رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

درس من رئاسة الجمهورية لكتائب النفاق


شجاعة الاعتذار تعني الثقة بالنفس
تقدير الرئاسة للمعارضين أسلوب حضاري محترم

كتائب النفاق جاهزة دائما بحناجرها المسمومة لتمزق بها من يجرؤ علي البوح بكلمة تحمل شبهة معارضة للرئيس أو مؤسسة الرئاسة، فما بالنا لو أن شخصا تجرأ علي الإدلاء بتصريحات تنتقد رئيس الجمهورية بعبارات واضحة وقاسية.
في مثل هذه الحالة تشعر كتائب النفاق بنشوة بالغة لأنها عثرت علي فريسة تمارس فيها قدراتها علي الصراخ المتشنج واستخدام كل ما حوته قواميس السباب الفاحش ضد من بلغت به الجرأة مما جعله ينتقد الرئيس علانية.

أحب «أبوالغار» وأختلف معه
في الأسبوع الماضي نشرت إحدي الصحف لقاء مع الدكتور محمد أبوالغار انتقد فيه بعبارات قاسية مواقف الرئيس من استحقاقات خريطة الطريق المتعلقة بالحياة الديمقراطية، وتهللت أسارير أساطين النفاق وأخرجوا خناجرهم من غمدها ولوحوا بها في وجه الدكتور أبوالغار، وبدأت حملات التشويه لتمزيق سمعة الرجل واغتياله معنويا.
ولأنني أعرف بيقين مدي إخلاص وصدق الدكتور محمد أبوالغار، وأنه يصدر في معارضته هذه عن موقف وطني بالغ النقاء، ولأنني في نفس الوقت لا أتفق مع الاتهامات التي وردت علي لسان الدكتور أبوالغار، فقد عانيت من حيرة شديدة، فإذا دافعت عن الدكتور أبوالغار وتجاهلت مناقشة آرائه فقد يبدو الأمر وكأنني أوافقه علي هذه الآراء بينما الحقيقة أنني لا أتفق معه في كثير مما تضمنته تصريحاته، وإذا انتقدت هذه التصريحات فسوف أجد من بين كتائب النفاق من يحاول توظيف هذا الاختلاف في الرؤي الهجوم الضاري الذي تشنه كتائب النفاق علي الرجل.

رسائل مهمة في بيان الرئاسة
انتشلني من هذه الحيرة بيان صادر عن المكتب الإعلامي برئاسة الجمهورية نشرته الصحف يوم الخميس 5/3/2015، أي بعد يوم واحد من نشر المقابلة مع الدكتور محمد أبوالغار.
البيان الرسمي لرئاسة الجمهورية هذا شعرت وأنا أقرأه بسعادة غامرة ليس فقط لأنه انتشلني من حيرتي ولكن لأنه قدم العديد من الرسائل بالغة الأهمية.
أولا: سرعة الرد تكشف عن اهتمام حقيقي توليه رئاسة الجمهورية لكل نقد يتعلق بممارساتها، مهما بلغت قسوة العبارات التي صيغت بها هذه الانتقادات.
ثانيا: حرص الرئاسة علي أن تطرح هذا الاختلاف في الرؤى مع الشخصيات المعارضة علي الجماهير بالنشر العام يؤكد إيمان الرئاسة بأن الحوار هو الطريق الصحيح لمناقشة الاختلاف في وجهات النظر، والأهم أن هذا الأسلوب يؤكد أن الرئاسة تري أن «الجماهير» هي الحكم الذي له الحق في الحكم علي وجهات النظر المختلفة.
ثالثا: حرص بيان الرئاسة علي أن يطلب من الدكتور أبوالغار «تحديد» القوانين والمواد التي يري أنها تعرقل مسيرة الديمقراطية، حتي يمكن أن تتم دراسة هذه القوانين دراسة موضوعية لتصحيح ما بها من عوار أو ثغرات - إن وجدت - أو تقديم التفسير الموضوعي الذي يطمئن الجماهير، أن هذه القوانين تدعم التحرك نحو الديمقراطية ولا تعرقل هذه المسيرة، وهذا الأسلوب في الحوار مع المعارضين آراه دعوة للابتعاد عن اللجوء للعبارات العامة والالتزام عند مناقشة وجهات النظر المختلفة بمناقشة التفاصيل المحددة حتي لا يتحول الحوار الي مجرد مباراة في استخدام عبارات عامة، فالكثير من المبادئ العامة لا يختلف عليها أحد، والخلافات تكمن في «تفسير» كل طرف لهذه المبادئ العامة وتفاصيلها، وتحديد نقاط الخلاف بدقة هي الطريقة المثلي لاكتشاف صحة أو خطأ تفسير كل طرف لهذه المبادئ العامة.
رابعا: استهلال البيان الرئاسي بعبارات شديدة الوضوح عن تقدير الرئيس للدكتور أبوالغار سواء علي الصعيد الشخصي أو علي صعيد ممارسات الرجل علي الساحة السياسية، والتأكيد علي المنزلة الرفيعة التي تضع فيها الرئاسة شخص الدكتور أبوالغار.
هذا الاستهلال نموذج محترم للاعتراف بقيمة وقامة شخص يعارض الرئيس وسياساته، والتأكيد علي أن الرئاسة تعرف الفضل لأهله، وأن معارضة الرئاسة لا تنال من منزلة المعارض مادامت هذه المعارضة تنطلق من رؤية وطنية صادقة وأمينة.
خامسا: استخدم البيان لغة شديدة

