رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مستقبل الطموحات النووية الإيرانية

انعقدت أخيراً‮ ‬بمدينة جنيف بسويسرا حلقة جديدة من المباحثات بين الدول الخمس الأعضاء الدائمة بمجلس الأمن بالإضافة إلي‮ ‬ألمانيا وإيران حول البرنامج النووي‮ ‬الإيراني،‮ ‬وعمليات التخصيب التى تقوم بها إيران لإنتاج الوقود النووي‮ ‬اللازم لمفاعلاتها النووية والعقوبات التى فرضتها بعض الدول الغربية علي‮ ‬إيران لاستمرارها في‮ ‬سياستها النووية التي‮ ‬يشوبها الكثير من الغموض وعدم الشفافية،‮ ‬الأمر الذى‮ ‬يسبغ‮ ‬علي‮ ‬البرنامج الكثير من الشكوك والتخوفات الدولية‮!‬

وقد سبق هذه الاجتماعات إعلان من جانب إيران عن نجاحها فى إنتاج ما‮ ‬يطلق عليه‮ »‬الكتلة الصفراء‮« ‬وهي‮ ‬مرحلة متقدمة من مراحل إنتاج الوقود النووي‮ ‬وتمكن إيران من قفل دائرة إنتاج الوقود النووي‮ ‬اللازم لمفاعلاتها محلياً‮ ‬بعد أن تمكنت من استخدام مواد أولية محلية في‮ ‬هذه العملية المعقدة‮!‬

وعلي‮ ‬الرغم من أن إيران قد وقعت اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية الـN.P.T‮ ‬وتلتزم بقبول التفتيش علي‮ ‬مفاعلاتها من جانب الوكالة الدولية للطاقة النووية‮.. ‬إلا أن الغموض الذى‮ ‬يغلف البرنامج الإيراني‮ ‬من جهة والخلافات بينها وبين معظم الدول الغربية وعلي‮ ‬رأسها الولايات المتحدة منذ اندلاع الثورة الإيرانية‮ »‬الخومانية‮« ‬وتضارب مصالح الولايات المتحدة ورببيتها الدولة العبرية مع الطموحات الإيرانية الجديدة‮!! ‬واتجاه النظام الإيراني‮ ‬لزيادة الدور الإقليمى،‮ ‬خاصة فى منطقة الخليج المتاخمة لها والتي‮ ‬تمثل مصالح أساسية للجانب الأمريكي‮ ‬بما تحويه من ثروات بترولية وموقعاً‮ ‬استراتيجياً‮ ‬مهماً‮ ‬لها‮!‬

ولقد استطاعت الثورة الإيرانية خلال الثلاثين عاماً‮ ‬الماضية تدعيم هذا الدور الإقليمى،‮ ‬خاصة بعد انهيار النظام العراقى من جهة وازدياد تواجد الولايات المتحدة وحلفائها حول إيران شمالاً‮ ‬فى أفغانستان وغيرها في‮ ‬العراق،‮ ‬الأمر الذى أصبح‮ ‬يهدد مصالح الثورة الإيرانية وطموحاتها الإقليمية من جهة أخرى‮.‬

ولقد نجحت إيران في‮ ‬جر الجانب الغربي‮ ‬الذى‮ ‬يتفاوض معها حول برنامجها النووي‮ ‬إلي‮ ‬عقد عدة اجتماعات وإلي‮ ‬الاستمرار في‮ ‬سياستها الخاصة بالحصول علي‮ ‬المعرفة النووية طبقاً‮ ‬للقواعد التي‮ ‬كفلتها اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية وعلي‮ ‬رأسها عمليات تخصيب اليورانيوم اللازم للوقود المرتبط بمفاعلاتها ومنشآتها النووية‮.. ‬إلا أن التقدم فى عمليات التخصيب المتزايدة من جانب النظام الإيراني‮ ‬يزيد من شكوك وتخوف الجانب الغربي،‮ ‬وهو ما‮ ‬يضعه في‮ ‬موقف لا‮ ‬يحسد عليه لعدم قدرته علي‮ ‬إيقاف هذا التقدم بالقوة رغم التلويح بها‮!! ‬والاستمرار في‮ ‬التفاوض مع الجانب الإيراني‮ ‬في‮ ‬مفاوضات متكررة واجتماعات من وقت لآخر علي‮ ‬أمل الوصول إلي‮ ‬توافق سلمي‮ ‬حول هذه المشكلات‮!‬

وتلعب الدولة العبرية علي‮ ‬الجانب الآخر وهي‮ ‬الدولة الوحيدة التي‮ ‬تملك أسلحة نووية وعدداً‮ ‬غير قليل من القنابل الذرية التي‮ ‬خزنتها منذ الدخول فى الميدان العسكري‮ ‬للطاقة النووية منذ قرابة نصف قرن،‮ ‬وهو الأمر الذى ضمن لها التفوق فى هذا الميدان وزيادة نفوذها بالتالي‮ ‬في‮ ‬هذه المنطقة الحساسة من العالم،‮ ‬وتسعي‮ ‬الدولة العبرية إلي‮ ‬الضغط علي‮ ‬حلفائها من الدول الغربية وعلي‮ ‬رأسهم الولايات المتحدة لمحاولة تدمير البرنامج النووي‮ ‬الإيراني‮ ‬أو إفساده كما فعلت قبل ذلك عندما دمرت المفاعل النووي‮ ‬العراقى في‮ ‬أولي‮ ‬مراحل إنشائه‮!! ‬إن الغرب من جهة وانغماس الولايات المتحدة في‮ ‬حربين في‮ ‬أفغانستان والعراق‮ ‬يعرقل الاتجاه إلي‮ ‬استخدام القوة العسكرية ضد إيران فى الوقت الحالى،‮ ‬والاستمرار في‮ ‬المباحثات السلمية لتحجيم البرنامج النووي‮ ‬الإيراني‮ ‬والنفوذ الإيراني‮ ‬المتزايد في‮ ‬المنطقة بوجه عام‮.‬

