رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نداء لإنقاذ الثورة

< عودة="" الوعي="" السياسي="" للجماهير="">
< الأغلبية="" قالت="" «نعم»="" لرموز="">
شأن الغالبية الساحقة من المصريين اصابتني نتائج الجولة الأولي من انتخابات رئاسة الجمهورية بالصدمة، وبدأت تتسرب إلي نفسي هواجس مشحونة بالخوف من انقضاض محتمل علي الثورة تقوده قوي الثورة المضادة التي بدأت تسترد عافيتها والتي لم تفقد الأمل في القضاء المبرم

علي الثورة وإعادة نظام الرئيس المخلوع بأقنعة خادعة لتمارس أعنف ألوان البطش والإرهاب ضد الثوار. وعلي الجانب الآخر كانت هواجس أخري تتدفق بمخاوف مشروعة من محاولات لاختطاف الثورة وتحويل مسارها إلي وجهة يرفضها الثوار باستحواذ فريق من تيارات الإسلام السياسي علي جميع مؤسسات الدولة وإضفاء صبغة دينية علي الحياة السياسية بل والحياة اليومية للمواطنين ومن منظور رؤية خاصة لتفسير الإسلام.
ولحسن الحظ فقد سارعت بطرد هذه الهواجس قبل ان تصيبني بالإحباط. ولم أتمكن من هزيمة هذه الهواجس والمخاوف بالهروب من مواجهة هذه الهواجس لكنني لجأت إلي قراءة فاحصة لأعداد المواطنين التي شاركت في التصويت فاطمأنت نفسي إلي ان أعداد من صوتوا لرموز التيار الرئيسي للثورة تتجاوز ثلاثة أمثال من صوتوا لممثل نظام الرئيس المخلوع، وان من صوت لتيار «الدولة المدنية» الرافضون لصنع الدولة والمجتمع بصبغة دينية حسب تفسير فصائل الإسلام السياسي، من صوت لهذه الدولة يبلغ أيضا ثلاثة أمثال من أيد من يمثل تيار الإسلام السياسي.
معني هذا بكل وضوح ان الثورة لم تزل عفية وقوية وان التيار الرئيسي للثورة لم يفقد حيويته، بل إنني أري أن الثورة تمكنت خلال عام وأكثر قليلا من أن تحقق معجزة بكل المقاييس. وهذه المعجزة هي عودة «الوعي السياسي» لجماهير واسعة من الشعب المصري، هذه الجماهير التي تصورنا لعزوفها الطويل عن المشاركة في الحياة السياسية أنها كفرت بالعمل بالسياسي وأنها استكانت للسلبية وأنها تتحرك بالخداع أو الأغراء وان وعيها السياسي المتدني يسمح لأي قوة ان تخدعها أو تشتري ولاءها.
هذه هي النتيجة الساطعة لنتائج التصويت في هذه الانتخابات. وعلي النخب السياسية التي ساهمت بنصيب موفور في ثورة يناير، علي هذه النخب مسئولية استثمار هذا الزخم الثوري الجماهيري لتكوين نواة لتنظيم أو تنظيمات سياسية تعمل بأسلوب مؤسسي وبجدية لتكوين حركة سياسية منظمة مؤمنة بالمبادئ الأساسية التي نادت بها ثورة يناير.
لقد أفرزت هذه الانتخابات - لحسن الحظ - الكثير من القيادات الميدانية التي اكتسبت مهارات وخبرات هائلة في العمل السياسي الميداني. وعلينا ألا نهدر هذه الطاقات.
وإذا كان لنا ان نتعلم من أخطاء الماضي القريب فلنتذكر تجربة الجمعية الوطنية للتغيير التي ضمت ممثلين عن معظم القوي السياسية في مصر والتي كانت المظلة التي تحركت تحتها قوي الثوار بعد ان توحدت إرادتهم واتفقوا علي نقاط رئيسية للتغيير، هذا «التجمع» استطاع بالفعل ان يحشد الطاقات وأن يحدد المجري الذي تتفق فيه جهود الثوار التي «توحدت» في مواجهة

النظام السابق فتمكنت بفضل هذا التلاحم ووحدة الهدف وقوة الحشد التي ضمت كل القوي وثقة الجماهير التي اطمأنت إلي هذا «الائتلاف»، تمكنت بفضل ذلك كله من تحقيق المعجزة الكبري وهي تفجير ثورة يناير.
والمؤسف أن هذه «الجبهة» تفككت منذ اللحظة التي تمت فيها الإطاحة بالرئيس المخلوع. وكان هذا التفكك هو السبب المباشر الذي شجع قوي الثورة المضادة علي ان تلملم شتاتها وأن تنادي للتجمع في كتلة واحدة لمواجهة فصائل الثورة التي تشتتت فذهب ريحها وصعفت إلي الحد الذي شجع قوي الثورة المضادة علي ان تعود إلي الساحة.
وإذا كانت قوي الثورة المضادة قد نجحت في رص صفوفها من جديد، فان الجماهير العريضة التي ايقظت ثورة يناير وعيها تنبهت إلي خطورة الأوضاع وبادرت الجماهير العريضة بالتجمع من جديد حول من ادركت أنهم الرموز الحقيقية للثورة.
هذا هو الدرس الذي علينا ان نستوعبه جيدا وألا ندع هذه الفرصة تفلت من جديد فتعود قوي الثورة إلي التشتت والتصارع.
علي المؤمنين بالثورة حقا وصدقا ان يبادروا اليوم بإقامة التنظيمات السياسية التي تستوعب هذه الجماهير والتي تستطيع من خلال عمل «حزبي منظم» أن تواصل التحرك القوي والقادر علي ان يواصل النشاط وان يستقطب المزيد من الجماهير المؤمنة بأهداف الثورة.
وأحذر من أن الأيام القادمة قد تحمل الكثير من التحركات التي تنظمها قوي الثورة المضادة لتكمل مؤامرتها التي تستهدف القضاء المبرم علي الثورة وإعادة مصر إلي عهود القهر والديكتاتورية.
مصر هذه الأيام تمر بأخطر لحظة في تاريخها وانتكاسة الثورة - إذا حدثت- ستعيد مصر إلي قبضة الديكتاتورية لسنوات طويلة قادمة. فهذه المرة سيكون القهر أعنف وأبشع، والأمل الوحيد الآن يتوقف علي الإسراع بإنشاء الوعاء السياسي الذي يستطيع ان ينظم حركة الجماهير التي تحركت بتلقائية لتأييد من آمنت بانهم رموز للثورة. أما إذا تركت هذه الجماهير اعتمادا علي تحرك تلقائي غير منظم فهي الكارثة.