عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد ورضوى: "عش العصفورة يقضينا"

تصوير - أحمد حمدي
تصوير - أحمد حمدي

لم يجمعهما «صفات جسمانية مشتركة» فقط لكن ملامح روحية في قمة التألق الإنساني وآفاق تتسع لمزيد من التمييز.

محمد ورضوى.. شريكان وقعا عقداً أعلاه كلمة حب وأوسطه تفاصيل مدهشة ونهايته مفتوحة لكل عبارات التفاؤل.

قزمان.. بل زوجان يقدمان نموذجاً حياً للارادة. وتحدي قائمة لا نهائية من الصعاب والآلام.. تبدأ بنظرة سخرية أو ضحكة خبيثة وتمر بهضم الحق في العمل والسير في الشارع وتكتمل بتجاهل المجتمع لأبسط الاحتياجات.

«ع الحلوة والمرة» بدأت حكاية حب وكفاح ليس لنيل حقهما في الحياة فقط، بل سخر الاثنان كل طاقتيهما لمساعدة إخوانهما من قصار القامة والأقزام.

في بيت كبيوت الحواديت.. «أليس في بلاد العجائب».. أو «سنووايت تقابل الأقزام الطيبين».. عاشت الوفد يوماً فريداً بصحبة محمد علي رئيس الائتلاف المصري لقصار الطول وزوجته الجميلة رضوى العشري رئيس لجنة المرأة بالائتلاف وكبيرة معدين في أحد أشهر برامج المنوعات بالقنوات الفضائية، وجه الزوجة «الصبوح» أزال عناء البدايات في مثل هذه اللقاءات فهي جميلة مثقفة على درجة مدهشة من الوعي والرقص، حاولت إخفاء نظرات الاستغراب وأنا أدقق في كل قطعة أثاث حولي استقبلتنا بـ «غرفة الاستقبال» شعرت بأنها مصنوعة «بالمقاسات» خصيصاً لتناسب الزوجين.. وهذا ما أكدته لي رضوى تضحك في بساطة وهي تحيينا وتسألنا هل نواجه أي مشكلة في الجلوس خاصة أن مقاعد «الانتريه» ذات ارتفاعات متساوية كلها 69 سنتيمترا، أما اللحظة التي خشيت فيها أن تلحظ مخاوفي.. كانت أثناء تقديم تحية الضيافة لنا.. رضوى مولودة بلا ذراعين ومع ذلك تقدم لنا التحية كأي ست بيت مصرية أصيلة كما انها تشاركنا وتحتسي كوباً من النسكافيه ثم ترد على التليفون إنها انسانة عادية جداً تمارس حياتها بشكل طبيعي لكنه «متميز ومختلف»، الزوج محمد علي في كلماته طلاقة ناشط حقوقي ولباقة تاجر «إسكندراني» شاطر.

عش العصفورة

عش العصفورة هذا ما يمكن أن أصف به بيت الزوجة المدهش الذي يحمل في كل تفاصيله لمسة خاصة والذي أكدت الزوجة أنها تعبت كثيراً في تأثيثه لعدم وجود أثاث يناسب قصار القامة والأقزام، قالت رضوى: ذهبت لدمياط وطلبت مقاسات خاصة جداً في الأنتريه والسفرة التي صنعناها بتصميم خاص لا يزيد فيه الارتفاع على 20 سنتيمتراً ويتضمن ادراجاً بها «السرفيس» والمقاعد قصيرة في شكل مريح يناسب أطوالنا.. لكن والدتي أصرت على «النيش» الذي لا أتعامل معه اطلاقاً.. أما المطبخ فقد أرهقني جداً خاصة فيما يخص أعمال السباكة والكهرباء التي قمت بتعديلها في الشقة بحيث تكون لتخفيضه عن المعتاد، حجم الحوض صغير «حنفيات المياه» في المطبخ والحمام كلها جعلتها في متناول «طولي».

