عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مستقبل حزب النور

 

ينص دستورنا الجديد علي حظر قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني.. ومنذ سقوط نظام وحكم عصابة الإخوان الإرهابية، وحزب النور السلفي يعمل المستحيل ليحل محلها في حمل راية الإسلام السياسي.. ووصل الأمر بالحزب الي المغالاة في تأييد ترشيح المشير السيسي للرئاسة وتسخير مقرات الحزب في الدعوة له ووصلت الفكاهة الي إعلان أن تأييد الحزب للمشير جاء بعد عمل «استخارة» أجراها الحزب وجاءت في صالح المشير، وكأن العمل السياسي جزء من العبادات التي تحتاج ممارستها الي «استخارة».

لا يمكن طبعا تحت أي ظرف من الظروف تصنيف حزب النور علي أنه حزب سياسي، فالجمود الفكري في تفسير الدين الذي نراه من آن لآخر علي ألسنة بعض قياداته يكاد يجعل عصابة الإخوان الإرهابية تنظيما ديمقراطيا عصريا بالمقارنة، ولو كنا نحرص علي مستقبل حر ديمقراطي لمصر فيستحيل تماما قبول حزب النور كحزب سياسي مدني علي الساحة السياسية في دولة مدنية مهما بالغ حزب النور في تأييد المشير أو رفع راية الدولة المدنية بجانب شعاره الشهير الذي يضع السيف رمزا له.
وقد نشرت مؤسسة «كارينجي» الأمريكية في 9 مايو تحليلا لكاتبيها عبدالرحمن يوسف ومصطفي هاشم عن مصير حزب النور السلفي نوجزه للقارئ فيما يلي:
يقول الكاتبان إن حزب النور السلفي المصري يحاول الحلول محل الإخوان المسلمين كالقوة الإسلامية السياسية الأولي متجنبا كل الهجمات علي الإسلام السياسي ورغم تأييده للتحالف الذي يقوده الجيش والذي أسقط «مرسي» فإن الحزب الذي هو الجناح السياسي للدعوة السلفية تزداد عزلته وسط مشاعر العداء للإسلام السياسي.. وقد أثبت تأييده للتحالف الحاكم أن ذلك لا يكفي لإزالة شكوك التيار المدني بمصر، الذي رفض مساهمة حزب النور منذ إسقاط حكم الإخوان بل وهدد بمعاملته كما يعامل الإخوان لو خرج عن الصف.
وفي هذه الأثناء فإن التوتر القائم بين الدعوة السلفية وبين الحركات الإسلامية الأخري خاصة الإخوان المسلمين قد وصل الي مرحلة العداء المكشوف. وهذا يجعل حزب النور ومؤيديه معزولين وسط زملائهم الإسلاميين الذين يسمون حزب النور بحزب «الزور» بينما يقول حزب النور إن الإخوان يستحقون ما يحدث لهم.
وقد برز العداء بين حزب النور والإخوان علي السطح عندما انضم الي جبهة الإنقاذ سنة 2013 وانتقدوا الإخوان بقسوة ورد الإخوان بأن هذا الموقف يثبت أن حزب النور غير إسلامي. لقد رأي حزب النور أمامه فرصة لوراثة الإخوان كقائد للإسلام السياسي عن طريق تأييد الانقلاب الذي شنه العسكريون في صيف سنة 2013 وكان ذلك حلقة جديدة من المنافسة الطويلة بين الإخوان والسلفيين علي كسب الأعوام وتقديم الخدمات لهم. لقد اضطرت التحولات السياسية في مصر الدعوة السلفية التي تضم الي جانب حزب النور مؤسسات خيرية وأشباهها من جماعات العمل المدني في محاولة منها لإيجاد تبرير ديني لبعض القرارات المتعارضة مع الرؤية السياسية التي تبنتها قبل الانقلاب، فمثلا خلال أحداث جسيمة مثل المعركة خارج مبني الحرس الجمهوري في 8 يوليو سنة 2013 وسحق الاحتجاجات في رابعة العدوية وميدان النهضة الشهر التالي فإن حزب النور أدان العنف ولكن لم ينسحب من جبهة التحالف الذي يؤيدوه الجيش ويؤكد ذلك أن الحزب كان يحاول الاحتفاظ بمكانه ومساهمته في السياسة مهما كان ذلك مؤثرا في مصداقيته بين مؤيديه من الإسلاميين.
وقد شرحت قيادة حزب النور تأييدها للجيش بأن ذلك وسيلة للحفاظ علي الشخصية الإسلامية وعلي الشريعة عن طريق بقاء الإسلاميين ممثلين في الحكومة.. وقالت إنها إذا كانت قد لجأت لطريق آخر للاقت نفس مصير جماعة الإخوان المسلمين في قيادتها وأعضائها القابعين حاليا في السجون أو المطاردين من السلطات وقد ساعد ذلك التفسير علي شيوع الاعتقاد بأن الدعوة السلفية تستخدم منطقين متعارضين يقبل أولهما النظام المدني السياسي ويتمسك الآخر بالتعبير الإسلامي «المصلحة والمفسدة»، ويعني ذلك أن حزب النور ليس له منطق واحد، فهو يتأرجح بين شعارات متعارضة لتبرير المواقف المتعارضة التي يتخذها الحزب.
وقد قال أعضاء حزب النور السابقون إن رد فعل الحركة السلفية يبين موقفا عمليا جديدا، وبالمثل فقد أيد الإخوان المسلمون المجلس العسكري الأعلي خلال احتجاجات المعارضة في خريف سنة 2011 عند شارع محمد محمود والمباني الحكومية التي بدأت عندما استعمل الجيش والبوليس القوة لإخلاء اعتصام أهالي الشهداء.. وقد أعلنت قيادة الدعوة السلفية أنها ترفض الاحتجاجات شفويا ولكنها لا تستطيع اتخاذ موقف إيجابي لأن الدولة في خطر كما ادعت أن أكبر خطأ كان ما فعله الإخوان المسلمون، الذين اعتبرهم السلفيون سبب تدهور الوضع في مصر، ومع هذا فلم يغير ذلك من موقف الأحزاب المدنية من أن موقف حزب النور كان انتهازيا ولا علاقة له بالتطور الايديولوجي.
كما زاد تأييد الحركة السلفية للحكم العسكري من الانقسامات الداخلية فالانقسام الأول الذي أضعف الحركة أعقب خلافا بين عماد عبدالغفور رئيس حزب النور السابق وبين ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، وأدي ذلك الي انفصال «عماد» وتكوينه حزبا جديدا هو حزب «الوطن» في يناير سنة 2013، فتأييد حزب النور لعسكريين

