رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بلاهة إعلامية

يبدو أن الإعلام المصري لم تصبه رياح التغير التي عملت على تجميل أمور كثيرة شوهها نظام الرئيس السابق، بل لم يتعلم إعلاميو مصر من أخطاء الماضي، فعلى نفس الوتير الساذجة ضربت بين كافة وسائل الإعلام نبرة موحدة مفادها أن الثورة ليست للشباب وحدهم، بل ثورة الجميع، ولا أعلم إلى الأن ما هو الهدف من تسويق هذه الفكرة، إلا أن فجاجة التعاطي مع ترسيخ هذا المفهوم هو ما شد انتباهي، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار تبني هذا المفهوم من قبل بعض وسائل الإعلام والإعلاميين ممن نثق فيهم وفي نزاهتهم إلى الأن.. وحتى لا يساء الفهم، فالثورة نجحت بالشباب بكافة طوائفهم وتياراتهم الفكرية ووطنيتهم أولا وأخيرا، وهي الأن للجميع، ومن حق الجميع ان يشارك في الفرحة وإكمال مسيرة الثورة التي بدأها الشباب.

ملاحظات كثيرة غير مريحة من الممكن ان نرصدها بين وسائل الإعلام، فبخلاف الترويج لمفهوم الثورة للجميع، لم تتطرق أي وسيلة إعلامية عن كتائب الأمن المركزي، وكأنها تبخرت وذابت ولم يعد لها وجود.. أكثر من 300 ألف جندي وضابط على مستوى الدولة تبخروا تماما، وتحديدا بعد معركة الجمل؟!

وإذا ما انتقلنا إلى المحرمات التي تخجل وسائل الإعلام الحديث عنها، أو قد تكتفي بعضها - أحيانا قليلة - بالإشارة إليها من بعيد.. جهاز أمن الدولة وقياداته، ولعلنا نذكر جميعا حديث بلال فضل لمنى الشاذلي في برنامج العاشرة مساء عبر الهاتف عقب اجتماع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي أكد فيه إقالة رئيس جهاز أمن الدولة، فكررت عليه السؤال، فأكد لها المعلومة والمنقولة على لسان مسؤولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وانتشر الخبر سريعا، لكن سرعان ما كذبته منى الشاذلي ونفته نفيا قاطعا بعد نحو عشرة دقائق.. ومن بعد هذه الواقعة لم تلمح أي من وسائل الإعلام إلى أمن الدولة.

لكن ما السبب وراء تجاهل أجهزة الإعلام لأمن الدولة؟.. ومن قبل ذلك لماذا لم يتحدث المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن هذا الجهاز على الرغم من مطالبة جميع أفراد الشعب بحل هذا الجهاز أو على أقل تقدير إعادة تأهيله ليصبح بالفعل أمنا للدولة ؟!

أضف إلى ما سبق واقعة إشعال الحريق في مبنى يستخدم لتخزين الأدلة الجنائية بالقرب من وزارة الداخلية، وإشعال النيران في ست سيارات خارج مقر وزارة الداخلية، والتي نسبت إلى عدد من رجال الشرطة المفصولين والمطالبين باستعادة وظائفهم، وهو سبب غير مقنع للكثير منا، فكيف يطالب موظف ما بالرجوع لعمله بعد فصله لسبب اخلاقي أو تقصير في أداء مهامه، او حتى خيانة الأمانة، ويثبت للجميع أنه فعلا معدوم الأخلاق، ومقصر، وخائن للأمانة؟!

أمر آخر تروج له وسائل الإعلام حاليا، وهو تأكيد جدية رئيس الوزراء في الانتقال بمصر إلى مرحلة جديدة، والعمل ليلا ونهارا لتحقيق التغيير، ولا مانع هنا من الإشارة إلى أن الشعب بدأ يلمس فعليا التغيير، ويكفينا أننا نتنسم الأن رحيق الحرية.. ولا نقصد هنا الإساءة

للفريق شفيق من قريب أو بعيد، فنتائجه لم تظهر بعد، ومن غير الإنصاف الحكم عليه بعد ثلاثة أسابيع فقط من توليه مهام رئاسة الوزراء، لكن ما تحاول وسائل الإعلام الدفع به وترسيخه بين الناس يسير في الاتجاه المعاكس تماما للثوار الشباب الأشراف، فهم يطالبون برحيل رئاسة الوزراء بمن فيها من وزراء، باعتبار أن الفريق شفيق أدى القسم في عهد مبارك، ومن ثم فهو من بين أفراد النظام السابق، ولابد أن يذهب معه، ولا ينبغي وجود أي من أعوانه أو حتى من عينهم كوزراء حتى من نثق بهم.

أمر أخير أشرنا إليه من قبل في كتابات سابقة.. مثلث الرعب.. فبعد أن كانت هناك حملات إعلامية مكثفة فور تنحي الرئيس عن فتح الملفات المتخمة بالفساد لصفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور ورائحتها التي أزكمت الأنوف، عاد الهدوء في تناول هذا الأمر، على الرغم من قناعة الشعب بأكمله، بل والأمة العربية بأنهم من وقفوا وراء النظام الفاسد في عهد الرئيس السابق، ونهبوا واستباحوا أموال الشعب، وأنهم وراء مخططات قذرة كثيرة من بينها إجهاض ثورة يناير، والوقوف وراء الأعمال الإجرامية التي راح ضحيتها عدد كبير أبناء هذا الوطن.

خلاصة القول.. هل نعيش حاليا حالة من التغييب المتعمد عن أمور ما تدار حولها معارك خفية لا نعلم عنها شيء، قد يكون التغييب هنا لدواعي أمنية للحفاظ على استقرار البلاد، أو أن المعارك الخفية التي نعتقد أن لأمن الدولة دور رئيسي بها صعبة لدرجة لا يمكن الإعلان عنها حاليا.. نحن نثق في المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. لكن ما يخيفني حاليا هو السذاجة الإعلامية التي تنبع من نفس البلاهة الإعلامية في النظام السابق للترويج لأمر ما، والتي كان لها دور رئيسي فيما وصلنا إليه من فساد وضلال في شتى مناحي الحياة.. فهل سيستمر الإعلام المصري على نفس وتيرته السابقة.. أم يحتاج هو الآخر إلى ثورة غضب ليفيق من غفلته؟

[email protected]