اصطحبتني رضوى لأشاهد غرفة نومها التي صنعت بدقة ورقة فالسرير لا يتعدى حجمه 70*70 سم بشكل دائري لأنه إذا صنع مربعاً فسيكون أشبه بصندوق، أما التسريحة فأقل من 60 سم، وهنا يضحك الزوج قائلا: لقد بعنا سيارتي لنشتري هذا الجهاز بهذه التصميمات التي تناسبنا لكن واجهتنا مشكلة في الثلاجة فلم نجد واحدة تناسب طولينا فاشترينا ثلاجة حجم عادي ونتعامل مع الأجزاء العلوية باستخدام كرسي.

حكاية حب

محمد ورضوى مازالا في بداية حياتهما الزوجية، سألتها عن بداية الحكاية وكيف ارتبطا وتعارفا في ابتسامة كشفت عن طفولة مازالت تتشبث بها قالت رضوى: أنا معدة برامج وأعمل في خدمة الأطفال من ذوي الاحتياجات كان ذلك في عام 2012 وحدث أن مضت أمي فأردت أن أصطحبها في فترة نقاهة بالاسكندرية فلم أجد أي فرصة للحجز بأي فندق لأن كل الإدارات كانت تطلب «رجل أو محرم معنا» وقبلها بعام تقريباً كنت أعرف محمد عن طريق نشاطه على مواقع التوصل الاجتماعي في مجال خدمة المعاقين «أي نفس مجالي» فاضطررت للاتصال ليحجز لي ولم يتأخر ومن هنا بدأنا نتقابل وطلب يدي من والدتي التي فوجئت بقبولي الزواج منه رغم تكرار رفضي لموضوع الزواج.. وعندما نزل القاهرة عقدنا قراننا في مسجد الحسين وأقمنا بفندق في نفس الحي التاريخي الجميل.

< كيف="" اخترت="" فستان="">

- كان «حظي حلو» دخلت أحد المحلات بوسط البلد واشتريت فستان، عجبني من أول نظرة وأنا: ماعنديش مشاكل باشتري ملابس عادية وأقوم بتقصيرها عند الترزي اما الأحذية فأنا اشتريها من محلات الأطفال لكنها غالية جداً.

< سألت="" نفس="" السؤال="" لمحمد="" الذي="" بادرني="" بضحكة="" قائلا:="" اشترك="" في="" بلدتي="" 4="" شباب="" من="" العيلة="" كل="" واحد="" منهم="" اشترى="" حاجة="" قماش="" البدلة،="" كرفاتة،="" قميص،="" لكن="" كانت="" مشكلة="" دائما="" في="" شراء="" الملابس="" الـ="">X أي كبيرة المقاس لأنها غالية جداً.

< وماذا="" عن="">

- ردت رضوى ببساطة شديدة طبعاً اشترينا دبلة واحدة لمحمد واشترى لي سلسلة «بعتها لأني احتجنا ثمنها في الجهاز».

تحديات

من الواضح أن الحب والتفاهم بين محمد ورضوى كان داعماً قوياً لكل منهما في الدفاع عن قضية سألتهما عن ملامحها.

قالت الزوج: بداية أحب أن يفرق الناس بين قصار القامة والاقزام، فالتقزم مرض يتمثل في قصر الأطراف العلوية والسفلية وكبر حجم الجمجمة، أما قصر الطول أي أنه تحت 143 سنتيمتراً لكن البنية عادية ويلعب العامل الوراثي دوراً في الحالتين لكن في حالة التقزم يشترك سوء التغذية أيضاً في انتشار المرض بين الأطفال خاصة في الصعيد، أما قصر الطول فقد يظهر فيه أجيال سابقة بالعائلة.

قلت لمحمد: ما أهداف الائتلاف الذي ترأسه؟

فأجاب: لدينا حقوق ويجب أن نحصل عليها، لقد التزم دستور الدولة والمجتمع بحقوق تجاه ذوي الاعاقات والأقزام، وأنوي الترشح للبرلمان القادم ولكن كنائب عن كل المصريين وليس ذوي الاحتياجات فقط، ولو أننا في الائتلاف نحاول أن نطبق القانون على أرض الواقع ونفعل المواد التي تضمن لنا هذه الحقوق، وهناك مشكلات تقابلنا على المستوي الاجتماعي والرياضي نريد أن يعاملنا الناس بشكل أفضل بدلاً من السخرية المتعارف عليها، لقد استغل العاملون في مجال الاعلام والدراما روح المرح العالية لدى الأقزام ووظفوها بشكل خطأ نتيجة احتياجهم للمال استخدموها كـ «كراكتر» ونحن نحاول أن نحس هذه الصورة، ليس هناك ما يمنع أن يشارك القزم في الدراما لكن بطريقة لائقة فهناك أقزام عمالقة في مجالاتهم مثل: حسن نجيب في السيرة ومحمد المصري في «فن التنورة» ومحمد بالوظة مهرج وسفروت ممثل، وهناك أطباء صحة نفسية من الأقزام.

