عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد فؤاد شاكر وحياة حافلة في نشر الدعوة

إن هذه الامة الشريفة رفعها الله بعلمائها المخلصين الذين يجددون للامة امر دينها ويتثبتون بالحق ولاتأخذهم مباهج الدنيا ولا زخارف القول وانما لسان حالهم قوله صلى الله عليه وسلم ( ماتصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر ) من هذا المنطلق اجدني في  حالة من الحزن

  حيث فقدت منذ ايام الأمه الاسلاميه الدكتور محمد فؤاد شاكر الذى وافته المنية عن عمر يناهز 60 عاما، فى القاهرة 26/10/2011 بعد صراع مع المرض.
ولا يسعنى في هذا المقام الا ان اذكر هذا الرجل الخلوق الذي تشرفت بمعرفته شخصا وفكرا، فعندما ترى شخصة رحمه الله تلمح سمت العلماء الصالحين وبهاء الطاعة وتواضع الشجرة المكتنزة خيرا ، وابتسامته فضيلته تكشف عن نفس صافية ومحبة للناس ، فلا يمر الوقت الا وتجد محبة عظيمة متبادلة فقد وضع الله له القبول في الارض .
واذكر انى قد كنت سمعت عنه  قبل لقائي به رحمه الله من خلال وسائل الاعلام المختلفة ، فرايت لزاما علي أن اتصل به وأجتهد في لقائه نظرا لما يتمتع به من فكر مستنير، وعقلية علمية حرة مثمرة، ولما اتصلت به رحب بي ترحيبا شديدا، فلمست فيه الروح العلمية والاخلاقية السامية والتي تركت في نفسي اثرا بالغا ، ثم التقيت به وتبادلنا الافكار والاراء وقدمت له معلومات عن المسلمين واحوالهم في منطقة البلقان. ومن خلال لقائي الاول لمست ان هذا الرجل يتمتع بفكر عال واطلاع واسع وخبرة هائلة في ميدان العلوم والثقافة، وشعرت بقيمته كمفكر ودورة المؤثر في النهضه بعالمنا الاسلامي نحو التقدم والحضارة والرقي. الامر الذي دعاني الى إعداد وتبني طباعة كتاب عن حياته وفكرة رحمه الله تعالى تحت عنوان: "الأستاذ الدكتور محمد فؤاد شاكر  حياته وفكره "من ضمن سلسلة  "شخصيات فكرية بارزة".    
لقد أسهم رحمه الله بنصيب كبير في عملية تبني قضايا العالم الاسلامي وإثارتها في جميع المحافل المحلية والدولية . وقد سخر وقته وجهده في سبيل الدفاع عن قضايا المسلمين بل وضع هموم العالم الإسلامي نصب عينيه، عاكفاً ليلاً ونهاراً على اقتراح الحلول السليمة للخروج من تلك الأزمة الطاحنة التي يمر بها المسلمون في عصرنا الحديث.
لقد حسبته رحمه الله يخشى الله في قوله وعمله فاعلم أنه سابق بالخيرات محفوف بالبركات، مدعم بالرؤيا الصالحة، وإذا ما رأيته آخذاً بأيدى طالبى العلم كما هو حال أستاذنا الذي يحب طلابه ويجود عليهم بعلمه ووقته، فاعلم أن هذا القلب رُبَّى على العطاء، وتجاوز مرحلة القول إلى الجود والبسط لطلابه، ثم خفض الجناح لأحبابه ومريديه. وهذا دليل على انه لم يبتغ شهرة ولا مالا ولكن كان يبتغى مرضاة الله فكان نموذجا يحتذى به.
وفي نبذه عن حياة هذا العالم اسكنه الله فسيح جناته والذي عمل أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس‏ والملقب بخادم السنة‏ : من مواليدي 5 اكتوبر عام‏1949‏ م بقرية الحسينيات بمركز أبوتشت‏,‏ بمحافظة قنا‏,‏ وحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية وعمره عشر سنوات واعتلي منبر المسجد في قريته لخطبة الجمعة وهو في سن12 عاما, وبدأت حياته العملية فور تخرجه مدرسا بالمعاهد الأزهرية ثم شيخا لأحد هذه المعاهد ثم موجها وكان مجتهدا في تحصيل العلوم الشرعية مما أهله للحصول علي درجتي الماجستير في التصوف الاسلامي ثم الدكتوراة التي كانت في الحديث النبوي وعنوان الرسالة  (الاحاديث الموضوعية عند التصوف في القرن السابع الهجري ) عمل الدكتور شاكر في جامعة قناة السويس لسنوات ثم انتقل الي جامعة عين شمس واخر منصب تولاه رئاسة قسم الدراسات الاسلامية والعربية في كلية التربية جامعة عين شمس لمدة أربع سنوات الى ان بات أستاذ جامعي متفرغ.
وعن المدرسة الفكرية التي ينتمى إليها أستاذنا ، فهى مدرسة تجمع بين العناية بالتراث الإسلامي وأخذ أحسنه، وبين محبة آل بيت النبي الكريم  وما يستلزمه ذلك من الحفاظ على سنته الشريفة-فضلاً عن المجاهرة بالحق والدعوة بالحكمة والرشاد، وعون الناس على التفقه في الدين ببصيرة وتواضع، وتوضيح الآراء المخالفة بأدب ورفق وموعظة هادفة.
فهو عندئذ – رحمه الله تعالى- عالم له رؤيته التراثية والتصوفية، ويجمل ذلك بهضم لقضايا أمته المعاصرة، وقدرة على التخاطب والتحاور مع المخالفين، وقدرة على التأثير وجذب القلوب في المحبين.
وليس يخفى على الذين يتابعون إنتاجه رحمه الله المكتوب والمتحدث أن لغة التراث ونسيج ألفاظ السلف وروح الأصالة يزين بها كلامه وإنتاجه، فكأنك تقرأ أو تسمع إلى نسيج متآلف بين أصالة أئمتنا من السلف المتقدمين ومعاصرة القضايا التي أجاد في التصدى لها،

