رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة والبلطجة وأسلوب الحكم

رغم النجاحات الواضحة التي حققتها ثورة 25 يناير وتمكنها من إسقاط النظام الاستبدادي الفاسد الذي ظل متحكما في مستقبلنا لفترة طويلة إلا أن هذه النجاحات لم تصمد طويلا أمام محاولات فلول النظام في إفشال هذه النجاحات وإشاعة الفوضي الهدامة التي تعصف بما تحقق من تقدم ومن الخروج من هذه الدائرة المفرغة!!

والثورات في كثير من الحالات تسقط في هذه الدوامة من السلبيات إذا لم تكن متيقظة لها وحذرة من عواقبها!! ويرجع ذلك الي المحاولات المتكررة من جانب القوي السابقة لاسترجاع نفوذها ومواقعها علي الساحة الوطنية، ولا ريب أن عمليات التغيير والتطوير التي جاءت بها الثورة قد أثارت الكثير من العداءات من جانب فلول النظام السابق ودفعها الي هذه المحاولات المتكررة للعودة مرة أخري الي مواقفها السابقة وإلي نفوذها الذي كاد يضيع منها.
وإن كان من الطبيعي أن تصاحب بعض الثورات في مراحلها الأولي التي يشتد فيها عودها مراحل من الفوضي وعدم الاستقرار وظهور عناصر من فلول النظام السابق لإفشالها إلا أن الثورات ونجاحها في التنفيذ الي الأفضل وإلي مراحل أكثر إشراقا هو الأقوي.
ولم يكن مستغربا أن تظهر علي الساحة المصرية بعد نجاح الثورة في مراحلها الأولي هذه العناصر من البلطجية التي تستخدم القوي الفاشلة من صراعها للبقاء.
وما يدعو للاستغراب هذه العناصر السلبية التي تسعي جاهدة الي العودة بالثورة الي الوراء والقضاء علي المكاسب الأولي لهذه الثورة في محاولة واضحة لإفشالها ولعل ما شاهدناه خلال الشهور القليلة الماضية من محاولات لإشاعة الفرقة بين صفوف الثورة وبين القائمين عليها سواء كان ذلك في صورة فوضي هدامة أو خلافات فئوية أو منازعات طائفية لدليل واضح علي هذا الزعم.
ولن تستطيع تلك العناصر أن تحقق أهدافها طالما أن قوي الثورة واعية لهذه التحركات
وقادرة علي مواجهتها والتغلب عليها.
ومن الغريب أن تلاحظ هذه السلبية التي تسيطر علي مواقف حكومتنا السنية أو علي مواقف القيادة السياسية ازاء المشكلات والسلبيات التي تحيط بنا وقد تؤدي عدم مواجهتها علي العودة بنا مرة أخري الي الوراء.
وتعتمد الثورات في تحركاتها الي الأمام علي عناصر أساسية أولها حسن الإدارة والتمسك بالقواعد والمبادئ التي تضمن للمجتمع تحقيق أهدافه في الاتفاق المجتمعي علي الخطوات التي تكفل للمجتمع تقدمه وازدهاره ولقد تعرضت الثورة المصرية بعد نجاحها في مراحلها الأولي للعديد من الانتكاسات وعلي رأسها إشاعة الفوضي الهدامة التي واكبت الانفلات الأمني غير المألوف والارتباك الحكومي الذي صاحب تحركات الحكومة الحالية طوال هذه الفترة والتشابك في المسئولية بين المجلسين القيادي والعسكري من جهة والحكومة من جهة أخري الأمر الذي أوجد هذا الفراغ الأمني وهذا الارتباك في إدارة شئون البلاد..
وساعدت الخلافات الطائفية التي زادت حدتها أخيرا خاصة بعد زيادة نشاط التيارات الدينية التي ظهرت علي الساحة من جديد وتكوين عدد من الأحزاب الدينية والسلفية والإسلامية المتطرفة التي أشاعت ببرامجها واتجاهاتها حدة الاحتكاك في المجتمع ومع الطوائف الأخري وعلي رأسها شركاؤنا في الوطن من التجمعات المسيحية والقبطية.
ولم يكن مستغربا أن تظهر في مجتمعنا هذه الموجات من الفوضي والخروج علي القانون وظهور «البلطجة» بصورها المختلفة في الشارع المصري بعد هذا التدهور الذي صاحب بدايات الثورة وتعطل الإنتاج وتوقف عدد غير قليل من مصانعنا ومن نشاطنا الاقتصادي بدلا من زيادة الإنتاج والاتجاه الي إعلاء شأن الوطن