معاناة التعليم

المعاناة في التعليم هم كبير بالنسبة للأقزام وقصار القامة نسبة 70٪ منهم غير متعلمين نتيجة لفرض الأهل العزلة عليهم، كما أنهم «خاصة في المرحلة الابتدائية» يكونون صغيري الحجم جداً ومن الممكن أن يضرهم التلاميذ بالمدرسة أو «يلعبوا بيهم» كما قالت رضوى، وكل ذلك بسبب نظرة الناس للقزم، كما أن 40٪ من الأقزام وقصار القامة يعانون من إعاقات جسدية نتيجة مشاكل في العمود الفقري والتواء في الساقين أو بالاطراف العلوية أي انهم أصحاب اعاقة مضافة ويحتاجون الى رعاية صحية ونفسية تؤهلهم للاندماج في المجتمع كما نحتاج الى رعاية من الدولة واهتمام أكبر في مجال التشغيل، وقد سبق وطالبنا كثيراً بتفعيل نسبة الـ 51٪ في مجال العمل وخاصة أن الاقزام وقصار القامة أشخاص أصحاب مؤهلات عليا فرضوى مثلاً حاصلة على بكالوريوس حاسب آلي وأنا بكالوريوس حاسبات من الاسكندرية وهناك الكثيرون لديهم إلمام تام بالعديد من اللغات ممكن أن يعملوا في مجال الارشاد السياحي، كما أن خريجي الآداب يجدون صعوبة بالغة في العمل كمدرسين لأن المدارس غير مؤهلة والتلاميذ أيضاً، كذلك خريجو الحقوق من الصعوبة أن يعمل كمحام فلماذا لا يعمل كمستشار قانوني: لماذا لا يثق أصحاب الأعمال في قدراتنا؟

وهنا تتسم نبرة محمد بالحدة والثقة في الوقت نفسه وهو يقول نريد أن نحصل على حقوقنا في المواصلات وفي الشارع وفي السيارات المجهزة وتلتقط رضوى أطراف الحديث وتقول: إننا محرومون من السيارات المجهزة وهناك مافيا تلتهم حقوق المعاقين كما أن الاسعار التي تباع بها عالية جداً ولا تناسب ظروفنا حتي الاسكوتر بـ 5 آلاف جنيه، انها تجارة وليست أعمالاً قومية.

وتتساءل رضوى: لماذا لا تصنع مصر هذه السيارات ووسائل النقل الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة أو على الأقل عمل بروتوكولات مع الدول التي تصنعها.

وتضيف: بصراحة نواجه تحديات كبيرة وكثيرة تضاعف من معاناتنا لكننا نصر على أن نعيش وسنعمل على انتزاع ما يوفره الدستور لنا من حقوق، ومثال للمشكلات التي تواجهنا، الملابس والاثاث لا يوجد متخصصون في صنع ما يناسبنا منها وبأسعار مناسبة.

خليها على الله

قبل أن أنهي زيارتي لمحمد ورضوى وجهت لكليهما سؤالاً وكان هذا الحوار بينهما:

- رضوى: لا.. إحنا مأجلين الموضوع ده شوية.. بصراحة يمكن ألغيه؟

- محمد: ليه.. ربنا ما بيسيبش حد وهيتربى زي ما اتربينا والعيال رزق في الأرض.

- رضوى: أنا اللي هتعب ومجتمعنا قاس وممكن ابننا يعاني ومش هجيب طفل يتعذب

- محمد ينظر إلىَّ قائلا: أنا سايبها لحد ما تغير تفكيرها.. وكل اللي أقدر عليه ان أدعو ربنا يرزقنا بالذرية الصالحة.