رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الضرائب تنزع غطاء الأمان عن البنوك

بوابة الوفد الإلكترونية

لم تنجح الأزمة المالية العالمية في عام 2008 رغم قسوتها في اهتزاز الكيان المصرفى المصرى، وذلك نظراً لوجود درع البنوك الواقى من الأزمات والمتمثل في المخصصات التي يتم تحديدها لمواجهة الالتزامات الواقعية للحفاظ على سلامة الجهاز المصرفى ضد حالات التعثر

وجاء مجلس الشوري باقتراح مقدم من أحد ممثلي حزب الحرية والعدالة لينجح فيما فشلت فيه الأزمة المالية العالمية، ويوافق المجلس علي إخضاع مخصصات البنوك للضرائب، بإلغاء الفقرة الأولى من البند 2 بالمادة 35، التي تنص علي إعفاء مخصصات البنوك من الضرائب. واستند المجلس في قراره بأنه لا يتم تحصيل ضرائب من البنوك علي المخصصات التي تضعها لسداد الديون المعدومة بسبب مبالغتها في وضع المخصصات، وهي ما وافقت الحكومة عليه، حيث قال ممثل الحكومة إن المخصصات لا تعد تكاليف حقيقية، وأن القانون ينص علي أن 80٪ من المخصصات لمواجهة القروض!!

المفاجأة أن مثل هذا القرار يتم تمريره بدون مناقشته مع ممثلي الجهاز المصرفى وعلي رأسهم البنك المركزي المسئول عن تحديد تلك المخصصات البنكية، وذلك رغم ما تمثله تلك المخصصات من أهمية بالغة كغطاء أمان للبنوك في مواجهة أي تعثرات للسوق والعملاء، كما حدث في السنوات السابقة من قدرتها علي تدعيم الجهاز المصرفي المصرى، مما أسهم في قوة الوضع المالي للبنوك، ودعم الاقتصاد المصري، حيث تهدد تلك الضريبة برفع التكلفة داخل الجهاز المصرفي بشكل كبير، وتحمل أعباء الديون المتعثرة، مما يمثل عبئاً كبيراً علي البنوك، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها كل المؤسسات حالياً.

ويواجه حالياً الجهاز المصرفي حالة من الارتباك الشديد لدخوله في صراع جديد بين السياسة المالية والسياسة النقدية، والتي تقودها الحكومة بمبدأ الحصيلة أولاً، والبحث عن موارد إضافية للخزانة من خلال الضرائب دون النظر إلي خطورة هذه الضريبة علي الكيانات الاقتصادية في ظل الوضع الراهن علي المدي القصير والبعيد، لتمثل تلك الضريبة علي المخصصات شبكة ضريبة تحاصر المؤسسات البنكية تتكون من ضريبة الدخل وضريبة الدمغة والضريبة علي المبيعات.

موقف مصلحة الضرائب من هذا التعديل وإخضاع مخصصات البنوك للضريبة يعتمد علي مبدأ تحقيق المساواة والعدالة بين البنوك وشركات الأموال، حيث إن الضرائب كانت تعترف بمخصصات البنوك، أما مخصصات الشركات فكانت يتم رد قيمتها للوعاء الضريبى لها عند حساب قيمة الضرائب المستحقة علي أرباحها، وتري المصلحة أن المخصصات ليست تكاليف ولا مصروفات وإنما هي توزيع للربح، أما الذي يعتبر تكاليف واجبة فهي المبالغ التي يتم استخدامها في الغرض الذي خصصت من أجلها، فالقروض المعدومة تعد من التكاليف وتخصم من الوعاء الضريبى، حيث إن المخصص بمجرد تكوينه لا يعد من التكاليف واجبة الخصم، وأن استبعاد المخصصات لا يؤثر علي البنوك بقدر ما يؤثر علي الضريبة!!

ورداً علي هذا الموقف من المصلحة يؤكد المحاسب القانوني أشرف عبدالغني رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن هناك فارقاً كبيراً بين مخصصات البنوك ومخصصات الشركات والكيانات العادية، موضحاً أن مخصصات الشركات تتم بناء علي رؤية إدارة كل شركة وموقفها المالي الخاص، في حين أن مخصصات البنوك ذات طبيعة خاصة، حيث يتم تكوينها لمواجهة أي نوع من الأزمات المصرفية التي تضر بمنظومة الاقتصاد الكلي والحفاظ علي أموال المودعين، وذلك بناء علي تعليمات وضوابط البنك المركزي باعتباره الجهة المهيمنة علي البنوك رقابياً وإجرائياً.

