رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : موكب الفراعنة.. أكبر من حفل وأعظم من ترويج

من حقنا أن نفتخر ببلادنا، فما شهدته مصر يوم السبت الماضي، يؤكد أننا قادرون على النجاح والتقدم وإبهار العالم، وأن التخطيط الجيد، والعمل الجماعى يؤدى دوما إلى تحقيق إنجازات عظيمة.
لم يكن مشهد نقل مومياوات الفراعنة المصريين، عملية نقل جثامين 22 ملكا وملكة من متحف إلى آخر، ولم يكن الأمر مجرد حفل غنائى مبهج شارك فيه فنانون موهوبون ومنظمون أكفاء، وإنما كان الحدث هو إحياء شغف العالم بحضارة مصر الخالدة، والترويج للآثار المصرية، وتقديم رسالة قوية للعالم بأن مصر بعد سنوات طويلة من محاربة الإرهاب، مازالت دولة مستقرة آمنة، يمكنها تنظيم احتفالات عامة دون خوف أو قلق.
كذلك، فإن الموكب العظيم يؤكد اهتمام الدولة المصرية بالثقافة والفنون، وإيمان القيادة السياسية بعظمة الحضارة المصرية القديمة ورقيها، وأن تلك الحضارة تمثل واحدة من أقوى البلاد الناعمة، وغير المستغلة بالشكل النموذجي.
وهو أيضا درس عملى على القدرة على الإنجاز السريع، والقدرة على العمل بجماعية والمهارة فى حشد الطاقات وتشبيكها معا، وحسن الإدارة والمتابعة السليمة، والإخراج المبهر الجذاب.
والأعمق من ذلك فى رأيى فهو التأكيد على هوية مصر ذات التنوع الحضارى المتراكم، والذى ساهم فى غرس قيم العدالة والتسامح والحرية فى الشخصية المصرية عبر السنين. لقد كان تجديد الثقة فى التعددية المصرية كان أبرز رسائل الحفل العظيم.
 إن مصر دولة متعددة الثقافات، مستوعبة للحضارات، ومتنوعة الهويات، وانتماءها العربى لا يعنى أبدا خصامها للانتماءات الأخرى، فلا تعارض بين هويات مصر المختلفة، وإنما هى دوائر متصلة تضيف جميعا للمصريين صفات عظيمة وقيم إنسانية نبيلة.
وحسبنا أن نتذكر هنا كتاب المفكر الراحل ميلاد حنا «الأعمدة السبعة للشخصية المصرية» والذى صدر عام 1992، ففيه يرى أستاذ الهندسة المخضرم أن

مصر لها ثلاثة انتماءات تتعلق بالجغرافيا وهى الانتماء العربي، والإفريقي، والمتوسطي، ولها ثلاثة انتماءات تتعلق بالتاريخ هى الانتماء الفرعوني، واليونانى والروماني، والقبطي، والإسلامي.
لقد غيرت مصر لغتها وديانتها أكثر من مرة عبر تاريخها، فكانت اللغة المصرية القديمة بخطها الهيروغليفى ثم تحولت مع دخول الإسكندر الأكبر إلى اللغة اليونانية، ثم تحول المصريون إلى اللغة القبطية بعد دخول المسيحية إلى مصر، وأخيرًا تحولت مصر إلى اللغة العربية بعد دخول الإسلام.
ويؤكد ميلاد حنا أن كل هذه الأبعاد تتكامل معا وتشكل سيمفونية واحدة متناغمة، فعلى الرغم من أن هذه الأعمدة ليست متساوية، لكنها متكاملة وأن إحساس المصرى بها يختلف من شخص لآخر، ومن وقت لآخر وفقا لظروف وبيئة كل شخص وما يعاصره من أحداث.
من هُنا تشكلت شخصية الإنسان المصرى الوسطي، المتسامح، والمنفتح على الآخر، والمتقبل له، والقادر على نبذ التعصب، ومقاومة التطرف، والشعور بوحدة المصريين جميعا.
وقد أكد هذا المشهد الحضارى وما صاحبه من احتفال أن قوة مصر الناعمة من ثقافة وفن وغناء لا تزال صامدة وحاضرة، ورائدة. ولا يزال الحس الجمالى والرقى الثقافى عند المصريين.

وسلامٌ على الأمة المصرية.