بعد هذا النجاح غير المتوقع لثورتنا الشابة التي اندلعت في 25 يناير الماضي.. وزادت بطبيعة الحال مظاهر التسيب في المجتمع بعد هذا الفشل في استعادة الأمن والأمان للشارع المصري وازدياد المطالب الفئوية والاحتجاجات المتكررة لزيادة الأجور ورفع مظاهر الفرقة والإجحاف بكثير من طبقات الشعب المختلفة التي وجدت أن الثورة بعد نجاحها قد أتاحت لها فرصة لا تعوض للمطالبة بحقوقها وتحقيق آمالها وأحلامها.
ولقد ساعد فقدان الحكومة والسلطة الحاكمة الي وضوح الرؤية أمامها خاصة في هذه الفترة الانتقالية ما زاد «الطين بلة» كما جاء في أمثالنا الشعبية!! فزاد الانفلات الأمني وزادت أحداث الاعتداءات علي الغير ولم تعد السلطة الحاكمة قادرة علي محاسبة الخارجين علي القانون أو المفسدين الجدد الذي زادت مظاهر تواجدهم علي الساحة الوطنية.
ولن تستطيع الدولة استعادة هيبتها أو العودة بالمجتمع الي حالته الطبيعية إلا بتطبيق القانون واحترامه وإيقاف مظاهر الفوضي الهدامة التي تهدم الدول وتقضي علي مستقبلها وآمالها وطالماأن الأمر لم يعد بعد إلي أوضاعه العادية من جهة وعدم تماسك المجتمع واستقراره ستظل هذه الفوضي ومظاهر البلطجة قائمة الأمر الذي  يعرض المجتمع الي مخاطر كثيرة وإلي احتمالات واضحة لنجاح مخططات إفشال الثورة الذي يسعي فلول النظام السابق والفاقدون لمصالحهم وسلطاتهم الي تحقيقها!!
إن المجتمعات يا سادة لا تتقدم بالفوضي أو التناحر بين فئات المجتمع المتعددة بل تقوم بالعمل الجاد والمحافظة علي القواعد والمبادئ التي انتفض المجتمع في ثورته لتحقيقها والتضحية بالمصالح الخاصة والمجتمعية المتعددة في سبيل اعلاء شأن الوطن ومصالحه! والمجتمع المصري الذي عرف عنه طوال التاريخ الذي صنع الثورات والحضارات قادر علي الوصول الي أهدافه وإلي تحقيق مصالحه وإن طال أمد ذلك!! وعمر الثورة ياسادة لم يتعد العام بعد وهي فترة قصيرة في تاريخ الثورات إلا أن الخطوة التالية للأمام لن تتحقق بالأحلام والآمال بل بالجهود والعمل  والتعاون بين فئات الشعب المختلفة فهل نحن قادرون علي تحقيق آمالنا وإنجاح ثورتنا أم أننا سنجد أنفسنا في حالة من الضياع ومن السلبية التي قد تقضي علي ما حققناه بعد أكثر من نصف قرن من جهد ومن محاولات للوصول بالمجتمع الي مستقبل أكثر إشراقا وأكثر تقدما.. هذا هو التساؤل!!