رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر‮.. ‬المستقبل والمصير‮!!‬

انتهت أخيراً‮ ‬مرحلة انتخابات مجلس الشعب التي أسفرت عن فوز الحزب الوطني بهذه الغالبية شبه الكاملة،‮ ‬وفي ظل اتهامات متزايدة عن عمليات تزوير وعنف متعارف عليها ومقاطعة من جانب‮ ‬غالبية أحزاب وقوي المعارضة المتواجدة علي الساحة السياسية في الوقت الحالي،‮ ‬وكان المأمول أن تمثل هذه الانتخابات بداية لمرحلة جديدة من الحياة السياسية،‮ ‬خاصة بعد تحديد عدد من المقاعد للمرأة في نطاق حصة‮ »‬الكوتة‮« ‬تضمن لها تمثيلاً‮ ‬أكثر فاعلية إلي جانب تخصيص نصف المقاعد طبقاً‮ ‬للدستور الحالي للعمال والفلاحين‮!! ‬وهو النظام الذي ننفرد به في مصرنا العزيزة عن‮ ‬غيرنا من الدول فيما حولنا‮.‬

وتمر مصر في الوقت الحالي بمرحلة من عدم الاستقرار،‮ ‬خاصة بعد أن ازدادت الاحتجاجات والاعتصامات من جانب أعداد متزايدة من أبناء الوطن التي تطالب بتحسين أحوالها المعيشية وظروف العمل المحيطة بها بعد أن انهارت الكثير من منظومات المجتمع وخدماته من تعليم وتطبيب،‮ ‬وبعد أن انتقلت العملية التعليمية من المدارس والجامعات إلي أوكار الدروس الخصوصية وبعد أن انشغل المدرسون بمصالحهم المادية لا بأدوارهم التربوية،‮ ‬وبعد أن تدهورت الخدمات الصحية ومستشفياتنا وتحولت إلي مراكز للإهمال لا للعناية بصحة المواطنين‮.. ‬هذا إلي جانب زيادة أعداد العاطلين وعدم توفر فرص كافية للعمل في ظل هذا التزايد الواضح في عدد السكان وفشل الحكومات المتعاقبة للحزب الحاكم في التغلب أو معالجة هذه المشاكل المتعاظمة،‮ ‬وهو ما أدي بطبيعة الحال إلي تدهور واضح في البنية التحتية وفي مستوي الخدمات وارتفاع معدلات الجهل والمرض والفقر هذا الثالوث الذي يفت في عضض المجتمع ويسارع في تدهوره وانحلاله‮.‬

ولم تؤد الوعود التي جاءت بها حكومات الحزب الحاكم طوال الثلاثين عاماً‮ ‬الماضية بتغييرات في مستوي المعيشة لغالبية مواطني هذا البلد الأمين بل العكس هو الصحيح فقد زادت المناطق العشوائية ونسبة الأمية،‮ ‬كما تدهورت الأوضاع الصحية لهذه الغالبية وفشلت المشروعات الزراعية والصناعية التي كانت متماسكة من قبل فانحدرت منتجاتنا من المحاصيل الأساسية وشحت مياه النيل في ظل سوء استخدامها وفي نطاق المنازعات المتعاظمة مع جيراننا من دول حوض النيل،‮ ‬الأمر الذي يهدد حصتنا من هذا الشريان الأساسي‮ »‬نهر النيل‮«.. ‬هذا إلي جانب تدهور منتجاتنا الناشئة وعلي رأسها شركات‮ »‬بنك مصر‮« ‬المتعددة من أن أسمناها وسلمناها لأهل الثقة بدلاً‮ ‬من أهل الخبرة،‮ ‬ثم أعدنا بيعها بعد أن فشلنا في إدارتها‮.‬

وكان من الطبيعي مع هذا التدهور الواضح أن تزداد موجات الهجرة‮ ‬غير الشرعية وإلي‮ ‬غرق الآلاف من ابناء الوطن هنا وهناك ولم تعد مصر بلداً‮ ‬جاذباً‮ ‬بل بلد طارد حتي لأبنائها‮!‬