وهجوم الإخوان علي الحزب وسع الفجوة بين هؤلاء الذين بقوا في الحزب وقد توقف عدد من منشئي الحزب الأصليين عن حضور اجتماعاته مثل الدكتور سعيد عبدالعظيم الذي أعلن قبل 30 يونية أنه يؤمن بشرعية الرئيس محمد مرسي وبقي علي هذا الموقف بعد 3 يوليو، وظهر عدة مرات علي منبر الاحتجاج في رابعة العدوية وكان منذ البداية ضد تأييد حزب النور للعسكريين منذ بدأت الأزمة بين حزب النور والإخوان في يناير سنة 2013.
وكذلك ابتعد الدكتور محمد إسماعيل المقدم عن الحركة السلفية منذ 3 يوليو رافضا أن يظهر في العلن أو يتكلم في السياسة.
وما يدل أكثر علي التشرذم الذي أصاب قيادة الحركة السلفية كان الحديث الديني الذي ألقاه القطب السلفي الدكتور أحمد فريد في مسجد بالأميرية بالإسكندرية في 28 فبراير وقال فيه: «علينا العودة لأصولنا» وأضاف أنه خلال أربعين عاما كنا نريد التركيز علي الدعوة وترك السياسة مع أنه قبل ذلك بأيام قليلة اشترك بنفسه في مؤتمر سياسي لتأييد الدستور الأخير، ومع أن معظم قادة الدعوة السلفية متعاطفون مع هؤلاء المنشقين فإن «برهامي» أقوي شخصية في الدعوة السلفية مستمر في جهوده لإقناع أتباعه أن التنظيم السياسي للدعوة السلفية سيخرج من الأزمة الحالية أقوي مما كان، وقد أرسل «برهامي» تلاميذه وأتباعه في كافة أنحاء مصر لحشد أنصار حزب النور وإقناعهم بحكمة أن يدينوا شفهيا استعمال العنف مع الإخوان بينما يقبلون ذلك في سكون عن طريق تأييد النظام العسكري، ويشمل ذلك تأييد النور مؤخرا لترشيح عبدالفتاح السيسي للرئاسة ودعوة أتباعهم للتصويت له.
ولكن رغم محاولات «برهامي» فهناك صعاب كبيرة تواجه الدعوة السلفية في محاولاتها تنشيط أتباعها فالدعوة تحاول إثبات وجود قوي خلف جهود «برهامي»، مركزه جهودها لأن تقبل الدولة والعسكريون استمرار الدعوة السلفية في نشاطها الاجتماعي والخيري والدعوي حتي تتمكن من الحلول محل الإخوان عن طريق بناء شبكة قوية للخدمات الخيرية والدعوة الدينية وفد أنشأت الدعوة السلفية شبكة جديدة للخدمات وأسواقا باسمها، وبذلك يقدم حزب النور والدعوة السلفية بديلا لتنظيم الإخوان الذي ألغيت شرعيته ويكون بديلا توافق عليه الدولة حاليا علي الأقل.. وتوجه الدعوة السلفية جهودها مستغلة هامش الحرية المتاح، رغم عدم ثقتها في قدرتها علي الاحتفاظ بسيطرتها علي أتباعها بينما تستمر في ممارسة اللعبة السياسية بقواعدها المعروفة، ومحاولة السلفيين الحلول محل الإخوان يعرض الحركة السلفية لخطر مواجهة نفس مصير الإخوان.
وبتراجع الإخوان الي حد كبير تصبح الحركة السلفية عدو الأحزاب المدنية في المستقبل، لن يكون هذا وضعهم مع العسكريين في المدي القصير لأن النظام العسكري محتاج لدعم الحركة السلفية له، ولكن ربما يعيش زواج المصلحة بينهما حتي الانتخابات الرئاسية ولكن الدعوة السلفية ستستمر في التشرذم من الداخل وسيكون عليها مواجهة أثر الدستور الجديد الذي تنص مادته 74 علي خطي قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني فإذا قامت القوي المدنية بتفعيل هذه المادة فسيلقي حزب النور والدعوة السلفية مصير الإخوان.
وإلي هنا ينتهي عرض الكاتبين للتنبؤ بمصير حزب النور، ولا نظننا في حاجة لتكرار ما ذكرناه في صدر هذا المقال من أن إضفاء صفة الحزب السياسي علي حزب النور فيه استخفاف بعقول المواطنين ومخالفة صارخة لأحكام الدستور المدني الذي أنقذ مصر من السقوط في مستنقع الفاشية الدينية.


نائب رئيس حزب الوفد