عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجحيم الزاحف وكيف نتجنبه؟ (3)

عرضنا في الحلقة السابقة الجزء الخاص من مقال الصحفي الشهير «سيجور هيرش» الذي عرضه الكاتب كوفي كارلوتشي في 6 مارس على موقع إنفرميشن كليرنج هاوس والذي يوضح بالدليل الساطع أن تنظيم القاعدة وعصابة داعش الارهابية ذراعان لأخطبوط واحد خلقته المخابرات الأمريكية بهدف تفتيت دول الشرق الأوسط الى دويلات متعادية على أساس عرقي وديني وطائفي حتى تظل اسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط المتماسكة والقادرة على حماية مصالح الغرب الاستعمارية ورأينا كيف أن ما يسمى جبهة النصر في سوريا وعصابة بوكوحرام في نيجيريا وسرايا القدس في سيناء كلها أذرع لنفس الاخطبوط تحركهما المخابرات الأمريكية كما حركت عصابة الاخوان المسلمين في مصر حتى مكنتها من الوصول مؤقتاً للسلطة في مصر قبل أن تسحقها ثورة الشعب المصري في 30 يونيو سنة 2013 ونستطرد في هذه الحلقة ما فعله الاستعمار الامريكي وحلف الناتو بليبيا كجزء من نفس مخطط تدمير دول المنطقة.

يقول هيرش إن امريكا وشركاءها في حلف الناتو سلموا ليبيا وشعبها عن علم تام وتصميم واضح لتنظيم القاعدة، فرغم الماضي الارهابي والحاضر الموثق بلحاج قابله الساسة الامريكيين وغمروه بالمديح وباستمرار الدعم السياسي والعسكري له، وكان ضمن هؤلاء الساسة الامريكيون السناتور ماكين والسناتور لنذري جراهام اللذين صافحاه وهو واقف فوق أنقاض ليبيا، وكون كلا السيناتورين جمهوري ويساند الارهاب بجانب رئيس أمريكي من الحزب الديمقراطي ومساند بدوره للارهاب يوضح تماما المصالح الخاصة التي تملك وتسيطر على كلا جانبي السياسة الامريكية مستخدمين شعارات متعارضة لارضاء كلا الجانبين بينما يحملان نفس الأجندة، وقد زعمت مصادر الاعلام الامريكية مؤخراً أن بلحاج يقود حالياً عصابة داعش الارهابية في ليبيا، فقد نشرت «الواشنطن تايمز» مقالا عنوانه: «ثائر تؤيده أمريكا يقود الدولة الاسلامية في ليبيا» جاء به: الأخبار الرئيسية من ليبيا تقول إن عبدالحكيم بلحاج القائد السابق للتنظيم المرتبط بالقاعدة والمسمى «المجموعة الاسلامية الليبية المقاتلة»، وأحد كبار اللاعبين في الحملة الامريكية التي اطاحت بحكم القذافي قد انضم الى الدولة الاسلامية ويقود قواتها في ليبيا، وقد أكدت ذلك صحفية الأمن القومي سارة كارتر على «التويتر»، وعلى شبكة فوكس نيوز أكدته المذيعة كاترين هريدج، وقد أعلنت مصادر الاعلام الغربية في نوفمبر من العام الماضي أن العديد ممن يسمون «ثواراً» في ليبيا قد بدأوا في تكوين تشكيلات تحت راية داعش، وقد أذاعت شبكة CNN في مقال عنوان «داعش تصل ليبيا جاء به ما يأتي حرفيا: علم داعش الأسود مرفوع على مبان حكومية وسيارات شرطة تحمل شعار داعش، ويستخدم ملعب الكرة المحلي كساحة لتنفيذ الاعلام علنا، هل يحدث هذا في بلده في سوريا أو العراق؟ لا بل في مدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في ليبيا، فالمقاتلون الموالون للدولة الاسلامية في العراق وسوريا يسيطرون تماماً على مدينة درنة الليبية البالغ عدد سكانها حوالي مائة ألف شخص لا تبعد كثيراً عن الحدود مع مصر، ولا تبعد عن الشواطئ الجنوبية لأوروبا ودول الاتحاد الأوروبي بأكثر من مائتي ميل، ويستغل مقاتلوها حالة الفوضى السياسية لتوسيع رقعة منطقتهم نحو الغرب بسرعة على طول ساحل البحر الأبيض كما أكدت المصادر الليبية لشبكة CNN.
ويعني ذلك أن الساسة الأمريكيين قاموا بدور مباشر في تدعيم داعش في ليبيا، سواء ادعوا أن ذلك كان مصادفة أو عمداً، كما يزعم هؤلاء الساسة الامريكيون أنفسهم بالنسبة لما يحدث في سوريا وما وراءها.
أما تغيير اسم الارهابيين العاملين لحساب حلف الناتو في ليبيا، ومحاولات تدعيم وتسليح تنظيم جبهة النصرة الارهابي التابع لتنظيم القاعدة في سوريا فيعني ببساطة أن نزاعا مسلحا على نطاق واسع على وشك الاندلاع وستجر اليه مصر جارة ليبيا وايران جارة سوريا.
الجحيم الزاحف على وشك الانفجار:
نجحت مصر بصعوبة في الافلات من الخضوع للسيادة الغربية التي استخدمت نفس شبكة الاخوان المسلمين التي زعزعت استقرار سوريا وتحاول تدميرها حالياً، فبعد تحريف مسار الثورة التي اندلعت سنة 2011 باسم «الربيع العربي» قام العسكريون المصريون بالوقوف في وجه الاخوان المسلمين وطردهم من