وقد آمل الكثير منا أن تكون الانتخابات الأخيرة بداية مرحلة جديدة تهدف إلي تعديل المسار الذي نحن بصدده والعمل علي وقف هذا التدهور المتزايد في مناحي الحياة المختلفة،‮ ‬إلا أن ما أسفرت عنه هذه الانتخابات من إصرار الحزب الحاكم علي التمسك بمقاليد السلطة دون مشاركة من جانب قوي الشعب المختلفة أصاب المجتمع بكثير من الإحباط،‮ ‬خاصة أن قوي المعارضة علي الجانب الآخر لم توفق في رسم خريطة لهذا التغيير وهذا التطوير،‮ ‬خاصة أن معظم الأحزاب المتواجدة علي الساحة المصرية في الوقت الحالي هي نتاج ما يسمح به الحزب الحاكم،‮ ‬فلم تشهد مصر في السنين الأخيرة حزباً‮ ‬جاء نتيجة لإرادة شعبية حقيقية ولكن‮ ‬غالبيتها جاء نتيجة لتصريحات لجنة الأحزاب بالحزب الحاكم وتمويل سنوي من جانب الحزب وهو ما لا تعرفه فلسفة تشكيل الأحزاب فيما حولنا‮!‬

إن الأوضاع الحالية يا سادة تتطلب منا جميعاً‮ ‬أحزاباً‮ ‬وأفراداً‮ ‬ومؤسسات العمل الجاد والسعي في اتجاه‮ »‬تغيير وتطوير‮«

‬أوضاعنا الحالية إلي ما يتناسب مع العصر ومع مصالحنا القومية في ظل هذا العالم المتغير وفي ظل هذا التطور العلمي والتكنولوجي المستمر‮.. ‬ولم يتأت ذلك إلا بوقفة مع النفس والضمير ونبذ الفرقة والتناحر والعمل الجاد والتعاون فيما بيننا‮.. ‬وقد يكون عقد مؤتمر عام يجمع كافة القوي السياسية وعلي رأسها الحزب الحاكم‮!!.. ‬أولي هذه الخطوات فإن الاستمرار في هذا الانحدار وهذا التسيب وعدم الجدية لن يصل بنا سوي إلي الخروج خارج التاريخ كما خرج كثير من المجتمعات الفاشلة علي مرور الزمن‮.‬

وقواعد اللعبة السياسية يا سادة معروفة للجميع وليست خافية علي أحد وأولها الدعوة لوضع دستور جديد يتمشي مع أوضاعنا الحالية ومصالحنا القومية وتبني نظام سياسي وديمقراطي يحقق لنا جميعاً‮ ‬الحرية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية وغير ذلك من أسس المجتمعات المتقدمة واحترام القانون والتمسك بالعدالة التي تضمن لأي مجتمع حقوقه وواجباته‮.‬

إن تحقيق التقدم والتطور لا يسقط من السماء بل هو النتاج الطبيعي للعمل الجاد والتعاون بين قوي الشعب علي اختلاف اتجاهاتها‮.. ‬فهل نحن قادرون كغيرنا من المجتمعات المتقدمة التي تحملت مسئولية تطوير وتغيير مجتمعها؟‮.. ‬أم أننا سنظل في خلافاتنا قابعين وفي تخلفنا متمسكين؟‮.. ‬هذا ما سوف تسفر عنه الأيام القادمة‮.‬

والشعب المصري الذي صنع هذه الحضارة القديمة تلك الحضارة التي لا تزال آثارها محل اهتمام كافة شعوب العالم حتي يومنا‮.. ‬هذا لقادر علي تحمل هذه المسئولية وهذا العبء الكبير‮.. ‬فلا ريب أن خياراتنا واتجاهاتنا التي تمسكنا بها خلال نصف القرن الماضي هي التي أدت بنا إلي ما نحن فيه ويتطلب ذلك منا ألا نتخازل في العمل الجاد والتضحية من أجل مستقبل الوطن وعزته ولاسترجاع الدور القيادي والريادي الذي كان لمصر في محيطها الإقليمي والدولي إلي ما كان عليه فلا تزال مقومات هذا الدور من تاريخ وجغرافيا ومن قرارات وإمكانيات موجودة وما اعتراها من صدأ،‮ ‬مآله إلي زوال أمام عزيمة الشعب وقدرته علي العطاء‮.. ‬ولا شك أن القدر يحجز لمصرنا العزيزة مكاناً‮ ‬لائقاً‮ ‬لها بين الأمم فهي الأمة الوحيدة التي جاء ذكرها في معظم الكتب السماوية‮.. ‬ولعل قدرة المجتمع المصري في الفترة الأخيرة وتغلبها علي سلبيات الأزمة المالية التي اجتاحت العالم في الفترة الأخيرة لخير دليل علي هذا الزعم،‮ ‬وكما قال شاعرنا العظيم شوقي‮:‬

وما نيل المطالب بالتمني‮.. ‬ولكن تؤخذ الدنيا‮ ‬غلابا