واعترض «عبدالغنى» علي اعتبار أن البنوك تقوم بالمغالاة في تكوين المخصصات لتجنب العبء الضريبة، مشيراً إلي أنه ليس من المنطقي أن يخفض البنك أرباحه ومنع توزيعها علي الإدارة والمساهمين من أجل تكوين حجم أكبر من المخصصات، حيث إنه لن تقبل أي جمعية عمومية للبنوك بهذا الإجراء، وبالعكس فإن من مصلحة إدارة البنك تقليل المخصصات وزيادة حجم صافي الربح القابل للتوزيع علي المساهمين ومجلس الإدارة والعاملين، كدليل علي نجاح الإدارة في تحقيق أهداف الجمعية العمومية، وأشار

إلي أن هناك اختلافاً دائماً بين البنوك حول تقليل المخصصات وليس زيادتها للخروج من الوعاء الضريبى، وبالتالى أن تقليل المخصصات يصب في صالح جميع الأطراف.

وحذر رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية من مخاطر استمرار سياسة الجباية علي النشاط الاستثمارى، موضحاً أن الأثر العاجل لزيادة الحصيلة سيكون له آثار سيئة علي المدي البعيد بالنسبة للاقتصاد الكلي، وأشار إلي أن المعالجة الضريبية للمخصصات وفقاً لقانون الضرائب تتم علي أساس أنه بمجرد انتفاء الغرض من تكوين المخصص يرد إلي صافي الربح ويخضع للضريبة في السنة التالية، وعليه تحدث نتيجة مباشرة في زيادة الحصيلة، أما إذا حدث تعثر حقيقي لمقترضين سيتم استخدام المخصص في الغرض المكون من أجله وحماية الاقتصاد من الأزمات، وفي هذه الحالة لن يكون هناك تأثير علي زيادة الحصيلة الضريبية من إخضاع المخصصات للضريبة، وأشار إلي أن أصعب قرار يمكن للبنك أن يتخذه هو اعتبار الدين معدوماً، وبالتالى استخدام المخصص لإعفائه من الضريبة.

ومن جانبه أكد المحاسب القانوني والخبير الضريبي عادل بكري أن الحكومة اعتمدت في التعديل بشأن إخضاع المخصصات البنكية للضريبة علي أن مخصصات البنوك تصل إلي نحو 50 مليار جنيه، وأن فرض الضريبة علي هذا المبلغ بنسبة 25٪ قد يزيد من الحصيلة الضريبية بنحو 10 مليارات جنيه. وشدد علي أن هذا الفكر غير سليم ولن يتحقق، موضحاً أن حوالي 90٪ من هذه المخصصات يتم استخدامها، وما يتبقي منها يخضع للضريبة في العام التالي.

وانتقد «بكري» فرض الضريبة علي مخصصات البنوك بهذا الشكل المفاجئ، وعدم عرض هذا التعديل علي ممثلي الجهاز الضريبي والمصرفي خلال مراحل الحوار المجتمعي التي شهدت مناقشة تعديلات ضريبة الدخل قبل عرضها علي مجلس الشورى، مؤكداً أن هذا الإجراء يثير الشك في جدوى التعديل ويقضي علي نتائج الحوار المجتمعى بالكامل.

ويفسر المحاسب القانونى يسرى فتحي آثار إلغاء إعفاء مخصصات البنوك علي الحصيلة الضريبة، موضحاً أن هذا التعديل سيكون تأثيره علي الحصيلة محدود ووقتى، وأوضح أن دائماً ما يكون المستخدم من مخصصات البنوك يتراوح بين 60٪ و70٪، وأشار إلي أنه من الناحية العملية فإنه لا يتم استخدام كامل المخصصات ويتبقى منها 10٪ فقط وليس الـ 80٪ كما تم الترويج لهذا في مجلس الشورى، مما يعني أن الحصيلة المتوقعة منه محدودة للغاية، وفي المقابل قد تلجأ البنوك لعدم تكوين المخصصات مما يعرضها لأزمات مالية وعدم ضمان حقوق المودعين، وقد يدفع البنوك إلي عدم منح قروض إلا في الحالات عديمة المخاطر وستبتعد عن المشروعات الجديدة وخاصة الصغيرة والمتوسطة.