الرقي والانضباط وابتعد تماما عن استخدام العبارات غير المهذبة والألفاظ الخشنة وجاءت صياغة البيان درسا في الحوار الراقي والموضوعي مع من يعارض كل أو بعض ممارسات وسياسات رئيس الجمهورية.

شجاعة الاعتذار
وعندما قرأت بيان الرئاسة هذا وجدتني أستدعي من الذاكرة تصريحات للرئيس السيسي أدلي بها منذ أيام حول الخلافات مع دولة قطر. أكد الرئيس السيسي في هذه التصريحات أنه لا يسمح لنفسه بأن يستخدم عبارات غير لائقة عند الحديث عن خصومة وأنه لا يسمح بأن يتفوه أحد في مجلسه بأي عبارات متدنية في وصف أي إنسان.
وذهب الرئيس السيسي الي ما هو أبعد من عفة اللسان التي يحرص عليها بإلزام نفسه ومن يتعامل معهم بالالتزام بها، فأعرب الرئيس عن اعتذاره علنا في تصريحاته التي نقلتها كل وسائل الإعلام عن تجاوزات غير مقبولة تعرضت لزوجة أمير قطر السابق، وفي شجاعة نادرة كرر هذا الأسف تأكيدا علي حرصه البالغ علي أن تسود لغة الحوار والخلاف العبارات المهذبة.
ورغم أن الرئيس أو أيا من معاونيه لم يتورطوا في استخدام هذه العبارات الخادشة وغير اللائقة إلا أنه وجد أن من واجبه كرئيس لمصر أن يعتذر عن خطأ بشع ارتكبه مواطنون مصريون وذلك تعبيرا عن مسئوليته الأخلاقية عن كل المصريين.

التعامل مع كتائب النفاق
هذا هو الدرس البليغ الذي أتمني أن تعيه كتائب النفاق ولأنني أشك في قدرة المنافقين علي تغيير أسلوبهم فإنني أناشد الرئاسة أن تتابع ما تنشره في الصحف وتبثه في الفضائيات كتائب النفاق من سباب بذيء وفحش في القول وأن يصدر المكتب الإعلامي بالرئاسة بيانا يؤكد فيه أن الرئاسة تستنكر هذه البذاءات الساقطة.مطلبي هذا يستند الي معرفة بأساليب كتائب النفاق التي تتصور أنها بهذا الفحش تدافع عن الرئاسة وتستخدم الكثير من العبارات التي توحي للقارئ أو المستمع أو المشاهد أنها تتحدث باسم الرئاسة!!
كتائب النفاق هذه أعضاؤها هم أعدي أعداء الرئيس فهم الصوت الكاذب الذي يقدم ولاءه الزائف لكل من يتولي السلطة، ولحسن الحظ فقد أصبح باستطاعتنا أن نسترجع في أي وقت مواقف هؤلاء في كل عهد وعصر لنراهم بصورهم ونسمعهم بأصواتهم وهم يمارسون طقوس التشنج المصطنع دفاعا عن كل من يتولي السلطة، ثم ينقلبون عليه إذا ترك موقعه.
إعلان الرئاسة لرفضها أسلوب كتائب النفاق يسلبهم الادعاء بأنهم يعبرون عن موقف الرئاسة.. وفي نفس الوقت يعفي الرئيس من أن يضطر للاعتذار العلني كما فعل ليبعد عن مؤسسة الرئاسة وعن مصر شبهة السقوط في مستنقع الخطاب المتدني والألفاظ الساقطة.

السيد الغضبان