والحدب عن عرين هذا الدين العظيم، وهذه الأمة العريقة في الخير.
ومن فضل الله تعالى على أستاذنا الجليل – رحمه الله - هذا الإنتاج العلمي المكتوب المتنوع في الجمع بين فكر السلف والخلف فيما عرض له من موضوعات حيوية نافعة، مما يدل على قريحة إيمانية منتجة مبدعة،وهبها الله عطاء وإنتاجاً غير منقطع، بل هو ممدود في فضله وأثره إلى ما شاء الله وهو في كتابه الجديد "إظهار الشناعة في الرد على منكر الشفاعة" يكشف للقارئ عن شخصية قوية حازمة في الحق، وعن تفاعل العالم مع قضايا أمته، وعن القوة في المواجهة والعرض والسلاسة في العرض، والحجة في الفكر حتى يخلص إلى أبطال حجة الخصم، ويثبت الله به الحق في قلوب راغبى الهداية، وأرجو من الله أن يوفقه لمواصلة هذا النهج في التصدى لكل زيف، والرد على منتحلي العلم وراغبى الشهرة عسى الله أن يرد كيدهم ويكشف نواياهم.
وهذا المفكر الجليل له مواقفه المشهورة على الساحة العلمية والفكرية حيث تصدى في بداية التسعينات لتيار الغلو الذي كان منتشراً عن طريق بعض الجماعات التي نسبت نفسها إلى الإسلام،      وتنقل في كل ربوع مصر، يكشف زيف هذا الإفراط، ويدعم دعوة الإسلام الراشدة البعيدة عن الإفراط والتفريط.
كما تصدى لفكر الرافضة في قضية معروفة في بلاد المسلمين في منتصف التسعينات وقام بالرد على تلك الأفكار بالكتابة في الصحف، وعقد اللقاءات والندوات،حتى ضبط التنظيم الرافض، وفشل سعيه في تشتيت وحدة الأمة وفي التطاول على صحابة رسول الله.
كما دعا إلى تأليف الأمة وجمعها على كلمة واحدة، وكم ندد بمحاولات الأعداء للنيل من مكانة الإسلام والمسلمين.
وكان يكتب في الصحف مندداً بمحاولات الاستئصال التي يقوم أعداء الإسلام للمسلمين في بلاد البلقان.
إن الأستاذ الدكتور/ محمد فؤاد شاكر رحمه الله شخصية متميزة مستقلة، رائد من رواد التصوف والفكر الإسلامي، مبدع فيما كتب، منصف فيما بحث ودون، صاحب فكر حر مستنير يعالج القضايا بموضوعية وواقعية كما يظهر من خلال كتاباته أنه رجل محب لله ولرسوله  ولذلك كانت معظم إبداعاته في الدفاع عن السنة المطهرة والرد على من ينكر شيئاً من ذلك أو يشكك فيه.
كما أنه يعتبر من المفكرين القلائل الذين حققوا موضوع التصوف الإسلامي، وإظهاره في صورته السليمة والصحيحة التي معناها الالتزام بكتاب الله وسنة رسول الله . وكما أنه أثرى المكتبة الاسلامية بكثير من المؤلفات الجليلة التى ندر أن تجد داعيا تطرق الى ما تطرق له الأستاذ الدكتور/ محمد شاكر فى مؤلفاته ومشاركات علي الأجهزة المرئية علي مستوي العالم العربي محورها الحديث النبوي الذي يمثل تخصصة الدقيق .
إننا لن نستطيع أن نوفي قدر هذا العالم الجليل رحمة الله عليه ـ الذى كان لا يخشى في الحق لومة لائم، محبا لله ورسوله وآل البيت والصالحين ووهب حياته لنشر الدعوة والبحث عن المحتاج والموعظة الحسنة، رحل دون ان يشعر به احد، نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته. وان ينزله منازل الشهداء لما قدم لمجتمعه وأمته.

[email protected]