رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشيخ علي عملها.. لكن المفتي برىء!

أكد فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية أنه لم يقم بزيارة القدس منتهكا قرارات المقاطعة التي أكدت عليها مشيخة الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية وجميع المؤسسات الإسلامية.

وأنا أصدق فضيلة المفتي فقد شاهدت صور الشيخ «علي جمعة» وهو يتحدي قرارات المقاطعة العربية والإسلامية بزيارة القدس المحتلة، وكان الرجل الذي شاهدته يرتدي جلبابا وطاقية شبيهة إلي حد ما بالطاقية التي يرتديها مواطنو الجمهوريات الإسلامية بوسط آسيا (وهي بالمناسبة تشبه الطاقية اليهودية) وهذا تنويه ضروري حتي لا يتصور أحد أنني ألمح إلي أن الشيخ علي فضل ارتداء «الطاقية» مجاملة لأبناء عمومته.
من اتهموا الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية بأنه ارتكب إثم التطبيع ظلموا الرجل لأنه عندما أصرّ علي أن يقوم بالزيارة مرتديا الجلباب والطاقية كان يقصد التأكيد علي أن «المفتي» شخص آخر، وأن فضيلته لديه قدرة خارقة علي ان يستنسخ شخصية أخري من شخصية المفتي هي شخصية «الشيخ علي» وأن كلا الشخصيتين لا علاقة لها بالشخصية الأخري إلا من حيث التشابه الجسدي لا أكثر، لكن كل شخصية منهما لها كيان مستقل ومختلف تماماً ولا علاقة لأي من الشخصيتين بالشخصية الأخري.. فالشيخ علي جمعة شخصية مستقلة تماما لا علاقة لها بالدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية؟!!
وأتصور أن فضيلة المفتي عندما تلقي الدعوة الملكية الكريمة من جلالة ملك الأردن لزيارة القدس أدرك بفطنته أن هذه الدعوة «شرك» يراد به توريط مفتي جمهورية مصر العربية في الحملة التي تستهدف كسر طوق الحصار الإسلامي علي الاحتلال الإسرائيلي. ووجد الرجل نفسه بين نارين، إما أن يعتذر عن هذه الدعوة الملكية مع ما يترتب علي مثل هذا الاعتذار من حرمان من «العطف» الملكي، وهو أمر يزعج فضيلة المفتي، وإما أن يقبل الدعوة الملكية الكريمة فينال مع الرضا الملكي السامي ما يصاحب هذا الرضا السامي من تكريم.
ولم يتردد الرجل في اختيار الموقف الثاني لأنه واثق تماماً أن لديه من التبريرات ما يواجه بها أية انتقادات لهذه الزيارة. وبدأ الشيخ بإعداد عناصر هذه المبررات. خلع الرجل عمامته وكاكولته وتركها وديعة ثمينة لدي القصر الملكي في الأردن، وترك معها «صفته» كمفتٍ لجمهورية مصر العربية باعتبار أن منصب المفتي لا علاقة له بشخصية الشيخ علي، لكنه - أي منصب المفتي - يرتبط بالعمامة والكاكولة؟!
أما ختم جواز السفر بخاتم قوات الاحتلال الإسرائيلي فأمره سهل وتوجد آلاف الحالات لمواطنين مصريين وعرب دخلوا إسرائيل دون أن يتم ختم جوازات سفرهم بخاتم قوات الاحتلال لأن إسرائيل تتفهم حرص هؤلاء المواطنين العرب علي أن تخلو جوازات سفرهم من أختام قوات الاحتلال الإسرائيلي حتي يستطيعوا الإدعاء بأنهم لم يزوروا إسرائيل.. فإذا كان هذا هو الوضع الذي تسمح فيه إسرائيل بعدم إثبات زيارة هؤلاء المواطنين لإسرائيل وذلك بعدم ختم جوازات سفرهم فمن باب أولي تطبيق نفس القاعدة علي الشيخ علي؟! فما يهم إسرائيل هو إتمام هذه الزيارة لكسر طوق المقاطعة ولا يعنيها أن تسبب حرجا للزائرين الراغبين في المساهمة في كسر طوق المقاطعة تشجيعاً لهم وللآخرين علي ضم مواطنين آخرين للمطبعين؟!
وبنفس المنطق فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تمانع مطلقاً في توفير كل ما يطلبه المطبعون من مظاهر تجعلهم قادرين علي الإدعاء بأنهم لم يتعاملوا مع هذه القوات، فالهدف الأهم - كما ذكرت - هو تشجيع كل راغبي التطبيع في القيام بعملية كسر طوق المقاطعة، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تلبي قوات الاحتلال كل مطالب راغبي كسر طوق المقاطعة لتمنحهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم أمام الرأي العام العربي والإسلامي.
حرص «الشيخ علي» إذا علي

