأفاد طبيب آخر لباحثي المبادرة المصرية: "كنت متواجدا بالمستشفى الميداني بمحمد محمود عندما سمعت المتظاهرين يهللون لأنهم تمكنوا من إصابة بعض ضباط الشرطة"، يقول دكتور أحمد السيد – أخصائي باطنة بمستشفى المطرية. "توجه اثنان من زملائنا إلى الناحية الأخرى لعلاج الجنود المصابين."

وحملت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية مسئولية أي هجوم استهدف الأطباء والمستشفيات، وكذا فشل هذه الجهات الأمنية في تقديم الحماية  للعاملين بالخدمة الطبية خلال أيام الاضطرابات الخمسة.