ومن الواضح للمتابعين للنشاط النووي‮ ‬الإيراني‮ ‬أن إيران ستظل متمسكة بهذا البرنامج وستسعي‮ ‬لزيادة معرفتها النووية السلمية ومراحل تخصيب اليورانيوم،‮ ‬ودورة الوقود النووية واستخدام قدراتها المحلية والاعتماد علي‮ ‬عطائها وعلي‮ ‬وسائل الإيصال من صواريخ

وطائرات متقدمة ممكن أن تستخدم إذا وجدت إيران نفسها مضطرة للاتجاه نحو الاستخدامات‮ ‬غير السلمية للطاقة النووية‮!‬

ودخول أى دولة إلي‮ ‬ميدان الاستخدامات والمعرفة النووية لا‮ ‬يسقط من السماء‮.. ‬يا سادة بل هو النتاج الطبيعي‮ ‬للعمل الجاد والتقدم العلمى والتكنولوجي‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬دولة‮!! ‬وليس بشراء مفاعلات تسليم مفتاح،‮ ‬كما نفعل نحن في‮ ‬مصر‮!! ‬سواء لتوليد الكهرباء أو لغيرها من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية‮.. ‬فكم من دول العالم الثالث شرقاً‮ ‬أو‮ ‬غرباً‮ ‬فشلت في‮ ‬الدخول لهذا الميدان عندما أغفلت الحصول علي‮ ‬المعرفة وعلي‮ ‬التحكم في‮ ‬قدراتها وعلي‮ ‬ضمان وجود هذه القدرات تحت سيطرتها وتحت اياديها‮.. ‬ولا ريب أن الخطوات التي‮ ‬قامت بها إيران منذ قررت الدخول في‮ ‬هذا الميدان دليل واضح علي‮ ‬هذا الزعم‮.‬

وتسعي‮ ‬إيران علي‮ ‬الجانب الآخر إلي‮ ‬تدعيم دورها الإقليمي‮ ‬في‮ ‬منطقة الشرق الأوسط وفى منطقة الخليج علي‮ ‬وجه الخصوص‮.. ‬وعلي‮ ‬الرغم أن هذا الدور المتزايد لإيران‮ ‬يقلق جيرانها لعدم وضوح أهدافه وطموحاته،‮ ‬إلا أن ازدياد التواجد الأمريكى من جهة والتصريحات العدائية لبعض دول المنطقة ضد إيران،‮ ‬خاصة الدولة العبرية،‮ ‬جعل من البرنامج النووي‮ ‬الإيرانى هدفاً‮ ‬لعدد‮ ‬غير قليل من القوي‮ ‬الدولية والمحلية‮.. ‬ولقد كشفت المستندات التي‮ ‬أذاعها أخيراً‮ ‬موقع‮ »‬وكيليكس‮« ‬الذى حصل على عدد‮ ‬غير قليل من المراسلات الأمريكية حول منطقة الشرق الأوسط وسياسات بعض دولها واتجاهات الدولة العظمي‮ ‬إزاء إيران وسياستها النووية التي‮ ‬تزداد تطوراً‮ ‬مع مرور الوقت ومع استمرار عقد اجتماعات بين الدول الست من جهة،‮ ‬كما حدث فى جنيف أخيراً‮ ‬أو في‮ ‬تركيا مستقبلاً،‮ ‬فمن المتوقع أن الجانب الإيراني‮ ‬والدول الكبري‮ ‬لن تجد أمامها سوي‮ ‬الوصول إلي‮ ‬تفاهم‮ ‬يحقق لإيران أهدافها الوطنية والنووية من الحصول علي‮ ‬المعرفة النووية والتحكم فيها ويحقق للمجتمع الدولى والإقليمى،‮ ‬علي‮ ‬الجانب الآخر،‮ ‬اطمئنانه وقبوله للدور الإيرانى فى المنطقة والتعاون معها كما حدث في‮ ‬كثير من الحالات السابقة التي‮ ‬دخلت فيها أحد اللاعبين الجدد إلي‮ ‬النادى النووي‮ ‬واحتلال مكان‮ ‬يتناسب مع قدرات هذا القادم الجديد‮!‬

وطالما أن القدرات النووية لدى كثير من دول العالم تلعب دوراً‮ ‬أساسياً‮ ‬في‮ ‬عالم اليوم فإن الصراع بين إيران هذا القادم الجديد والدول الغربية سيصل إلي‮ ‬بر الأمان عن طريق التفاوض لا عن طريق الحروب كما ترغب بعض جيرانها‮!‬