السلطة بانقلاب عسكري، وقد تحركت حكومة مصر الجديدة بقيادة العسكريين بسرعة خاطفة لسحق الاخوان المسلمين بالداخل، فاعتقلت المئات من أعضاء الاخوان بمن فيهم قادتهم وقدمتهم للمحاكمة وحكم عليهم بالاعدام، ولم تبد الحكومة التي يسيطر عليها العسكريون أي مرونة سواء مع الجماعات المسلحة داخل مصر أو المظاهرات التي دبرتها منظمات المجتمع المدني التي تمولها امريكا وتستخدمها كغطاء تعمل الجماعات المسلحة من خلفه، وقد تم كل ذلك بشكل حاسم مهما كان وصف الاجراءات التي اتخذت، فقد اتخذت لإنقاذ مصر في نفس الصراع الدموي الممتد حالياً في سوريا، وكان فشل «الربيع العربي» الذي نظمه الغرب بسبب سقوط الإخوان المسلمين وما تلاه من عجزهم عن زعزعة الاستقرار داخل مصر بدرجة كافية، وتلا ذلك الظهور الفجائي لداعش في ليبيا المجاورة وقد ارتكبت فظائع بربرية في ليبيا ضد المصريين الموجودين بها، والهدف الوحيد لهذه الفظائع هو اشعال نيران الطائفية داخل مصر، وقد ردت مصر على ذلك بتدعيم القوى العسكرية في ليبيا التي تحارب قوات بلحاج الطائفية المتطرفة التي ترفع راية داعش، كما قامت مصر بضربات جوية داخل ارض ليبيا، وبما أن عملاء حلف الناتو داخل ليبيا يقومون بهجمات جريئة استفزازية ضد مصر فالنزاع يتجه للاتساع جداً، فما ينتظر وهدف كشف وجود داعش في لييا هو موجة عنيفة من الارهاب الذي يدعمه حلف الناتو موجه أساساً للعسكريين المصريين وإذا أمكن الى داخل عمق الأراضي المصرية.
ونقف عند هذه الفقرة من العرض حتى الحلقة القادمة،ولكن قبل أن ننهي هذه الحلقة يستحيل علينا أن نتجاهل تنبيه القارئ الى كيف يدس الاعلام الغربي السم في العسل لإرباك الصورة تماما في ذهن شعوب المنطقة، فالتقرير المعروض رغم إيجابيته الظاهرة في عرض الوقائع، دُس في عرضه سُمان واضحان نختصرهما هنا:
1- زعم العرض أن اسقاط حكم عصابة الاخوان كان بانقلاب عسكري متجاهلاً تماماً الثورة الشعبية الكاسحة في 30 يونيو سنة 2013 التي اشترك فيها أكثر من ثلاثين مليون مصري وكانت أكبر مظاهرة في التاريخ في أي دولة في العالم.
2- يصر الاعلام الغربي عموماً على وصف «الربيع العربي» بأنه صناعة أمريكية، والحقيقة الساطعة تقول إنه كان ثورة شعبية 100٪ تسلل اليها فيما بعد عصابة الاخوان عندما تأكدت من نجاحها بعد أن كانت قد هاجمها بشدة يوم 25 يناير سنة 2011، وساعد تقاعس المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد مبارك عصابة الاخوان في الوصول الى الحكم، حتى قام ابن مصر البار عبدالفتاح السيسي في 3 يوليو سنة 2013 بإصلاح ما فسد وانضم جيش مصر الوطني الى شعبها في ثورته يوم 30 يونيو سنة 2013.

نائب رئيس حزب الوفد