أن يوفر للزيارة مظاهر تسمح بتبريرها وسارع المتحدث باسم دار الإفتاء علي الاستشهاد بهذه المظاهر لتبرئة المفتي من تهمة الزيارة. رغم ذلك فقد هاجم الكثيرون زيارة المفتي وتجاهلوا قدرة الرجل علي أن يستنسخ من المفتي شخصية أخري هي شخصية «الشيخ علي» أبوجلابية وطاقية ليرسلها في المهمة المقدسة إلي القدس استجابة لرغبة ملكية كريمة، وما أدراك يا عزيزي القارئ مما تفعله الرغبات الملكية الكريمة من معجزات وما توفره لمن يحظي بها من عطف ملكي يضمن لمن يحظي بهذا العطف حياة رغدة سعيدة.
ولأنني من المعجبين بالمفتي وذكائه فإنني أرفض الانضمام إلي الداعين بإقالته. وأصدق ما قاله بأنه لم يقم بهذه الزيارة بصفته «مفتيا لجمهورية مصر العربية».
ولهذا فإنني أطالب فقط بمنع «الشيخ علي جمعة» الذي زار القدس من دخول دار الإفتاء المصرية. مع الإبقاء علي «فضيلة المفتي» في موقعه. وإلي أن يتمكن فضيلة المفتي من أن يقدم لنا شخصية «الشيخ علي» التي استنسخها لتقوم بزيارة القدس، إلي أن يحدث ذلك فإنني أطالب بأن يرسل فضيلة المفتي «عمامته وكاكولته» إلي دار الإفتاء ويتم وضع العمامة والكاكولة علي كرسي فضيلة المفتي. وبهذا نكون قد حققنا مطالب كل الأطراف. فالمطالبون بإقالة المفتي لأنه زار القدس سيرحبون بمنع «الشيخ علي» الذي زار القدس فعلاً من دخول دار الإفتاء، أما المطالبون باستمرار فضيلة المفتي في موقعه اقتناعا بما ساقه من مبررات خاصة ما يتعلق بأنه لم يتم بالزيارة «بصفته» هؤلاء أيضا سيرحبون ببقاء «صفة المفتي» المتمثلة في عمامته وكاكولته داخل دار الإفتاء واستقرارهما علي كرسي فضيلة المفتي.
يبقي الخشية من أن يعترض البعض علي هذا الحل لأنهم يخشون أن يؤثر هذا الحل علي قدرة دار الإفتاء علي تقديم الفتاوي التي يطلبها المواطنون. وهذا أمر لا يمثل مشكلة فطالما ذكر المفتي أن «لجان الإفتاء» تتولي فحص أسئلة المواطنين وتقدم «الفتاوي» المناسبة لكل حالة أي أن عمل دار الإفتاء لن يتأثر، ومن يقول بأن فضيلة المفتي يراجع هذه الفتاوي قبل إعلانها فانني أخشي أن يكون مثل هذه المراجعة تكاد تكون غائبة وإلا فليقنعنا من يذكر ذلك بما أثارته بعض الفتاوي الشاذة من عواطف احتجاج مثل فتوي «رضاعة الكبير» وفتوي «التبرك ببول الرسول».
المؤكد أن الحل الذي افترضته سيرضي الجميع بمن فيهم فضيلة المفتي لأنه سيضمن علي الأقل ان تبقي عمامته وكاكولته تزين كرسي الإفتاء.