رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قراءة فى التقارير الدولية.. تنبؤات «نوسترادموس» للاقتصاد المصري

البنك المركزى المصري
البنك المركزى المصري

ميشيل دى نوسترادموس مُنجم فرنسى شهير عاش فى القرن السادس عشر وأصدر كتابا بعنوان « النبوءات» قيل ان بعض منها تحقق بالفعل فى القرن العشرين. وبغض النظر عن صحة الأسطورة فإن استدعائه لقراءة مستقبل الاقتصاد المصرى ينبغى أن يستند على منهج علمى، يعتمد التقارير الدولية والقراءات الإيجابية ومقارنة المؤشرات الكلية السابقة بالحاضرة.

الناس فى بلادى يتساءلون : هل سيظل الانكماش حاكما؟ هل يبقى الغلاء عنوانا للسنوات القادمة؟ ومتى يشعر الناس بالتعافي؟ ومتى ينجح الاقتصاد بالفعل فى توفير فرص عمل، ورفع مستوى المعيشة، وتحسين ظروف الحياة ؟ وتحقيق تنمية حقيقية فى الاستثمار والأعمال والمشروعات؟

تقارير عديدة وضعت رؤاها وتصوراتها حول اقتصاد مصر فى الآونة الأخيرة ربما أبرزها تقارير مؤسسات عالمية مثل البنك الدولى، مجلة الإيكونوميست، بنك ستاندرد تشارترت البريطانى، مؤسسة بلومبيرج، ومؤسسات محلية غير حكومية ومتطورة مثل بلتون، وفاروس.

الإتفاق العام بين التقارير الدولية والمحلية يتركز فى حدوث تقدم جيد فى الاقتصاد المصرى خلال 2018 مقارنة بسابقيها وإن كانت اختلافات وجهات النظر تدور حول السؤال الأهم إن كان ذلك التقدم كافيا للوصول إلى نتائج إيجابية أم أنه مسافة فى طريق طويل قد يمتد عدة سنوات.

لكن المُبشر أن هناك شبه إتفاق أن مصر قطعت الشوط الأطول فى برنامج الإصلاح الاقتصادى وأن الإجراءات المتبقية لن تمثل ضررا بالغا على الطبقة الوسطى كما كان فى بدايات البرنامج.

مُعدل النمو كان مؤشرا هاما لدى الجميع وكان من الجيد أن يرتفع معدل النمو المتوقع للاقتصاد المصرى لدى البنك الدولى إلى 5.8%، وكان قد وصل إلى أدنى معدل له خلال العام المالى 2013ـ 2014 عندما بلغ 1.8 % غير أن اقتصاديين دوليين يرون أن وضع الاقتصاد لا يُمكن أن يكون مبشرا إلا عندما يتجاوز معدل النمو الـ7 % وهو ما تسعى مصر إلى تحقيقه قبل 2022.

مُعدل التضخم هو الآخر كان محل اهتمام، وهو المؤشر المعبر عن مستوى الغلاء وقد وصل ذلك المعدل إلى أعلى درجاته فى منتصف 2017 متأثرا بتحرير سعر الصرف وزيادة أسعار الوقود ليسجل 35 % وهبط بنهاية عام 2018 إلى 15.6%، غير أن هناك تباينا واضحا بين التقارير حول توقعات المؤشر فى 2019 ففى حين توقعت بلتون فى تقريرها الصادر فى ديسمبر الماضى ارتفاع معدل التضخم بنحو 3.5 % بسبب تحرير سعر بنزين 95، بما يعنى صعوده إلى نحو 18 % فإن مؤسسة فاروس توقعت أن يهبط المعدل إلى 14.3% خلال 2019و2020 ثم يهبط بعد ذلك إلى 10 %.

أما مؤشر البطالة الذى انخفض من 13 % فى 2017 إلى نحو 10 % فى 2018 فإن التوقعات تشير إلى حدوث انخفاض محدود فى المؤشر ليهبط إلى نحو 9 %.

ويرى البعض أن التحسن الحادث فى المعدل يفوق كثيرا الانتقال من 13 إلى 10 % لسببين الأول أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت عودة كثير من العمالة المصرية فى الخليج،

ما يعنى أن سوق العمل ازداد متعطلين قادمين من الخارج.

أما السبب الثانى فهو أن هناك كثيرا من المُسجلين باعتبارهم متعطلين عن العمل يعملون فى حقيقة الأمر، لكن بشكل غير دورى فى أعمال غير منظورة وبدون تأمينات اجتماعية من خلال القطاع غير الرسمى.

وهناك مؤشر مهم هو عجز الموازنة والذى سجل 9.6% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى عام 2018 ـ2019 ومن المتوقع أن ينخفض إلى 7.7% بنهاية العام المالى 2019ــ2020، ووفقا للتوقعات ذاتها فمن المتوقع أن يتراجع صافى الدين الحكومى من 100% فى العام المالى الأخير إلى نحو 89.6 % فى العام المالى الجديد وهو ما يعبر عن تحسن كبير فى التعامل مع الدين.

وتشير قراءات التقارير الدولية إلى توقع أن تسجل إيرادات السياحة ارتفاعا واضحا لتصل إلى 11.1 مليار دولار، كما يتوقع تحسن الميزان التجارى النفطى نتيجة توقف استيراد الغاز نهائيا خلال 2019

كذلك فإن برنامج الإصلاح الاقتصادى سيقود تسجيل فائضًا أساسيًا أفضل من المقرر فى الموازنة العامة (2.4% من الناتج المحلى الإجمالي)، إلا أن العائدات المرتفعة لاذون الخزانة ستستمر فى التأثير على أهداف عجز الموازنة العمومية.

وتوقعت التقارير أن تحقق الإيرادات الضريبية نسبة نمو بنحو 34% لتسجل نحو 750 مليار جنيه بنهاية العام.

أما سعر صرف الدولار فإن هناك تقديرات مبدئية تشير إلى أنه قد يشهد تحركا طفيفا رغم وجود إلتزامات دولارية للديون الخارجية خلال العام، إلا أن تحقق وفورات من انخفاض دعم الوقود، وتوقف استيراد الغاز مع ارتفاع إيرادات السياحة سيساهم فى ألا يتجاوز السعر حاجز الـ19 جنيها على أسوأ تقدير.

والخلاصة فإننا نسير بشكل جيد جدا مقارنة بالسنوات الماضية، وأن المقارنة تثبت أن برنامج الإصلاح الاقتصادى ناجح، وان المؤشرات تشهد تحسنا يوما بعد الآخر، غير أن التساؤل المنطقى مازال مطروحا إن كان ذلك النجاح كافيا وكفيلا أن يشعر به المواطن العادى أم مازال هناك طريق طويل يستلزم المزيد من الصبر والتفهم؟